في محراب الألم.. الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)

في محراب الألم.. الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)

بقلمٍ يكتبه الوجع، وبمدادٍ من دمه الطاهر

في زاويةٍ من زوايا الليل، حيث ينام العالم في سكونه الغافل، ينهض الألم ليتلو آيات الصبر على جسد إمامٍ، ما خذله الزمانُ إلا ليعلّمه كيف يكون النورُ في الظلام.

هناك، في بيتٍ خافت الضوء، جلس الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، يضمّ قلبه بين يديه، وقد لفّه الحزن برداءٍ من الطمأنينة الموجعة.

تبدو على وجهه ملامح النبوة، ويشعُّ من جبينه نور الوصاية، لكنه يمسح على صدره كمن يُهدِّئ نزيف الصبر، تلك الوعاء أمامه لا يحوي ماءً ولا طعاماً، بل يحمل دمه الشريف الذي تفجّر بعدما دسّت له الأيادي الآثمة السمّ غدراً، حتى كان يتقيّأ كبده قطعةً قطعة، كما روت أم المؤمنين أم سلمة وأم عبد الله بنت الحارث.

جلس الإمام بين صفحات الكتب، لا ليقرأ علماً جديداً، بل ليُعيد للحروف طُهرها من بعد ما دنّسها أهل الهوى، وإلى جانبه مصباحٌ يكاد ينطفئ من الحزن، إذ يشهد نورُه احتضارَ مَن هو نور الأمة.

كان الإمام يعلم أن الغدر آتٍ، وأن القوم لا يرقبون في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمّة، لكنه لم يكن يعيش للدنيا، بل ليكمل درب جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، درب الإصلاح، لا الصراع، ودرب الحُجّة لا السيف، في زمنٍ اختلطت فيه الرايات، وانقلبت الحقائق، وتهافت الناس على الملك كما يتهافت الذباب على الجيف.

قالها مرةً لأخيه الحسين (عليه السلام): "لا يوم كيومك يا أبا عبد الله"، وكأنّه كان يُمهّد له الطريق، ويهيّئ القلوب لأن تعرف أن الدمَ الذي يسيل اليوم بصمت، سيكون تمهيداً للدمِ الذي سيفجّر الثورة غداً.

في هذه الصورة، لا نرى فقط مشهداً من معاناة الإمام، بل نسمع صوتاً خفيّاً يقول: "ها أنا ذا، الحسنُ المظلوم، إمامٌ بايعني الناس ثم خذلوني، فصبرتُ كما صبر أولوا العزم من الرسل، وها أنتم ترون دمي يختلط بصفحات العلم، فاعلموا أن المظلومية ليست ضعفاً، بل رسالة".

السلام عليك يا كريم أهل البيت، يا ابن فاطمة الزهراء، يا من جسّدت المظلومية بصبر الأنبياء، وواجهت خيانة الأمة بصمتٍ تلوذ فيه السماء خجلًا من الأرض.

ملاحظة: هذا النص تم توليده عبر الذكاء الاصطناعي

تصميم : اسامة الشمري إعداد : علي رحال