قال من قصيدته (إنّها كربلاء):
كلُّ فجرٍ نلمُّ الندى المتساقطَ فوقَ غلالتِها
تتجلّى لنا (كربلاء)
بساتينَ مغلوبةٍ مرتينِ على سحرِها
مرةً بغناءِ عصافيرِها
وثانيةً ببكاءِ اليمام
***************************
إنّها (كربلاء)
تطوفُ المحبَّةُ محرمةً حولها
والأكفُّ تدقُّ على بابِ قبلتها
وتبقي على خشبِ البابِ حنَّاءها
ذاكَ إمضاؤها في الخفاء
*****************************
إنَّها (كربلاء)
بلادُ أميرِ الأئمةِ والشهداءِ
بلادُ المآذنِ والقبَّةِ الساجدة
ومَن ذرفتْ في المحرَّمِ سبعينَ في دمعةٍ واحدة
إنّها (كربلاء)
المحبَّة والافتداء
أصلها ثابتٌ وسلالاتُها في السماء
إنّها (كربلاء)
إنّها (كربلاء)
إنّها (كربلاء)
******************************
الشاعر
محمد علي الخفاجي، شاعر وكاتب مسرحي، يعد من أعلام الأدب في العصر الحديث، ولد في كربلاء، وتخرج في مدارسها، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية و آدابها عام ١٩٦٥م.
عمل في التدريس والصحافة وترأس تحرير مجلة المورد، وحصلت أعماله الأدبية على العديد من الجوائز، وترجم العديد منها إلى اللغات الإنكليزية والكردية والتركية والفرنسية.
من أعماله المسرحية: (وأدرك شهرزاد الصباح)، (الديك النشيط)، (حينما يتعب الراقصون ترقص القاعة)، (ذهب ليقود الحلم)، (ثانية يجيء الحسين)، (أبو ذر يصعد معراج الرفض)، (أحدهم يسلم القدس هذه الليلة)، و(حريّة بكفّ صغير)، و(ذهب ليقود الحلم ــ تأليف مشترك ــ) و(نوح لا يركب السفينة)، (ذهب ليقود الحلم ــ مسلم بن عقيل)، و(جائزة الرأس)، وكانت له الريادة العربية في كتابة الأوبرا حيث كتب (سنمار)، و(الحسين)
وله من الدواوين الشعرية: (شباب وسراب)، (مهراً لعينيها)، (لو ينطق النابالم)، (يحدث بالقرب منا)، (لم يأت أمس سأقابله الليلة)، (يحدث بالقرب منا)، (البقاء في البياض أبداً) (الهامش يتقدّم)، (أنا وهواك خلف الباب)
تُرجمت العديد من أعماله إلى اللغات الإنكليزية والكردية والتركية والفرنسية وحصلت على العديد من الجوائز حيث فازت مسرحيته (ثانية يجيء الحسين) بجائزة المسرح العراقي، وجائزة الجامعة العربية، ودخلت ضمن المنهاج الدراسي للمرحلتين المتوسطة والإعدادية.
كما فازت مسرحيته (أبو ذر يصعدُ معراجَ الرفض) بجائزة اليونسكو عام 1980، وأدخلت في المنهاج الدراسيّ في الجزائر.
وفازت مسرحيته الشعريّة (وأدرك شهرزاد الصباح) بـ(جائزة المسرح العراقيّ) عام 1973.
وحازت مسرحيته (حين يتعب الراقصون ترقص القاعة) بجائزة (اتحاد الكتّاب المغاربة) عام 1974.
وفازت مسرحيته (ذهب ليقود الحلم ــ مسلم بن عقيل) على جائزة الشارقة
توفي الخفاجي في كربلاء وشُيِّع من مقر اتحاد الأدباء فيها ــ حسب وصيته ــ إلى مثواه الأخير
كتب عنه العديد من النقاد والأدباء الكبار وتناولوا أعماله بالدراسات وأشادوا بأعماله الأدبية ومنهم: طرّاد الكبيسي، والدكتور علي جواد الطاهر، والناقدة المصرية زينب منتصر،
كما كتب عنه الأستاذ شاكر عجيل صاحي دراسة بعنوان: (شعر محمد علي الخفاجي دراسة فنية)
غلب على شعره التأثير الكبير لمدينته وطقوسها العاشورائية التي تغلغلت في ذاكرته وبقيت مادة يستمد منها إبداعه يقول في إحدى لقاءاته:
(أنا من مدينة أترعت بالتراجيديا ــ حادثة كربلاءــ، وبطلها الإمام الحسين (عليه السلام) شاخص واضح فيها، ولاشك إن للمنبر الحسيني ولثقافة الأهل الدينية والشعبية والتي هي لا تنفصل في مدينة دينية عن ما هو طقسي وديني، وإنني ورثت مكتبة من خالي والذي كان خطيباً معروفاً..
وفي هذه البيئة نشأت وترعرعت وكبرت هذه الطقوس معي، إلا إنني لم أكن كأنما نسخة من أبي وإنما كنت أتفرّس بالكثير مما أقرأ، ثم رأيت إنني ينبغي أن أكون مسهماً في هذه الطقوس .. فكنت أدوّن الكثير من الملاحظات ثم كانت أولى المحاولات الشعرية في مدح الإمام علي عليه السلام وكنت في الصف الثالث الابتدائي ..
وفي المرحلة المتوسطة كنت ألقي قصائد في الاحتفالات وفي عزاء نقابة المعلمين في ليلة العاشر من محرم، ثم كنت ارتقي منصّات الاحتفالات في كربلاء .. )
شعره
قال في قصيدته (إنها كربلاء):
أنا من سلالةِ أنهارِها
أو قناطرِها الحادبة
الفراتُ أبي ... والبساتينُ أمّي
وأنا نهرُها العلقميُّ الصغير
وشاهديَ السهمُ والقربةُ الناضبة
أنا سبطُ أنهارِها
والحمامُ المقيمُ بحضرَتِها
حتى اكتسى لونَ قاشانِها
فهيَ زرقتُه لا يبارحُها إذ يطير
صغيراً أنا علقٌ في مزاراتِها
أو واحدٌ مِن أزقّتِها
وحينَ كبرتُ
أنا شارعُ سدرتِها الوارفة
وبي خضرةٌ من بساتينِها
وبي صفةٌ من منائرِها الواقفة
أنا الآنَ أتعلّلُ بينَ منازِلِها
وأسمعُها غزلاً دافئاً لتنامَ
وهيَ تهربُ مِن غزلي
وغلوِّ الكلام
كلُّ فجرٍ نلمُّ الندى المتساقطَ فوقَ غلالتِها
تتجلّى لنا (كربلاء)
بساتينَ مغلوبةٍ مرتينِ على سحرِها
مرةً بغناءِ عصافيرِها
وثانيةً ببكاءِ اليمام
في الشتاءِ نضمُّ الربيعَ وراءَ بساتينِها
حيثُ نلبسُه ظلَّ زيتونةِ
ونعلّمه لعبةَ الاختباء
حذراً مِن عيونِ الشتاءِ
وحتى نعيدَ الخريفَ لأوكارِه
إذا ما تسلّلَ بينَ الفصولِ
نسدُّ جميعَ الدروبِ بخضرتِها
ونوقفُ فزَّاعةً في الحقولِ
لكي لا يطالَ ثراها القبول
وفي الصيفِ آوي إلى ظلّها المعتمِ
وما إن ألامسَ أولَ أشجارِها
تصافحُ تفاحَها في فمي
وإن نزلَ الحرُّ نرشقُ فرشيَّها بالبلل
ونمتدّ فوقَ حصيرٍ من الخوصِ
فمِن جمرةِ القيظِ يحمرُّ عرفُ النخيل
ومِن حرِّها تتعرَّى القُلل
إنّها (كربلاء)
تطوفُ المحبَّةُ محرمةً حولها
والأكفُّ تدقُّ على بابِ قبلتها
وتبقي على خشبِ البابِ حنَّاءها
ذاكَ إمضاؤها في الخفاء
وفي أربعينَ الرماد
أدلاؤها واقفونَ على بابِها
يدعونَ زوَّارَها لطعامِ القِرى
وهيَ شاخصةٌ بينهمْ كالنخيل
وعباءتها برزخٌ بينَ نارِ القدورِ وماءِ السبيل
تمدّ السماطَ مِن الفجرِ حتى تخومَ السرى
وفي الليلِ حينَ تجلسُ متعبةً
تنامُ على ركبتيها صغارُ القرى
إنَّها (كربلاء)
بلادُ أميرِ الأئمةِ والشهداءِ
بلادُ المآذنِ والقبَّةِ الساجدة
ومَن ذرفتْ في المحرَّمِ سبعينَ في دمعةٍ واحدة
إنّها (كربلاء)
المحبَّة والافتداء
أصلها ثابتٌ وسلالاتُها في السماء
إنّها (كربلاء)
إنّها (كربلاء)
إنّها (كربلاء)
اترك تعليق