بدأت الصرخة من ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) في اليوم الثامن من محرم الحرام حين رفع موكب (عبد الله الرضيع) محمل الطفل السادة وعاشقي الحسني وهم ينادون في الناس بصوت يسوده الحزن والأسى في اليوم من الطف وقافلة العشق تذبح واحد تلو الأخر على يد أعداء أهل بيت النبوة، استقبلت السماء دم الرضيع من يد الإمام، في أعظم قربان على الوجود بموقف لم تشهده الأرضيين ولا السماوات من الم والوجع تحمله الإمام المعصوم، وعصم غضبه وابتهل الى الله شاكرا حامدا صابرا.. هذا اليوم الذي انحى ظهر ابا عبد الله الحسين (عليه السلام) وهو يأخذ (عبد الله الرضيع) من يد عقيلة الهاشميين بعد ان جف حليب أُمِّه لعل أن يحصل على قليلا من الماء يسد رمق الطفل الملوع من العطش ..وهو ينادي: أيُّها الناس ، إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار.هذا المشهد المؤلم الذي أسسه أبناء الحسين من خدمة العتبة المقدسة يسير كقافلة محملة بالهموم والأوجاع تخاطب في أهازيجها وأشعارها أبا الفضل العباس معاتبين معزين بأصغر شهيد في كربلاء..موكب مهيب وراجلة من الجمهور العفوي والمحب والمتعاطف والذي أخذته الحمية على أعظم مصاب شهدته كربلاء في واقعة الطف.. طاف موكب عبد الله الرضيع وطافت معه الأرواح المفجوعة لترجع الى يوم اختلف فيه القوم على طفل الحسين حين تعالت الأصوات ، فمنهم من قال : لا تسقوه ، ومنهم من قال : أُسقوه ، ومنهم من قال : لا تُبقُوا لأهل هذا البيت باقية.وجاء صوت اللعين (عُمَر بن سعد) إلى حرملة بن كاهل الأسدي ( لعنه الله ) وقال له : يا حرملة ، اقطع نزاع القوم... فَسَدَّدتُ السهم في كبد القوس ليرسله الى كبد عبد الله الرضيع وكان الرضيع مغمىً عليه من شدة الظمأ ، فلما أحس بحرارة السهم رفع يديه من تحت قِماطِهِ واعتنق أباه الحسين ( عليه السلام ) ، وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح ، فَيَا لَهَا من مصيبة عظيمة . ما أعظم صبرك سيدي يا حسين وأنت تقابل الجحود والظلم والقسوة والتمرد بوحشية الإنسان المنتقم من أعزاء دين الله ، وأنت تخاطب الباري عزوجل: اللَّهم لا يَكُن عليك أَهْوَنُ مِن فَصِيلِ نَاقةِ صَالح ، فعندها لم تقع قطرة واحدة من تلك الدماء المباركة إلى الأرض.يدخل الموكب ضريح أبا الفضل العباس تنمزج أصوات النسوة بصوت قافلة الرضيع المذبوح من الوريد الى الوريد فيبعث صداها قبة الإمام تتوسم فيه الشجاعة التي حمل بها الماء فكان الصابر المجاهد الذائد عن حرائر وحرم الحسين ويردد الصوت أنينا يفجع القلوب التي ترجع بصرها نحو الطف لتشاهد الفجيعة الدموية التي أصابت الحسين بعبد الله الرضيع ... يضع الموكب مهد الطفل وجنازته أمام قبلة باب العباس وينادون و(اعباساها، وعطشاه) ...ليتوهج الضريح الشريف من جميع أركانه وكأن الصوت والضوء يهدران صوتا أخر موحدا لا توقفه حواجز ولكن ساد الصمت باذن الله اكبر لتعلن منارة ابا الفضل وجوب الصلاة والاحتفاظ بالم والوجع والجزع وحرارة الدموع نواسي بها ام عبد الله الرضيع وعقيلة بني هاشم زينب وسائر قافلة العشق الحسيني.ويذكر ان عبد الله الرضيع المعروف بـ(علي الأصغر) عليه السلام إبن الإمام الحسين (عليهما السلام) إسمه ونسبه : عبد الله بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام(أمّه الرباب بنت القيس الكلبيةحيدرعاشور العبيدي
اترك تعليق