محمد الملا الحلي: (1240 ــ 1322 هـ / 1824 ــ 1905 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (38) بيتاً:
واجزعْ لما نالَ ابنُ فاطمةٍ في (كربلا) من فادحِ الخطبِ
نـكثتْ بنو الزرقاءِ بـيـعـتَه بعـدَ الـعـهـــودِ إليهِ والـكـتـبِ
ولحــربِهِ زحفتْ فأرهـبَـها ما طـارَ أعـيـنُـهـا من الرعبِ (1)
الشاعر
الشيخ محمد بن حمزة بن حسين بن نور علي التستري الأهوازي الحلي المعروف بـ (الملا)، أديب وشاعر مكثر مجيد وخطيب مفوّه، ولد في الحلة وأصله من مدينة تستر في إيران. (2) وكان جد أبيه قد نزح جد أبيه نور علي التستري من إيران واستوطن الحلة (3)
درس الملا الأدب على يد السيد مهدي بن داود الحلي، والشيخ حمزة البصير، والسيد حيدر الحلي، والشيخ حمادي نوح وأكثر ما أخذ عن الشيخ نوح. (4)
قال عنه السيد جواد شبر: (كان ورّاقاً مليح الخط لبق اللسان كفّ بصره في أواخر أيامه، وهو مكثر مجيد، وجد من شعره خمس مجلدات بالحلة أكثرها بخطه وأكثر شعره في أهل البيت عليهم السلام). (5)
وقال عنه الشيخ محمد السماوي: (إن قصائده طويلة بين ثلاثمائة بيتاً إلى المائة والسبعين، وفي جملة منها، الصدر تاريخ والعجز تاريخ، وقد نظم ما يزيد على خمسين ألف بيتاً واستقصى حروف الهجاء مرتين أو ثلاثاً في رثاء الحسين عليه السلام) (6)
وقال عنه الأستاذ علي الخاقاني: (أديب كبير وخطيب مفوَّه، طرق كافة النواحي بمحاضراته ومساجلاته، وحصل على شهرة واسعة في الأوساط الأدبية عندما نظم رائعته في مدح الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وقد أجاد بها إذ جارى بها بديعية الصفي الحلي والسيد علي خان الشيرازي، ونوادره وملحة مشهورة مذكورة ...) (7)
وقال عنه السيد محسن الأمين: (كان شاعراً أديباً ... نظم الشعر في صباه وعمِّر فأكثر تصرفاً في اللفظيات وتفنّناً في البديعيات حتى صار رأساً في هذا الشأن واهتدى إلى أنواع لم يسبق إليها وهو مكثر وجد من شعره خمس مجلدات بالحلة أكثرها بخطه وكان يقيد كل ما ينظمه من الغث والسمين تقييداً متقناً فيضبط على أبيات القصيدة ويوم عملها وشهره وسنته وتاريخ نسخها ونقلها إلى ديوانه وكان لا يجود المطولات والمقاطيع وهو على ذلك في البيتين والثلاثة أقدر. وقد أنفذ أكثر شعره في أهل البيت عليهم السلام) (8)
وقال عه الشيخ محمد علي اليعقوبي: (من مشاهير أُدباء الفيحاء, وصدور شعرائها الأَقدمين, ومن شيوخ صناعة الأَدب فيها، سريع البديهة، ذكيّ الخاطر، تخرَّج عليه جماعةٌ من الأدباء الذين عاصرناهم، وأَخذ هو عن الشيخ حمزة البصير والسيد مهدي بن السيد داود وعن الشَّيخ حمادي نوح). (9)
وقال عنه الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان شاعراً ماهراً أديباً طريفاً، نظم الشعر في صباه فأعاد إلى الفيحاء عهد الصفي الحلي في تحرّي البديع والفن فيه حتى أصبح علماً من أعلام هذا الفن). (10)
وقال عنه خير الدين الزركلي: (شاعر، من أهل الحلة. تكثر في شعره المقطعات المستملحة. أصله من تستر. ذهب بصره قبل اكتهاله، فاشتغل بالتعليم. له ديوان شعر مخطوط في خمس مجلدات، بعضه بخطه). (11)
وقال عنه الأستاذ أحمد علي مجيد الحلي: (أديب كبير، وخطيب مفوه ، ومربي ممتاز هاجر جده الأعلى من تستر إلى الحلة قبل قرنين من الزمن) (12)
وقال عنه عبد العزيز البابطين في معجمه: (شعره غزير، وابتدع في فنونه وتراكيبه، أكثره جاء في مقطعات تظهر ابتكاراته في فنون البديع كإسقاط حواشي القوافي والاختصارات والحذف، ونظم في فنون الشعر المعروفة، فشطر القصائد لكبار الشعراء واقتبس منها وعارض وخمس بعضها، كما نظم الموشحات، ومن أغراضه التقليدية قصائده في الرثاء، في شعره تنوع وكثافة، ولغته سلسة ومعانيه وصوره حية مبتكرة، تجمع بين أصالة الموهبة ودقة وبراعة الصنعة). (13)
وقال عنه الأستاذ الدكتور سعد الحداد: (أَديبٌ كبيرٌ, وخطيبٌ مفوَّهٌ, وشاعرٌ مجيدٌ، من شيوخ الشعراء الوشاحين في العراق.
وصف بأنّه سريع البديهة، حاد الفكرة، ثاقب الفهم، وكان وراقاً مليح الخط، لبق اللسان. والغالب عليه الصلاح والتقى، وحسن السمت والنهى.
ولد في (عكد المفتي) في محلة جبران في الحلة، وانقطع في ريعان شبابه بل وحتى بعد ذهاب بصره سنة 1280هـ وهو في الأربعين من العمر إلى حرفة التأديب والتعليم على الطريقة القديمة، وتعاطى الخطابة المنبريَّة الحسينيَّة مهنةً، وهو معدود في طليعة الذاكرين والقُرّاء الذين امتازوا في نهج طرقٍ خاصة في النياحة بأَلحان مشجية, وأَوزان مختلفة لم يتداولها العروضيون قبله، ولم يزل الكثير منه ينشد في المحافل الحسينية ما ابتكره في ذلك.
وهو في الشعر مكثرٌ مجيدٌ, وله من الدواوين المخطوطة ثلاثة مجلدات ضخام، وله موشحات شهيرة, ونظمٌ في اللهجة الشعبية أَكثره بخطه. وفي حوزتي نسخة مصورة من ديوانه الكبير بمجلداته الثلاثة, واخراجه إلى النور يتطلّب دعم مؤسسة تعنى بالتراث الأدبي والشعري لتحقيقه وطباعته ونشره, لأنَّه قد يصل بعد التحقيق والاخراج الى ستة مجلدات تقريباً.
والغالب على أَغراضه الشعرية رثاء ومديح أَهل البيت (عليهم السلام)، والأَعلام والعلماء في عصره, وكثير من الاخوانيات وأَغراض شعريَّة كثيرة منوعة.
وقصائده طويلة بين ثلاثمائة بيتاً إلى المائة والسبعين. وبرع في نظم التاريخ الشعريّ، وقد نظم ما يزيد على خمسين أَلف بيتٍ, واستقصى حروف الهجاء مرتين أَو ثلاثاً في رثاء الامام الحسين(عليه السلام).
وطرق بمحاضراته ومساجلاته النواحي كافة، وحصل على شهرةٍ واسعةٍ في الأَوساط الأَدبية عندما نظم رائعته في مدح الرَّسول الأَعظم (صلَّى الله عليه وآله)، وقد أَجاد بها، إذ جارى بها بديعيتي الشاعر صفي الدين الحلِّيّ والسَّيِّد علي خان الشيرازيّ.
توفي في الحلَّة ... وانصدع الناس له في الحلَّة انصداعاً عظيماً في أَيام وباء تلك السنة, وخرج نعشه من الحلَّة في بهاء عظيم وتشريف له من الله وتكريم, وحمل إلى النجف الأَشرف ودفن في وادي السلام.
خلّف أولاداً أربعة أو خمسة كسبة إلا عميدهم المدعو قاسم، خلف والده نظماً ونثراً وأدباً وسمتاً.
ورثاه مجموعة من الشعراء, منهم الشَّيخ حمادي نوح, الذي وصفه في صدر قصيدته التي مطلعها:
اليومُ مجدُ شموسِ العترةِ انهدمَا فليستفضْ وَكفَ دمعِ المشرقينِ دمَا) (14)
شعره
للملا الحلي ديوان شعر ضخم يقع في خمسة مجلدات يضم حوالي خمسين ألف بيت وأكثره في أهل البيت (عليهم السلام) وهو مخطوط كان عند ولده الشاعر والخطيب قاسم الملا الحلي (15) وهذه نماذج من أشعاره:
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
ومــروعــةٍ تـدعــو ولا حــامٍ لـــهــا والقـلـبُ مــحــتـــدمٌ وأدمـــعُـــهــا دمُ
يـا فـاريـاً كــبــدَ الــفـلاةِ بــهــوجــلٍ هــيـمــاءَ مـن طــولِ الـسرى لا تسأمُ
قـلْ عـن لــسانــي لــلــنــبــيِّ مـبلّغاً خــبــراً بــه أحــشــــاؤه تــتــضـــــرَّمُ
يا جـدّ أسـواط الــعــدى قـد ألّــمــتْ مـتـنـي وشـتـمـهـمُ لــحــيــدرَ أعــظـمُ
يـا جـدّ مـا حـالُ الــنـسا لما دعـا الـ ـرجسُ ابنُ سعدَ على مخيمِها اهجموا
يـا جـدّنـا قـد أضـرمـوا بـخـيــامِـنـا نــاراً، وفـي الأحــشــاءِ ناراً أضرموا
يـا جـدّ مـا مـن مـقـلـةٍ دمـعـتْ لـنـا إلا تـــقـــنّـــعــنــا الــســيــاط ونُـشـتـمُ
يا جدّ ذابَ حشا الرضيعِ من الظما وســقــتــه عــن مــاءٍ دمـــاهُ الأســهـمُ
يـا جـدّ حُــرّمــتْ الـمياهُ على أخي وأُبـيـحَ قــســراً لــلــظــبــا مــنــه الدمُ
يـا جـدّ خـلّــفـنــا حـبـيـبَكَ عــاريـاً والــصــدرُ مـنـه مـرضَّــضٌ ومــهشّمُ
يـا جـدّ غـيَّـرتِ الـشموسُ وجوهَنا فــي الــسـبــي والأعــداءُ ليستْ ترحمُ
يا جـدّنـا طافوا بنا الأمــصـارَ والـ أسـواقَ فـوقَ الـعـيـسِ فــيــنــا تــرزمُ
يا جــدّ إنَّ يــزيــدَ يــشــتــمُ والدي يــا جـدّنــا هــذا الــمـصـابُ الأعــظمُ
يا جدّ ينكثُ ثــغـرَ سـبطَكَ بالعصا ثـمـلاً يــزيــدٌ شـــامــتٌ يــتـــرنّـــــــمُ
أو تصبرنّ وذي بنوكَ لــحــومُــها لــلـسـمـرِ والـبـيـضِ القواضبِ مُطعمُ (16)
وقال في رثائه وأهل بيته وأصحابه الشهداء (عليهم السلام) من قصيدته التي قدمناها وتبلغ (38) بيتاً:
بفوارسٍ أســيــافُــهــم جــعـلتْ وحشَ الفلا والطيرَ في خصبِ
ثـبـتـوا ثــبـاتَ عميدِهم بوغـىً طـحـنـتْ رحـاهـا أرؤسَ الغلبِ
ووفـتْ وفــاءهــمُ رمــاحــهــمُ وسـيـوفُـهـم بـالـطعنِ والضربِ
بـيضُ الوجوهِ تسلُّ بيضَ ظـباً جـلـيـتْ بـهـنَّ حـوالــكَ الـكربِ
شـهـدتْ لـهـنَّ بـوقـعـهنَّ علـى هـامـاتِ حـربٍ حـومـةُ الحربِ
وتــراكـمُ الـنـقـعِ الـمُــثارِ وقـد لـمـعـتْ بـأفـقِ سـمــاهُ كالشهبِ
حتى إذا سئِمتْ مـعـيـشــتَـــهـا مـا بـين أهـلِ الـشركِ والنصبِ
رامـتْ لأنــفـسِـها بمـيـتـتِـــهـا عـزّاً بـه تـحـيـا مـدى الــحـقـبِ
فـاسـتـسـلـمـتْ لـقضاءِ خـالقِها فـهـوتْ مـعـفّــرةً عـلـى التربِ
وسـطـا أبـو الأشبالِ حـين غدا فـي الـجـمعِ فرداً فاقدَ الصحبِ
ذُعرَ الجحافلُ مـنه ليثَ شـرى يـخـتـالُ بـيـن الـسمرِ والقضبِ
ذو عزمـةٍ إن ثـــارَ ثـــائــرُها فـي الشرقِ دكَّ الشرقَ بالغربِ
عـدمَ المغيثَ فـلـم يغثه ســوى أخويـنِ لـدنَّ الـرمـحِ والعضبِ
ملأى من الـقـتلى الفضا، فبهمْ قـد ضاقَ مـنـهـا واسـعُ الرحبِ
فـأتــاهُ أمــــرُ اللهِ حــيـــن أتى أدّيتَ ما حُــمّـلـتَ مـن صـعـبِ
فــأجــــابَ دعــوةَ ربِّــهِ فثوى نـحو الـشـريـعـةِ ظـامـي القلبِ
وغــــدتْ عـلـى جـثـمانِهِ حنقاً تـعـدو بـنـو مـــروانَ بـــالـقـبِّ
بـسـيوفِهم أعضاؤه انـتُـهِــبـتْ وبـرحـلِــه عــاثــتْ يــدُ الـنهبِ
يـعـززُ عـلـيـهِ أنَّ نـســوتَـــــه تـسـري بـهـا عَـنـقـاً بنو حربِ
لا تـنـقـعُ الـعـبـراتُ غـــــلّتَها وإن اسـتـهـلَّ بـهـا حـيا السحبِ
فـتـجـيبُها الستُ الجـــهاتُ إذا مـا أعـولـتْ بــالـنـوحِ والـنـدبِ
من خـوفِـهـا تـصفرُّ أوجـهُـها ومـتـونُـهـا تـسـودُّ بــالــضـربِ
إن حــاولـتْ كتمانَ مـا لـقيتْ فــالـدمـعُ عــنـه مـعـلـنــاً يُـنـبي
فـالـوجـدُ مــنـهــا قـــدَّ أفـئـدةً بـثـتْ شــكــايــةَ ظــمّـــأ سُـغـبِ
فـنـوائـبُ الــدنـيا على مضرٍ دورُ الــرحى دارتْ على القطبِ
عجباً لها بصفـيحِها احتجبتْ ونـسـاؤهــا مـهـتـوكــةُ الـحـجبِ
صبرتْ ولا صبرٌ على جللٍ جـعـلَ الأنــامَ مــطــاشــةَ الــلـبِّ
وقال في رثاء الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) تبلغ (20) بيتاً:
خسرتْ لعمركَ صــفقةُ الدهرِ الذي فـيـه الـسـفـيـهُ غـدا يُـعدّ حـلـيما
أتـرومُ بـدرَ نـسـيـمِه وأبـى على الـ أحـرارِ إلا أن يــهــبَّ سـمـــوما
قـد سـلَّ صـارمَـه بـأوجـهِ هــاشــمٍ فـانـصـاعَ فـيـه أنـفُها مـهـشـوما
فمنِ الذي يهدي المضلَّ إلى الهدى من بـعـدِهم أو ينصفُ المظلوما
وبـسـيـبِـه يـغـنـي الـورى وبـسـيفِه يـجـلو عن الدينِ الحنيفِ هموما
هذا قـضـى قـتـلاً وذاكَ مُــغــيَّــبـاً خوفَ الطغاةِ وذا قضى مسموما
مَن مـبـلـغِ الإســلامِ أنّ زعــيـــمَه قد ماتَ في سـجنِ الرشيدِ سميما
فـالـغـيُّ بـاتَ بـمـوتِه طربَ الحشا وغـدا لـمـأتـمِــه الـرشـادُ مـقـيما
ملقىً على جسرِ الـرصافةِ نـعـشُـه فـيـه الـمـلائـكُ أحـدقـوا تـعظيما
فـعـلـيـهِ روحُ اللهِ أزهــقَ روحَـــه وحـشــا كـلـيــمِ اللهِ بــاتَ كـلـيـما
لا تـألــفــي لـمـسـرَّةٍ فــهــرٌ فــقــدْ أضـحـى سـرورُكِ هالكاً معدوما
مـنـحَ الـقـلـوبَ مـصـابُه سقماً كما مـنعَ النواظرَ في الدجى التهويما (17)
وقال في ما جرى على أهل البيت (عليهم السلام) من المصائب بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) تبلغ (34) بيتاً:
فـي كـلِّ آنٍ إلـيَّ الـدهــرُ مـقـتـحـمـاً من الخطوبِ يقودُ الـجـحـفلَ اللجبا
فـكـيـفَ أولـيـهِ حـمـداً فـي إســاءتِهِ لأحـمـدٍ وبـنـيـهِ الــســادةِ الــنـجـبــا
رمــاهـمُ بـسـهـامِ الـحـتفِ عن حنقٍ وكـلـهـنَّ بـقـلـبِ الـديـنِ قـد نشــبــا
قـاسـى مـحـمـدُ مـن أعــدائِــهِ كرباً مـعـشـارهنَّ شـجـاهُ يـنـسفُ الهضبا
فـبـــالـوصــــيـةِ لـلـكـرّارِ بلّــغَ في خُـمٍّ وأسـمـعْ كلَّ الناسِ مُـذ خـطـبــا
فارتـابَ فـيـهِ الـذي في قلبِه مرضٌ وفـيـهِ آمـنَ مَــن لا يـعـرفُ الــرِّيَـبا
حـتـى إذا صـادفَ الــهـادي مـنـيَّتَه ونـحـوَ أكــرمِ دارٍ مــســرعــاً ذهـبا
صـدَّتْ بـنـو قـيـلةٍ عن نهجِه حسداً والـكـلُّ مـنـهـمْ لـغصبِ الآلِ قد وثبا
أضـحـتْ تـقـودُ عـلـيـاً وهو سيدُها كـرهـاً لـبيعةِ من غـيرِ الضلالِ أبى
ماذا الذي استسهلوا مما جنوهُ على مَـن بـالـمـنـاقـبِ سـادَ العجمَ والعُربا
إسـقـاطـهـمْ لـجـنـيـنِ الطهرِ فاطمةٍ أمِ وضعهمْ حولَ بابِ المنزلِ الحطبا
أم ضربَ رأسِ عليٍّ بالحسامِ ومِن دمــائــه شــيــبُــه قــد راحَ مختضبا
أم شربةَ السمِّ إذ دُسّـتْ إلـى حـسنٍ مـنها ومن شربِها كأسُ الردى شربا
قد جلَّ رزءُ الزكيِّ المجتبى حـسنٌ لـكـنَّ رزءَ حـسـيـنٍ قـد سـمـى رتـبا
إن قـطّـعَ الـسـمُّ مـنـه في حرارتِـه أحـشـاهُ والـقـلـبُ مـنـه كـابدَ الوصبا
فإنَّ حرَّ الظما من صـنوِهِ قـطعَ الـ أحـشــاءَ مـن حيـثُ قد أذكى بها لهبا
وإن أصـيـبَ لـه فـي خــنـجرٍ فخذٌ فـالــسبط بالباتراتِ البيضِ قد ضُربا
أو صُيّرتْ نعشَه حـربٌ لأسـهمِها مـرمـىً ولم يرعووا أو يرعوا النسبا
فإنَّ جـسـمَ حـسـيـنٍ يومَ مصـرعِهِ دريّـةً لـسـهــامِ الــقــومِ قـــد نُــصـبـا
أو أنـهـمْ سـلـبـوا مـنـه عـمـامــتَـه فـبـعـدَ قــتـــلِ حــســيــنٍ جسمُه سُلبا
وإن قـضـى حـسـنٌ تـلـقاءَ أسـرتِهِ فـالـسـبطُ بـاتَ بأرضِ الطفِّ مُغتربا
ومُذ قضى حسنٌ ألفتْ جنازتـه الـ ـتـشـيـيـعَ والــنـدبَ حتى أودعَ التُرُبا
والسبط لمَّا قضى لم يلفَ من أحدٍ سـوى نـسـاهُ تـــصوبُ الدمعَ مُنسكِبا
أو دفـنـه الـقـومُ تـلـقـا جـدِّه منعوا وغـيـرُه جـاورَ الـــمـخـتـارَ مُـغتصِبا
فـالـسـبـط عـن دفنِه أعداؤه منعوا حـتـى أقـامَ ثــلاثــــاً بــالـعَـرى تـرِبا
وإن رآه حـسـيـنٌ في الفراشِ لقىً وحـولـه مـعـشـرٌ مــــن قـومِـه نُــجُبا
فقد رأى السبطَ زينُ العابدينَ لقىً وآلــه حـولـه صـرعـــى بـحـرِّ رُبـى (18)
وللملا أبيات في الإمام المهدي نقشت على باب مقامه (عليه السلام) في الحلة يقول فيها:
محمداً فيـــكَ الـعُـلا أقسمتْ حيث اسمكَ اشتقَّ من الحمدِ
بأنّـكَ الـحـــائـزُ عـلـماً بهِ تـهـدي إلـى الإيـمانِ والرشدِ
شيَّدتَ لـلـقائمِ من هـاشــمٍ مـقـامَ قـدسٍ شـامـخَ الــمـجدِ
فلمْ تزلْ تهتفُ فيكَ العلى عـلـى لـسـانِ الـحُـــرِّ والعبدِ
ذا خـلـفُ الــمــهـــديَّ قـد شـادَ مـقـامَ الـخـلفُ المهدي (19)
وقال من قصيدة في الإمام الكاظم (عليه السلام):
هـــذا إمامُ الهدى موسى بن جعفرَ قد أوهـــتْ حشاشتُه من جورِكَ الغيَرُ
موسى كموسـى وهارون الرشيدِ غدا فرعونَ موسى بجورٍ ليسَ ينحصرُ
لا زالَ مِــــــن ظلمِ هارونٍ بكلِّ أذىً والعيـــــشُ في نكدٍ والصفوُ منكدرُ (20)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (29) بيتاً:
اللهُ أكــــــــــــــبرُ أيّ واقعةٍ عـظمى تحيَّرَ عندها الفكرُ
يا فهرُ حيّ على الردى فلقدْ ذهبَ الردى بعلاكِ يا فهرُ
هذا حسينٌ بالطـــــفوفِ لقىً بلـــــــغتْ به آمالِها صخرُ
حفّتْ بهِ أجسادُ فتيـــــــــــتِه كالبدرِ حــــين تحفّه الزهرُ (21)
..................................................................
1 ــ أدب الطف ج 8 ص 178 ــ 180 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 261 ــ 263
2 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 209
3 ــ البابليات ج 3 ص 64
4 ــ أدب الطف ج 8 ص 175 / شعراء الحلة ج 5 ص 210
5 ــ أَدب الطفّ ج 8 ص 175
6 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 2 ص 220
7 ــ شعراء الحلَّة ج 5 ص 209
8 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٢٦٤
9 ــ البابليات ج 3 ص 63
10 ــ الحصون المنيعة في طبقات الشيعة ج ٢ ص ٣٣
11 ــ الأَعلام ج 6 ص 110
12 ــ تاريخ مقام المهدي في الحلة ج 1 ص 88
13 ــ معجم البابطين
14 ــ موقع كتابات في الميزان بتاريخ 29 / 10 / 2018
15 ــ البابليات ج 3 ص 64
16 ــ أدب الطف ج 8 ص 174 / شعراء الحلة ج 5 ص 222 ــ 223 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 261
17 ــ البابليات ج 3 ص 70 ــ 71 / أدب الطف ج 8 ص 177 ــ 178 / شعراء الحلة ج 5 ص 223 ــ 224
18 ــ أدب الطف ج 8 ص 180 ــ 181 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 263 ــ 264
19 ــ تاريخ مقام المهدي في الحلة للأستاذ أحمد علي مجيد الحلي ج 1 ص 88 / شعراء الحلة ج 5 ص 217
20 ــ ذكر منها (11) بيتاً في شعراء الحلة ج 5 ص 220
21 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 220 ــ 221
اترك تعليق