من منا لم يتخوف من المصير المحتوم الذي نحن مقدمون عليه ؟ فعلى الرغم من أنه يقين لا شك فيه إلا أننا كبشر منشدون الى عالمنا الدنيوي هذا تمام الإنشداد، بحيث أن مجرد التفكير في ما بعد هذا العالم عند بعض أبناء جنسنا يلازم الخوف والتشتت الفكري، وبما أن ذلك العالم مجهول عندنا إذن لا يتيسر لنا معرفته إلا من خلال النقل إذ لا سبيل الى دركه بواسطة العقل الا القول بإمكانه، أما تفاصيله فتبقى مبهمة مجهولة في الأعم الأغلب، ومن المضامين التي كشفت عن هذا العالم، أنه قد تتوفر فيه الأطعمة والأشربة لحصة من البشر وهم خصوص (المؤمنين).
فقد وردَ في العديدِ من الروايات أنّ الأموات يتنعمون في البرزخ بالعديد من النعم ، ومنها الأكل والشرب .
1- روى البرقيّ بإسناده عن إبراهيم بن إسحاق الجازي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أين أرواح المؤمنين ؟ - فقال : أرواح المؤمنين في حجرات في الجنة ، يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويتزاورون فيها ويقولون : " ربنا أقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا " ، قال : قلت : فأينَ أرواح الكفار ؟ - فقال : في حجراتٍ في النار ، يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويتزاورون فيها ويقولون : " ربنا لا تقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا . المحاسن للبرقي ج1 ص ٢٣٨ .
2- روى الكلينيّ بسندهِ عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن أرواح المؤمنين ، فقال في حجراتٍ في الجنة يأكلونَ من طعامها ويشربون من شرابها ويقولون : ربنا أقم الساعة لنا وأنجز لنا ما وعدتنا وألحق آخرنا بأولنا . الكافي للكليني ج3 ص248 .
3- وروى الكلينيّ بسنده عن يونس بن ظبيان قال : كنتُ عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) فقال : ما يقولُ الناس في أرواح المؤمنين ؟ فقلت : يقولون : تكون في حواصلَ طيور خضر في قناديل تحت العرش فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : سبحان الله المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ، يا يونس إذا كان ذلك أتاه محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) والملائكة المقربون ( عليهم السلام ) فإذا قبضهُ الله عز وجل صيّر تلك الروح في قالبٍ كقالبه في الدنيا فيأكلونَ ويشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا . الكافي للكليني ج3 ص249 .
4- وروى الكلينيّ بسنده عن ضريس الكناسي قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) أنّ الناس يذكرون أنّ فراتنا يخرج من الجنة فكيف هو وهو يقبل من المغرب وتصبّ فيه العيون والأودية ؟ قال : فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) وأنا أسمع : إنّ لله جنة خلقها الله في المغرب وماء فراتكم يخرج منها وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كلّ مساء فتسقط على ثمارها وتأكل منها وتتنعم فيها وتتلاقى وتتعارف فإذا طلع الفجر هاجت من الجنة فكانت في الهواء فيما بين السماء والأرض ، تطير ذاهبة وجائية وتعهدُ حفرها إذا طلعت الشمس وتتلاقى في الهواء وتتعارف ، قال : وأنّ لله ناراً في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار ويأكلون من زقومها ويشربون من حميمها ليلهم فإذا طلع الفجر هاجت إلى وادٍ باليمن يقال له : برهوت أشدّ حراً من نيران الدنيا كانوا فيها يتلاقون ويتعارفون فإذا كان المساء عادوا إلى النار ، فهم كذلك إلى يوم القيامة ... الكافي للكليني ج3 ص250 - 251 .
5- وروى الصدوق بإسناده عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المديني ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد ( عليهم السلام ) ، أنه قال : إذا مات المؤمن شيّعه سبعون ألف ملك إلى قبره ، فإذا أدخلَ قبره أتاه منكر ونكير فيقعدانه ، ويقولان له : من ربك ، وما دينك ، ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله ، ومحمد نبيي ، والاسلام ديني . فيفسحان له في قبره مدّ بصره ، ويأتيانهِ بالطعام من الجنة ، ويدخلان عليه الروح والريحان ، وذلك قول الله عز وجل : ( فأمّا إن كان من المقربين * فروح وريحان ) يعني في قبره ( وجنت نعيم ) يعني في الآخرة . الأمالي للصدوق ص٣٦٥ .
اترك تعليق