الكك أستاذ جامعي ممتاز لديه ثلاث شهادات دكتوراه في آداب اللغة العربية وفي اللغة الفارسية وفي الفلسفة باللغة الفرنسية يتقن عدة لغات ( العربية ، الفارسية ، الانكليزية ، الفرنسية ) درس هذه اللغات في جامعات فرنسا وأمريكيا وكندا وإيران ولبنان إضافة إلى اللغات السامية القديمة والآرية القديمة له أكثر من عشرين مؤلفاً مطولاً وأكثر من مائة بحث طويل في موضوعات متنوعة ( الأدب ، اللغة ، الفلسفة ، العرفان ) وله كثير من الترجمات من الفارسية والفرنسية والانكليزية إلى العربية لغته الأم .
ومن أهم وأول كتبه التي أصدرها قبل خمس وخمسين سنة كتاب ( فن المقامات في تراث بديع الزمان الهمذاني وأثره في اللغات الفارسية والسريانية والعبرية ) والكتاب الآخر ( تأثير القرآن والحديث النبوي وفنون الشعر العربي وعروض العرب في الثقافة الإيرانية ) .
من مواليد 1936 م جبل لبنان لم أكن أتوقع وأنا في مهرجان ربيع الشهادة الحادي عشر أن ألتقي بأستاذ مغرم بالأدب العربي والعرفان الإسلامي والشعر الفارسي مثل شخصية (فكتور الكك) الذي جاءنا في رحاب كربلاء الحسين ليحدثنا عن الحسين ومهرجانه السنوي :
الإمام الحسين ( عليه السلام ) :
ليس من عبث إن لقب الإمام الحسين( عليه السلام) بسيد الشهداء ؛ لأن معظم ثورات العالم من بعده استقت من معين أفكاره ومن شهادته روحها ومضمونها ، وآخرها الثورة الإسلامية في إيران فقد كان نموذجها شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) مما أدى إلى نظام مميز في الإسلام وهو جمهورية إسلامية فالإمام الحسين كان يعلم مسبقاً بأنه يستشهد ولكنه ثار ليقاوم الطاغوت ويعلم الناس درساً في المقاومة مفاده أن مقاومة الشر والظلم والتسلط فرض على كل مسلم ومسلمة بل على كل إنسان أينما كان ولذلك قال (عليه السلام ) : ماخرجت أشراً ولا بطراً ولكني خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فشهادته درس في الفداء لكل إنسان يعلّمه أن الساكت عن الحق شيطان أخرس لذلك تجاوزت شهرته العالم الإسلامي إلى كل العالم وعلى سبيل المثال فالشاعر الفرنسي البرناسي ( ارمان رونو) أواخر القرن التاسع عشر نظم شهادة الحسين شعراً في قصيدة طويلة نقلتها إلى العربية وهي مؤثرة جداً وجعل منه مثالاً للشهادة وإحقاق الحق ، وهناك شعراء كثيرون آخرون بلغات مختلفة تناولوا سيرة الإمام الحسين وشهادته ومعنى ذلك أنهم اعتبروه مثالاً أعلى إنسانياً لا يخص الإسلام وحده بل الإنسان في أي مكان وزمان .
السيد السيستاني (دام ظله الوارف) :
ولا أنسى حفيد الإمام الحسين اليوم الإمام السيستاني( دام ظله الوارف) المجتهد العلامة الورع الطامح إلى نشر الخير والوئام والسلام في منطقتنا وفي العالم بخفرٍ وحياء وهما صفتان اتصف بهما الأئمة الاثنا عشر الذين اتخذهم له قدوة ، فتعاليمه وأعماله الدينية والثقافية والخيرية عمّت بلاد العرب والإسلام بكل تواضع وبدون ضجة ومن جملتها مأثرته في لبنان فهو الذي يسعى دائماً إلى نشر ثقافة السلام في مقابل التطرف والقتل وتجاوز أفكار الإسلام كي تبقى صورة الإسلام كما كانت في الأصل صافية نقية طاهرة تتجه لمرضاة الله عز وجل .
مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الحادي عشر :
ما كنت أتوقع أن أرى في النجف وكربلاء آيات من الفن في مراقد الأئمة الأطهار فقد بلغ فن المعمار في العتبات المقدسة ذروته وقارنه فن الزخرف العريق المتجدد ولا عجب فكلاهما صدرا عن إيمان راسخ مفعم بمحبة آل البيت (عليهم السلام) الذين غدوا مثلاً أعلى في الإيمان والتقوى والعلم والشهادة متجاوزين ديار الإسلام إلى العالم كله في مناقبهم وفي انفتاحهم على كل الأديان والمعتقدات وهذه ميزة انمازوا بها وعلى رأسهم إمام الأئمة علي بن أبي طالب( عليه السلام ) الذي أصبح نموذجاً للإنسان الكامل لأهل الفكر والعرفان الذي علّم الناس رد الإساءة بالإحسان ودفع المجرم القاتل بالكلمة الطيبة يوم طعنه (ابن ملجم) ويوم بدره بعضهم بكلام بذيء ، فالحلم والشجاعة والفصاحة والبلاغة وفوق ذلك كله بطولته منقطعة النظير في سبيل الإسلام وترسيخه .
وأضاف( الكك) " إن هذا المهرجان الذي يقام في رحاب العتبات المقدسة في كربلاء يجدد انتشار أفكار الأئمة ( عليهم السلام ) على المستوى العالمي إذ دعي إليه ممثلون من أربع وأربعين دولة بعضهم ألقى القصائد وبعضهم قدم الأبحاث وبعضهم فاضت روحه بكلمات وجدانية مؤثرة وحسناً فعل القيّمون على المهرجان لأنه في أيامنا هذه هناك حاجة ملحة في عصر شوهت صورة الإسلام خلاله ليعود بهم المهرجان إلى صورة حقيقة للإسلام صورة التسامح والانفتاح ونحن نعلم أن الأئمة حتى العصر العباسي كانوا يحاورون اتباع الديانات الأخرى ولاسيما المسيحيين منهم محاورة الند للند بين بعض الأئمة والكاثوليكوس ( أي كبير رجال الدين المسيحي ) بكل انفتاح واحترام كما نعلم أن الشريف الرضي الموسوي نقيب الطالبيين في العصر العباسي وسليل آل البيت والشاعر الفذ كان صديق أبي إسحاق الصابىء فعندما توفي هذا الرجل جهز جنازنه ورثاه بقصيدة عصماء مطلعها :
أرايت من حملوا على الأعواد أعلمت كيف خبى ضياء النادي
رغم أن أبا إسحاق كان من صابئة حران عبدة النجوم ولم يكن موحداً فنظم الشريف الرضي إلى الإنسان فيه المتفوق الحسن السيرة بصرف النظر عن معتقده .
وفضل هذا المهرجان أنه طرح التعريف بسيرة الأئمة (عليهم السلام) من جديد وأوصل صوتهم إلى مندوبي أكثر من أربعين دولة وبفضل وسائل الإعلام الحديثة إلى جميع أصقاع الأرض .
* عن موقع كتابات في الميزان
اترك تعليق