من خلال تجربتي الطويلة في حوار الأديان تبين لي ان الناس يؤمنون بكلمات اكثر مما يؤمنون بمعتقدات او يفهمونها.
خذ على سبيل المثال المسيحيين اتباع الثالوث. واخص اتباع الثالوث لان من النصارى ممن لا يؤمن بالثالوث وينفونه نفيا قاطعا.
اصحاب الثالوث يؤمنون بأن طبيعة الاله مكونة من الله الخالق الذي يسمونه الاب، والروح القدس، والمسيح عيسى بن مريم، وان هذه الاقانيم الثلاثة هي الله. سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
ولقد ناقشت اتباع الثالوث على مر السنين في فساد هذه العقيدة وبينت انها شرك بالله العلي العظيم. الا انهم يصرون انهم هم الموحدون الحقيقيون وان توحيدهم هو التوحيد الصحيح، بل انهم يتهمون المسلمين بالشرك كقولهم ان المسلمين يعبدون حجارة الكعبة المشرفة فيسجدون لها من دون الله تعالى.
وحين تقول لهم اننا لا نعبد الكعبة ولا نسجد لها وانما نسجد نحوها امتثالا لأمر الله تعالى فنحن بذلك المسلمون لامر الله تعالى يرفضون قولنا ويصرون على اننا نسجد للكعبة، تماما كمن يصر ان الشيعة يسجدون للتربة وليس على التربة.
ولا تظن ان المسلمين ابرياء من عبادة الكلمات وانقياء من الشرك. خذ على سبيل المثال عقيدة اهل السنة السلفية الذين يصرون على ان القران الكريم هو صفة من صفات الله تعالى وانه غير مخلوق، اي ان القران الكريم كان مع الله منذ الابد!! فهم لا يختلفون ابدا عن مسيحيي الثالوث.
المسيحي يقول ان عيسى هو كلمة الله غير المخلوق فهو معه منذ البدء
والسني السلفي يقول ان القران الكريم هو كلمة الله غير المخلوق فهو معه منذ البدء
فكلاهما يقول ان الله هو ليس الاحد الاول بل ذاك يقول ان الله معه كلمته المسيح وهذا يقول ان الله معه كلمته القران الكريم
وكلاهما وقع في الشرك باتباعه هذه الكلمات الرنانة
وكلاهما يصر على انه هو الموحد الصحيح وغيره مشرك كافر.
وفتوى السلفية بكفر من يقول ان الله تعالى خلق القران الكريم لا تقل خطورة عن معتقد المسيحي الذي يقول ان من يعتقد ان الله خلق المسيح عليه السلام فهو مجدف.
كلمات قصار هدم بها امير المؤمنين عليه السلام عقائد الاشاعرة والسلفية في الله تعالى:
أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ وَكَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَمَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ وَمَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ ضَمَّنَهُ وَمَنْ قَالَ عَلَا مَ فَقَدْ أَخْلَى مِنْهُ. نهج البلاغه الخطبة الأولى
ومع ذلك، فالاشاعرة هم اخواننا في الاسلام وهم اقرب الى التوحيد الخالص الينا من السلفية المجسمة التكفيرية. ولو نفوا الصفات عنه، السبعة وغيرها انها خارجة عنه سبحانه تعالى، لاتفقنا معهم بالجملة.
الحمد لله رب العالمين الذي بعث لنا محمدا بها بيضاء نقيه ثم جعل وصيه امير المؤمنين ليحفظها لنا كما جاءت بيصاء نقيه.
اترك تعليق