ابن مطر الحلي (توفي 1247 هــ / 1831 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
هيَ (كربلا) لا تنقضي حسراتُـها حـتـى تـبـيـنُ من النفوسِ حياتُها
يـا (كربلا) ما أنــــتِ إلّا كــربـةٌ عظمتْ على أهلِ الهدى كرباتُها
أضرمتِ نارَ مصائبٍ في مهجتي لـم تـطـفِـهـا مـن مقلتي عبراتُها (1)
وقال من حسينية أخرى:
أنسـيتَ خطباً قد ألمَّ بـ(كربلا) فتزلزلتْ منه الجبالُ الراسيه
وقضـــى على آلِ النبيّ محمدٍ بخطوبِ غدرٍ لم تزلْ متواليه
يومٌ به للديــــــنِ أعظمُ حادث منه الهدى أركـــــانُه متداعيه (2)
الشاعر
الشيخ محمد بن إدريس بن مطر الحلي، المعروف بـ (ابن مطر الحلي) عالم وشاعر ولد في الحلة. (3)
قال عنه السيد جواد شبر: (شاعر وعالم مرموق في عصره ورد ذكره في كثير من المجاميع المخطوطة ...) (4)
وقال عنه السيد علي كاشف الغطاء: (كان كاتباً أديباً وشاعراً مجيداً أكثر من النظم في الوقائع التي جرت في الحلة ونواحيها وكان أكثر شعره في الإمام الحسين (عليه السلام) وأولاده الأطهار، وقد فُقد أكثر شعره على أثر الطواعين والحروب التي وقعت في النصف الأخير في القرن الثالث عشر، رثى جماعة من الرجال منهم السيد سليمان الحلي الكبير بقصيدته الطويلة توفي في الحلة بالطاعون الكبير ونقل إلى النجف فدفن فيها). (5)
وقال عنه الشيخ جعفر النقدي: (أحد شعراء زمانه، من الموالين لأهل البيت عليهم السلام وشعره من الطبقة الوسطى ومراثيه مدرجة في المجاميع...). (6)
وقال عنه الشيخ محمد السماوي: (كان أديباً شاعراً مكثر النظم في الوقائع بالحلة وما جاورها، وكان شعره أكثره في الحسين عليه السلام فلم أعثر له إلا على مقاطيع في غيره عليه السلام) (7)
توفي في الحلة بالطاعون الكبير ودفن في النجف الأشرف (8)
شعره
قال الخاقاني: (كان كاتباً أديباً وشاعراً مجيداً، أكثر من النظم في الوقائع التي جرت في الحلة ونواحيها، وكان أكثر شعره في الإمام الحسين عليه السلام وأولاده الأطهار، وقد فقد أكثر شعره على أثر الطواعين والحروب التي وقعت في النصف الأخير من القرن الثالث عشر..) (9)
وقال اليعقوبي: (وقد فقد أكثر شعره) (10)
قال من قصيدته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
هيَ (كربلا) لا تنقضي حسراتُـها حـتـى تـبـيـنُ من الـنفوسِ حياتُها
يـا (كربلا) ما أنــــتِ إلّا كــربـةٌ عظمتْ على أهلِ الـهدى كرباتُها
أضرمتِ نارَ مصائبٍ في مهجتي لـم تـطـفِـهـا مـن مـقلتي عبراتُها
شـمـلُ الـنـبـوَّةِ كـانَ جـــامعَ أهلِه فـجـمـعــتِ جمعاً كان فيه شتاتُها
مـلأ الـبـسـيطةَ كلُّ جيشِ ضلالةٍ فـيـه تـضـيـقُ مـن الـفـضا فلواتُها
يـومٌ بـه لـلـكـفـرِ أعـظــمَ صولةٍ وقـواعـدُ الإســلامِ عــزَّ حــمـاتُـها
قَـلَّ الـنـصـيـرُ بـــهِ لآلِ مـحـمـدٍ فـكـأنَّ أبــنــاءَ الــزمـانِ عـداتُـهــا
غدرتْ به مَن بايعتْ وتـتـابـعتْ مـنـهـا رسـائــلـهـا وجــدَّ سـعـاتُـها
فحمى حمى الإسلامِ لمَّا أن رأى عصبَ الضلالِ تظاهرتْ شبهاتُها
فـي فـتـيـةٍ شُـمِّ الأنـوفِ فوارسٌ إذ أحـجـمـتْ يـــــومَ النزالِ كماتُها
ترتاحُ للحربِ الزبـونِ نـفوسُهم وقراعُ فـرسـانِ الــوغــى لــذاتُــهـا
لهمُ من البيضِ الرقاقِ صـوارمٌ أغـمـادهنَّ من الـعـدى هــامـــاتُــها
خاضوا بحارَ الحربِ غلباً كلّما طفحتْ بأمـواجِ الــرَّدى غـمــراتُها
وقال من أخرى:
آهـاً لــوقـعـةِ عـاشـوراءِ إنَّ لــــــهـا نيرانُ حزنٍ بها الأحشاءُ تـشـــتعلُ
أيُـقـتـلُ الـسبطُ مــظـلوماً عـلـى ظمأ والـماءُ للوحشِ منه العلُّ والــنــهلُ
ورأسُ سـيِّـدِ خـــلـقِ اللهِ يـــقـــرعُـه بالـخـيـزرانـةِ رجـسٌ كـــافـرٌ رذلُ
والسيِّدُ الـعـابدُ الـسـجَّـــادُ يـــــجـهـدُه ثقلُ الحديدِ وقد أودتْ بــه الـعــللُ
وتـسـتـحـثّ بـناتُ الـمصـطــفى ذللاً بالأسرِ تسري بهنَّ الأينــقُ الـذلـلُ
إلى الشآمِ سرتْ تُـهدى عــلـى عجلٍ يحدو بها العيسَ عنفاً سائــقٌ عجلُ
نـوادبـاً فـقـدتْ فـــي الـــسيـرِ كافلَها وفـارقـتْ خـدرَها الأسـتـارُ والكللُ
عـقـائـلُ البضـعةِ الـــزهراءِ حاسرةً وآلُ هـنـدٍ عـلـيـهــــا الحليُ والحللُ
ودارُ آلِ رســــولِ اللهِ مـوحــــشــةٌ خـلـوٌ تـغـيَّــرَ مـــنها الرسمُ والطللُ
لهفي لزينبَ تدعو وهـيَ صــارخةً والـقـلـبُ منهــا مَـروعٌ خائفٌ وجلُ
تـرنـو كـريـمَ أخـيــها وهـوَ مـرتـفعٌ كـالـبـدرِ تـــحـمـلـه الـعـسَّالةُ الذبلُ
يـا جـدُّ نـالَ بـنـو الـزرقاءِ وتــرَهمُ يــومَ الـطـفوفِ ونالوا فوقَ ما أملوا
رزيَّةٌ بكتِ الـسـبـعُ الــشـــــدادُ لها والأرضُ زُلزلَ منها السهلُ والجبلُ (11)
وقال من أخرى:
فـقـلـتُ أرزاءُ آلِ اللهِ قـد حـــــــكـــــمـتْ على فـــؤادي بشجوٍ غير محدودِ
وكيفَ أنســــى بني الهادي الـــنـبيِّ وهمْ ما بينَ نــاءٍ ومقتولٍ ومــفــقــــودِ
بـعـضٌ بـــــطـيـبـةٍ مـسـمـــومٌ وبعضهمُ بالــــطفِّ ملقىً بلا غسلٍ وتلـحـيدِ
هــــمْ سرُّ إبداعِ خلقِ الــــكـائـنـاتِ ومَنْ لـــولاهمُ لم يكن شيءٌ بـمـوجــودِ
للهِ أنــوارُ قـدسٍ قـــــد أتِــــــيـــحَ لــهـــا يــومَ الطفوفِ قضاءٌ غيرُ مردودِ
للهِ فـتـيـانَ صــدقٍ قد رمــتْ بــهـــــــــمُ أيدي الخطــــوبِ بـإقـصاءٍ وتبعيدِ
قضوا ظماءً على شاطي الفراتِ وما انـ ـطــفى لهيــبُ الـظـما منهمْ بتبريدِ
مجرَّدينَ على الرمضاءِ قد لــــــبِــســوا حـمـــرَ الــدمــاءِ ثـيـاباً قبلَ تجريدِ
بدورُ تمٍّ على وجهِ الثرى ســطـــــــعتْ أنوارُهـا فوقَ أطــرافِ الـقـنا الميدِ (12)
وقال من قصيدته اليائية:
هذي الطفــوفُ فقف وعينُك بـــــاكيهْ تُجري الدما بــدلَ الدمــوعِ الجارية
أنسيتَ خطباً قــــــــــد ألّمَّ بــــــكربلا فــــــتزلزلتْ مــنه الجبالُ الراســية
وقضى على آلِ النــــــــــــبيّ مـحمدٍ بخطــــــوبِ غــدرٍ لم تزلْ مــتوالية
يومٌ به للديــــــــــــــنِ أعظـمُ حـادثٍ منه الهدى أركـــــــــــــانُه مــتداعية
قد هدّمته يدا أميَّةَ بــعـــــــــــــــــدما بالسيفِ قد شــادَ الوصـــــــيُّ مبانيه
خاضوا غمارَ المــوتِ دونَ إمــامِهمْ وظبا الصـــــــــوارمِ بالــمنيَّةِ هامية
فقضوا على حرِّ الظمــا بـيدِ الــعدى والماءُ حولـهمُ بـــــــــــــحورٌ طامية
تعستْ أميةُ أنشبتْ لـــشقـــــــــــائِها حرباً لأدنـــــــــــــاهُ تشــيبُ الناصية
قصدتْ لأروعِ بـــــاسلٍ مـــــن فتكِه أسدُ العريـــــــنِ تـقاعــستْ متحاميه
مهما دعا مهـــــــــجَ الأعـادي سيفُه وافــــــــتْ على عـجــلٍ تُلـبي داعيه
لولا قضــــــــــــــــاءٌ محكـمٌ إبرامه لم يبــــقَ مِن أرجــــاسِ حـربٍ باقية
حــــــتی إذا أهدتْ إلــيهِ يـدُ الــقضا ســــــــــــهماً لــه قوسُ المنـيّةِ رامية
فانقضّ عن فلكِ الهدی بــدرُ الهدی فسماؤه بــــــــــــــــــعد الإنـارةِ دامية
واهتزّت الأرضُ البسـيــطةُ والسّما كــــادتْ تـــــخرُّ علی البسيـطةِ هامية
وبكتْ ملائكةُ الــــــسّـمــاءِ لفقدِ مَن في مـــــــــــــهدِهِ جبـريلُ كان مناغية
بأبي أبيَّ الـضيمِ حامــــي حوزةِ الـ إســــــــــــلامِ والإسـلامُ يطلُبُ حاميه
بأبي كرائمَه بــرزن حـــــــــواسِراً ما بين نــــادبـــــــــــــةٍ وأخرى باكية
يهتفنَ بالهادي الــنبـــيِّ وصنوِه الـ ـمولى الـــــوصــــــيِّ وبالبتولِ الزاكية
يا جدّ يــــــــــــــــــــا جدّاهُ إنّ أميَّةً أمســـــــــــتْ لغلِّ صدورِها بكَ شافية
ليت الوصيَّ يــرى بنيه ورهـــطَه وجسومُهم فـــي التربِ صرعى عاريه
نهبتْ جسومَهم الـــمواضي مثلــما رفــــــــــعتْ رؤوســـهمُ الرماحُ العالية
أيـــنَ البتولُ ترى سرورَ فؤادِهـــا شــــــــــــــــــــلواً تكفّنه الـرياحُ السافية
وبنـــــــــــــــاتُها فوقَ النياقِ سبيَّةٌ يُسرى بهنّ إلـــــــــــــــــى البلادِ النائية
أينّ الــــمفرُّ غــــــداً لهم من فاتـكٍ يصــــــــــــــــــليهمُ بالسيفِ ناراً حامية
فمتى يعـــيدُ الحقَّ أبـــلجَ واضـحاً وتعودُ دولتُه عـــــــــــــــــــــــــلينا بانية
عجِّلْ فديتُــــكَ وانتقمْ مِـــــــن أمَّةٍ لضلالِها في غيِّها مُتـــــــــــــــــــــمادية
.........................................................
1 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 164 ــ 165 / أعيان الشيعة ج ٩ ص ١٢٠ / أدب الطف ج 6 ص 295 / البابليات ج 2 ص 43 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 172
2 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 167
3 ــ البابليات ج 2 ص 42
4 ــ أدب الطف ج 6 ص 296
5 ــ الحصون المنيعة في طبقات الشيعة ج ٩ ص ٣٣٨
6 ــ الروض النضير في شعراء وعلماء القرن المتأخر والأخير ص 22
7 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ص 551
8 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 164 / البابليات ج 2 ص 42
9 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 164
10 ــ البابليات ج 2 ص 42
11 ــ الحسين في الشعر الحلي ج 2 ص 172 ــ 173
12 ــ البابليات ج 2 ص 43
اترك تعليق