875 ــ عبد الحسين أسد الله (1281 ــ ١٣٣٦ هـ / 1865 ــ 1917 م)

عبد الحسين أسد الله (1281 ــ ١٣٣٦ هـ / 1865 ــ 1917 م)

قال من قصيدة في رثاء النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) تبلغ (32) بيتاً:

وسليلكَ الحسنُ الزكيُّ غدا له الـ     ـسمُّ النـــــقيعُ بكفِّ جعدةَ منهلا

ويــــــــــزيدُ راحَ بغيّه متقاضياً     منكَ الديونَ غداةَ وقعةِ (كربلا)

فسلِ الغــرابَ وسلْ قوافيهِ التي     لابـــــــنِ الزبعرى قالها مُتمثّلا (1)

وقال من قصيدة في الإمام الحسين تبلغ (60) بيتاً:

كم طعـــنةٍ لسنانِه ولسانِه     حبَّ الحشا نظمتْ بسلكِ اللهذمِ

أو ضـربةٍ بصقيلِه وبقيلِه     تـــركتْ سقيط الهامِ غيرَ مُنظمِ

للّهِ وقعةُ (كربلاء) فيا لها     مِــــــن وقعةٍ بينَ الوقائعِ صيلمِ (2)

الشاعر

الشيخ عبد الحسين بن محمد تقي بن محمد حسن بن أسد الله بن إسماعيل التستري الأنصاري الكاظمي، عالم وفقيه وأديب وشاعر، ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية عرفت باسم (أسد الله) وهو جد الشاعر الثاني وينتهي نسبها إلى الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري، وقد ترجمنا لهذه الأسرة في موضوع الشيخ حسن أسد الله

بقيت أسرة أسد الله ترفد الكاظمية بالعلماء، وكان رجالها يدرسون في النجف الأشرف وبرز منها كثير من العلماء والفقهاء والمجتهدين، منهم الشيخ محمد تقي ــ والد الشاعر ــ الذي كان يدرس في النجف أثناء ولادة ابنه عبد الحسين أسد الله..

رجع الشيخ عبد الحسين أسد الله إلى الكاظمية مع أبيه وهو في الحادية عشرة من عمره، وبدأ دراسته فيها وكان والده، الأستاذ الأكبر له خلال هذه المرحلة، كما درس على يد الشيخ راضي بن حسين الخالصي، ثم هاجر إلى النجف لإكمال دراسته فدرس على يد الشيخ كاظم الخراساني والسيد كاظم اليزدي، والشيخ محمد طه نجف، والميرزا حسين الخليلي، والشيخ رضا الهمداني.

عاد إلى الكاظمية بعد إكمال دراسته العالية فقيهاً وعالماً كبيراً وتولى أمور المرجعية بعد وفاة والده، وتصدر التدريس وكان من تلامذته: الشيخ محسن بن شريف آل صاحب الجواهر، والشيخ مرتضى آل ياسين، والخطيب الشيخ كاظم آل نوح

له من المؤلفات:

الهداية في شرح الكفاية

المقاييس الغراء ــ رسالة في الاستثناء

كنز التحقيق في كيفية جعل الإمارة والطريق

رسالة في شرح باب الظنّ من كتاب الشيخ الأنصاري

الدرّ المنضود في واجب الوجود

قال عنه أستاذه الشيخ محمد كاظم الخراساني عند تقريظه لكتاب شرح الرسائل: (علم العلماء الأعلام، وأستاذ الفضلاء العظام، المحقق المدقق..) (3)

قال عنه الشيخ محمد السماوي: (فاضل أخذ الفضل عن أب فأب، وتنقل إليه بالنسب، وزانه بالحسب، وضم إليه الأدب، فهو فقيه أصولي، صميم غير فضولي، له كتب مصنفة في العلمين ومدائح آل البيت النبوي كثيرة، وأكثر منها مراثي الحسين، عاشرته فرأيت منه امرءا سليم الجانب، صافي النية، كثير الحافظة، متنسكاً تقياً، وله كثير من التصدير والتعجيز في الأئمة عليهم السلام، وقصائد غرر في مراثي الحسين عليه السلام) (4)

وقال عنه السيد جواد شبر: (الفقيه البارز والمدرّس المرموق والفاضل المشهود له بالفضيلة..) (5)

توفي أسد الله في الكاظمية ودفن فيها بمقبرة أسرته. (6)

شعره

وقال عبد العزيز البابطين: (قال في مديح آل البيت، ومدح أشياخه، وفي الرثاء والغزل الرمزي. قام بالتأريخ الشعري والتشطير والتخميس، ويتأكد فنه التقليدي في بناء القصيدة التي تأخذ بالنهج القديم من البدء بالغزل أو وصف الرحلة. لغته جزلة وتراكيبه حسنة السبك وقوافيه رصينة، وله جرأة على القوافي الصعبة، بما يؤكد ثقافته اللغوية) (7)

قال من قصيدته التي قدمناها في رثاء النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) تبلغ (32) بيتاً:

مـــشكاةُ نورِكَ عن يـمينِ العرشِ قد     سطعتْ فأشرقتِ السماواتُ العلى

وبما رأتْ مِن غامــضِ السرِّ اهتدتْ     زمــرُ الملائكِ فارتدتْ بُرَدَ الولا

عرفـــــــــتْ بكَ الــرحمنَ قبلَ ندائِه      قدمــــــــاً ألستُ بربِّكمْ قالوا: بلى

علّمتها التقـــــــــــديسَ فانبعثتْ ومِن     تقديسِها الــــــــــتهليلُ مهما هلّلا

قد زعزعَ الثقليـــــــــنِ رزؤكَ مثلما     قد ضعضعَ المــلأينِ أعلى أسفلا

أجرى القلوبَ دمــــاً عليكَ وقلَّ مـن     سحبِ النواظرِ مــِن دمٍ أن تهطلا

رجّتْ به الأرضونَ وانطوتِ الـسما     والعرشُ حزناً بالعــــــوالمِ زُلزلا

وأمضّ شـيءٍ عمَّ فــــي أشـجـانِه الـ     ـملكوتَ حتى لا خــــلاءَ ولا ملا

خلّفتَ بين ظـهورِها الــــــثقليـنِ عتـ     ـرتَكَ الأطائبَ والكتـــابَ المنزلا

أمّا الكتابُ فـمِن وراءِ ظهـــــــورِها     نبذتــــــــــــه كارهةً به أن تعملا

مــــــــــــــتمزّقاً قطعاً غداةَ غـدا لها     هدفاً له ســـــــهمُ الوليدِ استرسلا

وأبتْ لعــتــــرتِكَ الأطائبَ حـقَّها الـ     ـمُرجى غداةَ الـــــدينِ فيها أكملا

نقضوا العهـــــودَ وأحكموهـا بــيعةً     عقدتْ، وكانَ لكَ الـوصيُّ مُغسِّلا

وعدوا على بــابِ البتولِ بـجــمعِهم     حطباً وراموا فتحَــــــه أن يشعلا

دخلوا لها داراً تــــــهابُ لــــعظمِها     قدراً مــــــــلائكةُ السما أن تدخلا

فاستقبلتهمْ خلفَه وبصـــــــــدرِها الـ     ـمسمارُ راحَ لـــــــــثديها مُستقبلا

ولجسمِها عصروا وقوسِ ضلوعِها     كسروا فأسقطتِ الجــــنينَ المُثقلا

وقال من قصيدته في الإمام الحسين (عليه السلام) التي قدمناها وتبلغ (60) بيتاً:

ما للعيونِ قد اســـــــــتهلّتْ بالدمِ     أفهلَّ ـ لا أهلاً ـ هـــلالُ مـــحرَّمِ

حيّا بطلعتِه الورى نــــــــعياً وقد     ردّوا عـــــــــــليه تـــحيةً بالمأتمِ

ينعى هلالاً بالـــــطفوفِ طلوعُه     قد حفَّ في فلكِ الـــوغى بالأنجمِ

يومٌ به سبط الرسولِ استرســلتْ     نحو العراقِ بـــه ذواتُ الـــمنسمِ

أدّى مناسكَه وأفردَ عــــــــــمرةً     ولعقدِ نسكِ الحجِّ لمَّا يحــــــــــرِمِ

ومِن الحطيمِ وزمزمٍ زمّتْ به الـ     أيــــــامُ وهوَ ابنُ الحطيمِ وزمزمِ

فـــي فتيةٍ بيضِ الوجوهِ شعارُهم     سمرُ الــــــــقنا ودثارُهم بالمخذمِ

يتحـــــــجّبونَ ظلالَ سمرِهمُ إذا     ما الشمسُ ابيضَ وجهُها للمـحرمِ

يتلمّظون تـــــــلمُّظ الأفـعى متى     نفثتْ أســـــــــنتُهمْ بـشهبِ الأنجمِ

بلغوا بها أوجَ الـــــــــعُلا فكأنّها     لصعودِهم كانــــــــتْ مراقي سُلّمِ

وقال مشطرا قصيدة الشيخ محمد السماوي في الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) تبلغ (49) بيتاً:

تــــــــسري ولا تدري لها مِن معقلٍ     إلّا على بابِ الـــــجوادِ وموسى

الــــــــراقيينَ العرشَ لمَّا عــــــــلّما     قدماً ملائكـــــــــــةَ السما تقديسا

والماحيينَ لذنبِ آدمَ إذ عـــــــــصى     والــــــــــراجمينَ عدوَّه إبليـــسا

والمنجـــــيينَ لفلـــــــــكِ نوحٍ خائفاً     غرقاً ووجهُ البحرِ عادَ عبــــوسا

والجاعلينَ لــــــــــــــنارِ إبـراهيمِها     برداً ومكرُ كفورِهـــا مــــعكوسا

والآتيينَ بـــــعرشِ بــــلقيسٍ كــــما     بهما سليمانُ اصطفـــــــى بلقيسا

والمصــــعدينَ بما الإلهُ حـــــباهما     حياً تـــــوفيَّ في الــــسما إدريسا

والـــــفالقينَ البحرَ حـــــتى أغــرقا     فرعونَها والــــــــمنجيينَ لموسى

والرافعينَ إلــــى السما بولاهـــــما     روحَ الإلهِ ابــــنَ الـــبتولةِ عيسى

أشباحُ نـــــورٍ جاورتْ أنـــــوارَها     عرشَ الإلــــهِ أشعةً ونــــــــفوسا

لم يخلُ مِن اســـــمائِهم ما أنزلَ الـ     ـرحــــمنُ مِن كتبٍ قُرِئنَ دروسـا

كـــــــــزبـــــورِ داودٍ وفرقانٍ وإنْـ     ـجيلٍ وفي صحفِ الخليلِ وموسى

ولو الـــــــبحورُ ودوحها وسماؤها     نــــــــقساً وأقلاماً غدتْ وطروسا

لم نـحصِ بعضَ صفاتِهم أنّى وهمْ     كلماتُ ربٍّ لــــــــــــمْ يزلْ قدوسا

ولكمْ جلوا طرقَ الهدى حتى هدوا     حبراً الدَّ وراهباً قســــــــــــــــيسا

فولاؤهمْ فرضٌ وكلٌّ مــــــــــــنهمُ     أضـــــــــحى لكلِّ الكائناتِ رئيسا

وتسابقَ الرسلُ الــــــكرامُ له فسَل     نوحاً وداوداً وســــــــــل جرجيسا

يُجزى الموالونَ الجِنــــــانَ وإنهمْ     لجهنمٍ لا يسمعونَ حسيـــــــــــــسا (8)

وقال في أهل البيت (عليهم السلام):

إنَّ الذنـــــــــــــوبَ عظيمةٌ لكنّما     غفّـــــارُها منها لعمري أعظمُ

فأنا الأذلُّ وكيفَ أيـــــــأسُ قانطاً     مِـن رحمةٍ وهوَ الأعزُّ الأكرمُ

ولَحبُّ أهلِ البيــــــتِ خيرُ سجيةٍ     هيَ لارتقاءِ ذرى المعالي سلّمُ

الطيّــــــــــــــــبونَ همُ وكلٌّ عالمٌ     أنّي بـــــــــــحبِّ الطيبينَ متيَّمُ

كم علّموا زمرَ الملائكِ في السما     مِن علمِهم بــــاللّهِ ما لم يعلموا

فـــــبمجدِهم شهدتْ مآثرُ فضلِهم     وبفضلِهم نطقَ الكتابُ المحكمُ (9)

وقال من قصيدة في رثاء الزهراء (عليها السلام) تبلغ (39) بيتاً:

كمْ مِن حديثٍ قد أقـــــــامَ أساسه     في هدمِ دارِ بـني الهدى وخرابِها

كحديثِ أنَّ الأنبيـــــاءَ إذا قضتْ     لا أرثَ إلا الــــــــعلمُ في أنسابِها

فأقامتِ الزهــــــراءُ أزهرَ حجَّةٍ     مِن أصــــــلِ سـنَّتِها وفرعِ كتابِها

وبمحكمِ الــــذكرِ العظيمِ وحكمِه     قــــــد ألقمتْ حجراً عقورَ كلابِها

كمْ خــــطبةٍ صعقتْ نفوسَهمُ بها     ترمي الصواعقَ مِن بليغِ خطابِها

وبــغصبِهمْ فدكاً كمِ اقتسمتْ لهمْ     حُججاً تلوحُ قلائـــــــــــداً برقابِها

واستنطقتهمْ في الخصامِ فنكّسوا     خرساً حيارى عند ردِّ جــــــوابِها

أوصى النبيُّ بها وأعـربَ بالثنا     ما حيَّرَ الأوهـــــــــــامَ مِـن ألبابِها

زهراءُ أزهرَ نورُها الظلمَ التي     شكتِ الملائكُ مِن رُكــــامِ سحابِها

غرّا كأنَّ الشمسَ غرَّةُ وجــهِها     حوراً كــــــــأنَّ الحورَ مِن أترابِها

وبفاطمٍ فـــــــطمَ الألى بولائِهمْ     طابوا أصولاً مِــــن لظىً وعذابِها

تتلامعُ الأكــــــــوانُ نوراً كلّما     قامتْ بجنحِ الليلِ فـــــــي محرابِها

وإذا بدا فلقُ الصـباحِ تزاحمتْ     خدماً ملائكةُ السماءِ ببابِــــــــــــها

للمهدِ جبريلٌ وإســـــرافيلُ في     يدِهِ الــــــرحى دارتْ على أقطابِها

وبكفِّ ميكائيلَ كــمْ مِن سبحةٍ     للّهِ كان لـــــــــــــــــها عظيمُ ثوابِها

لولا عليٌّ لمْ تجد فــي كل ذي     روحٍ لها كفؤاً مدى أحـــــــــــقابِها (10)

وقال في الإمامين الجوادين (عليهما السلام):

قل لــمَن ساقَ للجوادينِ ركبا     وأتــــى موئلَ الحمى بغدادْ

إن تسلني بمنْ ترى مستجيراً     فبموسى بن جعفرَ والجوادْ (11)

وكتب على الصفحة الأولى من كتابه (الهداية في شرح الكفاية) لمَّا فرغ من تأليفه هذه الأبيات:

ما انفكَّ يا بنَ العسكريِّ تمسُّكي     أبداً بحــــبلٍ مِن ولاكَ متينِ

أقسمتُ أن أهدي إليكَ هــــــديةً     ولقـد عزمتُ بأن أبرَّ يميني

هذا الكتابُ هــــــــديةً مني لكي     أُعطى كتابي سيدي بيميني (12)

................................................

1 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 4 ص 296 ــ 297 / نشر منها (17) بيتا في شعراء كاظميون للشيخ محمد حسن آل ياسين ج 1 ص 242

2 ــ موقع بوابة الشعراء بتاريخ 10 / 1 / 2014 / ذكر منها (46) بيتاً في أدب الطف ج 9 ص 15 ــ 16

3 ــ ترجمته عن: موسوعة الشعراء الكاظميين ج 4 ص 286

4 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 237

5 ــ أدب الطّف ج 9 ص 16

6 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 4 ص 287

7 ــ معجم البابطين

8 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 4 ص 293 ــ 295 / نشر منها (25) بيتا في شعراء كاظميون ج 2 ص 277 ــ 278 / الإمام الكاظم وذراريه ص 464 ــ465

9 ــ موقع الديوان / موقع موسوعة الأدب العربي

10 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 4 ص 288 ــ 290 / نشر منها (30) بيتا في شعراء كاظميون ج 1 ص 244 ــ 245

11 ــ الإمام الكاظم وذراريه ص 463

12 ــ أدب الطف ج 9 ص 17

كما ترجم له:

السيد محمد مهدي الموسوي الكاظمي / أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة ج 2 ص 114 ــ 116

الشيخ محمد حسن آل ياسين / شعراء كاظميون ج 1 ص 229 ــ 262

عبد الله الخاقاني / موسوعة النجف الأشرف ــ شعراء النجف في القرن الرابع عشر ج 18 ص 45

الشيخ أغا بزرك الطهراني / طبقات أعلام الشيعة ج 3 ص 1034

عمر رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 2 ص 54

كاتب : محمد طاهر الصفار