العتبة الحسينية لا تستعرض بـ "مكنسة" بل لها مآرب اخرى!!

عندما يتحدث الإمام زين العابدين عليه السلام عن كربلاء في مقام تفضيلها على الكعبة في علو الرتبة والشأن والقداسة؛ فماذا ينتظر منا الآخرون أن نفعل ونحن نرى هذه البقعة الطاهرة تغص بالنفايات؟ هل من اللائق أن نترك مسؤوليتنا الشرعية التي حملتنا إياها النصوص الدينية تجاه هذه المدينة التي أقل ما يمكن وصفها بأنها "ترعة من ترع الجنة"؟!

زفاف جماعي لأرض كربلاء

بل إن من النصوص ما يتحدث عن "زفاف جماعي" لأرضها إلى الجنة بعد فناء الكون، فبأي طريقة يمكن أن نتعامل مع هذا الحدث، بغير الذي أقدم عليه مسؤولي العتبات المقدسة ونزولهم إلى شوارع وأزقة المدينة وكنس مخلفات "تقصير الآخرين" هناك؟ خصوصاً وأن هؤلاء المسؤولين يمثلون الواجهة الدينية والشرعية للمدينة.

ضجيج لرسالة لم يفقه مفادها الكثيرون

وسط الضجيج الغير مبرر الذي أثاره كثيرون حول مبادرة الشيخ الكربلائي يوم السبت الماضي، هنالك حقائق يجب أن نتذكرها جميعاَ، منها أن هذه العتبات بما فيها من مسؤولين ورجال دين لا يملكون أي تمثيلاً برلمانياً أو حكومياً يدعوهم إلى التظاهر بالخدمة كذباً أو ادعاءً لمغازلة عواطف الجماهير، وبالتالي الحصول على ثقة الناخبين كما يحدث مع السياسيين والمسؤولين الذين عضوا أصابعهم ندماً لأنهم لم يكونوا مع "الكربلائي" وهو يدفع بمكنسته أكوام النفايات، وإنما هذا النزول جاء بعفوية شديدة حمل معه رسالة ربما يفهما صناع القرار في وقت لاحق، مفاد الرسالة، أن المحافظة على شكل كربلاء كمعلم ديني وروحي أمر لا يمكن الاستهانة به على أية حال، وتحت أي ظرف من الظروف، وإن تقصير الجهات المعنية تجاه ما حدث في المدينة لا يمكن أن يبرر تكدس أكوام النفايات بهذه الطريقة، فمن الطبيعي جداً أن تتصدى المؤسسات الدينية وعلى رأسها العتبات المقدسة لتدارك ذلك، لأن الأمر يمس قداسة مدينة سيد الشهداء.

الأمر الآخر الذي ينبغي أن نذكّر به أيضا، هو أن العتبات المقدسة في العراق وكربلاء تحديداً لديها الكثير من المشاريع العملاقة التي يشهد لها الجميع بأنها فاقت من حيث النوع والكم الجهد الحكومي، ولو أن بنية هذه العتبات ثمة ما يدعو إلى "استعراض" كما يدّعي البعض؛ لكان الأجدر بها أن تسلط الضوء على تلك المشاريع الخدمية وما تقدمه للمجتمع الكربلائي والعراقي بصورة عامة.

نزول لتدارك ازمة

صفوة القول، إن الزعامة الدينية بما تملك من سطوة روحية غير قادرة على تغيير الواقع بمفردها ما لم تتظافر معها جهود الجماهير، وفي نزول الكربلائي بـ "المكنسة" إشارة واضحة إلى حث الجماهير على تدارك الأزمات بنفسها، وإحراج الجهات المعنية لإيجاد حلول واقعية. هذه هي "الأدوات" المتوفرة لدينا في الوقت الحاضر، النزول إلى الشارع وتدارك ما يمكن تداركه بهذه الطريقة.

حسين الخشيمي

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات