851 ــ صادق أطيمش (توفي ١٢٩٨ / 1880 م)

صادق أطيمش (توفي ١٢٩٨ / 1880 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من مجموع (9) أبيات:

أرِق بـ(الطفِّ) وكفً الدمعِ سكبا     فقد أمسى بــــــه الإسلامُ نهبا

غداةَ أقـــــــــامتِ الهيجاءُ حربٌ     وآلُ أميَّـــــــةٍ بـ(الطفِّ) حربا

رمتْ حزبَ الإلــــــهِ به وقادتْ     عليهمْ مــــن بني الطلقاءِ حِزبا (1)

الشاعر

الشيخ صادق بن محمد بن أحمد بن إطيمش الربعي، عالم وفقيه وشاعر، ولد في قضاء المنتفق (الناصرية حالياً) وقد ارتبط تاريخ أسرته العلمي والأدبي به، كان: (أحد أعلام الفضل ورجال الأدب، وهو أشهر رجال هذه الاسرة وأول من اشتهر منها بالعلم) (2) يقول الشيخ علي كاشف الغطاء: (كانت أسرته من أشهر الأسر في ديار المنتفك، هاجر قبله أبوه الشيخ محمد إلى النجف على عهد الشيخ جعفر كاشف الغطاء، ثم قفل راجعاً إلى أهله في ديار المنتفك وأنفذ ابنه المترجم هذا إلى النجف لتحصيل العلم فاشتغل في العلم وحصل وحضر ودرس على علماء عصره فأصبح أحد أعلام النجف علماً وفضلاً وأدباً ثم رجع إلى بلاده، وكان شهماً هماماً سخياً كريماً وكان أمراء المنتفك يرجعون إلى رأيه وجلب قلوب الناس بتقواه وسماحته وكرم أخلاقه وكبر شأنه حتى قصده الناس من كل مكان ...) (3)

وقد غرس الشيخ صادق بذرة العلم في هذه الاسرة، يقول الدكتور حسن عيسى الحكيم: (هاجرت أسرة آل أطيمش من ناصرية المنتفق إلى النجف الأشرف لطلب العلم في القرن الثالث عشر الهجري وكان الشيخ صادق بن الشيخ محمد أطيمش شاعراً أدبياً وقد توفي عام 1298 وبقي العلم في أسرة آل أطيمش إلى القرن الرابع عشر الهجري) (4)

وقد برز من هذه الأسرة التي حملت لقب (إطيمش) العديد من أعلام الفكر والأدب والشعر في العراق منهم: أحمد بن صالح بن مهدي بن محمد بن أحمد إطيمش الربيعي، وإبراهيم بن مهدي بن محمد بن حسين بن محمد بن أحمد إطيمش الربيعي، والأديب محسن إطيمش وغيرهم.

يقول السيد سلمان هادي آل طعمة في ترجمة الشاعر مظهر إطيمش: (لم يرث الأدب عن كلالة، فهو من أسرة عربية النجار نبغ فيها الكثيرون في العلم والأدب) (5)

وعُرفت هذه الأسرة باسم الجدّ الأعلى الذي كان يتزعم أسرته وهو اطيمش، وعن هذه الأسرة يقول السيد محسن الأمين: (والربعي نسبة إلى ربيعة القبيلة العربية الشهيرة في التاريخ انتزح أطيمش والد جد المترجم من أراضي ربيعة من الموضع المعروف الآن بالبسروقية وهي مقاطعة واقعة قرب نهر سمي باسم المقاطعة المذكورة في قضاء الحي بلواء الكوت وسكن في لواء المنتفق في أراضي الدكة الواقعة في قضاء الشطرة ولا تزال لهم آثار فيها وقد أقام حفيد أطيمش وهو محمد في النجف بعد رجوعه من حج بيت الله الحرام فابتاع له دوراً خاصة في محلة البراق.

وسكن هو وأقرباؤه فيها وكان يتردد في خلالها على الشطرة خصوصاً في فصل الصيف ويمكث هناك أربعة أشهر بل ما يزيد على ذلك، وكان عمر ولده الصادق يومئذ خمس عشر سنة، شوقه لطلب العلوم والآداب والتفقه في فقه الشريعة الإسلامية بعد أن زوجه امرأة من أسرة الأعسم فأخذ الصادق يجد ويجتهد ويشتغل حتى نال بغيته) (6)

ويقول السيد جواد شبر في ترجمة الشيخ صادق: (أحد أعلام الفضل ورجال الأدب، وهو أشهر رجال هذه الأسرة وأول من اشتهر منها بالعلم هاجر إلى النجف على عهد والده فاشتغل بطلب العلم ودرس على علماء عصره فأصبح أحد أعلام النجف علماً وفضلاً وأدباً ثم كرّ راجعاً إلى بلاده بعد أن حاز رتبة الاجتهاد ونزل في الأرض العائدة إلى جده فأخذ بمجامع القلوب وأقبلت عليه الوجوه والأعيان من تلك الأنحاء فصار من المراجع في القضاء والفتيا وكان شهماً هماماً سخياً كريماً مرجعاً لأمراء المنتفك يرجعون إليه ويأخذون برأيه، جلب قلوب الناس بتقواه وسماحته وكرم أخلاقه ولما امتاز به من أمهات الغرائز، علا شأنه وارتفع ذكره فقصده أهل الفضل من ذوي الحاجات والمعوزين، قال معالي الشبيبي عنه: كان فقيهاً كبيراً وأديباً ضليعاً وصارت إليه الرئاسة والإمامة في تلك الديار (ديار المنتفك) وله بها ضياع ومزارع معروفة إلى اليوم وهو جد الشبيبي الكبير لأمّه وهو الذي قام بتربيته وكان كثير الرعاية له والعناية به حريصاً على تربيته وتهذيبه. وكان شاعراً مجيداً شعره سلس اللفظ فخم المعنى خفيف على السمع). (7)

وكان الشيخ جواد بن محمد بن شبيب الشَبيبي الجزائري المعروف بـ(الشبيبي الكبير 1867 ــ 1943) قد توفي والده وهو لم يتجاوز الأسبوع من عمره، فرحلت به أمه إلى الشطرة، وتربى على جده لأمه صادق أطميش فأخذ عنه الشعر والأدب والعلوم الدينية. و(كان يخصّه بكبير عنايته، ويغريه بالشعر والأدب ويجيزه ويثيبه على ما يتفق له في هذا الشأن) (8)

قال السيد محسن الأمين في ترجمة الشيخ صادق: (واعترف له بالفضيلة وأصبح معدوداً من الطبقة الراقية من فقهاء النجف وشعرائها وأدبائها ومن الذين لهم منزلة سامية. ومكانة مرموقة لدى أساتذته الاعلام المشهورين بعصره لما ظهرت له من المواهب الأدبية وما عرف به من التقوى والصلاح) ثم نقل عن قال الشيخ عبد المولى الطريحي في كتاب الغرويات قوله فيه: عالم فقيه وشاعر متفنن وأديب معروف في الأوساط العلمية والأدبية). (9)

وقال فيه عبد الحسين الشبستري: (من علماء وفقهاء النجف الأشرف، وكان أديباً شاعراً) (10)

وجاء في معجم الشعراء العرب: (عالم كبير، وشاعر مطبوع، ينتمي إلى أسرة عريقة أرسله والده إلى النجف من أجل تحصيل العلم، فحصل وحضر ودرس على كبار علماء عصره، وأصبح أحد أعلام النجف علماً وفضلاً وأدباً) (11)

وقال الشيخ علي كاشف الغطاء: (فقيه أصولي، عالم جليل شاعر زعيم ديني كبير. كان من الفقهاء الأفاضل، والشعراء المجيدين. أخذ في النجف الأشرف عن علمائها الفطاحل يومذاك حتّى بلغ درجة راقية، واعترف بفضله وبلوغه وفضله من أهل التقوى والورع والصلاح، والسيرة الحسنة والأخلاق الكريمة، لذلك أصبح مقصداً لكثير من أهل العلم والفضل من ذوي الحاجات، وكان مع رياسته كثير التواضع للفضلاء والفقراء) (12)

وقال الشيخ جعفر سبحاني: (العالم الكبير والشاعر المطبوع، جدّ الأديب الفذ والشاعر الشهير جواد الشبيبي للأمّ، حضر في النجف الأشرف على علماء عصره، وجدّ واجتهد حتّى بلغ مرتبة سامية في العلم والأدب، وحاز ملكة الاجتهاد، وأصبح أحد أعلام النجف، ثمّ قفل راجعا إلى أهله في ديار المنتفق (المعروفة الآن بمحافظة ذي قار في جنوب العراق)، وتصدّى للإفتاء والقضاء بين الناس، وصارت له الرئاسة والإمامة، وارتفع ذكره، وقصده ذوو الحاجات وأهل الفاقة، ورجع إليه أمراء تلك الديار في مهمّات الأمور.. وترك أثراً علمياً ذكر فيه تحقيقات أساتذته الفقهاء). (13)

وقال عنه الشيخ جعفر النقدي: (كان من أرباب العلم والفضل والتقوى ومن أعيان أصحاب الشيخ جعفر كاشف الغطاء، وكان له في الأدب محل رفيع في أيامه..) (14)

وقد تابع أولاد الشيخ صادق مسيرة أبيهم في منهج العلم والأدب فقد هاجر ابنه الشيخ باقر إلى النجف واشتغل بتحصيل العلم حتى صار من أهل الفضل، كما أقام حفيده الشيخ محمد في النجف بعد رجوعه من الحج فابتاع دوراً خاصة في محلة البراق وسكن هو وأقرباؤه فيها (15)

وقد توفي الشيخ صادق إطيمش في الشطره (الناصرية) ودفن في محلة البراق بالنجف الأشرف (16)

شعره

قال من قصيدته الحسينية:

أرِق بـ(الطفِّ) وكفً الدمعِ سكبا     فقد أمسى بــــــه الإسلامُ نهبا

غداةَ أقـــــــــامتِ الهيجاءُ حربٌ     وآلُ أميَّـــــــةٍ بـ(الطفِّ) حربا

رمتْ حزبَ الإلــــــهِ به وقادتْ      عليهمْ مــــن بني الطلقاءِ حِزبا

سطتْ فسطا أبو الأشـــبالِ فرداً     وأوســـــعهمْ بها طعناً وضربا

إلى أن خرَّ في البيدا صـــــريعاً     وأظلمَ يومُه شــــــــرقاً وغربا

ألا أبلغْ سراةَ المجدِ كعــــــــــبا     وعدنانَ الألــــــــى ولويَّ عتبا

أتعلمُ بابــــــــــــنِ فاطمةٍ ذبيحاً     سقته مــــــن نجيعِ النحرِ شربا

وهل تدري كرائــــــمَه أسارى     تجوبُ بهنَّ صعبُ العيسِ سهبا

وأن ستورها عنها أمـــــــيطتْ     وقــــــــد هتكَ العداةُ لهنَّ حُجبا

...........................................

1 ــ شعراء الغري ج 4 ص 192 / الطليعة ج 1 ص 95 / أدب الطف ج 7 ص 268

2 ــ أدب الطف ج 7 ص 268

3 ــ الحصون المنيعة ج 1 ص 409

4 ــ تاريخ الأسر العلمية في النجف الأشرف ــ مجلة تراث النجف العدد الأول ص 254 / المفصل في تاريخ النجف الأشرف ج 6 ص 361

5 ــ شعراء كربلاء ج 6 ص 34

6 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 367

7 ــ أدب الطف ج 7 ص 270

8 ــ شعراء الغري / علي الخاقاني ج 2 ص 179

9 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 367

10 ــ مشاهير شعراء الشيعة بالرقم 453

11 ــ ص 1476

12 ــ الحصون المنيعة ج 1 ص 409

13 ــ موسوعة طبقات الفقهاء‌ ج 13 ص 303 بالرقم 4125

14 ــ الروض النضير ص 306

15 ــ شعراء الغري ج 4 ص 191

16 ــ نفس المصدر والصفحة

كما ترجم له:

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 1 ص 158 

محمد علي جعفر التميمي / ‎ مشهد الامام ج 2 ص 136 ــ 138 

أغا بزرك الطهراني / طبقات أعلام الشيعة (القرن الثالث عشر) ج 2 ص 634 ــ 635 

الشيخ جعفر محبوبة / ماضي النجف وحاضرها ج 2 ص 12

كاتب : محمد طاهر الصفار