جود الهوية

للـجـودِ فـي أرضِ الـعراقِ هويةٌ *** ليستْ هويّةَ حاتمٍ باسمْ الكرمْ

حيثُ الفقيرُ هو الجوادُ بأرضِها * وهو الذي يُقرِي ويطعمُ من عَدَمْ

وهو الذي رتبُ الكريمِ نيافةً * أزرى بـها .. نادى الجميعُ هنا خَدَمْ

خَـدمُ الـحـسينِ بلا نياشينٍ ولا *** رتبٍ ولا وسمِ الغَرُورِ إذا وَسَمْ

جودُ الـهـويةِ ذاكَ فـي تضييعها *** صـارتْ غنيمةَ غـارمٍ لمَّا غَنَمْ

في الأربعين مضائفٌ ككمائنٍ *** كـمنت بخدمتها لمــن درباً زَحَمْ

المضعفون بها الـكـمـين خدامةً *** حتى يفيءَ الزائـرونَ لمن وَلَمْ

لو يُشرِبُونكَ ماءَهم من دلوهم نقضوا الفراتَ كنقضِ عبّـاسِ الأشمّْ

قـالـوا: سـقـايـتنا ككوثرِ حيدرٍ *** ولساسةٍ سقيُ الفراتِ مـن البرمْ

لو أطعمُوك قَدِيدَهم من جوعِهم ** بـطناً فما أُطْعِمْتَ حمـراءُ النِّعَمْ

غسلوا إلى الأقدام من تعبِ السرى فـمعَ الحسينِ لهم فما زلَّـتْ قَدَمْ

نفضوا السياسيينَ والسرَّاقَ من *** قاموسِ شعبٍ مستباحٍ مـخترمْ

وبقى الحسينُ سبيلَ عزَّتِهم لدى الإفـقـارِ لاذوا بالحـسينِ وبـالحرمْ

واستنطقوا هِمَمَ الخدامةِ كلما *** يـأس يـراودهـم لـتـثـبـيــط الهممْ

إنَّ الخـدامـةَ ذكـرهمْ لما نُسُوا *** وعلى مهاويهم بها رفَـعُوا العَلَمْ

هذي بيوتُ الطينِ شاهدةٌ لهم *** أنَّ الـتـرابـيـين فـي الـجودِ القممْ

وشوارعٌ ناموا بها من دون مـأوى مـا تـبقَّـى من رصيفٍ ذي ذممْ

فـلـهـا يـؤمُّ الـزائـرونَ لأنَّـهـم *** فـيـها زحـامُ الفقرِ والجودِ الأتمّْ

ليستْ طريق الفاسدين لكربلا *** فـهم الرخاميُّون في شكلِ الرِّمَمْ

أهلُ الفنادقِ لا الـخـنـادقِ هكذا *** سُـلِـمَ الحسينُ وما له إرثٌ سَلَمْ

مرحى لجودِ الأربعينِ مـن الـفـقـيـرِ يـسـيـغنا بالأُعْطياتِ من اللَمَمْ

تـبـاًّ لجودٍ من مـعاويةٍ هو الـجـود الـذي يــحـتـاجُ رجـمـاً للـصـنـمْ

صنم هو المسئولُ عجلُ مذهِّبٍ ** كالسامريِّ وعنهُ قد نُزِعَ الدَّسَمْ

يـحـتـاجُ حـرقاً عجلهم إذ ألَّهُوا *** دونَ الـحـسينِ فربُّهم ذا مُقْتَسَمْ

نحتاجُ ضبطَ الجودِ ضبطَ هويَّةٍ ** أن ليسَ نطعمُ من فقيرٍ مهتضمْ

بل أن نعيش بجود مقتدرٍ بلا *** سـحقٍ ولا نسيٍ إلى عطرِ الأكمْ

الجودُ بـالـنسيانِ نادى إنَّني الـمـنـسـيُّ قـد أَطْـعَـمْـتُ لـلـذكـرِ الأعمْ

ولكي يقالَ: الشعبُ شعب ناهض باسمِ الحسينِ وما له الحرمانُ ذمْ

فليرفعْ الحرمانُ عن شعبِ العراقِ يـعـيـشُ سـيـرةَ حـاتمٍ منذ القدمْ

نسيَ الحياةَ على حوافرِ قاتلٍ *** وأبى بأنْ ينسى الجوادَ المُحتَشَـمْ

قد جاد لكن .. ما له من حشمةً ** يا سمعةً في الجودِ أشبهُ بالغرَمْ

قد آن دفعَ غـرامـةٍ عن جودِهِ *** لا أن تـكونَ غرامةُ الكَرمِ الندمْ

نادى عليَّ تلفَّتوا شـكـلُ الـقِرى *** في داخلي لمَّا يزلْ يأبى السأَمْ

وإلـيـه شـكـلٌ آخـرٌ هـو عـافرٌ *** مثلَ الحسينِ يخافُ قطعاً للنسمْ

فلتحذروا سأمي ويأسي معدماً إنْ صـارَ بـعض قرايَ وقرٌ للأصمّْ

رمقٌ أخيرٌ ذاكَ جودي فاحذروا * أن تـدفنوا فيه العراقَ المُعْتَصَمْ

سلمان عبدالحسين

 

منسلکات

: سلمان عبد الحسين