حرصت العتبة الحسينية المقدسة على انشاء وتشييد العديد من المشاريع الصحية والخدمية بمدينة كربلاء المقدسة التي تشهد انعداماً واضحاً في المؤسسات الصحية والمستشفيات التخصصية كبقية المدن العراقية والتي كثيراً ما يكون ضحيتها العشرات من المواطنين أصحاب الدخل المحدود لعدم تمكنهم من السفر خارج البلد للعلاج.
وعملت العتبة المقدسة على تنفيذ العديد من المشاريع الصحية منذ توليها المهام الإدارية وافتتحت عدداً منها كمركز سفير الإمام الحسين (عليه السلام) الطبي التخصصي ومستوصف السيدة زينب (عليها السلام) في مجمع سيد الشهداء الخدمي، وعدد آخر من المراكز الصحية في مدن الزائرين، والعمل بنسب انجاز عالية في مستشفى الامام زين العابدين (عليه السلام) ومستشفى الشيخ الدكتور احمد الوائلي (رحمه الله).
وأعلنت الأمانة العامة للعتبة المقدسة في الفترة القريبة الماضية عن مشروع لمستشفى تخصصي فريد من نوعه في العراق سمي بـ (مستشفى خاتم الانبياء للأمراض القلبية والأوعية الدموية) والذي يشرف عليه قسم الاستثمار في العتبة المقدسة.
ويعد مشروع مستشفى خاتم الانبياء (صلى الله عليه واله) للأمراض القلبية والأوعية الدموية أحد المشاريع الصحية العملاقة والذي يقع في موقع مميز وحيوي يتوسط مدينة كربلاء المقدسة وعلى بعد 4 كم من المرقدين الشريفين ويسهل الوصول اليه من جميع الاماكن لخدمة سكان كربلاء والمدن المجاورة.
وتعد المستشفى من احدث وأجمل الصروح الطبية المتخصصة لسعتها لـ 185 سريراً على المستوى المحلي والإقليمي ولما يضمه المبنى من احدث التقنيات العالمية في المجال الطبي، حيث حرصت ادارة العتبة المقدسة على ان يكون تصميم المبنى من الاعمال المميزة وتمّ تصميمه من الخارج ليكون انعكاساً ومؤشراً للتطوّر التكنلوجي والطبي الكبير لهذه المنشئة مع الاخذ بعين الاعتبار خصوصية المدينة المقدسة والعوامل الاخرى الثقافية والاجتماعية والمناخية.
وتمّ وضع التصاميم الهندسية للمبنى على يد امهر المهندسين الكنديين والعرب التابعين لشركة cci" " المنفذة للمشروع وبشكل معماري متميز وعصري يحاكي المستقبل مع احترامه لعراقة الماضي وليكون لهذه المنشأة الطبية المميزة اثر كبير في اثراء الطابع المعماري للمنطقة كاملة وزيادة ثقافة استخدام الأماكن العامة.
وقد تم تخصيص مساحة (10 ألاف م2) لتنفيذ المشروع وليكون عبارة عن جزئين؛ جزء يضم بناية المستشفى الرئيسية وبواقع (3600 م2) والجزء الاخر عبارة عن بناية خدمات وكراج مشيد على مساحة (1100 م2) كما تم تخصيص مساحة تقدر بـ (4000 م2) لإنشاء المساحات الخضراء وبقيمة مالية تصل لـ (54 مليار دينار عراقي).
وتطمح الأمانة العامة للعتبة الحسينية من خلال هذا المشروع إلى تقديم كامل الخدمات الطبية الخاصة للمصابين بالأمراض القلبية مع المحدودية الكبيرة في المساحة المخصّصة لهذا المشروع، ولذلك اخذ المبنى شكل التوسع العامودي بحيث يتكون المشروع من مبنيين، المبنى الرئيسي يتكون من (10 طوابق) تشمل الخدمات الطبية المختلفة لمرضى القلب، ومبنى خدمي اخر مكون من (ستة طوابق) يتوفر فيها كراجات متعددة الطوابق لاستيعاب أكبر عدد من السيارات بما يتناسب مع المعايير العالمية وبواقع (140 موقفاً) وتم الفصل بين المبنيين بشارع عرضه (12م) تم ربطه بالخارج عبر مدخل مستقل ليتفاعل المستشفى مع الخدمات والمواد الواردة له والخارجة منه بانسيابية عالية دون التأثير على المرضى أو الزوار والحفاظ على الأجواء الهادئة.
وتم ربط المبنيين بجسر للمشاة مزود بجميع الخدمات اللازمة بمساحة تقارب الـ (200 م2) لتكون عملية التنقل بسهولة بين المبنيين، وفيما يتعلق بالتصميم الداخلي وتوزيع الوظائف التي وضعت وفق معايير عالمية صارمة من حيث سهولة الوصول والتعقيم وتوزيع حركة المرضى والكوادر والاطباء والمستلزمات والمخلفات الطبية.
وللوقوف أكثر على أعمال المشروع، تحدث المهندس المشرف على المشروع ميثم شاكر في تصريح صحفي قائلاً: ان "إدارة العتبة الحسينية المقدسة ارتأت ان تنفذ مستشفى خاتم الأنبياء للحاجة الضرورية له؛ اذ سيكون مستشفى تخصصي متميز بمواصفات البناء والكادر الطبي والمعدات والأجهزة الطبية الحديثة التي ستكون ذات فائدة كبيرة على عموم العراق".
واضاف، "تم احالة العمل لشركة "CCi"الكندية بعد ان قامت بوضع التصاميم والمخططات الخاصة للمشروع وبفترة زمنية تصل لثلاث سنوات وهي مدة كافية كونها تعد من الشركات الرصينة والمتخصصة في هذا المجال".
وتابع شاكر حديثه ان "المساحة الكلية المخصصة لبناية المستشفى تصل لـ (3600 م2)، حيث بدأ بأعمال الحفريات للاسس والسرداب وصبّ الاساس الرئيسي للمستشفى بمادة الخرسانة وبحجم (3600 م3) وضعت في الاسس فقط، وليتم العمل بعدها بتسليح جدران السرداب وعمل القوالب الخشبية لها إضافة للمصاعد المخصصة للأسرة والأشخاص"، مضيفاً أن "العمل الان يجري بمرحلة سقف السرداب وهي من المراحل المتقدمة بالعمل والسريعة، وبعد الانتهاء من عملية صب جدران السرداب سيتم إكمال قالب السقف وإجراء عملية التسليح لأرضية الطابق الأول".
وأشار شاكر إلى ان "مراحل العمل وصلت إلى نسبة 13 %، وتم وضع التصاميم المعمارية الخاصة بالاسس على اساس المعدات والاجهزة الطبية التي يجب ادخالها قبل البناء كونها كبيرة الحجم إضافة إلى معدات التبريد".
ولفت المهندس المشرف على المستشفى إلى ان "المشاريع الصحية للعتبة الحسينية المقدسة تحظى بمشاركة من قبل وزارة الصحة العراقية منذ وضع المخططات الأولية وتم تلبية جميع متطلباتها، فهنالك اجتماعات متكررة بين الجهة المصممة ولجان من وزارة الصحة حيث تغيرت المخططات الإنشائية والمعمارية اكثر من 11 مرة بناءً على معايير وزارة الصحة من تغيير مساحة غرف العمليات وشكلها او غرف الرقود وغير ذلك من الملاحظات مع مراعاة المواصفات العالمية المعتمدة في بناء المستشفيات".
وتضم مستشفى خاتم الانبياء تسعة طوابق تسع لـ185 سريراً منها طابق السرداب ويسمى بـ (التسوية) ويضم خدمات المستشفى كالتعقيم المركزي والغازات الطبية وغرف الغسيل والصيدلية المركزية، إضافة إلى الطابق الارضي والاول والثاني والثالث وهم قلب المشروع بحيث تضم الاقسام الطبية المختلفة من غرف عمليات وطوارئ وعيادات خارجية وقسطرة واشعة وغيرها، وتم التعبير عنهم معمارياً بطريقة تتسم بالفخامة والخصوصية من خلال تغطية الواجهات بألواح الالمنيوم عالية الجودة وبالوان صحراوية وترابية للتقليل من تاثير الاجواء المغبرة والترابية في العراق واستخدام الالوان العاكسة لاشعة الشمس والاقل امتصاصاً للحرارة الخارجية وموزعة عليها فتحات على الجزء الامامي من المبنى فقط وذلك لتعزيز الخصوصية للوظائف الداخلية وللتقليل من التاثير الخارجي عليها والاستعاضة عنها بالاعتماد على الفناء الداخلي لاعطاء الانارة الطبيعية، اما بالنسبة للطوابق الرابع والخامس والسادس فهي مخصصة لرقود المرضى.
فيما خُصص الطابقان السابع والثامن ليكونا سكناً فاخراً للكوادر الطبية، وتم التعبير عنهما معمارياً بواجهات زجاجية بالكامل من الجهة الشرقية والجنوبية مصنوعة من الزجاج المزدوج عالي الجودة والصديق للبيئة ومزود بطبقات تقلل وبشكل كبير دخول اشعة الشمس فوق البنفسجية المؤذية والحرارة الناتجة عنها للمحافظة على الجو الداخلي العام وللتقليل من استهلاك الطاقة اللازمة لأغراض التكييف وطبقات عاكسة تعطي الخصوصية لمستخدمي المبنى.
كما يتميز الجزء السفلي من الواجهة الامامية بشكلها المنحني الذي يعطي الشعور بالطمأنينة والترحيب بالزوار ولكي يتم التركيز بشكل كبير على المدخل الرئيس للمبنى ولتقليل التواصل البصري مع محطة المعالجة المجاورة للمشروع، وتم تزويد الواجهات الزجاجية بكاسرات للشمس مثبتة بالجزء العلوي وبأماكن مختلفة من الواجهات لمضاعفة كفاءة الزجاج ولإعطاء المبنى طابعاً عصرياً.
وأضيفت الى الواجهتين الرئيستين تشكيل معدني باللون الازرق على شكل نبضتي قلب يتوسطهما اسم الامام الحسين (عليه السلام) لتعطي معنىً ان قلوبنا تنبض بحبه.
ومن الجهتين الشمالية والغربية تم تغطية الواجهات بالواح الألمنيوم مع فتحات أفقية الامتداد بارتفاع (140 سم) لإضفاء التنوع على الواجهات للطوابق العليا، كما تم إضافة فناء داخلي حسب الكودات العالمية للمباني الصديقة للبيئة بحيث تساهم بشكل كبير بالتقليل من استهلاك الطاقة من خلال تلطيف الاجواء الداخلية بشكل عام وإعطاء انارة طبيعية تغني عن الانارة الصناعية ومن الناحية التصميمية فإن الفناء يعطي طابعاً شرقياً على المبنى كما وأن له الاثر الكبير بإدخال الراحة النفسية للزوار بحيث يجد فيه المزج بين الداخل الماضي والخارج الحاضر.
فيما حظيت مداخل مستشفى خاتم الأنبياء باهتمام كبير، حيث يتميز كل واحد منها بإعطاء تجربة فريدة للزوار من خلال العناصر الجمالية المختلفة وكان للمدخل الرئيسي النصيب الاكبر من المعالجات المعمارية المتميزة بحيث تم دمج العناصر الانشائية مع المسطح المائي والذي يحتوي على عدد كبير من النوافير التي يتم التحكم بها الكترونياً لتؤدي مجموعة لا حصر لها من التشكيلات المائية المتميزة ومحاطة باطار من النباتات والإزهار ليشكّلا معاً ايقونة معمارية متميزةً.
وفيما يتعلق بالحدائق الخارجية فقد تم تصميمها بحيث يتوحد المبنى مع محيطه الخارجي بهدف اعطاءه الشعور بالهدوء والراحة النفسية للزائر من خلال تنقله في المسطحات الخضراء وبذلك تصبح جزءاً لا يتجزأ من العلاج الطبّي داخل الاقسام المختلفة.
وكالات
اترك تعليق