والدُ الشّمس

إلى سيد الشهداء (عليه السلام)

تِلاوةُ قرآنٍ "حسينٌ" مآتمُهْ      وفيها لهذا الدّينِ قامت قوائمُهْ

فللمصطفى ثقلانِ خَلّفَ في الورى     كتاباً وثُقلاً للكتابِ تَرَاجِمُهْ

ظَنَّنا وكُنّا واهمينَ بظَنِّنَا     وكم بانَ أَمرٌ عكسَ ما ظَنَّ واهِمُهْ

بأَنّا لهُ بالذّكرِ نُحيي مواسماً     ولكنّنَا موتى و"عيسى" مواسِمُهْ

فأَيّامُهُ للهِ فيها مُذَكِّرٌ      إلى الخَلْقِ طَهَ والعيونُ سَواجمُهْ

سَمَونَ على طولِ الزّمانِ وعَرضِهِ      نُجوماً إذا تاهَ الرّشادُ علائمُهْ

سكونٌ لمن قد أقلقَ الهمُ نفسَهُ     لمن هدّهُ الدّاءُ العُضالُ بَلاسمُهْ

بها يستريحُ المُتعبونَ مِنَ العَنَا     ويُروى قُراحاً للمودّةِ هائمُهْ

أَجل نحفظُ الأَحداثَ طَيَّ قلوبِنا     وتأريخُ مأساةِ الطّفوفِ نُلازِمُهْ

وندري بيومِ الطّفِّ يومُ تجارةٍ      مغارِمُهُ فينا وفينا مَغانِمُهْ

تفاصيلُهُ باتت تُؤثِّثُ حُزنَنا      فتُبدي وتُخفي أو سُلُوّاً..تُنادمُهْ

رَوَتْ كربلاءٌ كُلَّ فصلٍ فعندها     بِ"لاءٍ"جرت مجرى الفراتِ ملاحمُهْ

لنا فَسَّرَت صمْتَ التُّرابِ وبَيَّنَتْ      جَليّاً خطاباً فيهِ دَوَّتْ صوارمُهْ

تضاريسُهُ قد أَوقَفَتْنا بموضعٍ      شَجيٍّ لصَبرٍ للنَّبِيِّينَ هادِمُهْ

وفي موضعٍ للعنفوانِ منارةٌ     وتَحيا إذا ما اسْتَلْهَمَتْهُ رَمائِمُهْ

فاولاهُما لَمّا دعا في جَوادِهِ     ولَبَّتْ لهُ مَنْ في البلاءِ تُقاسِمُهْ

وجاءت كسِربٍ مِن حَمامٍ ورائها     حَيارى لتوديعِ الغريبِ فَواطِمُهْ

وثانيهُما في الجَحفَلَيْنِ ولُوجُهُ     كما شدَّ في جَمْعِ النّعاجِ ضُبارمُهْ

تُدَكُّ رجالٌ في خُيولٍ ببأسِهِ     وتغدو هَواماً مَنْ بِحربٍ ضَياغمُهْ

صدى صَوتِهِ يُفني أَواخِرَ جيشِهِمْ     وتَفنى إذا ما شاهَدَتْهُ قوادمُهْ

فَلَحظاتُهُ وتْرٌ تَفَرَّدنَ مثلَهُ     فُتُوَّتُهُ..إقدامُهُ..أَو عَزائمُهْ

سماحتُهُ..العطفُ الكبيرُ ونُبْلُهُ     تَصَبُّرُهُ فوق الخَيالِ.. مظالمُهْ

فيا أَيُّها السِّبطُ الأَقَلُّ صفاتِهِ     عظيمٌ فلا تُسْتَغْرَبَنَّ عظائمُهْ

لَنَهرٌ مُنِعتَ الوِردَ مِنْ عَذْبِ مائهِ     إلى الآن في كُلِّ البحورِ عَلاقمُهْ

لإنْ عاقَني ما عاقَني عن مجالسٍ     رَثَتْكَ جَهاراً لا رثاءً تُكاتمُهْ

وأُبْقِيْتُ في داري جليسَ مشاعرٍ     تجيشُ وحُزنٍ ما سوى اللهِ عالِمُهْ

فَروحي بها ضَجّتْ عليكَ نوائحٌ     أَقامت عزاءً في الفؤادِ مَرَاسمُهْ

خطيبٌ بها نبضي وعشقُكَ منبرٌ     وإنّي لَباكيهِ وإنّي لَلاطِمُهْ

وأَسرَحُ في رُزْءٍ فأغدو بمسرحٍ     حُسينٌ وحيدٌ والأُلوفُ تُداهِمُهْ

تُجَرِّحُهُ البيضُ المواضي وسُمْرُها     يُصادمُها صبراً وطعناً تُصادمُهْ

فلم يُرَ مكثوراً كثَبْتِ جَنانِهِ     قتيلٌ وللجيشِ العرمرمِ هازمُهْ

ولكنَّ ما أَبقى كياني مُحَطّماً     على الصّدرِ عَشرٌ مِنْ خيولٍ حَواطمُهْ

فأُسْدِلْنَ أَستارُ الجفونِ بمدمعٍ     ومسرحُ ماضٍ لا تزالُ جرائمُهْ

فهذا الّذي يقفو خُطاكَ مُقَتّلٌ     وأَهلوهُ مِنْ قَبلِ العداةِ تُهاجمُهْ

وقد عُدتّ خُلْواً مِنْ نصيرٍ كما مضى     ولابنِ زيادٍ عادَ كُلٌّ يُسالمُهْ

فيا والدَ الشّمسِ استحَتْ منكَ شمسُنا     فمنها شُعاعُ مُبْدِ سِتراً وضَارمُهْ

إذا قُلتُ ما قُلتُ اسْتَبانَ تلعثُمي     وما أَنْجَدَتني في المقالِ معاجِمُهْ

علينا إذا ضاقَ الفضاءُ تَنَفّساً     مِنَ الحائرِ القُدسِيِّ هَبّتْ نسائمُهْ

ومَعناكَ إنْ أَكتُبْ يُناغِمْ لِأَحرُفي     وإنّي إلى حَشرِي سأبقى أُناغِمُهْ

المرفقات

: حسن الحاج عكلة ثجيل