بماذا طالب ممثل المرجعية العليا تزامناً مع ذكرى مولد الإمام المهدي؟

دعا ممثل المرجعية العليا في كربلاء والمتولي الشرعي لحرم الإمام الحسين عليه السلام الشيخ عبد المهدي الكربلائي، المؤمنين إلى تقوية علاقتهم بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

وقال خلال خطبته الأولى من صلاة يوم الجمعة داخل الصحن الحسيني الشريف، "كما ان علينا القيام بالواجبات الاسلامية العامة من تكاليف العبادات والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيله واداء المعروف وغيرها.. كذلك علينا ان نقوِّي علاقتنا بالإمام المهدي".

وفي ما يلي النص الكامل للخطبة الاولى من صلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 12/شعبان/1437هـ الموافق 20 /5 /2016 م :

ايها الاخوة والاخوات..

بمناسبة مولد صاحب دولة العدل الالهي والمنتظر لاقامة السنن والفرائض صاحب العصر والزمان نهنئ مراجعنا العظام وجميع المؤمنين والمؤمنات بهذه المناسبة..

كما ان علينا القيام بالواجبات الاسلامية العامة من تكاليف العبادات والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيله واداء المعروف وغيرها.. كذلك علينا ان نقوِّي علاقتنا بالامام المهدي (عليه السلام)..

حيث ان الامام (عليه السلام) هو الامام الحي الواجب الاتباع والذي نرتبط به ببيعتنا له في رقابنا، يعني هناك التزام .. فكيف نبني العلاقة السليمة والصادقة مع الامام الغائب ونقوي ارتباطنا به خصوصاً في هذ الزمان الذي كثرت فتنه وابتلاءاته وكثرت الدعاوى الضاله..

نحن نحتاج في ذلك الى الامور التالية :

1-    المعرفة الواعية والسليمة والصادقة بالامام (عليه السلام) : وهي معرفته حق المعرفة المستندة الى الادلة النقلية الصحيحة والبراهين العقلية السليمة قدر ما يستطيع الانسان الى ذلك سبيلا... وليس المراد منها معرفة اسمه ونسبه فقط وانه سيظهر في اخر الزمان ويقيم دولة العدل الالهي ويزيل الجور والظلم .. بل المقصود شيء اكبر من ذلك واكثر اهمية واعظم..

ويجيبنا على هذا التساؤل الامام الصادق (عليه السلام) حيث يقول:

(وادنى معرفة الامام انه عدل النبي إلاّ درجة النبوة ووارثه، وان طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله والتسليم له في كل امر والرد اليه والاخذ بقوله ويعلم ان الامام بعد رسول الله علي بن ابي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم انا ثم من بعدي موسى ابني ثم من بعده ولده علي وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعد علي الحسن ابنه والحجة من ولد الحسن)، كفاية الاثر ص263، بحار الانوار ج2 ص120، نهج السعادة ج8 ص41.

عن الفضيل بن يسار قال : سألت ابا عبدالله عن قول الله عزوجل : (يوم ندعوا كل اناس بامامهم) فقال (عليه السلام) : يا فضيل اعرف امامك فانك اذا عرفت امامك لم يضرك تقدم هذا او تأخر، ومن عرف امامه ثم مات قبل ان يقوم صاحب هذا الامر كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه). – الكافي ج1 ص371.

ولابد ان نرسخ المعرفة بانه حي يعيش بن اظهرنا يراقب الامور ويطلع على اعمال الناس واوضاعهم وينتظر توفر الشروط اللازمة لظهوره .. واهمية هذا الواجب واضحة في ظل عدم امكان مشاهدة الامام (عليه السلام) لعدم حضوره الظاهر في عصر الغيبة ولتحصين الانسان من التشكيكات الناتجة عن ذلك.. ولهذه المعرفة تأثير مشهود في دفع الانسان المؤمن ليتحلى بصفات المؤمن المنتظر وتتحقق من شروط الانتظار التي اعتبرتها الاحاديث من العبادات بل افضلها..

عن علي (عليه السلام) : (افضل عبادة المؤمن انتظار فرج الله).

عن الامام الصادق (عليه السلام) : طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره، اولئك اولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

2-    تقوية الارتباط الروحي والنفسي بالامام (عليه السلام) وذلك من خلال الاحساس بحياة الامام (عليه السلام) وان يستشعر آثار وبركات حياته (عليه السلام) وتاثيره في حياتنا.. والمشكلة لدى الكثير منا اننا نعيش الارتباط بالامام (عليه السلام) على انه امام غائب سيظهر مستقبلا في يوم من الايام فاغلبنا لا يعيش قضية الامام (عليه السلام) كقضية محسوسة يومية بل يستشعرها كفكرة غيبية ستحدث في يوم من الايام بدليل عدم الاهتمام بزيارة الامام (عليه السلام) وعدم الاهتمام بالدعاء له وقلة الاهتمام بالتثقيف بامور غيبته..

فعندما يعرف الانسان ان الامام يعيش فيما بيننا وان اعمالنا تعرض عليه وان له تاثيرات كثيرة في حياتنا وانه احد اهم عوامل البركة بل ان الكون وترابطه والمحافظة عليه انما هو بسبب وجوده الشريف..

وكيف انه يتدخل الامام (عليه السلام) في حل الكثير من الاشكالات القائمة وهذا يحتاج الى برنامج يومي..

3-    المواظبة على الدعاء للامام (عليه السلام) : فالانسان المؤمن لكي يعيش حالة الارتباط وتقوية العلاقة مع الامام (عليه السلام) لابد ان يكثر من الدعاء للامام الحجة (عليه السلام) والتي اكد عليها الائمة عليهم السلام كثيراً فان ذلك يزيد من حالة الارتباط به (عليه السلام) خصوصا اذا التزم الانسان بدعائه للامام (عليه السلام) قبل الدعاء لنفسه ولوالديه فان ذلك يعكس مدى اهتمام الانسان بامام زمانه ومدى حبه له فالانسان كلما احب انسان آخر اكثر من غيره اهتم بالدعاء له اكثر.. وقد الف احد العلماء كتابا خاصا في بيان الآثار والبركات العجيبة للدعاء للامام (عليه السلام) وهو كتاب من جزئين باسم (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم).

4-    الزيارة والمناجاة له (عليه السلام) : ومن وسائل تقوية الارتباط به (عليه السلام) هي زيارته ونحن نعلم ما لزيارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل البيت عليهم السلام من الفضل والاهمية والدور الكبير في حفظ وتقوية التشيع والارتباط الحي والقوي بمبادئ وقيم الاسلام وسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله الاطهار..

فنحن وان كنا نوالي جميع الائمة عليهم السلام ونؤمن بهم ونزورهم في اضرحتهم الا ان ما يميز الامام المهدي (عليه السلام) انه الامام المفترض الطاعة الذي له بيعة وعهد وعقد في اعناقنا فمن الضروري المواظبة على زيارته اظهاراً للولاء له وتوثيقاً وتذكيراً للعهد الذي له في اعناقنا وخصوصاً الزيارة المعروفة بزيارة آل ياسين حيث خرج التوقيع من الناحية المقدسة الى محمد الحميري.. اذا اردتم التوجه بنا الى الله والينا فقولوا كما قال الله سبحانه وتعالى : (سلام على آل ياسين.. السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته... الخ من الزيارة..

والامر الاخر الذي لابد للمؤمنين ومحبي الامام (عليه السلام) الالتزام به هو الاستشفاع به في جميع حوائجنا وطلباتنا فهو وسيلتنا الى الله تعالى بالاضافة الى تخصيص وقت في كل يوم ولو عدة دقائق معدودة للمناجاة مع صاحب الامر (عليه السلام) فهو يطلع على كل ما يصدر منا ولا يتصور احد ان هذه المناجاة لا تصل اليه .. فليناجيه الانسان بهمومه وآلامه ومصائبه واحزانه لانه الامام الحي المسؤول عنا فهو سيدنا وامامنا وولي امرنا..

ولعل البعض يعترض بالقول : مافائدة دعائنا للامام (عليه السلام) وهو الامام المعصوم والمحفوظ من قبل الله تعالى وهو بالتالي مستجاب الدعوة عكسنا نحن العصاة المذنبون المفتقدين لاهلية استجابة الدعاء..

والجواب : نحن مأمورون بالدعاء للامام (عليه السلام) في كثير من الروايات عن اهل البيت عليهم السلام ولعل ذلك من اجل ابقاء الصلة والرابطة مع الامام (عليه السلام) وله آثار اخرى..

5-    تجديد العهد والبيعة مع الامام المهدي (عليه السلام) في كل يوم كما جاء في دعاء العهد الوارد عن الامام الصادق (عليه السلام) : (اللهم اني اجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من ايامي عهد وعقدا وبيعة له في عنقي لا احول عنها ولا ازل ابدا).

ومنها الاهتمام باشاعة فضائل الامام (عليه السلام) بين الناس والبرائة من اعدائه..

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات