894 ــ باقر الهندي (1284 ــ 1329 هـ / 1867 ــ 1911 م)

باقر الهندي (1284 ــ 1329 هـ / 1867 ــ 1911 م)

قال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

لوْ لمْ تكنْ جُمعتْ كلُّ العلى فينا     لكانَ ما كان يوم (الطفِّ) يكفينا

يـــومٌ نهضنا كأمثالِ الأسودِ به     وأقبــــــلتْ كالدّبى زحفاً أعادينا

جاؤوا بــسبعينَ ألفاً سَلْ بقيّتهمْ     هل قابلـــــــونا وقد جئنا بسبعينا (1)

الشاعر

السيد باقر بن محمد بن هاشم (2) بن مير شجاعة علي النقوي الرضوي الموسوي الهندي، (3) عالم وأديب وشاعر ولد في النجف الأشرف، من أسرة علوية علمية ينتهي نسبها الشريف إلى الإمام علي الهادي (عليه ‌السلام). (4) وأصل هذه الأسرة في لكناو بالهند، وقد هاجر أحد أجدادها من الهند إلى النجف، وقد برز منها العديد من العلماء الأعلام والفقهاء الكبار والمجتهدين العظام منهم والده السيد محمد وجده السيد هاشم وغيرهم، والسيد باقر هو أخو الشاعر الكبير السيد رضا الهندي صاحب القصيدة الكوثرية في أمير المؤمنين (عليه السلام)

يقول السيد محسن الأمين: (آل الهندي في النجف الأشرف كان أبو الأسرة السيد مير شجاعة علي ممن فر من الاضطهاد الانكليزي على أثر احتلال الهند واشتراكه في مقاومة المحتلين تاركا مزارعه في مقاطعة أوده وعاصمتها لكهنو ووصل النجف الأشرف واتخذه موطنا. وهناك صاهر آل الجزائري إذ تزوج كريمة الشيخ أبو الحسن ابن الشيخ حسن ابن الشيخ أحمد الشهير صاحب آيات الأحكام. ثم توفي في النجف سنة 1215 ودفن فيها وترك ولده المترجم السيد هاشم. وعرفت أسرته بعده بال الهندي) (5)

نشأ السيد باقر الهندي على يد أبيه، وكان جده لأمه هو العالم الكبير والفقيه والأديب والشاعر طالب البلاغي الذي يعد من كبار علماء الحوزة العلمية الشريفة، فدرس الهندي مقدمات العلوم في النجف على يد أبيه، والشيخ محمد طه نجف، ثم سافر مع أبيه وأخيه إلى سامراء حيث درس مع والده على يد السيد المجدد محمد حسن الشيرازي، ثم عاد السيد باقر مع أبيه إلى النجف (سنة 1311 هـ) (6)

قال عنه الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان عالماً، فاضلاً، كاملاً، أديباً، لبيباً، منشئاً، شاعراً، ماهراً.. ) (7)

وقال عنه أيضاً: (كان ذكياً لوذعياً حسن المعاشرة لطيف المحاورة وشاعراً مكثراً) (8)

وقال الشيخ محمد السماوي: (كان هذا السيد فاضلاً في جملة من العلوم، أديباً حسن المنثور والمنظوم، ذكياً حسن المعاشرة مع طبقات الناس، لطيف المحاضرة عاشرته فرأيته رجلاً لا يمل جليسه، وسافرت معه فأبصرت منه أحوذياً، وكان لا يكاد يذكر له شيء من المعارف إلا وبانت به معرفة، ولا تكاد تذكر صناعة إلا وظهر له فيها فكر) (9)

وقال السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: (عالم فاضل، أديب شاعر، ظريف حسن الأخلاق، حسن المعاشرة، ذكي الفؤاد) (10)

وقال الأستاذ علي الخاقاني: (كاتب مبدع وأديب مرهف الحس يقظ النفس مشرق الديباجة قوي التعبير عن قصده) (11)

وقال السيد جواد شبر: (عالم فاضل وأديب شاعر ظريف لطيف حسن الأخلاق حلو المعاشرة ذكي لامع نظم فأبدع وسابق فحلّق وله مراثي كثيرة في أهل البيت لا زالت تقرأ وتعاد في مجالس العزاء ويحفظها الجمّ الكثير من رواد المجالس حتى العوام، سمعت من علماء النجف أنه كان إذا حدّث لا يملّ حديثه وينظم الشعر باللغتين الفصحى والدارجة) (12)

توفي السيد باقر الهندي في النجف ودفن فيها، ورثاه أخوه السيد رضا الهندي بقصيدة قال منها:

ما كانَ ضرّ طــــوارقِ الحدثانِ     لو كانَ قبلكَ سهمهنَّ رماني

يا ليتَ أخطـــــأكَ الردى أو أنّه     لـمّا أصابكَ لمْ يكنْ أخطاني

يـا أولاً فـــــي المكرماتِ فما له     فــيها وعنها في البريةِ ثاني

يــــــــا واحداً فيـهِ اتفقـنَ مكارمٌ     لـم يخــتلفْ فـي نقلهنَّ اثنانِ

يـا لهجةَ المـدّاحِ بل يـا بهجةَ الـ     أرواحِ بــلْ يا مهجةَ الإيمانِ

بمَ يشمتُ الأعداءُ بعدكَ لا غفوا     إلّا على حسـكٍ مِن السعدانِ

ببقـاءِ ذكرِكَ في الــزمانِ مخلّداً     أمْ بالفنـاءِ، وكـــــلُّ حيٍّ فانِ

فليشمتـوا فمصــــابُ آلِ محـمـدٍ     ممـا يسـرُّ بـه بنــــو مروانِ

فـارقتنا فـي شهـرِ عاشـوراءِ فا     تصلتْ به الأحزانُ بالأحزانِ

نبكي المغسّـل بالقـــراحِ وتـارةً     نبكي المغسـلَ بالنجيعِ القاني

وننـوحُ للمطـويِّ فـــــي أكفـانِه     أو للطريحِ لقىً بـلا أكــــفـانِ (13)

شعره

قال السيد محسن الأمين: (وله شعر كثير في الفصحى والعامية) (14)

وقال الشيخ محمد السماوي: (وله شعر متفرق) (15)

وقال الشيخ علي كاشف الغطاء: (وشعره متفرق لم يجمع في الغزل والمديح والمراثي ومدائح الأئمة (عليهم السلام) وله شعر محفوظ في صدور القراء) (16)

ويقول أيضاً: (وله شعر كثير وقصائد عديدة في رثاء أهل البيت (عليهم السلام) ولو يجمع شعره لصار ديواناً كبيراً) (17)

ويتضح من قول الخاقاني إن شعره قد انتحل في حياته حيث قال في ترجمته: (أديب كبير وشاعر عرفه أخدانه من معاصريه مفوّهاً لبقاً منطقياً، يفزع إليه في الحلبات، وينتدب في المساجلات الحادة وكان مدرسة تخرج منها مجموعة من الأدباء الناشئين، فإذا ما قُرأ شعر رصين لشاعر لم يعرف عنه المقدرة في النظم قيل له: أحسنت فقد ذر عليه فلفل هندي، وشعره تقرأ منه الرصانة وقوة التركيب وحسن الديباجة وجمال الأسلوب وجوالة اللفظ وله فرائد في النظم حازت على إعجاب أكابر الأدباء ممن عاصروه...) (18)

ولم يك شعره وحده قد انتحِل بل دروسه ومحاضراته كما أوضح ذلك حفيدهُ السيّد عبد الصاحب حسين باقر الموسوي فقال: (كتب السيّد باقر الكثيرَ من الدروس والمحاضرات الأخلاقيّة والتثقيفيّة الإسلاميّة، ولم يحتفظ منها بشيء، بل صارت بأيدي تلاميذه الذين أدركوا بها الشهرة، بصفتهم من الخطباء..) (19)

وقد طبع ما تبقى من شعره في ديوان سمي بـ (دين الفطرة) بعد وفاته سنة (1942) وله ديوان آخر.

قال من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (90) بيتاً:

ليسَ يـــــدري بكنهِ ذاتِكَ ما هو     يـــــــــــــا بــنَ عمِّ النبيِّ إلا اللهُ

مُمكنٌ واجبٌ حديثٌ قــــــــــديمٌ     عنكَ تُنفــى الأضدادُ والأشــــباهُ

لكَ معنىً أجلى من الشمسِ لكن     خبطَ الـــــعارفونَ فيهِ وتــــاهوا

أنتَ في مُنتهى الظــــهورِ خفيٌ     جلَّ معنى عـــلاكَ ما أخـــــــفاهُ

قُلتُ: للقائِليــــــــــنَ في أنكَ الله     أفيقوا فاللهُ قد ســــــــــــــــــــوّاهُ

هوَ مِــــــــــشكاةُ نُورهِ والتَجلّي     سِـــــــــرُّ قُدسٍ جَهَلتُمُ مَعــــــناهُ

قد بَراهُ مِن نُورِهِ قبل خَـــلقِ الـ     ـخلقِ طرَّاً وبِـــــاسمِهِ سَــــــمّاهُ

وحباهُ بكلِّ فضــــــــــــــلٍ عليمٍ     وبمقدارِ ما حباهُ ابــــــــــــــتلاهُ

أظـــــــــــــــــهَرَ اللهُ دينَهُ بِعَليٍ     أيـــــــــنَ لا أينَ ديـــــــنَهُ لولاهُ

كانت الناسُ قبـــــــلهُ تعبدُ الطا     غوتَ ربّاً والجبــــــــتُ فيهم إلهُ

ونَبِيُ الهُــــــــدى إلى اللهِ يَدعو     هُمُ ولا يَــسمَعُـــــــونَ مِنهُ دُعَاهُ

سَلهُ لَــــــمّا هاجَت طُغاةُ قُريشٍ     مَن وَقاهُ بِـــــــــنَـــفسِهِ مَـن فَداهُ

مَن جَلا كَربَهُ ومَن رَدَّ عَــــــنهُ     يَومَ فَرّ الأصحــابُ عَــنهُ، عَداهُ

مَن سِواهُ لِكُلِ وَجــــــــــهٍ شَديدٍ     عَنهُ قَد رَدّ نــــــاكَلاً مَــن سِـواهُ

لَو رأى مِثلَـــــــــــهُ النّبِيُ لَما آ     خاهُ حيّاً وبَعــدَهُ وَصّــــــــــــــاه

قامَ يَومَ الـــــغَديرِ يَدعُو ألا مَن     كُــــــــنتُ مَــولَىً لَهُ فَذا مَــولاهُ

غَيرَ أنّ النُفُوسَ مَرضَى ويَأبَى     ذو السِّقـــــــامِ الدَّوا وفيهِ شِــفاهُ

أنكَروهُ وكَيفَ يَنكرُ عَـــــينَ الـ     ـشّمسِ مَن أرمِضت بَها عَيــناهُ (20)

وله قصيدة رُوي عنا أنه رأى في المنام صاحب الأمر - عجل الله فرجه - ليلة الغدير حزيناً كئيباً فقال: يا سيدي! ما لي أراك في هذا اليوم حزيناً والناس على فرح وسرور بعيد الغدير؟!

فقال (عليه السلام): ذكرت أمي وحزنها ثم قال:

لا تراني اتخذتُ لا وعلاها     بعدَ بيتِ الأحزانِ بيتَ سرورِ

ولما انتبه السيد نظم قصيدة في أحوال الغدير وما جرى على الزهراء (عليها السلام) بعد أبيها وضمنها هذا البيت، والقصيدة مشهورة وتبلغ (41) بيتاً يقول فيها:

كلُّ عذرٍ وقولِ إفــــــــــــــــكٍ وزورِ     هوَ فرعٌ عـــــــــن جحدِ نصِّ الغديرِ

فتبصَّرْ تبـــــــــــصّرٌ هداكَ إلى الحـ     ـقِّ فـــــــــــليسَ الإعمى به كالبصيرِ

لـــــــــــــيسَ تعمى العيونُ لكنّما تعـ     ـمى القلوبُ التي انطوتْ في الصدورِ

يومَ أوحـــــــــــــــى الجليلُ يأمرُ طه     وهوَ سارٍ أن مُرْ بـــــــــتركِ المسيرِ

حطَّ رحَلَ السرى على غـــــــيرِ ماءٍ     وكـــــــــــــلاءٍ في الفلا بحرِّ الهجيرِ

ثم بلّغهُـــــــــــــــــــــــــمُ وإلّا فما بلـ     ـغتَ وحياً عــــــــــن اللطيفِ الخبيرِ

أقــــــــــمِ المرتضى إماماً على الخلـ     ـقِ ونوراً يجلو دجـــــــــــى الديجورِ

فرقى آخذاً بكــــــــــــــــــــــفِّ عليٍّ     مــــــــــــــنبراً كانَ مِن حدوجٍ وكورِ

ودعـــــــــــــا والملا حضورٌ جميعاً    غيَّبَ اللهُ رشـــــــــــــدَهمْ مِن حضورِ

إنَّ هذا أمــــــــــــــــــيرُكمْ ووليُّ الـ     أمرِ بعدي ووارثي ووزيــــــــــــري

وهوَ مولى لكلِّ مَن كـــــــــنتُ مولا     هُ مِن اللهِ فــــــــــــــــي جميعِ الأمورِ

فأجابوا بألســــــــــــــــنٍ تظهرُ الطا     عةَ والغدرُ مضمرٌ فــــــــي الصدورِ

بايــــــــــــــــعوهُ وبعدها طلبوا البيـ     ـعةَ مـــــــــــــــــــنهُ للهِ ريبُ الدهورِ

أسرعوا حينَ غابَ أحــــــــــمدَ للغد     رِ وخافوا عواقـــــــــــــــــبَ التأخيرِ

نبذوا العهدَ والــــــــــــكتابَ وما جا     ءَ بهِ الـــــــــــــــوصيُّ خلفَ الظهورِ

خـــــــــــــــــــالفوا كلّما بهِ جاءَ طه     وهوَ إذ ذاكَ ليـــــــــــــــــسَ بالمقبورِ

عدلوا عن أبي الـــــــــــهداةِ المياميـ     ـن إلـــــــــــــــــى بيعةِ الأثيمِ الكفورِ

قدّموا الــــــــــــرجسَ بالولايةِ للأمـ     ـرِ على أهلِ آيــــــــــــــــــةِ التطهيرِ

لستَ تــــدري لمْ أحـرقوا البابَ بالنا     رِ أرادوا إطــــــــــــــــفاءَ ذاكَ النورِ

لستَ تدري ما صدر فـاطمَ ما المسـ     ـمارَ ما حالَ ضلعِها المـــــــــــكسورِ

ما ســــــقوطَ الجنينِ مـا حمرةَ العيـ     ـنِ وما بــــــــــــــــالُ قرطِها المنثورِ

دخلوا الدارَ وهيَ حــــسرى بمرأى     مِن عليٍّ ذاكَ الأبيِّ الــــــــــــــــغيورِ

واستداروا بغياً على أســــــــــدِ اللهِ     فأضحى يُـــــــــــــــــــقادُ قودَ الأسيرِ

والـــــــبتولُ الزهراءُ في إثرِهمْ تعـ     ـثرُ في ذيلِ بردِها المـــــــــــــجرورِ

بأنينٍ أورى الـــــــــــقلوبَ ضَراماً     وحنينٍ أذابَ صــــــــــــــــمَّ الصخورِ

ودعــــــــــتهم خلّوا ابنَ عمِّي علياً     أو لأشــــــــــــكو إلى السميعِ البصيرِ

ما رعوها بــــــلْ روَّعوها ومرّوا     بعليٍّ مُلبَّباً كالأســــــــــــــــــــــــــــيرِ

بعضُ هذا يريكَ مـــــــــــمَّنْ تولّى     بارزَ الكـــــــــــــــــفرِ ليسَ بالمستورِ

كيفَ حقّ البتولِ ضاعَ عنــــــــاداً     مثلَ مــــــــــــا ضاعَ قبرُها في القبورِ

قابلوا حقّها الــــــــــــــمبينَ بتزويـ     ـرٍ وهــــــــــــلْ عندهمْ سوى التزويرِ

ورووا عن محـمدٍ خبـــــــــــراً لمْ     يكُ فيهِ محمدٌ بـــــــــــــــــــــــــــخبيرِ

وعليٌّ يـــــــــــرى ويسـمعُ والسيـ     ـفُ رهــــــــــــيفٌ والباعُ غيرُ قصيرِ

قيَّدته وصيةٌ مِــــــــــــــــــن أخيهِ     حمَّلته ما ليسَ بــــــــــــــــــــــالمقدورِ

أفصبراً يا صـاحبَ الأمرِ والخطـ     ـبُ جليلٌ يــــــــــــــذيبُ قلبَ الصبورِ

كمْ مصابٍ يطـولُ فيهِ بيـــــــــاني     قد عرى الطهرَ في الــــزمانِ القصيرِ

كـــــيفَ مِن بعدِ حمرةِ العينِ منها     يـــــــــــــا ابنَ طهَ تهنى بطرفٍ قريرِ

فابـــــــــــكِ وازفرْ لها فإنَّ عِداها     منعوها مِــــــــــــــــــــن البكا والزفيرِ

وكأنّي بـــــــــــــــــهِ يقولُ ويبكي     بسلوٍّ نـــــــــــــــــــــــزرٍ ودمعٍ غزيرِ

(لا تراني اتَّخذتُ لا وعــــــــلاها     بعدَ بيتِ الأحزانِ بــــــــــيتَ سرورِ)

فمتى يا ابنَ فاطــــــــمٍ تنشرُ الطا     غوتَ والجبتَ قبلَ يومِ النـــــــــــشورِ

فتداركْ مـــــــــــــــــنَّا بقايا نفوسٍ     قــــــــــــــد أذيبتْ بنارِ غيظِ الصدورِ (21)

وقال الدكتور رحيم كوكز خليل عن هذه القصيدة: (ويبدو أن الشاعر قد اجترح نهجاً جديداً، وهو شاعر حديث، ومن أشهر ما قاله قصيدته الموسومة بـ(نص الغدير)، إذ اختط لنفسه استهلالاً جديداً ومقدمة تختلف عن مقدمات أسلافه، يقول فيها:

كلُّ عذرٍ وقولِ إفـــــكٍ وزورِ     هوَ فرعٌ عــــــــن جحدِ نصِّ الغديرِ

فتبصَّرْ تبصّرٌ هداكَ إلى الحـ     ـقِّ فـــــــــــليسَ الإعمى به كالبصيرِ

لــيسَ تعمى العيونُ لكنّما تعـ     ـمى القلوبُ التي انطوتْ في الصدورِ

ونلاحظ أنه يربط الحادثة بكل انحراف في الحياة ويجعل ذلك مطلقا في الزمان والمكان، الأمر الذي يثير الانتباه الى أهمية حادثة الغدير منذ حدوثها حتى آخر الزمان) (22)

وللسيد باقر الهندي قصيدة في رثاء الشهيد مسلم بن عقيل (عليه السلام) قال فيها:

لِحيِّـكمُ مُهـجَــــــتي جـانجَـةْ     ونحـوَكُـمُ مُقلَتي طـامــــحـةْ

وأستَنشِقُ الـريحَ إن نسَّـمَتْ     فبـالأنفِ مِن نَشـرِكمُ نافِــحة

وكم لـي علـــى حَيِّكم وقفـةٌ     وعَينيَ فـي دمعـها سـافــحة

وعُـدتُ غــريبـاً بتلك الديـار     أرى صفقتي لم تكنْ رابحة

كما عــــادَ مسلمُ بينَ العِدى     غريــــبـاً، وكابَـدَهـا جـائحة

رسولُ حسينٍ ونِعْمَ الرسول     إليهم مِـــن العِترةِ الصـالحة

لقـد بايَعـوا رَغبـةً مـــــنهُـمُ     فيـا بُؤسَ لـــلبيعةِ الكـاشحة!

وقـد خَذَلوه.. وقـــد أسلَموه     وغَدرَتُهُم لـــم تَـزَلْ واضحة

فيا بنَ عقيلٍ فدَتْـك النـفوس     لِعـظْمِ رزيّتـــــــكَ الـفـادحـة

لِنَبْكِ لهـا بمُـذابِ الـــقـلوب     فمـا قَدْرُ أدمُعِنا الـــمـالحة ؟! (23)

وقد أتمّها أخوه السيد رضا الموسويّ الهنديّ بقوله:

سَقَتْكَ دمـاً يا ابـنَ عمِّ الحسـين     مَـدامـعُ شيـــــــعـتِكَ الـسـافحـةْ

ولا بَـرِحَتْ هاطِـلاتُ الـعُيـون     تُحـيّيـكَ غـاديــةً رائـــــــــحــة

فـواحَـرَّ قَـلبـاهُ مِـن غُـــــــــلّـةٍ     بصـدرِكَ نيــــــــرانُـهـا لافـحـة

لأنّك لـم تُــروَ مِــــــن شِـربـةٍ     ثنـايـاكَ فــــــيـها غَـدَتْ طائحـة

رَمَوكَ مـن القصـرِ إذْ أوثَقُوك     فمـا سَـــلِمَتْ فيك مِـن جـارحـة

وسَحْـبـاً تُجَـرّ بــأسـواقِــــــهم     ألَــــــستَ أميـرَهُـمُ البـارحـة ؟!

قُتِـلتَ ولـم تبـكِـكَ البـاكيــــات     أما لكَ في المِصْر مِن صائحة؟

قُــتِلتَ ولم تَـدْرِ كم فـي زَرُود     عليـكَ الـعشـيّةَ مِـــــــن نائحـة!

وكــــم طفـلــةٍ لك قـد أعـوَلَتْ     وجَمـرتُها فـي الحَشى قـــادحـة

يُعزّزهــا الـسِّـبطُ فـي حِجْـرِهِ     لـــــــــتـغدوَ فـي قُـربـهِ فـارحـة

فـأوجَعَــــــــها قلـبُـهـا لَـوعـةً     وحَسَّـــــــــتْ بنكـبتـها القـارحـة

تقول: مَضى ـ عَـمُّ ـ منّي أبي     فمَـن ليتيمــــــــــــتهِ النـائحـة ؟! (24)

وله أبيات كتبت على الواجهة الخارجية للباب الشرقي للعتبة العلوية على بلاطات من القاشاني تعود إلى السلطان عبد الحميد الثاني وذلك عام (1327 هـ / 1909 م) يقول فيها:

حضرةُ قدسٍ قد سما سمكُها     تزدحمُ الأملاكُ في بابِها

يــــــــــــودُّ جبرائيلُ لو أنّه     يُعـــــدُّ مِن جملةِ حجَّابِها

البابُ بابُ اللهِ تـــــــــاريخُه     بابُ عـــــليٍّ لذ بأعتابِها (25)

...............................................................................

1 ــ شعراء الغري ج 1 ص 387

2 ــ نفس المصدر ص 375

3 ــ أعيان الشيعة ج 10 - ص 250 ترجمة جده السيد هاشم

4 ــ شعراء الغري ج 1 ص 376

5 ــ أعيان الشيعة ج 10 - ص 250

6 ــ شعراء الغري ج 1 ص 376

7 ـــ الحصون المنيعة في طبقات الشيعة ج 6 ص 12

8 ــ نفس المصدر ج 9 ص 85

9 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 47

10 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص ٥٣٨

11 ــ شعراء الغري ج 1 ص 377 ــ 378

12 ــ أدب الطف ج 8 ص 223

13 ــ أدب الطّف ج 8 ص 228 ــ 229

14 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص ٥٣٨

15 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 47

16 ــ الحصون المنيعة في طبقات الشيعة ج 6 ص 12

17 ــ نفس المصدر ج 9 ص 85

18 ــ شعراء الغري ج 1 ص 382

19 ــ مقدّمة ديوان السيّد باقر الموسويّ الهنديّ ص 8 ــ 12

20 ــ شعراء الغري ج 1 ص 387 ــ 390

21 ــ روى القصة والقصيدة: السيد عبد الرزاق المقرم / وفاة الزهراء (عليها السلام) ص ١٠2 ، عبد الزهراء مهدي / الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام) ص ٤٢٥ ، إسماعيل الأنصاري الزنجاني / الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء (عليها السلام) ج 10 ص 216 ، السيد جواد شبر / أدب الطف ج 8 ص 223

22 ــ حداثة اللغة الشعرية في قصيدة الغدير ــ الشاعر معروف عبد المجيد أنموذجاً ص 132 ــ 133

23 ــ شعراء الغري ج 1 ص 383

24 ــ شعراء الغري ج 1 ص 383 ــ 384

25 ــ تاريخ النجف الأشرف لمحمد حسين حرز الدين ج 1 ص 374 ــ 375

كما ترجم له

أغا بزرك الطهراني / الذريعة ج 8 ص 292

أغا بزرك الطهراني / نقباء البشر ج 1 ص 222

الشيخ محمد حرز الدين / معارف الرجال ج 1 ص 132

الشيخ محمد هادي الأميني / المطبوعات النجفية ص 172

حميد المطبعي / أعلام العراق في القرن العشرين ج 2 ص 30

الشيخ عبد الرحيم الغراوي / معجم شعراء الشيعة ج 5 ص 399 ــ 402

رسول كاظم عبد السادة / موسوعة أدباء إعمار العتبات المقدسة ج 1 ص. 226 ــ 227

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار