الجنّ موجوداتٌ ضُرِب الحجاب بيننا وبينهم ، وهي مخلوقاتٌ أجسامها رقيقة لطيفة ، وليست كثيفة وغليظة كأجسام البشر ، ولذا لا يمكننا رؤيتهم بالعين ، بحسبِ الحالة الطبيعية والإعتيادية ، وعلى العكس منهم فإنهم يروننا ، والشياطين من الجنّ ، قال تعالى : ﴿ يا بَني آدَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ يَنزِعُ عَنهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوآتِهِما إِنَّهُ يَراكُم هُوَ وَقَبيلُهُ مِن حَيثُ لا تَرَونَهُم إِنّا جَعَلنَا الشَّياطينَ أَولِياءَ لِلَّذينَ لا يُؤمِنونَ ﴾ [الأعراف: ٢٧] .
ولكن يمكن رؤيتهم في حالاتٍ معينة مثل :
1- في النوم : فإنّ الروحَ موجود لطيف ، ولذا يمكنهُ أن يرى موجوداً لطيفاً آخر .
2- في اليقظة : بأن تتغلظ وتتكثف الجنّ ، وتظهرَ على صورتها الحقيقية ، أو تتشكل على صورة البشر ، أو تتشكل على صورة بعض الحيوانات أوالحشرات أوالطيور كالأفاعي و الكلاب وغيرها .
في هاتين الحالتين يمكنُ رؤيتهم .
- والشواهدُ على وقوع الرؤية كثيرة جداً ، حيث كان نبيّ الله سليمان يراهم ، وورد في الروايات أنهم غُلّظوا وتكثفوا له . بحار الانوار ج60 ص79 .
و قصّة الثعبان الذي دخلَ مسجد الكوفة وأمير المؤمنين (ع) يخطب على المنبر ، فأراد الأصحاب قتله ، فنهاهم أميرُ المؤمنين (ع) ، فأمره بالانتظار ريثما يفرغ من خطبته ، فتكلم معه وأخبره أنهُ ابن خليفة الجنّ عمرو بن عثمان . وسمّي ذلك الباب الذي دخل منه بباب الثعبان . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص ٦8 .
ورؤية أصحاب الأئمة (ع) قوماً أشباه الزط قد خرجوا من بيت الإمام الصادق (ع) ، فسألوا الإمام عنهم فأخبرهم أنهم إخوانكم من الجن . المصدر السابق .
ورؤية بعض أصحاب الإمام الباقر (ع) أثناء دخوله بيت الإمام قوم معتمّون بالعمائم يشبهون الزط ، فسألَ الإمامَ عنهم ، فأخبره الإمام أنهم من الجنّ يأتوننا ويسألون عن الحلال والحرام . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص104 .
ودخول شباب كأنهُ رجال الزط على الإمام الصادق (ع) في فسطاطه بمنى في الحج ، ورؤية الأصحاب لهم ، وإخبار الإمام أنهم من الجن . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص104 .
وورد في الروايات أنّ الإمام الصادق (ع) والباقر (ع) كانا يرسلان بعض مؤمني الجنّ لايصال الرسائل المستعجلة إلى بعض أصحابه ومواليه ، وكانوا يرونه . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص ٦٦ - 104 .
ورويَ أنه ضاع الحسنان (ع) وناما في حديقة بني النجار ، فخرج النبيّ (صلى الله عليه وآله) الى ان عثر عليهما ورأى جنيّاً على شكل أفعى له جناح ، قام بحفظهما . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص ٦٦ .
وقصّة أحد أصحاب أبي الحسن (ع) ورؤيته للجنّ على شكل حيّات ، وكلام الحيّات مع الإمام . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص ٦٩ - 70 .
وعن الإمام الباقر (ع) قصّة نفر من الإنس ضلوا في صحراء ونفذ ماؤهم ، فتكفنوا وتحنّطوا ، فظهر لهم شيخ وسقاهم ، فسألوه من أنت ؟ فقال : أنا من الجنّ الذين بايعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص ٧٣ .
وقصّة أبي حمزة الثمالي عندما أراد ان يشرب من حوض زمزم ، فأتاه رجلٌ وأخبره بأن يشرب من الحوض الاخر لأنه خاصّ بالإنس ، والأول مشترك ، فتعجّب من ذلك ، فأخبره الإمام أنه جنيّ . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص ٧٣ .
وعن أبي حمزة الثمالي أنه كان مع الإمام الصادق (ع) بين مكة والمدينة وإذ بكلب أسود ، فأخبره الإمام أنه عثم بريدُ الجنّ ، الساعة مات هشام ، فهو ينعاه . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص ٨٦
وعندما سار النبيّ (صلى الله عليه وآله) الى بني المصطلق ، ففي الطريق أخبرهُ جبرئيل أنّ طائفة من الجنّ استبطنوا الوادي يريدونَ الكيد بالنبيّ (صلى الله عليه وآله) وأصحابه ، فأرسل علياً (ع) مع مائة شخص ، فظهر الجنّ لهم على صورة الزط بيدهم شعل النار ، فتكلم أمير المؤمنين بأسماء الله ، فانتهى الأمر بإسلامهم . بحار الأنوار للمجلسي ج60 ص ٨٨ .
وقصّة الجنيّ عرفطة بن شمراخ الذي أرسل النبيّ (صلى الله عليه وآله) معه أمير المؤمنين (ع) ليحلّ مشكلة بغي قومه عليه ، والذي طلب منه النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن اكشف عن وجهك حتى نراكَ على هيئتك التي أنت عليها ، فكشف لهم عن صورته فإذا شخصٌ عليه شعر كثير ، وإذا رأسه طويل ، طويل العينين عيناه في طولِ رأسه ، صغيرُ الحدقتين ، وله أسنانٌ كأسنان السباع . بحار الأنوار للمجلسي ج ٦٠ ص ٩٣ .
وقصّة مجيئ حفيد إبليس الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) واسمه إلهام بن الهيم بن لاقيس بن إبليس ، وكان طويل القامة كأنه نخلة ، وقد آمن على يد نوح نبي الله . بحار الأنوار للمجلسي ج ٦٠ ص 101 .
وغيرها من الحوادث والقصص الكثيرة جداً .
هذا وناهيكَ عن القصص المنقولة في رؤية كثير من الأنبياء لإبليس ، ومن المعلوم أن إبليس من الجنّ ، وتشكّل إبليس في كثير من المواطن على شكلِ رجل من البشر وهو يلعب دور الناصح أو السابق للبيعة .
- ومن مجموع هذه النقولات التاريخية والتي بعضها نُقلت عن المعصومين ، يحصل للإنسان الجزم واليقين والعلم بوقوع وحصول - فضلاً عن إمكان - رؤية الجنّ في الواقع الخارجي .
- وقد ألف ابنُ أخ العلامة المجلسي كتاباً في وقوع رؤية الجنّ ، حيث ذكره آقا بزرك الطهراني في الذريعة قال :
(( إثباتُ رؤية الجن : للمولى محمد نصير بن المولى عبد الله الذي هو أوسط أولاد المولى محمد تقي المجلسي وهو المترجم لفتن البحار ، حكي عن الرياض أنه أورد فيه كثيراً من الأخبار في وقوع الرؤية فكيف بإمكانها ومرّ إثبات الجنّ المنسوب إلى عمّه العلامة المجلسي .)) الذريعة لآقا بزرگ الطهراني ج1 ص ١٠٩ رقم 459 .
اترك تعليق