الطبُّ القرآني _ عالج نفسك بالشاي الأخضر

يُعدُّ الشاي المشروب الأكثر استهلاكًا في العالم عدا الماء. قام باحثون حديثًا بدراسة أثبتوا وجود فوائد طبية وعلاجية كثيرة للشاي الأخضر، وهذه نعم سخَّرها الله لنا.

وقد يقول قائل: إن الشاي الأخضر أو الأسود لم يُذكر في القرآن فأين الإعجاز؟

إن القرآن الكريم حدّثنا عن كل شيء، وهناك آيات تتضمن إشارات خفيّة تشمل كلَّ النعم التي حولنا، يقول تعالى: (وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) سورة إبراهيم، الآية 34. فهذه الآية تشمل كل النعم التي نعرفها والتي لا نعرفها.

وهناك آية أُخرى يقول فيها (عزّ وجلّ): (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ) سورة لقمان، الآية 20. فهذه الآية تأمرنا أن ننظر ونتأمل كل النعم التي سخرها الله لنا سواء ذُكرت في القرآن بشكل مباشر أو لم تُذكر، ينبغي أن نتأمل كل شيء من حولنا، ونستفيد من هذه النعم ونشكر الله تعالى.

وقد توصلتْ دراسة يابانية إلى أن شرب الشاي الأخضر يقلّل بشكل ملحوظ من أخطار الوفاة بأمراض مميتة مختلفة، فقد وجد الباحثون اليابانيون الذين أجروا الدراسة على أكثر من 40 ألف شخص أن شرب الشاي الأخضر خفض خطر أمراض القلب والأوعية الدموية القاتلة بنسبة الربع، غير أن خبراء أمراض قلب بريطانيين قالوا إن الفوائد قد تكون مرتبطة بنوعية الوجبات اليابانية ككل والتي تعدّ صحية أكثر من تلك التي يتناولها الناس في الغرب. ونشرت نتائج البحث في مجلة رابطة الأطباء الأمريكيّين.

ويتم إنتاج ما مساحته ثلاثة مليارات كيلومتر مربع من محصول الشاي سنويًا في أنحاء العالم. وتشير الدراسات التي أجريت في المختبرات على البشر والحيوانات إلى أن للشاي الأخضر فوائد صحية كبيرة. وركّزت الدراسة التي بدأت عام 1994م على كيفيّة استفادة البشر من الشاي الأخضر. وفحص الباحثون من جامعة توهوكو البيانات من 40530 شخصًا سليمًا أعمارهم بين 49-79 في شمالي شرقي اليابان حيث يستهلك الشاي الأخضر على نطاق واسع. وهناك يشرب نحو 80% من السكان الشاي الأخضر، أكثر من نصفهم يتناول بين 3 أكواب وأكثر يوميًا.

وقد درس الباحثون الأشخاص موضع البحث طيلة 11 سنة من 1994 حتى 2005 أي حتى وفاة ما مجموعه 4209 أشخاص من كل الأمراض. كما درس العلماء بيانات في مرحلة من سبعة أعوام من 1994-2001 ركّزوا فيها على الوفيات نتيجة أسباب معينة. فوجد الباحثون أن عدد الوفيات نتيجة أمراض القلب والدورة الدموية في تلك الفترة كان 892 شخصًا بينما توفي 1134 نتيجة مرض السرطان.

وتوصل الباحثون إلى أن الذين استهلكوا خمسة أكواب أو أكثر من الشاي الأخضر يوميًا قلّ لديهم خطر الموت بسبب أي مرض خلال سنيّ الدراسة الإحدى عشرة بنسبة 16%، وذلك بالمقارنة مع الأشخاص الذين شربوا أقل من كوب واحد من الشاي الأخضر يوميًا. كما قلّ لدى هؤلاء خطر الموت بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 26% خلال أعوام المتابعة السبعة التي تلت المرحلة السابقة. ولم يكن هناك أيُّ رابط بين استهلاك الشاي الأخضر والوفاة بسبب السرطان.

وطيلة فترة الدراسة تبيّن للعلماء أن فوائد الشاي الأخضر كانت جليّة أكبر عند النساء. فالنساء اللاتي شربن خمسة أكواب أو أكثر من هذا الشاي يوميًا قلّ خطر الوفاة لديهنّ نتيجة أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 31% بالمقارنة مع النساء اللاتي تناولن أقلّ من كوب منه يوميًا.

وقال الدكتور شينيشي كورياما الذي قاد فريق البحث: "أهم ما توصلت إليه الدراسة أن الشاي الأخضر يطيل أعمار الناس من خلال تقليص خطر أمراض القلب والأوعية الدموية. لكن باحثين بريطانيين يقولون إن طبيعة الوجبات اليابانية تلعب دورًا أساسيًا في المحافظة على معدل منخفض من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، باعتبار أن اليابان هي من بين الدول التي يعتبر فيها هذا المعدل الأدنى في العالم".

الوقاية من السرطان

قدرة الشاي الأخضر على محاربة السرطان أكثر قوة وتنوعًا مما كان العلماء يظنون، وفقًا لما يلمح إليه باحثون. ويعرف العلماء بالفعل أن الشاي الأخضر يحتوي على مواد مضادة للتأكسد يمكن أن يكون لها أثر وقائي ضد السرطان. ومن المرجح أن المركّبات الموجودة في الشاي الأخضر تعمل عبر مسارات عديدة مختلفة. ولكنهم اكتشفوا حاليًا أن المواد الكيماوية في الشاي تسدّ الطريق أمام جزيء رئيس يمكنه أن يلعب دورًا هامًا في تطور السرطان.

والجزيء المعروف باسم مُستَقبِل هيدروكربون الآريل، والمعروف اختصارًا باسم (إيه أتش)، لديه قدرة على تنشيط الجينات، ولكن ليس بطريقة إيجابية على الدوام. ويعطل دخان التبغ ومواد الديوكسين، على وجه الخصوص، وظيفة الجزيء ما يجعله يطلق العنان لنشاط جيني يحتمل أن يكون مؤذيًا. ووجد باحثون من جامعة روتشستر أن هناك مادتين كيماويتين في الشاي الأخضر تعيقان نشاط هيدروكربون الآريل. والمادتان الكيماويتان مشابهتان لمركّبات يطلق عليها اسم فلافونويد، والتي توجد في القرنبيط الأخضر، والملفوف، والعنب والنبيذ الأحمر، والتي يعرف عنها أيضًا أنها قادرة على الوقاية من السرطان.

 وقال الباحث البروفسور توماس جاسيويز: الشاي الأخضر قد يعمل على نحو مختلف عما كنا نظنه لكي يقوم بنشاطه المقاوم للسرطان.

إن أسباب السرطان معقدة ويمكن لكل من الحمية الغذائية وتركيبتنا الجينية أن تعملا معًا لكي تؤثرا على خطر إصابتنا بالمرض، ومن المرجح أن المركّبات الموجودة في الشاي الأخضر تعمل عبر مسارات عديدة مختلفة. وأظهر فريق روتشستر أن المواد الكيماوية تغلق مستقبلات هيدروكربون الآريل في الخلايا السرطانية لدى الفئران.

 وتشير النتائج الأولية إلى أن هذا الأمر يصدق أيضًا في الخلايا البشرية.

ولكن العلماء يقولون إن النتائج في المختبرات لا تترجم بالضرورة إلى الحياة اليومية حيث أن العامل الحاسم هو كيفية تفكك الشاي الأخضر في داخل الجسم. بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من الفروقات بين مختلف أنواع الشاي الأخضر. وقالت الدكتورة جولي شارب، وهي مسؤول في قسم المعلومات العلمية في معهد أبحاث السرطان في بريطانيا: "إن البحث الذي نشر في مجلة "كميكال ريسيرتش إن توكسيكولوجي" يعطي مواصفات إضافية للشاي الأخضر يمكنها أن تكون نافعة ولكنها يجب أن تُخضَع لتجارب كما ينبغي".

 إن معهد أبحاث السرطان في بريطانيا يعكف حاليًا على إجراء دراسة واسعة النطاق على الحمية الغذائية والصحة لإجراء بحث على العادات الطعامية لأكثر من نصف مليون شخص في عشر دول أوروبية لمحاولة الإسهام في حلّ هذا التعقيد. كما أشارت الأبحاث أيضًا إلى أن الشاي الأخضر قد يساعد على التقليل من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتيزمي وعلى تخفيض معدلات الكولسترول.

بقلم عبد الدائم الكحيل

المرفقات

: دار القرآن الكريم