392 ــ محمد بن أحمد الدرازي (1112 ــ 1182هـ / 1700 ــ 1768 م)

محمد بن أحمد آل عصفور الدرازي (ولد 1112 ــ 1182هـ / 1700 ــ 1768 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (51) بيتاً:

ذُبِحَ الحسينُ من القفاءِ بـ (كربلا)      دفـنـوا بـنـيـهِ حـولــه وعشائرَه

تـلـكَ الـعـصـابةُ جـاهدوا في حبِّه      وشـروا بـأنـفـسِـهمْ جناناً فاخرة

سُـئِـلـوا الـمـودّةَ فـي قـرابةِ أحـمدٍ      فوفوا بها تحتَ السيوفِ الباترة

نـعـمَ الـوفـاءِ وفــاءَهــم يـا لـيتني      أوفـيـهـمُ حرَّ الحروبِ الساعرة (1)

ومنها:

 تـركـوهُ لا قبراً تضمَّنَ جسمَه     في (كربلا) مأوى الطيورِ الطائره

أسفي على الثغرِ الشريفِ يهدُّه      بـقـضـيـبِــه نـجـلُ الـلــئـامِ العاهرة

فرحاً ويـطربُ بالملاهي عندَه      والـخـمـرُ يـسـكـبُـه ويدعو عاصره

الشاعر

الشيخ محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور آل عصفور الدرازي البحراني الشاخوري، عالم كبير وفقيه وشاعر، ولد في قرية الماحوز بالبحرين من عائلة علمية وهو أخ الشيخ يوسف البحراني صاحب كتاب الحدائق ووالد العالم الكبير الشيخ حسين الدرازي صاحب كتاب: سداد العباد، والشيخ عبد الله، والشيخ علي، والشيخ أحمد وكلهم كانوا من العلماء ولهم مؤلفات في الفقه، ولقب بالشاخوري نسبة إلى بلدة الشاخورة في البحرين. وآل عصفور من أهم الأسر العلمية في البحرين

وقد كتب الأستاذ خالد النزر مقالاً مفصلاً عن هذه الأسرة ونسب الشاعر في ترجمة نجله الشيخ حسين آل عصفور، قال فيه:

(عائلة العصفور أهل الدراز والشاخورة في مملكة البحرين، تعتبر من أبرز الأسر العلمية في تاريخ الخليج فقد عرفنا منها منذ القرن الحادي عشر الهجري وحتى يومنا هذا ما يصل إلى 85 عالماً، كان بعضهم من أعلم وأشهر علماء الجعفرية بل ومن أبرز مراجعهم الدينية بحيث لم تخلُ كتب التراجم لهؤلاء العلماء من ذكر مشائخ آل عصفور، بل لم تخلُ أيضاً بعض كتب التراجم الأخرى من ذكر مثل هؤلاء الأعلام، فقد ذكر الزركلي الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق فقال: «يوسف بن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني، من آل عصفور: فقيه إمامي، غزير العلم. من أهل (البحرين) توفي بكربلاء. من كتبه (أنيس المسافر وجليس الخواطر-ط) ويقال له الكشكول، و(الدرة النجفية من الملتقطات اليوسفية-ط) و(الحدائق الناضرة-ط) ستة مجلدات منه، في الفقه الاستدلالي، و(لؤلؤة البحرين-خ) إجازة، و(سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد) ألفه رداً على ابن أبي الحديد (شارح النهج)…..إلخ» علماً أن أحد مصادره المشار إليها عن الشيخ يوسف كان الألماني «بروكلمان»، هذا وذكر الزركلي أيضاً الشيخ حسين بن عصفور البحراني فقال: «حسين بن محمد بن أحمد ابن عصفور الدرازي الشاخوري البحراني: فقيه إمامي باحث. من أهل البحرين، من قرية (الشاخورة) قتل في معركة بالبحرين. له 36 كتاباً، منها (الحقائق الفاخرة-ط) و(السوانح النظرية-خ) كلاهما فقه»

وهذه العائلة هي من أبرز العوائل المنتمية لآل عصفور أصحاب الإمارة، كما أن الشيخ حسين آل عصفور الآنف الذكر والمتوفى عام 1216هـ له سلسلة نسب تم حفظها من قبل أبناء هذه العائلة كالتالي: «الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن الشيخ أحمد ابن الشيخ ابراهيم ابن الحاج أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور بن أحمد بن عبدالحسين بن عطية بن شيبة الدرازي ابن الأمير هلال ابن الأمير موسى ابن الأمير حسين ابن الأمير مانع ابن الأمير عصفور ابن الأمير راشد بن عميرة بن سنان بن غفيلة بن شبانة بن عامر بن عوف بن مالك بن عوف بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان».

ونلاحظ في سلسلة النسب السابقة أن هناك سقطاً في بعض الأسماء نراه أمراً طبيعياً نظراً لبعد عهد الشيخ حسين صاحب النسب عن تلك الأسماء، فبعد إكمال ذلك السقط اعتماداًَ على تحقيق طبعة بيروت لديوان ابن المقرب يكون النسب من «شبانة» كالتالي: «شبانة بن قديمة بن نباتة بن عامر بن عوف بن مالك بن ربيعة بن عوف بن عامر بن عقيل». كما يفيدنا هذا النسب في معرفة أن لقب الأمير قد ظل مستمراً في كل من ولد وحفيد حسين بن مانع بن عصفور وهو من ذكره العمري في المرتبة الأولى للأمراء العصفوريين.

وهذه العائلة في البحرين كان لها مكانة اقتصادية بارزة فمنهم كان كبار تجار الخليج أصحاب ونواخذة – ربابنة - مراكب الغوص وذوي النفوذ والتأثير على الحركة التجارية في الخليج كما كان لهذه العائلة وما زال مكانة مرموقة لدى الحكام في تلك البلاد، وقد تجلت هذه المكانة في عهد آل مذكور حكام البحرين سابقاً والذين تزعموا في بوشهر أيضاً على الساحل الإيراني وكانوا من أوائل من عمروها، فكانت العلاقة وثيقة جداً بين هاتين الأسرتين وكان ساحل الدراز وهو الموطن الأصلي لكلا الأسرتين له ثقل ديني وسياسي في تلك الفترة مع «البلاد القديم» عاصمة البحرين سابقاً، بل كان لهذه العائلة مكانة دينية وسياسية حتى لدى حكام الدول المجاورة، فهذه إحدى المراسلات التي ذكرها صاحب الذخائر للشيخ عبد الرسول خان بن الشيخ نصر آل مذكور زعيم بوشهر ومشايخ العرب هناك في ذلك الوقت، فبعد انتقال إحدى شخصيات آل عصفور إلى بوشهر أثناء إحدى الغزوات العمانية على البحرين، كتب إلى سلطان إيران أيام الدولة القاجارية وهو فتح علي شاه رسالة بهذا الشأن يقول فيها: «الشيخ حسن من آل عصفور وهو عماد بلادنا البحرين ومن بني أعمامنا قطن البوشهر وهجر البحرين مع بني أعمامه لكثرة ما وقع عليهم من الشتم والسبي» فرد عليه السلطان برسالة بالفارسية عرّبها صاحب الذخائر، جاء فيها: «ما ذكرت في مجيء شيخنا الوقور الشيخ محمد حسن من آل عصفور إلى بلدكم فمن خصكم واقبالكم إذ هو رئيس ملتنا وشريك دولتنا، فقررت له في كل سنة خمسمائة تومان وهذه ضيفتي إلى جنابه، وأما ضيفتك فأكرمه وعظم مكانه فكما جعلتك حاكماً على الناس فجعلته حاكماً عليكم، لو لم يكن بلدكم ثغوراً لما رضيت توقفه هناك مع احتياج الناس إليه في دار الخلافة»، وأما عبارة «بني أعمامنا» فهي لافتة للنظر حيث يحتمل القارئ للوهلة الأولى أن يكون هناك تلاقي في النسب بين أسرة آل مذكور حكام البحرين سابقاً وبين آل عصفور، إلا أننا نستبعد ذلك ونرجح أن يكون المقصود من هذه العبارة هو التعبير عن متانة العلاقة والتي قد تكون بالتقارب والتداخل والتصاهر ليس إلا، حيث ما نعلمه عن آل مذكور هو أنهم من بني تميم وأغلبهم استوطنوا السواحل الإيرانية بعد انكسارهم في حرب العتوب ولم يعد لهم ذكر اليوم، كما أن صاحب الذخائر نفسه وهو من آل عصفور لم يقل بذلك بل أنه عند التعريف بهم قال: «ان المشايخ المشهورين بآل مذكور كانوا من أكابر النجد -أي نجد- وأعاظمهم رحلوا إلى البحرين سنة العشرين بعد الألف».

وهكذا استمرت هذه المكانة السياسية والدينية لعائلة العصفور ففي أيام السيطرة البريطانية على مملكة البحرين أقام بها الشيخ خلف بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الشيخ حسين آل عصفور والذي كانت اسرته تقيم في بوشهر، فبرز هذا الرجل كزعيم ديني قوي تولى القضاء الجعفري في منطقة الدراز أيام «بل غريف» الذي عمل على تأسيس المحاكم الشرعية في البحرين، وقد كان الشيخ خلف يقتسم القضاء في البلاد مع قاضي آخر هو الشيخ جاسم المهزع ، والحديث يطول عن الشيخ خلف فقد كان أحد الشخصيات الرئيسية في تاريخ البحرين آنذاك وقد تناوله العديد من المؤرخين البحرينيين والبريطانيين الذين تحدثوا عن تلك الفترة. ورغم التوترات التي حصلت آنذاك إلا أن آل عصفور ظلت لهم المكانة المرموقة لدى أسرة آل خليفة كما أنهم هم أيضاً حرصوا على العلاقة الطيبة مع هذه الأسرة الحاكمة، فاستمر دورهم الديني في المجتمع البحريني ودورهم كرجال للقضاء في مملكة البحرين فقد برز بعد الشيخ خلف، القاضي الشيخ باقر آل عصفور المتوفي عام 1980م وهو الذي تأسست في أيامه محكمة التمييز ، ثم آخرهم القاضي الشيخ أحمد بن خلف آل عصفور الذي تقاعد مؤخراً عام 2004م.

ويروي أبناء هذه العائلة أن آل عصفور بعد انهيار حكمهم استقروا في أوال، وهذا ما نص عليه أحد أفراد هذه الأسرة(56)، حيث قال عن إمارة آل عصفور: «وفي عام 805هـ حدثت إنتكاسة مروعة في تاريخ دولتهم وبعد ما يزيد على مائة وخمسين عاماً على نشأتها إذ قام شخص يدعى جروان باقتطاع جزء من دولتهم والاستقلال به عن طريق القوة العسكرية كما اقتسم فيروز شاه الجزء الأعظم منها واستمر سلطانه فيها وفي الأحساء والقطيف وهرمز حتى سنة 819هـ ثم أعقبه ابنه سيف الدين مهار الذي استمر حكمه إلى سنة 840هـ وفي خضم تلك الأحداث وفي معترك تلك التحولات الجذرية وعلى الرغم مما آلت إليه، ظل بنو عصفور مع سائر بطون بني عامر محتفظين بنفوذهم الإقتصادي مع تمتعهم بهيبة ومكانة مرموقتين. بل أنهم أخذوا يتحينون الفرصة لاسترجاع مجدهم الآثل ومكانتهم السياسية السابقة وقد تم لهم ذلك أخيراً على يد أحد أفخاذهم -أفخاذ بني عامر- وهم بنو جبر الذين تمكنوا من استرجاع سلطة بني عامر على بلاد البحرين في حدود منتصف القرن التاسع… إلى أن قال: أما ذرية الامير عصفور مؤسس الدولة العصفورية السالفة الذكر فقد ارتحلوا في تلك الاثناء إلى جزيرة أوال واستوطنوا قرية الدراز كمركز لنشاطهم الاقتصادي ومحطاً لرحالهم وتمكنوا بعد تنامي متأصل للروح الدينية في نفوسهم من الاختصاص بمرحلة علمية مشرقة على يد خلص رجالها انتهت إلى أوج مجد السؤدد والعظمة».

وعن تفرعات وانتشار هذه الأسرة يقول: «وبعد استشهاد جدنا العلامة الشيخ حسين… فر أكثر أبنائه وأولاده وأبناء عمومته إلى البلاد والنواحي المحيطة كالمنطقة الشرقية لشبه الجزيرة العربية والبصرة وكربلاء وخوزستان (الدورق والفلاحية وغيرهما) وبوشهر وشيراز وكازرون وجهرم واصطهبانات وفسا ويزد وطهران».

إذن تجمعت الأسرة الحاكمة في أوال بعد انهيار حكمها، لذلك لابد من التنبيه إلى أن آل عصفور في الدراز والشاخورة هم من نسل أشخاص متعددين من آل عصفور إلا أن ما تم حفظه فقط هو تسلسل نسب الفرع الذي منه الشيخ حسين وعمه الشيخ يوسف.

وفي مملكة البحرين أيضاً يوجد عوائل أخرى من آل عصفور منتشرة في أماكن متعددة، فهناك عائلة العصفور أهل سترة، وهناك عائلة العصافرة في عدة قرى منها السنابس وكرباباد، مما يدل على إنتشار آل عصفور بعد انهيار حكمهم في عدة أماكن في أوال لدرجة أنه ولتقادم السنين لم يعد هناك تواصل بين هذه الفروع، بل ويعتقد أبناء هذه الأسر كما نعتقد نحن أيضاً أن هناك فروعاً عديدة من آل عصفور في مملكة البحرين تغيرت أسماؤهم وفُـقدت أنسابهم مع الزمن، بل نعتقد أيضاً بأن هذا حاصل حتى في مناطق الخليج الأخرى كما سنأتي على شيء من هذا) (2)

وترجم السيد محسن الأمين للشاعر فقال: (الشيخ محمد بن أحمد بن إبراهيم البحراني أخو الشيخ صاحب يوسف الحدائق. عالم فاضل كامل محدث ورع، له:

1 ــ مرآة الاخبار في أحكام الاسفار

2 ــ رسالة في أصول الدين

3 ــ رسالة في الصلاة

4 ــ كتاب في وفاة أمير المؤمنين عليه السلام

وله مراث في الحسين ع

وهو والد الشيخ حسين آل عصفور وأبو الشيخ أحمد وكلاهما يرويان عن الشيخ حسين الماحوزي) (3)

وقال عنه الشيخ أغا بزرك الطهراني: (ديوان الشيخ محمد بن أحمد ابن عصفور الشاخوري في مراثي الحسين. وهو أخ صاحب الحدائق وتلميذ الشيخ حسين الماحوزي. أورد بعض مراثيه الشيخ لطف الله الجدحفصى في مجموعته التي كتبها بخطه الجيد لنفسه في 1201 عند الشيخ محمد على يعقوب. ونسخة منه كلها قصائد في أكثر من ألف بيت في المناقب والمراثي ويتخلص في آخر كل قصيدة باسمه، وفى بعضها يذكر أبيه ويذكر أنه من آل عصفور ويذكر أخته المسماة بأميرة ويدعو لأبيه وأخوته ولمن بكى في مجلسه، وكتابة النسخة حدود 1270 في مكتبة موقوفة مدرسة البخارائي في النجف منضما مع القصيدة الكرارية للشيخ محمد شريف بن فلاح الكاظمي التي نظمها في مدح الأمير في أربعمائة وخمسين بيتا في 1166 مطابق (ختامه مسك) وعليها ثمانية عشر تقريظا من علماء عصره وأدبائها ومنهم السيد نصر الله المدرس الحائري). (4)

وقد حفظ الجد حفصي بهذه المجموعة الكبيرة التي كتبها بخط يده تراثاً مهماً لأربعة وعشرين شاعراً اعتمد عليه المؤلفون والمختصون بالشعر الحسيني ومن هؤلاء الشعراء الذين وثق الجدحفصي أشعارهم في الإمام الحسين (عليه السلام):

الشاعر داود بن أبي شافين الجد حفصي، الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي، السيد حسين بن علي الشاخوري، السيد علي بن ماجد الجدحفصي، السيد شرف بن إسماعيل الجدحفصي، الشيخ عبد النبي الخطي، علي بن حبيب الخطي، الشيخ لطف الله بن علي بن لطف الله البحراني، الشيخ محمد بن أحمد ابن عصفور الشاخوري، محمد بن عبد الله الخطي، محمد بن يوسف بن علي بن كنبار البلادي البحراني، يوسف أبو ذويب الخطي. (5)

وقد أورد السيد جواد شبر واحدة من مراثيه في الإمام الحسين (عليه السلام) وسماه بالسيد محمد الشاخوري اشتباها وأشار إلى هذه المجموعة التي قدمناها (6)

كما ترجم الشيخ علي البلادي للشاعر فقال: الشيخ محمد آل عصفور، العالم العامل الأمجد الفاضل الشيخ محمد ابن العالم الأرشد الشيخ أحمد المتقدم ذكره وهو والد العلامة الشيخ حسين المشهور، وكل هذا الشيخ عالماً عاملاً فاضلاً كاملاً محدثاً ورعاً ذكره أخوه الشيخ يوسف في لؤلؤته وذكر تاريخ ولادته فقال: مولد أخي الشيخ محمد مد في بقائه سنة 1112 له كتب ومصنفات منها كتاب (مرآة الأخبار في أحكام الأسفار) ويعرف بالسفرية كتاب حسن فيه مطالب كثيرة وفوائد غير يسيرة وله رسالة في الصلاة وله رسالة في أصول الدين وله كتاب كبير في (وفاة أمير المؤمنين) وله تتميم كتاب الأسفار للعالم الرباني الشيخ حسن الدمستاني (ره) وهو من معاصريه وله أجوبة مسائل مبسوطة عندنا بخطه هذا الذي رأيته من مصنفاته ولا يبعد أن له غيرها وله مراثي على الحسين (ع) ويروي عن الشيخ حسين الماحوزي ويروي عنه ولداه الشيخ حسين والشيخ أحمد) (7)

وقال عنه الشيخ عبد الحسين الأميني: (أحد العلماء المبرزين) (8)

توفي الدرازي في قرية الدراز بالبحرين ودفن بها وقبره ظاهر يزار داخل مسجد الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

شعره

قال الشيخ الأميني: (وعندنا كثير من شعره في رثاء الإمام الشهيد الحسين بن علي (عليهما ‌السلام).

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (71) بيتاً:

أينَ الشفيقُ على الزهرا يـواسـيـها     فـي نـوحِـهـا ونُـعـاهـا فــي غواليها

قد خانَها الدهرُ كـيـداً فـي أطـايبِها     وافـجـعـتـاهُ لـهـا قــومــوا نــعـزيـها

لـم يـوفِـهـا الـدهرُ شيئاً من أطائِبه     مـفـجـوعـةٌ قـلـبُـهـا قــرحـى مـآقـيها

يا ساكنَ الطفِّ والـغـبـراء مرتهناً     بالرغم فيكَ العِدى أمضتْ مواضيها

لاقـوكَ مُـنـفـرداً ألـقـوكَ مُنصرعاً     تسفي على جسمِكَ الـسـامي سوافيها

أشـكـو الـعـداةَ إلى ربّي وما فعلتْ     يـومَ الـطـفـوفِ بـولـدي فـي بواديها

قتلى وأسرى على الأقتابِ تحملهمْ     أمـا مـحـمـدَ فـي الأبــنــا يــوصـيـها

أيُـجـمعُ الشملُ من هندٍ وقد ملأتْ     كـلَّ الـفـجـاجِ ومـا شـخـصٌ يـعـاديها

وولدُ حيـدرةٍ شـتـى وقـد صُرعتْ     مـنـهـا الـعـداةُ لـيـوثـاً فـي صحاريها

يا أمَّـة رضـيـتْ قـتلَ الحسينِ وقد     أرضـتْ يـزيـدَ الخنا خابتْ مساعيها

يا شيعةً جعلوا عـقـدَ الـولاءِ لـهـمْ     درعـاً مـن الـنـارِ قــد فُـزتـمْ وباريها (9)

وقال من أخرى:

نوحي على جسمٍ ذكا وتـضـرَّمــا     وأسالَ من عيني القريحةِ عَنْدَما

وأنا الـكـئـيـبُ إذا اسـتـهـلَّ هلالُه     مُـذ خـلـتـهُ بـيـن الأهــلّــةِ مَـعلما

فـي كــلِّ عــامٍ لـلأنــامِ مُــحــرَّمٌ     وجـعـلـتُ دهـري مأتماً ومُـحرَّما

فاعدلْ عـذولـي عن ملامِكَ إنني     وقرُ الأذانِ فـمـا سـمـعــتُ اللوَّما

وحـلـيـفُ وجـدٍ جُـدِّدتْ أحــزانُه     في عشرِ عاشورا فـكـانَ مُـتـيَّــما

أتـرومُ سـلـوانـي سـفـهـتَ فدونَه     خرط القتادِ وحسوُ صابٍ عـلـقما

إنّ الـمـصـيـبـةَ بالحسينِ عظيمةٌ     مـنـهـا الـسـمـا حــزناً بكته بالدما

إن كنتَ في شكٍّ فسلْ عـن حالِه     أرضَ المصائبِ والطفوفَ لتعلما

يُـنـبـيـكَ عـن أمــرٍ يشيبُ لهولِه     رأسُ الرضـيعِ وكادَ ينفطرُ السما

أمـسـى بـهـا فرداً غريباً يشتكي     حـرَّ الأوامِ بــقـلـبِـه مُـتـضـــــرِّما

مَـع فـتـيـةٍ بـاعـتْ نـفيسَ حياتِها     ونـفـوسَـهـا لــوقـائِـه لن تُـحـجـما

حفظوا المودَّةَ في القرابةِ والولا     إذ عـايـنـوهُ لـــلــمــعــالي سُـلّـمـا

رأوا الـمـمـاتَ حـياتُهم فتسابقوا     لـلـقـا الـحـمــامِ مُـكـرَّما فـمُـكـرَّما

قد شفّهمْ حرُّ الـهـجيرِ وما سُقوا     إلا أنـابـيـبَ الــرمــاحِ على ظـمـا

لم يـنـثـنـوا حـتى فنوا وتنافسوا     عـنـد الـلـقـاءِ مُــحـطّماً فـمُـحـطّما

يا لـيـتـني كنتُ الـفـداءَ لأنـفـسٍ     فـدتِ الـحـسـيـنَ تــــودُّداً وتُـكرُّما

وبقي وحـيـداً لـلـرمـاحِ دريـئـةً     يلقى الـطـعانَ بصـدرِه والأسـهـما

أفـديـهِ مـوقـودَ الفؤادِ يذودُ عن     حـرمِ الـنـبـيِّ بـجـهدِه بعد الـحــمى

مُـتـسـنّـمـاً مـهراً أغرَّ تهابُه الـ     أسْدُ الضواري في الـلقا لن تـقـدمـا (10)

وقال في الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (36) بيتاً ذكرها السيد جواد شبر وقال إنها من ضمن القصائد التي جمعها الشيخ لطف الله الجدحفصي

أهاجـــــــــــــــــــــكَ ربعٌ دارسٌ وطلولُ    تــــــــــــرحَّلَ منها للفراقِ خليلُ

فبتُّ كئيباً ساهرَ الــــــــــــــــطرفِ باكياً     ودمعكَ بــــعدَ الظاعنينَ هطولُ

إذا مــــــــــــــــــرَّ ذكرُ البانِ ظلتْ لبينِه     دموعكَ في صحنِ الخدودِ تسيلُ

وتشتاق آرام الـــــــــــــــــــــنقا ولطالما     عراكَ لذكراهــــــا أسىً ونحولُ

أمـــــــــــــــــــا قد بدا شيبُ العذارِ وإنه     لـعمري على قربِ الرحيلِ دليلُ

أتخدعكَ الدنيا بريـــــــــــــــبِ غرورِها     وأنـــــــتَ لثقلِ الحادثاتِ حمولُ

وتستعذبُ الـــــــــــــلذاتِ فيها وصفوها     قليلٌ وأمَّـــــــــــــا خطبُها فجليلُ

فـــــــــــــــــإياكَ والدنيا الغرورَ فكم بها     لعمري عزيزٌ صــارَ وهو ذليلُ

أتاحتْ لآلِ المصطفـــــــى جمرةَ الردى     وليسَ لهم في العالــــــمينَ مثيلُ

فهمْ بينَ مسجــــــــــونٍ قضى في حديدِهِ     وآخرَ مـسمومٌ وذاكَ قتيــــــــــلُ

وأعظــــــــــمُ شيءٍ أورثَ القلبَ حسرةً     ووجـــداً مـدى الأيامِ ليسَ يزولُ

مــــــصابٌ بأرضِ الطفِّ قد جلَّ خطبُه     فكمْ قمـــــــــــــرٍ فيه عراهُ أفولُ

غداةَ قضتْ مِن آلِ أحـــــــــــمدَ عصبةٌ     لدى الطفِّ شبَّـــــانٌ لهمْ وكهولُ

أناختْ بأرضِ الغــــــــــاضرياتِ بدنهم     لهم في ثراهــــــا مضجعٌ ومقيلُ

قضوا ظمــــــــــــأ مـا برَّدوا غلَّةَ الظما     وللوحشِ مِن مـاءِ الفراتِ نهولُ

ومِــــــــــــن بينهم ريحانةُ الطهرِ أحمدٌ     عفيرٌ على حرِّ الــــــترابِ جديلُ

له جسدٌ أودتْ بــــــــــــــــه شفرُ الضبا     لقىً ودمُ الأوداجِ منــــــــه يسيلُ

كستْ جسمَه يومَ الطفـوفِ سنـــــــــابكٌ     بعثيَرِها في البيـــــدِ وهيَ تجولُ

وحاكتْ له ريحُ الصبــــــــــــا بهبـوبِها     قميصٌ رغامٌ بالدمــــــــاءِ غسيلُ

على لذّةِ الأيــــــــــــــــامِ مِن بعده العفا     فما بعده الصبرُ الجمــــيلُ جميلُ

لـــــــــــــحى الله عيناً تذخرُ الدمعَ بعده     ونفساً إلى قربِ الســـــــلوِّ تميلُ

فيا قلبُ ذبْ مِن شـــــدَّةِ الوجدِ والأسى     ويـــا عينُ سحِّي فالمصابُ جليلُ

بــــــناتُ رسولِ الله تُسبى حــــــواسراً     لهـــــــنَّ على فقدِ الحسينِ عويلُ

وتبــــــــرزُ مِن تلكَ الخــــــدودِ لواغباً     وليسَ لـــــــها بـعد الحسينِ كفيلُ

نوادبُ من وجدٍ يــــــــــــــــكادُ لنوحِها     تذوبُ الرواســــي حرقةً وتزولُ

يسيرُ بها فــــــــــي أعنفِ السيرِ سائقٌ     ويزجرُها حادٍ هـــــــناكَ عجولُ

ــــــــــــــينادينَ يا جدَّاهُ بعدكَ أظهِرتْ     علينا حقودٌ جمًّةٌ وذهــــــــــــولُ

وصالتْ علينا عــــــــــــــــصبةٌ أمويةٌ     نغولٌ نــــــــــمتها بالسفاحِ نغولُ

أيا جدّ أضحى السبط ملقىً على الثرى     تجرُّ عليه للــــــــــــــرياحِ ذيولُ

قـــــــــــــضى ظمأ والماءُ جارٍ ودونه     حدودُ سيوفٍ لُمَّعٍ ونـــــــــصولُ

وساقوا إمــــــــــامَ العصرِ يا جدّ بينهم     أسيراً يقاسي الضرَّ وهـــوَ عليلُ

أضرَّ به السيرُ الــــــــشديدُ وسورةُ الـ     ـحديدِ وقــــــــــيدٌ في اليدينِ ثقيلُ

أولي الوحي يا مَن حبُّــــــــــهم لوليهمْ     أمانٌ، وعن حـــــرِّ الجحيمِ مقيلُ

فإن لم تقيلوا نجلكم من ذنوبِـــــــــــــه     فليسَ إليهِ في النــــــــــجاةِ سبيلُ

أيــــــــــــــشقى ويبقى أحمدٌ في ذنوبِه     وأنتـــــــــــــمْ ظلالٌ للأنامِ ظليلُ (11)

وذكر له السيد سلمان هادي آل طعمة لامية أخرى في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (57) بيتاً مطلعها:

سلِ الدهرَ هل عيشُ الصفاءِ يؤولُ     وذي العيشِ هل بعدَ الرحيلِ نزولُ (12)

وقال: وعندنا كثير من شعره في رثاء الإمام الشهيد الحسين بن علي (غليه السلام) (13)

.......................................................

1 ــ ديوان القرن الثاني عشر ج 2 ص 18 ــ 23 عن موسوعة شعراء البحرين ج 4 ص 202

2 ــ موقع سنوات الجريش تاريخ وتراث البحرين عشيرة آل عصفور في إقليم البحرين / مجلة الواحة العدد (37)

3 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٧١

4 ــ الذريعة ج ٩ ق ٣ ص ٩٨٠

5 ــ أدب الطف ج 5 ص 359 ــ 362 / الشيخ محمد بن عيسى آل مكباس في مقال له بعنوان قرة العين فيمن سمي لطف الله أو ولد منه من علماء البحرين

6 ــ أدب الطف ج 6 ص 35

7 ــ أنوار البدرين ص 205 رقم 90

8 ــ شهداء الفضيلة ص 312

9 ــ ديوان القرن الثاني عشر ج 3 ص 212 ــ 220 عن موسوعة شعراء البحرين ج 4 ص 192

10 ــ ذكر منها الكرباسي (32) بيتا في ديوان القرن الثاني عشر ج 3 ص 20 ــ 23 عن موسوعة شعراء البحرين ج 4 ص 198

11 ــ أدب الطف ج 6 ص 34 ــ 35

12 ــ شعراء كربلاء ج 5 ص 250 ــ 251

13 ــ نفس المصدر ص 249

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار