سليمان الصغير (1222 ــ ١٢٤٧ هـ / 1807 ــ 1831م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (28) بيتاً:
يا (كربلا) حيَّتكِ قبـ ـلَ الغيـثِ غـاديةُ الـدموعِ
كم فيـكِ بـدرٌ لـم يعدْ بعد الغروبِ إلى الـطلوعِ
ورفـيـعُ مـجـدٍ رأسُه مـن فــوقِ مــيَّــادٍ رفـيـعِ (1)
الشاعر
السيد سليمان بن داود بن سليمان الكبير الحلي، حفيد السيد سليمان الكبير جد الأسرة الحسينية الأدبية المعروفة، ووالد الشاعر الكبير السيد حيدر الحلي، ولد بالحلة من أسرة علمية علوية شريفة توارثت العلم والأدب وبرز منها أفذاذ العلماء وكبار الأدباء، فنشأ في هذه الأجواء ودرس على يد أبيه وعمه الحسين بن سليمان الحكيم، فقال الشعر وهو ابن ثلاثة عشر عاماً (2)
تذكره المصادر التي ترجمت له بلقب (الصغير)، تمييزاً له عن جده سليمان الكبير عميد أسرة آل سليمان، وكان السيد سليمان الصغير يتمتع بشخصية مهيبة ورغم صغر سنه فقد تزعم أسرته العلمية، يقول عنه الشيخ محمد علي اليعقوبي:
(كان كبير الأسرة وعميدها المبجل ونابغة البلد في الفضل والأدب، واسع الاطلاع طويل الباع وكانت دراسته على والده داود بن سليمان الكبير وعمه الحسين بن سليمان، ومن آثاره أرجوزة في العربية سماها "نظم الجمل في جمل الإعراب" علق عليها شروحاً وجيزة مفيدة فرغ من بياضها سنة ١٢٣٩ هـ وحاشية على الفلكي سماها "الدرر الجلية في إيضاح غوامض العربية" بخطه أيضاً في التأريخ المذكور رأيتهما معاً عند أحد أحفاد أخيه المهدي في الحلة ويتضح لك مما تقدم من تأريخ ولادته أنه كتبها وعمره ١٧ سنة وله أرجوزة في النحو ذكرها شيخنا ــ أي الشيخ أغا بزرك الطهراني ــ في الـ ج ١ من الذريعة وإليه أشار ولده حيدر في كتاب أرسله إلى الأستانة لصبحي بك ــ أحد ولاة بغداد ــ حيث قال: وكان أبي سليمان عصره يأتيه بعرش بلقيس المعاني آصف فكره فيراه مستقراً لديه قبل ارتداد طرفه إليه، أما شعره فإنه أرق ألفاظاً وأجزل أسلوباً من شعر أخيه السيد مهدي وقد جمع منه ديوان صغير الحجم ولكنه تلف مع ما تلف من آثار هذه الأسرة ولم يبق منه سوى ما دوِّن في المجاميع من مراثي أهل البيت عليهم السلام) (3)
وقال عنه جواد شبر: (كان أديباً شاعراً شريف النفس عالي الهمة وقوراً له إلمام ببعض العلوم وله أرجوزة في النحو). اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 7 صفحة : 297 (4)
وقال عنه الخاقاني (كان منذ نعومة أظفاره مثال الشاب الذكي المتزن له ظهور في ندوة أبيه يروي شعر آبائه على صغر سنه ويحفظ أخبارهم وأنسابهم وأشعارهم..) (5)
وقال عنه الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان شاعرا بارعا أديبا أريبا، عالي الهمة ، شريف الخيمة له حاشية على الفاكهي اسمها: الدرر الحلية في إيضاح غوامض العربية، ولم ير له شعر في سوى الأئمة الأطهار) (6)
توفي السيد سليمان في الحلة وهو بعمر الخامسة والعشرين بالوباء الذي ضرب العراق ودفن بالنجف الأشرف. (7)
شعره
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (23) بيتاً:
وغـيـرُ فــقــيـــدٍ مـن يـمـوتُ بـعـزَّةٍ وكـلُّ فـتـىً بـالـذلِّ عــاشَ فـقـيـدُ
لـذاكَ نـضـا ثـوبَ الـحـيـاةِ ابنُ فاطمٍ وخاضَ عبابَ الموتِ وهوَ فريدُ
ولاقى خـمـيـسـاً يملأ الأرضَ زحفُه بـعـزمٍ لـه الـسـبـعُ الـطـباقُ تميدُ
ولـيـسَ لـه مـن نـاصرٍ غـيـرُ نـيِّـفٍ وسـبـعـيـنَ لـيـثـاً مـا هـناكَ مزيدُ
سـطـتْ وأنـابـيـبُ الــرماحِ كــأنّـهـا أجـامٌ وهـمْ تـحـتَ الـرمـاحِ أسودُ
تـرى لـهـمُ عـنـدَ الــقـراعِ تـبــاشـراً كـأنَّ لـهـمْ يــوم الـكـريـهـةِ عـيـدُ
وما برحوا يوماً عن الـديـنِ والهدى إلـى أن تـفـانـى جـمـعـهمْ وأبيدوا
بنفــــسي تريبُ الخدِّ ملتهبُ الحشى عــــليه المـواضـي رُكَّـعٌ وسجودُ
بنفســـي قتيلُ الطفِّ مـن دمِ نـحـرِهِ غدا لـــــعطاشى الماضياتِ ورودُ
بـنـفـســــيَ رأسُ الـدينِ ترفعُ رأسَه رفيعُ الـعــــــوالـي الـسمهريةُ ميدُ
تـخـاطــــبـه مـقـروحةُ القلبِ زيـنبٌ فـتـشـكـو لـه أحــــــوالَـهـا وتـعـيدُ (8)
وقال من حسينية أخرى:
أمـهـابـطُ الـتـنزيلِ أينَ ذوو الهدى وبأيِّ يـومٍ كان عنكِ زوالُـهـا
أينَ الألى شرعوا الشريعةَ والألى بهمُ استبانَ حرامُها وحـلالُـها
قـومٌ بـيـومـيْ وعـدِهـا ووعـيـدِهـا قـد صـدّقـت أقـوالُها أفـعـالُها
يــومٌ بــه رهــطُ الــنــبـيِّ مـحـمـدٍ بالـمـشـرفيةِ قُطعتْ أوصالُها
يـومٌ بـه سُـفـكـتْ دمـاءُ رجـالِــهـا وغدتْ بأسرِ الظالمينَ عيالُها
قـد أوجــبَ اللهُ الـعـظـيــمُ ودادَهـا فـبـأيِّ شـرعٍ يُـسـتـباحُ قتالُها (9)
وقال من أخرى:
الله أكــبــرُ يــا لــهـا مِـن وقــعــةٍ أخـلـتْ بـلادَ اللهِ مــن أوتــادِهـا
عـجـبـاً غـدا لـحـمُ الـنـبيِّ ضريبةً لظبا بـوارقِـهـا وسمرِ صعادِها
من ذا يُعزّي المصطفى في نسلِهِ والبضعةَ الزهـراءَ فـي أولادِها
تـلـكَ الـجـسـومُ تـغـسَّـلت بدمائِها وتكـفَّـنـتْ بـالتربِ فوق وهادِها
ليتَ المنابرُ هُـدِّمـتْ مـن بـعـدِهم من ذا الذي يرقى على أعوادِها (10)
وقال في مدح الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ومستنجدا به:
فـالـقـائـمُ الـمـهديُّ عنّــ ـي كـلَّ ضـيـقٍ فـيـه يُفرجْ
يا بـنَ الـنـبـيِّ ومـن بهِ صـبـحُ الهـدايـةِ قـد تـبـلّـجْ
فـلأنـتَ تــعــلـمُ أنّـنـي لكَ من جمـيعِ الناسِ أحوجْ
ولـديَ مـا بـاتتْ ضلو عي منه فوقَ الجمرِ تُشرجْ
وتنـاهـبـتْ قـلـبي ظبا ه فـعـادَ فـي دمـهِ مُـضـرّجْ
وعليَّ إن تعطفْ فكيـ ـف الـكـربُ عـنّي لا يُفرَّجْ (11)
وقال من قصيدته التي قدمناها وتبلغ (28) بيتاً رثاء جده الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه الشهداء (عليهم السلام):
وســهــامُ غــلٍّ غُـــودرت تُروى من الـطفلِ الرضــيعِ
ولــقــد تــروَّعَ فــيــكِ مـن هـوَ لـم يـزلْ أمـن المــروعِ
سـبـط الـنـبـيِّ ابـنُ الــوصـ ـيِّ وحُــجَّـةُ اللهِ الـســـمــيـعِ
خـوَّاضُ مــلحـمـةِ الـــرَّدى والـبـيـضُ تـكـرعُ بالـنـجيعِ
وربــيــعُ أبــنـــاءِ الـــزمــا نِ إذا شـكـوا مـحلَ الـربـيعِ
كم جـالَ كـالـلـيـثِ المُـــريـ ـعِ وجادَ كـالـغـيـثِ المُـريعِ
وردَ الطــفــوفَ بــأســــرةٍ لبسوا القلوبَ على الـدروعِ
كـالـضـيـغـمِ الـفـتّـاكِ عــبَّـ ـاسٍ أخي الشـرفِ الـرفــيعِ
وحـبـيـبَ ذي العزمِ المُـهـا بِ ومــسـلـمٍ وابـنِ المطـيـعِ
ما راعـهـمْ داعــي الـردى والـجـيـشُ مزدحمُ الجـمـوعِ
وردوا الطفوفَ فـغـودروا مـا بـيـن عـانٍ أو صـــريــعِ
غاضـت مـيـاهُ الـعـلــقـمـ ـي وفاضَ في لججِ الـدمـوعِ
فـحـشـا ابـن فـاطــمـةٍ بـه طـويت على عـطـشٍ وجـوعِ
فـقـضـى هـناكَ ولـم يـجدْ نـحـوَ الـشــرائع مـن شـروعِ
.....................................................................
1 ــ أدب الطف ج 6 ص 258 ــ 259 / شعراء الحلة ج 3 ص 24 ــ 25
2 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 16
3 ــ البابليات ج 2 ص 45
4 ــ أدب الطف ج 6 ص 81
5 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 16
6 ــ الشيخ علي كاشف الغطاء / الحصون المنيعة ج 9 ص 209
7 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 22
8 ــ الدر النضيد ص 135 / أعيان الشيعة ج 7 ص 297 ــ 298 / شعراء الحلة ج 3 ص 23 ــ 24 / أدب الطف ج 6 ص 278 ــ 279
9 ــ أدب الطف ج 6 ص 382
10 ــ ذكر منها السيد جواد شبر (13) بيتاً في أدب الطف وقال إنها تناهز (50) بيتاً / ذكر منها (14) بيتاً في شعراء الحلة ج 3 ص 24
11 ــ أدب الطف ج 6 ص 284 ــ 285
كما ترجم له:
الشيخ محمد السماوي / الطليعة ج 2 ص 135
اترك تعليق