مهدي الظالمي (1310 ــ ١٣٥٩ هـ / 1892 ــ 1940 م)
قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (34) بيتاً:
أديري رحى الهيجاءِ يوماً لعلّها عليكِ بوادي (الطفِّ) تنسى مدارَها
غداةَ حسينٍ خرَّ للأرضِ فانثنتْ عـــــــــــليه تشنُّ العادياتُ مغارَها
فجــرّتْ إليهِ المحصناتُ ذيـولها وقد سَلبتْ أيـــــــدي العدوِّ ستارَها (1)
ومنها:
أضِيعتْ بوادي (الطفِّ) والقومُ حولها أصاغتْ ولكنْ مِن جديدٍ سوارَها
فــــــــــــــأمستْ بلا حامٍ عقائلُ حيدرٍ أزالتْ ضروبُ الهائلاتِ قرارَها
وأضحتْ تـــجيلُ الطرفَ بعدَ حُماتِها فـــــــلمْ ترَ إلّا مَن يريدُ احتقارَها
الشاعر
الشيخ مهدي بن هادي بن جعفر بن راضي بن حمود بن إسماعيل بن درويش بن حسين بن خضر بن عباس السلامي المعروف بـ (الظالمي)، عالم وأديب وشاعر من أساتذة الحوزة العلمية وعلماء الفقه والأصول، ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية عريقة، ينتهي نسبها إلى بني سلامة في السماوة أما لقب الظالمي فقد جاء لمصاهرة أحد أجداده مع آل الظالمي.
درس الظالمي مقدّمات العلوم الأدبية والشرعية على يد الشيخ محمّد رضا كاشف الغطاء والسيّد سعيد كمال الدين، والفقه واُصوله على السيّد عليّ اليزدي والسيّد حسين الحمامي والسيّد موسى الجصاني والشيخ منصور المحتصر وغيرهم، ثمّ حضر الأبحاث العالية على الشيخ حسين النائيني والسيّد أبي الحسن الأصفهاني والشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء. حتى أصبح من العلماء الأعلام وتصدى للتدريس فتخرج عليه العشرات من أهل العلم والأدب والشعر.
وقد درس على يديه جمع من الأعلام منهم: السيد محمد صادق بحر العلوم وأخوه محمد تقي، والسيد سعد صالح، والأستاذ علي الصغير، وأخوه الأستاذ عبد الرضا صادق
عرف الظالمي بالتقوى والورع وحسن الأخلاق، واُعجب به كثير من تلامذته ورواد مجلسه وطبقات اُخرى لما يحمله من مظاهر نبيلة وتصرفات صادقة.
توفي الظالمي في النجف الأشرف ودفن في الصحن العلوي الشريف (2)
قال عنه السيد جواد شبر: (هو أحد الفضلاء المشهورين بالجدّ والفضل والعلم والأدب نظم باللغتين : الفصحى والدارجة وكتبتُ ديوانه يوم كانت كل محفوظاتي هي الشعر والشعر فقط ولا أُدوّن إلا الشعر عثرت على ديوانه فكتبته ولم يزل في مخطوطاتي ولا زلت أتصوّرُه جيداً طويل القامة حسن الهندام هادئ الطبع يزدحم الشباب على حلقة درسه ويشار اليه بالبنان...
وقال عن قصيدته: كانت الهيئة الروحية تقيم مأتم العزاء لذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) في مسجد آل الجواهري بالنجف الأشرف في المحرم فكانت هذه القصيدة الحسينية قد خصصت لها ليلة من الليالي: (3)
متى مُضرُ الحمراءُ تطلـــــبُ ثـــــــــارَها فــــــــــتسمعُ آذانُ الزمانِ شعارَها
وحتى مَ تستقصي البــــــــــــــــلادَ بجولةٍ على الأرضِ تهدي للسماءِ غبارَها
وفي أيِّ وقتٍ بعـــــــــــــدَ طولِ هجوعِها بجامــــــعةِ المـوتى تُرينا انتشارَها
إلى مَ بــــــــــــــدارِ الذلِّ تـــــبقى وما لها على الضـــيمِ دهراً لا تملُّ قرارَها
أتحسبُ أن غضَّتْ عـــــن الحربِ طرفَها بغيرِ وصالِ الـــموتِ تقطعُ عارَها
أتـــــــــــــــدري بنـــــو العلياءِ إنَّ إباءها عن الزحفِ للهيجاءِ يأبى اعتذارَها
فلا عذرَ حتـــــــــــــى توردُ القومَ بـالظبا حياضَ المنايا أو تــخوضَ غمارَها
فيا مَن بها يُـــــستدفــــــعُ الضرَّ والـعدى حذاراً من الـبلوى تعــــــزِّزُ جارَها
دعي الـــــبيضَ في ليلِ الــــقتامِ سـوافراً إذا حـــــــــجبتْ خيلُ الكماةِ نهارَها
وخـــــلّي عن السمرِ الطوالِ لـــــــتجتني إذا كنتِ للعليــــــا أردتِ احـتكارَها
وزفّـــــــــــــــــــــي لنيلِ المجدِ نفساً أبيةً ولا تجعلي إلا الـــــــرؤوسَ نثارَها
أديري رحــــــى الـــــــهيجاءِ يوماً لعلّها عليكِ بوادي (الطفِّ) تـنسى مدارَها
غداةَ حـــــسينٍ خرَّ للأرضِ فـــــــانثنتْ عـــــــــــليه تشنُّ العادياتُ مــغارَها
فجـــــــرّتْ إليهِ المحصــــــناتُ ذيـولها وقد سَلبتْ أيــــــــــدي العدوِّ ستارَها
فـــــــطافتْ به لمَّا سعــــــتْ بينَ قومِها تــــــــفاديهِ والأحشاءُ ترمي جمارَها
وأهــــــوتْ عليهِ تلـــــثمُ النحرَ والعدى تجاذبُــــــــــــها بيـن الجموعِ أزارَها
أتسترُ بالأيــــــــــــــدي الوجوهَ وقومُها أعــدّت لدفعِ الــــــضيمِ عنها شفارَها
فليتَ أبيّ الضيــــــــــــمِ ساعةَ أبـرزتْ مِن الخدرِ حسرى تــــستقيلُ عثارَها
يرى زينباً بــــــينَ الأجـــــــانبِ بعـدما أماطتْ يدُ الأعداءِ عنــــــها خمارَها
ويا ليتَ مَــــــن في الليلِ كـانَ يصونُها مِن الوهـــــــــــمِ مهما كلّفته مزارَها
يقومُ مــــــن الأجداثِ حيّاً وعــــــــــينُه ترى بين أيدي الــــــظالمينَ فرارَها
تــــــمنّيتُهُ لمّا اســـــــــــتجارتْ بقومِها ليسمعَ منها كيفَ تــــــــدعو نـزارَها
تقولُ لهمْ والخيلُ مِـــــــــــن كلِّ جانبٍ أحاطتْ بها لما استباحــــــتْ ديـارَها
أيا إخوتي كيفَ الـــــــتصبُّـــــرُ والعدا أعارتْ خدورَ المحصناتِ صــغارَها
فإن لم تقومــــــوا للكفاحِ عـوابـــــــساً فمَن بعدكمْ في الروعِ يحـمي ذمـارَها
فها هــــــيَ بـين القومِ حسرى نساؤكمْ تـــــطارحُ في رجعِ الحنينِ صغارَها
فــــــكمْ حُـــرَّةٍ بعدَ ابـنِ أحمدَ أخرِجتْ تحــــــاولُ بالأيدي القصارِ استتارَها
أعدَّتْ لإخـــــــــــــــفاءِ الوجوهِ يمينَها وأبقتْ لساعـــــــــاتِ الوثاقِ يسارَها
فكمْ طفلةٍ لــــــمَّا أُقيمتْ بخـــــــــدرِها عليها الـــــــــعدى قامتْ تأجِّجُ نارَها
فيا لـــــــــــــــخدورٍ قد أُبيحتْ ونسوةٍ أُريعتْ وعينُ السبطِ ترعى انذعارَها
أضِيعتْ بوادي (الطفِّ) والقومُ حولها أصـــــاغتْ ولكنْ مِن جـديدٍ سوارَها
فــــــــــــــأمستْ بلا حامٍ عقائلُ حيدرٍ أزالتْ ضـــــروبُ الـهائلاتِ قرارَها
وأضحتْ تـــجيلُ الطرفَ بعدَ حُماتِها فـــــــلمْ ترَ إلّا مَــــــن يريدُ احتقارَها
وراحـــــتْ على عجفِ النياقِ أسيرةً تــــــــــــــجوبُ الفيافي ليلَها ونهارَها
.........................................................................
1 ــ شعراء الغري ج 12 ص 283 ــ 285 / ذكر منها (27) بيتاً في أدب الطف ج 9 ص 210 ــ 211
2 ــ شعراء الغري ج 12 ص 280 ــ 281
3 ــ أدب الطف ج 9 ص 210 ــ 211
كما ترجم له:
الشيخ جعفر آل محبوبة / ماضي النجف وحاضرها ج 3 ص 8
الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 863
كامل سلمان جاسم الجبوري / معجم الشعراء ج 5 ص 461
كامل سلمان جاسم الجبوري / الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 316
اترك تعليق