السَّلامُ عَلى فارِسِ المُؤْمِنِينَ وَلَيْثِ المُوَحِّدِينَ وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ العالَمِينَ ..السَّلامُ عَلى نِعْمَةِ الله عَلى الاَبْرارِ وَنِقْمَتِهِ عَلى الفُجَّارِ.. السَّلامُ عَلى قَسِيمِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ.. السلام على اليعسوب في سوح المنايا.. السَّلامُ عَلى القرآن الناطق والكوكب الساطع أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِي بْن أَبِي طالِبٍ ورحمة الله وبركاته .
اعمال تحيلنا الى نوع من الدهشة بما تحمله من قدرات متفوقة في فنون الخط والرسم والتشكيل ، قد تصل إلى حد الإعجاز الذي رأيناه في أعمال الاوائل من الفنانين والخطاطين العرب والمسلمين ..تلك هي الاعمال الحروفية المميزة للفنان التشكيلي العراقي (حمد شاوي) .
رسمت هذه اللوحة بتقنية الزيت على قماش الكانفاس عام 1989 م ، وقد استخدم فيها الوان مختلفة وبدرجات متفاوتة اضافة الى الذهبي والفضي ، وبأسلوب متجانس بين تشكيلات وعناصر اللوحة المرسومة والحروف التي تقدم دلالات مباشرة للمشاهد من خلال المعاني التي تنضوي عليها ، ليخلق بذلك حالة من الحوار الهادئ والمنسجم ، بين المساحات والعناصر والألوان ، ويضع المتلقي آخر الامر ، أمام لوحة حروفيّة زخرفيّة من نوع جديد .
يغلب الجانب التصميمي في اخراج هذه اللوحة ، فهي ان دققنا النظر اليها لوجدنا ، مساحة كبيرة مليئة بأسطر عمودية من تراكيب الخط العربي وتنوعاته ، وهناك تدرج لوني خلف هذه الافاريز الخطية يبدأ من الغامق في الاسفل الى الفاتح في الاعلى ، مع ملاحظ ان هذه الخطوط نفذت بطريقة شفافة اذ بالكاد تمييزها ، على العكس من الشكل الاكثر وضوحا في اللوحة والذي تشكل بطريقة القوس العباسي وكأنه نافذة تطل على مشهد ، وهو ايضا يحوي تراكيب وكتابات من الخط الثلث المتداخل ولكن بوضوح اعلى .
فالمكان مليء بالزخارف وهذه الزخارف تأسست وفق التراكيب الحروفية والزخارف حروفية فقط مع وجود اعلى هذه النافذة تكوين على شكل نجمة ثمانية المشهورة في التراث العربي الاسلامي وتحوي بداخلها ايضا تركيبا دائريا من خط الثلث ولكن الكتابة اكثر وضوحا من ناحية اللون هذه المرة والاقل مقروئية اذ اصبحت الحروف اكثر تعقيدا في تراكيبها، ومن خلال هذه النافذة نطل عل مشهد واقعي جدا كمنظور ولون لمرقد امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام اذ استخدم الفنان تقنية واقعية جدا تكاد تقترب من الصورة الفوتوغرافية ، فالعمارة الاسلامية وبالخصوص العتبات المقدسة لها خصوصية في تراث العمارة الاسلامية في العراق ، ومنه كانت عملية المزج الدائم للمفردات التراثية كسمة غالبة عند رسام هذه اللوحة وتميزه عن غيره من مبدعي هذه التقنية الرائعة .
فالطبيعة التقنية للأداء هي التي شكلت بعدها الريادي الحداثي ، حيث طريقة بناء اللوحة لم تعتمد الواقع او البناء التقليدي للوحة الفنية فحسب بل جعل منها وبتقنيته الخاصة تدخل عالم الحداثة على الرغم من ان جميع مفرداتها لا تمت للحداثة بصلة .
لكن الطريقة التي ركبت بها المفردات من حروف وهندسة للأشكال ، هي من اعطى ذلك البعد الحديث في اللوحة ، فالمزج الزخرفي الذي عمد اليه شاوي خلق مناخ يتأسس وفق منظور خاص ، يقترب بطريقة او بأخرى من تاريخ الخط من حيث المشق عند الخطاطين في العالم الاسلامي ، لكن المشق هنا اصبح ارضية لأداء من نوع خاص حلت به عملية الرسم على اساس- خلق فني جديد فيه شيء من التأويل لتحديد قضية معينة والخروج من الاطار الجامد -كما هو في المشق العربي عند الخطاطين وبعض محترفي الخط والرسم في الشرق الاقصى ، وهذا التمازج جعل من اللوحة تذهب باتجاه واحد هو، الرسم العراقي الحديث والتمايز الاسلوبي ضمن الظاهرة الريادية في العراق والعالم .
سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق