قاسم الشمري (ولد 1403 هـ / 1983 م)
قال من قصيدة (قـابَ فـردوسٍ أو أرقـى) وهي إلـى كـربـلاء وهـي تُـجـدِّل خـيـوط الـشـمـس عـلـى قـبـاب الـقـداسـة:
أرض بطعـمِ الأُمِّ قــبـلةُ جبهةٍ وتهزُ عـرشَ الـيـتــمِ بالآباءِ
أنا آيةٌ للهِ مُــذ نــفـضَ الـدُجـى وأذاقَ آدمَ نـكـهــةَ الأسـماءِ
أنا (كربلاءُ) المثخنينَ بعشقِهم حُبلى بألفِ قصيدةٍ خضراءِ (1)
الشاعر
قاسم بن محمد بن صالح الشمري، ولد في النجف، وكتب الشعر مبكراً ونشر قصائده في الصحف والمجلات العراقية والعربية، وشارك في العديد من المهرجانات والمسابقات داخل العراق وخارجه، وحصل على العديد من الجوائز خلال مسيرته الأدبية.
قال من قصيدته (قـابَ فـردوسٍ أو أرقـى):
لا تـــقـتـرحـنـي دمـعـةً لـرثــــاءِ إن جئت تـــحملُ هيبةَ الشعراءِ
إن جئتَ ترتكبُ الــبكاءَ فعُدْ لعيـ ـنِكَ إن جـــفني مـتــرعٌ بـدمـاءِ
أو جئتَ ينسجُكَ العزاءُ فلنْ ترى في خدِّ شـــمسي ندبـــةً لـعـزاءِ
أَجّلْ يـقـيــنَكَ إن دربــي مـطـلـقٌ إن جئت تجني حيرةَ الصحراءِ
فهنا ارتدى ركبُ النقاءِ عروجَـهُ وهنا تَنَزْلَ مصحـفُ الـشـهـداءِ
والـمـــاءُ لـقـنَ لـلـظـمـا أسـرارَهُ فجرى الفراتُ بـضفـةٍ عـمـيـاءِ
أرضي سماءٌ لم تـزل أسـبـابُـهـا لغزاً قصياً في تـخــوم الـ (لاءِ)
ضَفَرَ الحسين جهاتِهـا كـجـديـلـةٍ تـغـفـو بـجـِيـدِ الـقـبـةِ الـصفراء
يستلهمُ الكونُ احتدامَ ظــــلالِـهـا لـيـضـجَ صـبـحٌ مـتـخـمٌ بضيـاءِ
أرض بطعـمِ الأُمِ قـبـلـةُ جـبـهـةٍ وتـهـزُ عـرشَ الـيـتـمِ بـالآبــــاءِ
أنا آيةٌ للهِ مُذ نفـــــــضَ الـدُجـى وأذاقَ آدمَ نكهةَ الأسـمـــــــــــاءِ
أنا كربلاءُ المثخنيـنَ بـعـشـقـهـم حُبلى بألفِ قـصـيــدةٍ خـضـراءِ
وقال من قصيدة (حـيـرة خـدر ... واسـتـفـاقـة نـحـر) وهي إلـى سيد الشهداء الإمام الحسين (عـلـيـه الـسـلام):
ما بـيـن نـحـرِكَ والـسـيـوفِ حِــوارُ ألـقٌ عـلـى رمــحِ الـضـيـاءِ يُـدارُ
ما بـيـن تـلـك الـطـعـنـتـيـنِ مــجــرَّةٌ مـن جـرحِـهـا يـتـدفّـقُ الـثـــــوّارُ
ما بـيـن قـلـبـكَ والـشـريـعــةِ جمـرةٌ تـروي الـجـبـاهَ، بـهـا تجفُّ بحارُ
الله يا قـلـبَ الـرضـيـعِ ونــــــــحـرهِ يـتـلـو نـشـيـداً صـاغـه الـمـسـمارُ
الله يا خـدرَ الـعـقـيـلـةِ حــــــــــائـراً نـامَ الـوجـودُ لـيـسـتـفـيـــــقَ قرارُ
أيـشدُّ جـرحَـك يـا حـسـيـن ليرتــوي يـا روض نـحرِك والـحـيـاةُ قِـفَارُ
أيـطيـرُ بـالأوجاعِ يا جــنـحَ الأســى نـحـوَ الـشـريعـةِ والـعـتـابُ يُـثـارُ
فـهـناكَ يُـخـتـصـرُ الكـلامُ بـصـمـتهِ والـصـمـتُ في لغـةِ الـدمـاءِ وِقارُ
فـهـناكَ يـنـلـجـمُ الـزمـانُ لـلـحــظـةٍ زأرَ الـيـمـيـنُ بهـا وضـجَّ يَـســـارُ
أم يقتـفـي أثـرَ الـصـغـــارِ مــفـرِّقـاً شـمـلَ الـمــدامعِ كي تُـلـمَّ صِغارُ؟
هـبَّت قـلـوبُـهُـم يـعـانـقــها الـلــظـى فـالأرضُ تـلـهثُ والـظـما إعصارُ
أم يـنحـنـي نـحـوَ الـخــيـامِ مُــقــبِّـلاً صـبـرَ الـفـواطمِ والـعيونُ غِزَارُ؟
أم لا ليــســتـرَ ذلـك الــقــمـرَ الــذي قـد كـان حارس نـورهِ الــكـرَّارُ؟
يـا عـينَ زيـنـب والــمـسـاءُ يـلـفُّـهـا وتـرى الـظلامَ كـمـا يـدورُ تُـــدارُ
صـبّتْ تـصـبُّـرَهــا بـثغرِ جراحِـهـا فـالـصـبـرُ طودٌ والـجـراحُ قِـصارُ
فـلـكمْ تـمـنَّـت نــحـرَ شـمسِ سمائِها ويـشـيـبُ لـيـــلٌ كـي يـموتَ نـهارُ
ألـــمٌ دمــــاءٌ ثــورةٌ وجـــعٌ دمــــــو عٌ مـنـحـرٌ وحيٌ يـعـيـــــشُ ونـارُ
في ظلِّ صمتي سوف يُشرقُ صوتُه فـالـصوتُ أخرسُ والحسينُ شعارُ
لله يـا ألـقـاً يـحـــاورُ مُـــقـــلـــتــــي الضوءُ أعمى والحـسـيـنُ مَـنَــــارُ
وقال من قصيدة (أبا الأيتام)
يا أيِّ أفقٍ يسـتـسـيـــغُ أفـولـكْ يا سيدي .. هـبـــني فـمـا لأقولك
أحتاج عـمـراً آخراً كي أدّعـي أنّي على جدبي أخوضُ هطولك
نـضجُ الزمانُ ليحـتويكَ مكابداً بـكـثـيـرِهِ كـي يستوي وقـلـيـلـك
وأنا سأودع في محالك أحرفي ويــدي على قلبي أصيحُ دخيلـك
أي يا علي ..
هَبني اتّساع إجابةٍ
ما زلتُ أشربُ حيرتي والليلُ يحشرني بضيقِ الأسئلة
لم كلما أينعتَ فيَّ قصيدةً وأرومُ قطفاً
تعتلي فحواك
عن ورقي الملبد بالسطورِ المسدلة ؟
لِمَ يا علي ؟
ينتابني وجهٌ معارٌ
كلّما حدّقت في مرآتكَ الفضلى
لتنمو في ركامِ فمي حروفٌ مقفلة ؟
لِمَ يا أبا الأيتام ؟
تدري الشعرَ
كلُّ الشعرِ يحصدُ يتمَه
إن لم يجذِّر في ربوعِكَ سنبلة
يا أنتَ ..
يا نبضَ السماءِ لتستفزَّ به القلوب
يا دافئا حدَّ الجنوب
التيهُ يسرجُ خطوتي وكآبتي تنفي الغروب
بالله يا مولاي
احملني لفيئك كي أذوب
تسافرُ فـي دمــي نـبـعـاً ومـوجـاً وساقُ الكونِ تعثرُ في وريدي
فنبعٌ حيـــــن ترشــفـنـي ذنـوبـي ومـوجٌ حـيـن تـغرقني قيودي
أبـا الآبـــاء خذ بيديْ حــــروفـي أنا اللاشيء في حرم الـوجودِ
وسرتُ إلى رُبى المـلكوتِ أسعى لثغرِ الضـوءِ ألـقمه شـرودي
فـمـن أيِّ الجهاتِ أطـيـرُ وصـفـاً بـكـنهِكَ تـمَّـحـي كلُّ الـحـدودِ
وقال من قصيدة (حدثني الماء) وهي في أبي الفضل العباس (عليه السلام):
وقال بأنَّ الأرضَ كـــــــانت مُـزلزله وإنَّ التماعي فوقَ جرفيَ مُعضلَه
يكحِّلُ جفنَ النهـــــرِ سيلٌ مِن الـدجى بتكويـــــــــــــنِه خيلاً بحقدٍ مُكلّلَه
هواءٌ على سطرِ اختناقٍ مُــــــــــثبَّتٍ تطوِّقُ عنقَ السطـرِ للقبحِ مقصلَه
يطلسمُ وجهَ الأرضِ ســـرٌّ مزخرفٌ وتحتاجُ عمرَ الــــدمـعِ حتى تُأوِّلَه
فكانَ قوامُ السرِّ أشـــــــــــــلاءُ عزَّةٍ تسطّرُها فخراً حـــــروفٌ مُكربلَة
ويبردُ كفُّ النقــــــــــــــعِ أنيابَ لجَّةٍ ترومُ رغيفَ الشمــسِ زاداً لتأكلَه
فقد كـــــانَ بينَ البحرِ والنهرِ برزخٌ وما كان بين الخيلِ والخــيلِ أنملَة
وصوتُ عطاشى طوَّقَ الطفَّ رهبةً ويغرسُ في حقلِ مِن الدمـعِ منجلَه
وكنتُ ككلِّ الكونِ أجري تـــــــرقّباً ومثلي اشتعالٌ يشربُ الروحَ أسئلَة
أتدري رمالُ الطفِّ ما صارَ فوقـها على كـلِّ حالٍ فالإجاباتُ مُـــــهملَة
أطلَّ بوحي النورِ بدرٌ مُجـــــــــــنَّحٌ ويأبـى ضميرُ الأفقِ أن لا يُرتّــــِلَه
وضجَّتْ تخومُ الطفِّ تقتاتُ ذعرّها ضيـــاعاً وفي دهليزِ عينيهِ بوصلَة
تشظّى شعاعاً في فضــــاءاتها التي بتــــــاريخِ كرهِ النورِ كانت مُحمَّلَه
له صرخةٌ جفَّتْ بها أنفــــسُ العدى ولكن بـــــــطعمِ الخوفِ تبقى مُبلّلَة
ويلطمُ خدَّ الريحِ كفّاً لــــــــــــــواؤه كما لطمتْ خــــداً على الفقدِ أرملَة
وسيفٌ يخيط الأرضَ ثوباً مِن الدما لتشرقَ قربَ الخــــــدرِ آمالُ سنبلَة
وصاحوا أتى العباسُ والمـوتً ظلّه فمَنْ يعتلــــــــــي للظلِّ حتى يظلّلَه
فأربطهمْ جأشاً يرى الريحَ مـــركباً إلى أينَ؟ أقدامُ الهـــــــروبِ مُعطّلَة
إذا كان للشجعــــــــــانِ قرآنُ عزَّةٍ أبو الفضلِ في بوغائِها كــانَ بسملَة
ولمَّا انحنى كي يملأ الجـــودَ مُثقلاً ومني بقايا الروحِ بالآهِ مُثقــــــــــلَه
تسلّقتُ كفّيهِ لأطبـــــــــــــــــعَ قبلةً على ثغـــــــــــرِهِ لـكن أبى أن أقبِّلَه
رماني وكلّي كــــــــــبرياءٌ مُحطّـمٌ سكـــونٌ طغى فـــوقَ الهديـرِ وكبَّلَه
أأشربُ كـلّا ثم كلّا وســـــــــــيِّدي على ظمأ الدمعاتِ جفنـــــــاهُ مُسدلَه
يـــــــــعلّقُ في حبلٍ مِن الدمعِ دلوَه ليشــــــــــرحَ في بئرِ الإخاءِ توغُّلَه
وقامَ وكـــــــــــــان الجودُ قلباً لقلبِهِ وكلُّ كيــــــــانِ البدرِ صدراً ليحملَه
ورفرفَ في وجهِ السما حشدُ أسهمٍ تنـــــــــــاجي شفاهَ الجودِ حتى تقبِّلَه
وفي لحظةٍ قد كــــــلّلَ البدرُ خسفَه ونبضــــاتُ قلبِ الوقتِ فيها مُؤجَّلَة
كماءِ الغديــــرِ امتدَّ يجري مواجعاً دمــــاءً ودمعُ الجودِ والحزنُ سربلَه
فلم تنقطعْ كفّــــــــــــاهُ لكنها سعتْ ترتِّــــــــقُ جرحَ الجودِ والآهُ زلزلَه
فأنتَ تـــــــــراهُ الآنَ برهانَ غيرةٍ شمـوخَ قبابٍ في ذرى المجدِ مُوغلة
فظلَّ على الأزمانِ نـــــــوراً مُعتّقاً يعلّقُ في ركــــــنٍ مِن الأفقِ مشعلَه
وقال من قصيدة في الإمام علي (عليه السلام):
له من الماءِ ما للماءِ من سبـــــــــــــبِ له مِن الســــــــرِّ ما للسرِّ مِن حُجُبِ
له من الموتِ ما لا شـــــــــيء يهزمُـهُ إلّا عــــــــــــيونُ يتيمٍ غصَّ بالكُربِ
يقومُ خبزاً بأفواهِ الجيــــــــــــــــاعِ إذا غرسُ الهشيمِ أصابَ الحقلَ بالوصَبِ
فكان للحُـــــــــــلمِ باباً حين صـاحَ بهم تعلّقوا يا يتــــــــــــامى اللهِ في هُدُبي
إذ يُطعمُ الأرضَ جدواها ليشرحَها اخـ ـضرارُ معناهُ في مــــجهولِها الحدبِ
إذ تقتفيـــــــــــــــــهِ شفاهُ الوردِ بسلمةً للعطرِ يُومي لها بالبسمـــــــةِ اقتربي
يلقنُ الشجرَ المُصـــــــــــــغي لجمرته لا كلُّ غُصنٍ سيجني غُـصَّةَ الحَطَبِ
لا كلُّ مَن تنحتُ الصحراءُ جـــــــرَّتَه ينزُّ منها هجيراً غيرَ منســــــــــــكبِ
فيضُ الرسالاتِ غيضٌ مِن إمــــــامتِهِ بلى وصيٌّ ولكن عِــــــــدلُ ألفِ نبي
...................................................
1 ــ زودني الشاعر بترجمته وأشعاره عبر الانترنيت
كما جاءت ترجمته في كتاب (الجود) وهو إصدار وثائقي خاص بمناسبة الجود العالمية الأولى عن أبي الفضل العباس (عليه السلام) والتي أقامتها العتبة العباسية المقدسة ص 68 ــ 71 سنة 1431 هـ وقد فازت قصيدته (حدثني الماء) بالمركز الخامس
اترك تعليق