51 ــ الصاحب بن عباد (326 ـــ 385 هـ / 938 ـــ 995 م)

الصاحب بن عباد (326 ـــ 385 هـ / 938 ـــ 995 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (11) بيتاً:

وذبحهمُ خيرَ الرجـــــالِ أرومةً     حسينَ العلى بالكربِ فـي (كربلائـ)ـهِمْ

وتشتيتهمْ شمــــلَ النبـــيِّ محمدٍ     لما ورثوا مـــــــــن بغضِهمْ في فنائِهمْ

وما غضبتْ إلّا لأصنامِها التي     أديلتْ وهمْ أنصــــارُها لشقـــــــــــائِهِمْ (1)

وقال من قصيدة تبلغ (33) بيتاً:

لَهيبٌ بِقَلبي حينَ أَذكرُ (كَربلا)     فَيــهلـــــكنـي بَعد النَحيبِ نَحيبُ

نَحيـبٌ اِذا قيلَ الحسيــــنُ وَقتلُهُ     يَزيدُ وَفــي قَلبي الحَزينِ وَجيبُ

حَـبــيبٌ أَراهُ واجِباً بَعـــد سادَةٍ     تُغادَرُ صَـرعى وَالجَميعُ غَريب (2)

وقال من قصيدة تبلغ (73) بيتاً:

يا (كربلاء) تحدّثي ببــــــلائِنا     وبكربـنا إنَّ الحديثَ يعادُ

أسدٌ نماهُ أحمدٌ ووصـــــــــــيُّه     أرداهُ كلبٌ قد نمــاهُ زيادُ

ساقوا بناتِ المصطفى مسبيةً     وحداتُها التخويفُ والإيعادُ (3)

ومن قصيدة في مدح أمير المؤمنين تبلغ (37) بيتاً يقول منها:

يا تباريح (كربلا)     إنَّ نفسي مـــحيّرهْ

للذي نالَ ســادتي     مـن رزايا مشمَّرَهْ

كُنتُـمُ بُكــــرَةً بُدو     رَ ظـــــلامٍ مُنَوِّرَه (4)

ويقول من قصيدة أخرى تبلغ (36) بيتاً:

يا ليتني في (كربلاء)      أنوحُ إن بــكتِ البواكي

هذا ولو شـــــــاهدتها     لوهبــتُ روحي للهلاكِ

يا أرضها أفــدي ذرا     كِ ومهجتي تفدي ثراكِ (5)

وقال من قصيدة تبلغ (31) بيتاً:

يا لكربٍ بـ (كربلاء) عظيــــــــــمٍ     ولـــرُزءٍ على النبــيِّ ثقيلِ

كم بكى جبرئيـــــــــلُ ممـــا دهاهُ     في بنيهِ صلّوا على جبريلِ

سوفَ تأتي الزهراءُ تلتمسُ الحكـ     ـمَ إذا حــانَ محشرُ التعديلِ (6)

وقال من قصيدة أخرى تبلغ (77) بيتاً:

منعوا الحسينَ الماءَ وهو مجاهدٌ     في (كربلاءَ) فنُحْ كنوحِ المعولِ

منعوهُ أعذبَ منهـــــلٍ وكذا غداً     يردونَ في النيــرانِ أوخمَ منهلِ

يُسقونَ غسلينا ويحشــرُ جمعُهم     حشراً متيناً في العقــابِ المجملِ (7)

وقال من قصيدة تبلغ (50) بيتاً:

فبكت ملائكة السماءِ بـ (كربلا)     والدينُ بيــــــنَ تحرُّقٍ ورنينِ

وَجَرى عَلى زيـــدٍ وَيَحيى بَعدَهُ     ما أَلبَسَ الاِسلامَ ثَوبَ شجونِ

هاتا أُمَيَّةُ راجَـــــــــعَت ثاراتِها     فيها بِشَمـلِ ضِلالِه المَوضونِ (8)

وقال من أرجوزة في مدح أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (16) بيتاً:

وعُد إلى الطـفِّ بـ (كربلاء)     أهـــــــــدِ سلامي أحسنَ الإهداءِ

لخيرِ من قد ضـــمَّه الصعيدُ     ذاكَ الحسيـــــــــــنُ السيدُ الشهيدُ

واجنبْ إلى الصحراءِ بالبقيعِ     فثمَّ أرضُ الشــــــــــرفِ الرفيعِ (9)

الشاعر

أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد بن أحمد بن إدريس (10) الملقب بـ (كافي الكفاة)، و(الصاحب) (11) وزير مؤيد الدولة، ثم فخر الدولة، ولي الوزارة ثماني عشرة سنة وشهراً، وهو أحد كتاب الدنيا الأربعة، (12) ولد في إحدى كُوَر فارس بأصطخر أو طالقان وهو أوّل من لقب بـ (الصاحب) من الوزراء في الدولة البويهية، لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد فقيل له: صاحب ابن العميد ثم أطلق عليه هذا اللقب لما تولّى الوزارة بعد ابن العميد سنة (367هـ).

قال السيوطي: (ولي الصاحب الوزارة ثماني عشرة سنة وشهراً لمؤيد الدولة بن ركن الدولة بن بويه وأخيه فخر الدولة، وهو أول من سمي الصاحب من الوزراء، لأنه صحب مؤيد الدولة من الصبا وسماه الصاحب فغلب عليه هذا اللقب، ولم يعظم وزيراً مخدومه ما عظمه فخر الدولة) (13)

وقال الشيخ عبد الحسين الأميني: (قد يرتج القول على صاحبه بالرغم من بلوغه الغاية القصوى من القدرة في تحليل شخصيات كبيرة أتتهم الفضايل من شتى النواحي، واكتنفتهم المزايا الفاضلة من جهات متفرقة، ومن هاتيك النفسيات الكبيرة التي أعيت البليغ حدودها نفسية الصاحب فهي تستدعي الإفاضة في تحليلها من ناحية العلم طوراً، ومن ناحية الأدب تارة، كما تسترسل القول من وجهة السياسة مرة، ومن وجهة العظمة أخرى، إلى جود هامر، وفضل وافر، وشرف صميم، ومذهب قويم، وفضائل لا تحصى ومهما هتفت المعاجم بشيء من ذلك فإنه بعض الحقيقة، ولعل في شهرته بهاتيك المآثر جمعاء غنىً عن الإطناب في وصفه، وإنك لا تجد شيئاً من كتب التراجم إلّا وفيه لمع من محامده....) (14)

وقال عنه ابن خلكان: (كان نادرة الدهر وأعجوبة العصر في فضائله ومكارمه وكرمه) (15)

وقال عنه ابن الجوزي: (كان يخالط العلماء والأدباء ويقول لهم: نحن بالنهار سلطان وبالليل إخوان، وسمع الحديث وأملى، وروى أبو الحسن علي بن محمد الطبري المعروف بكيا قال: سمعت أبا الفضل زيد بن صالح الحنفي يقول: لما عزم الصاحب إسماعيل بن عباد على الاملاء وكان حينئذ في الوزارة خرج يوما متطلساً متحنكاً بزي أهل العلم فقال: قد علمتم قدمي في العلم فأقروا له بذلك. فقال: وأنا متلبس بهذا الأمر وجميع ما أنفقته من صغري إلى وقتي هذا من مال أبي وجدي، ومع هذا فلا أخلو من تبعات، أشهد الله وأشهدكم أني تائب إلى الله من كل ذنب أذنبته. واتخذ لنفسه بيتاً وسمّاه بيت التوبة، ولبث أسبوعاً على ذلك، ثم أخذ خطوط الفقهاء بصحة توبته، ثم خرج فقعد للإملاء وحضر الخلق الكثير وكان المستملي الواحد ينضاف إليه ستة كل يبلغ صاحبه، فكتب الناس حتى القاضي عبد الجبار، وكان الصاحب ينفذ كل سنة إلى بغداد خمسة آلاف دينار تفرق في الفقهاء وأهل الأدب وكان لا تأخذه في الله لومة لائم) (16)

نشأته وأخلاقه

نشأ الصاحب في بيت توارث الوزارة أبا عن جد، فقد كان أبوه وجده من الوزراء، يقول الثعالبي عنه: نشأ من الوزارة في حجرها، ودبّ ودرجَ وكرها، ورضع أفاويق درها، وورثها عن أبيه كما قال أبو سعيد الرستمي أحد شعرائه:

ورث الوزارة كابراً عن كابر     موصولة الإسنادِ بالإسنادِ

يروي عن العبــاسِ عبادٌ وزا     رته وإسمــاعيلُ عن عبادِ) (17)

ويروى لهذا البيت مآثر كثيرة وفضائل جمة، فقد عرف بالفضل والكرم، فتغذى الصاحب منذ صغره بهذه الصفات، ونمت معه ولم تفارقه حتى وفاته، وقد روى الصفدي: أنه كان في الصغر إذا أراد المضي إلى المسجد ليقرأ تعطيه والدته ديناراً ودرهماً في كل يوم وتقول له: تصدق بهذا على أول فقير تلقاه فكان هذا دأبه في شبابه إلى أن كبر. (18)

بلغ الصاحب من الكرم ومكارم الأخلاق والفضل شأناً كبيراً، ورويت له من الأخبار في ذلك ما يفوق الوصف، فقد اعتاد على السخاء وإكرام الضيف وإطعام الناس وشب عليه، فكان يستقبح أن يجالسه إنسان دون أن يكرمه بالضيافة، وقد روى الثعالبي: (كان الصاحب لا يدخل عليه في شهر رمضان بعد العصر كائناً من كان فيخرج من داره إلا بعد الإفطار عنده، وكانت داره لا تخلو في كل ليلة من ليالي شهر رمضان من ألف نفس مفطرة فيها، وكانت صِلاته وصدقاته وقرباته في هذا الشهر تبلغ مبلغ ما يطلق منها في جميع شهور السنة). (19)

وروى الحموي عن هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ قوله: (كان الصاحب يراعي من ببغداد والحرمين من أهل الشرف وشيوخ الكتاب والشعراء وأولاد الأدباء والزهاد والفقهاء بما يحمله إليهم كل سنة مع الحاج على مقاديرهم ومنازلهم، فكان ينفذ إلى بغداد من ذلك خمسة آلاف دينار في سنة تفرق على الفقهاء والأدباء وكان يحمل إلى أبي إسحاق الصابئ خمسمائة دينار واليَّ ــ أي للراوي ــ ألف درهم جبلية) (20)

وقد استدعى في بعض الأيام شراباً، فأحضروا قدحاً، فلما أراد أن يشربه قال له بعض خواصه: لا تشربه فإنه مسموم ــ وكان الغلام الذي ناوله واقفا ــ فقال للمحذِّر: ما الشاهد على صحة قولك ؟ فقال: تجربه في الذي ناولك إياه. فقال: لا أستجيز ذلك ولا استحله. فقال: فجِّر به في دجاجة. فقال الصاحب: التمثيل بالحيوان لا يجوز. ورد القدح وأمر بقلبه، وقال: للغلام انصرف عني ولا تدخل داري، وأمر بإقرار جارية وجرايته عليه، وقال لا يدفع اليقين بالشك، والعقوبة بقطع الرزق نذالة. (21)

وقال أبو القاسم الزعفراني يصف جوده وكرمه:

سواكَ يعدّ الغنى ما اقتــــــــنى     ويأمرُه الحرصُ أن يخزِنا

وأنتَ ابنُ عبادٍ المـرتــــــــجى     تـعدّ نــــــــوالكَ نيلَ المُنى

وخيرُكَ من باســــــــــــطٍ كفّه     ومــمن ثنــاها قريبُ الجنى

غمرتَ الورى بصنوفِ الندى     فأصــــــغرُ ما ملكوهُ الغنى

وغادرتَ أشعــــــــرهمْ مفحماً     وأشكــــــــرهم عاجزاً ألكنا

أيا من عطاياهُ تهــــــدي الغنى     إلى راحتــي من نأى أو دنا (22)

ومن أعماله وآثاره بناء سور قزوين، وقال الحموي: فتح الصاحب خمسين قلعة سلمها إلى فخر الدولة لم يجتمع عشر منها لأبيه ولا لأخيه (23)

دراسته وأساتذته وتلامذته

درس الصاحب علوم العربية والآداب على يد كبار العلماء والأدباء، فكان من أساتذته:

والده أبو الحسن عباد بن العباس

أبو الفضل ابن العميد

أحمد بن فارس اللغوي

أبو الفضل العباس بن محمد النحوي الملقب بـ (عرام)

أبو سعيد السيرافي

أبو بكر بن مقسم

القاضي أبو بكر أحمد بن كامل

عبد الله بن جعفر بن فارس

أحمد بن كامل بن شجرة

أبو عمرو الصباغ (24)

أما تلاميذه فكانوا أبرز ما أنجبت العربية من أفذاذ العلماء والأدباء قال الشيخ الأميني: (كان يملي الحديث على خلق كثير فكان المستملي الواحد ينضاف إليه الستة كل يبلغ صاحبه، فكتب عنه الناس الكثير الطيب منهم: القاضي عبد الجبار. والشيخ عبد القاهر الجرجاني. وأبو بكر بن المقري. والقاضي أبو الطيب الطبري. وأبو بكر بن علي الذكواني. وأبو الفضل محمد بن محمد بن إبراهيم النسوي الشافعي.

ثم شاع نبوغه في العلوم وتضلعه في فنون الأدب، واعترف به الشاهد والغائب حتى عده شيخنا بهاء الملة والدين في رسالة غسل الرجلين ومسحهما من علماء الشيعة في عداد ثقة الإسلام الكليني. والصدوق. والشيخ المفيد. والشيخ الطوسي والشيخ الشهيد ونظرائهم. ووصفه العلامة المجلسي الأول في حواشي نقد الرجال بكونه من أفقه فقهاء أصحابنا المتقدمين والمتأخرين، وعده في مقام آخر: من رؤساء المحدثين والمتكلمين. وأطراه شيخنا الحر العاملي في (أمل الآمل) بأنه محقق متكلم عظيم الشأن جليل القدر في العلم.

كما أن الثعالبي في (فقه اللغة) جعله أحد أئمتها الذين اعتمد عليهم في كتابه أمثال الليث. والخليل. وسيبويه. وخلف الأحمر. وثعلب الاحمثي. وابن الكلبي. وابن دريد. وعده الأنباري أيضا من علماء اللغة فأفرد له ترجمته في كتابه: طبقات الأدباء النحاة، وكذلك السيوطي في (بغية الوعاة) في طبقات اللغويين والنحاة، ورآه العلامة المجلسي في مقدمة البحار علماً في اللغة والعروض والعربية من الإمامية) (25)

وقال السيد الأمين: (من تلاميذه الشيخ عبد القاهر الجرجاني العالم البياني المشهور ذكر ذلك الفاضل الجلبي في حاشية المطول وقال إن كتب الشيخ عبد القاهر مشحونة بالنقل عنه) (26)

وقد اشتبه الجلبي في عد عبد القاهر الجرجاني (400 ــ 471 هـ) من تلاميذ الصاحب بن عباد (326 ـــ 385 هـ) والآخذين عنه مباشرة، فقد ولد عبد القاهر الجرجاني بعد وفاة الصاحب بخمس عشرة سنة، والجرجاني الذي كان معاصراً للصاحب هو أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن الحسن بن علي القاضي الجُرجاني (322 هـ - 392 هـ) صاحب كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه

وكان الصاحب يصبُّ اهتمامه على علم الحديث قال السمعاني عنه: (إنه سمع الأحاديث من الاصبهانيين والبغداديين والرازيين وحدث، وكان يحث على طلب الحديث وكتابته، وروى عن ابن مردويه أنه سمع الصاحب يقول: من لم يكتب الحديث لم يجد حلاوة الإسلام، وكان يملي الحديث على خلق كثير فكان المستملي الواحد ينضاف إليه الستة كل يبلغ صاحبه، فكتب عنه الناس الكثير الطيب) (27)

نثره

قال السيد الأمين: (كان أحد كتاب الدنيا الأربعة عبد الحميد وابن العميد والصابئ والصاحب وفي ذلك يقول بعض الشعراء:

أمخطئا عبد الحميد وهازئاً      بابن العميد ولاعباً بالصاحب

وفضل الثعالبي ابن العميد عليه فقال كان الصاحب يكتب كما يريد والصابئ كما يؤمر وبين الحالين بون بعيد) (28)

وينقسم نثر الصاحب إلى قسمين: أحدهما توقيعاته وأجوبته وكلماته القصار، والثاني: رسائله. ومن جميل نثره ما رُوي أنه أراد أن يعزل قاضي قم، فكتب إليه: أيها القاضي بقم، قد عزلناك فقم. (29)

يقول الدكتور شوقي ضيف: (ولعل أول ما يلاحظ في سجع الصاحب، أنه يمتاز بالخفة والعذوبة فهو في لفظة أكثر صفاء، وأكثر تنغيما من معاصريه من كتاب الدواوين) (30)

أما توقيعاته الغريبة فمنها أنه كتب إليه بعض أصحابه رقعة نصّها: (فإن رأى مولانا أن ينعم بكذا فعل)، فوقّع الصاحب فيها جوابه، ولما رُدّت الرقعة إلى صاحبها لم يرَ فيها توقيعاً، ولما استفسر عن ذلك قيل له: إن الصاحب وقعها، فعرضها على أبي العباس الضبي فما زال يتفحّصها حتى عثر على التوقيع وهو ألف واحدة فقط وضعها الصاحب أمام (فعل) فصارت (إفعل). (31)

مؤلفاته

تميزت مؤلفاته بالموسوعية المتنوعة الكثيرة التي ضمَّت علوم الكلام، والفقه، والحديث، واللغة، والنحو، والأدب، والشعر، والطب ومنها:

المحيط في اللغة بعشرة مجلدات رتّبه الصاحب على حروف المعجم، هو أبرز مؤلفات الصاحب طبع بتحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين بيروت ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م

ديوان شعره: طبع بتحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين، ط1 مكتبة النهضة ــ بغداد 1384 هـ / 1965 م ط2 دار القلم بيروت 1394 هـ / 1974 م

الأمثال السائرة من شعر المتنبي: طبع بتحقيق: الشيخ محمد حسن آل ياسين، بغداد ١٣٨٥ هـ - ١٩٦٥ م

الكشف عن مساوئ شعر المتنبي طبع بتحقيق: الشيخ محمد حسن آل ياسين، بغداد الطبعة ١٣٨٥ هـ - ١٩٦٥

الروزنامجه: طبع بتحقيق: الشيخ محمد حسن آل ياسين، ١٣٨٥ هـ - ١٩٦٥ م

الوقف والابتداء

أسماء الله تعالى وصفاته

كتاب في علم الكلام

ديوان رسائله عشرة مجلدات

الكافي في الرسائل

رسالة في فنون الكتابة والرسائل

التذكرة للأصول الخمسة

كتاب الزيدية.

كتاب الأنوار.

كتاب التعليل

الاقناع في العروض

جوهرة الجمهرة وهو مختصر كتاب الجمهرة لابن دريد

كتاب الوزراء

كتاب الشواهد.

كتاب القضاء والقدر.

كتاب الإمامة

كتاب الأعياد وفضائل النيروز.

مقالة في تفصيل أحوال السيد عبد العظيم الحسني المدفون بالري وثواب زيارته.

الإبانة عن مذهب أهل العدل بحجج من القرآن والعقل.

نهج السبيل في الأصول.

أخبار أبي العيناء.

نقض العروض.

تاريخ الملك واختلاف الدول.

الفصول المهذبة للعقول نسبه اليه الكفعمي في كتابه مجموع الغرائب وأورد كلمات حكمية منه فيه.

سفينة

عنوان المعارف وذكر الخلائف

رسالة في الطب (32)

ومما روي من سعة اطلاعه أن أنه عندما ألف كتابه الوقف والابتداء وهو أول مؤلفاته وكان حينها شاباً، وقد سبقه إلى هذا العنوان أبو بكر بن الأنباري، فراسله ابن الأنباري قائلاً: إنما صنّفت في الوقف والابتداء بعد أن نظرت في نيف وسبعين كتاباً تتعلق بهذا العلم، فكيف صنفت هذا الكتاب مع حداثة سنك ؟ فقال الصاحب للرسول قل للشيخ: نظرت في النيف والسبعين التي نظرت فيها ونظرت في كتابك أيضاً. (33)

قالوا فيه

كثيرة هي الأقوال التي انتزعتها شخصية الصاحب من أفواه العلماء والأدباء الذين بُهروا بمزاياه وعلومه وآدابه وقد ذكرنا تبجيل علماء الشيعة له وفضله في العلم وقد أجمعت كتب الشيعة على الثناء عليه.

كما عدّه علماء اللغة من أربابها الذين يستوحون منهم علومها وأقوال أعلام الفقه واللغة والأدب في حقه كثيرة وقد ترجم له الشيخ عبد الحسين الأميني في أكثر من (40) صفحة (34) كما ترجم له السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة أكثر من (40) صفحة أيضاً (35) وكان مما قاله عنه: (علم من أعلام القرن الرابع جمع بين الوزارة والكتابة والسيف والقلم، وكان صدراً في العلم والأدب وغاية في الكرم وجلالة القدر، وفرداً في الرياسة وكثرة الفضائل). (36)

وترجم له الثعالبي في (91) صفحة، (37) وكان مما قال عنه: (ليست تحضرني عبارة أرضاها للإفصاح عن علو محله في العلم والأدب، وجلالة شأنه في الجود والكرم، وتفرّده بغايات المحاسن، وجمعه أشتات المفاخر، لأن همة قولي تنخفض عن بلوغ أدنى فضائله ومعاليه، وجهد وصفي يقصر عن السير في فواضله ومساعيه، ولكنني أقول: هو صدر المشرق، وتاريخ المجد، وغرة الزمان، وينبوع العدل والاحسان، ومن لا حرج في مدحه بكل ما يمدح به مخلوق، ولولاه ما قامت للفضل في دهرنا سوق، وكانت أيامه للعلوية والعلماء والأدباء والشعراء، وحضرته محط رحالهم، وموسم فضلائهم، ومنزع آمالهم، وأمواله مصروفة إليهم، وصنائعه مقصورة عليهم، وهمته في مجد يشيده، وإنعام يجدده، وفاضل يصطنعه، وكلام حسن يصنعه أو يسمعه، ولما كان نادرة عطارد في البلاغة، وواسطة عقد الدهر في السماحة، جلب إليه من الآفاق وأقاصي البلاد كل خطاب جزل وقول فصل، وصارت حضرته مشرعاً لروائع الكلام، وبدائع الإفهام، ومجلسه مجمعاً لصوب العقول، وذوب العلوم، وثمار الخواطر، ودرر القرائح، فبلغ من البلاغة ما يعد في السحر، ويكاد يدخل في حد الاعجاز، وسار كلامه مسير الشمس، ونظم ناحيتي الشرق والغرب، واحتف به من نجوم الأرض وأفراد العصر وأبناء الفضل وفرسان الشعر من يربي عددهم على شعراء الرشيد، ولا يقصرون عنهم في الأخذ برقاب القوافي، وملك رق المعاني). (38)

وقال الصدوق المعاصر له والساكن معه في الري في مقدمة كتابه عيون أخبار الرضا: (صنفت هذا الكتاب لخزانته المعمورة ببقائه، إذ لم أجد شيئاً آثر عنده وأحسن موقعاً لديه من علوم أهل البيت عليهم السلام، لتعلقه أدام الله عزه بحبلهم واستمساكه بولايتهم واعتقاده لفرض طاعتهم وقوله بإمامتهم وإكرامه لذريتهم وإحسانه إلى شيعتهم) (39)

وقال السمعاني: (أبو القاسم بن عباد الطالقاني الوزير المعروف بالصاحب اشتهر ذكره وشعره ومجموعاته في النظم والنثر في الآفاق، فاستغنينا عن شرح ذلك). (40)

وعن الهلال بن المحسن الصابي: (كان وحيد عصره وفريد دهره في العلم والفضل والفهم والفطنة مقدماً في إصابة الرأي والتدبير وإضاءة الخاطر وصفاء الضمير). (41)

وقال جرجي زيدان في تاريخ آداب اللغة العربية: (كان أديبا مُنشئاً، وعالماً في اللغة وغيرها، وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء .... وكان مجلسه محط الشعراء والأدباء يمدحونه أو يتنافسون أو يتقاضون بين يديه). (42)

وقال السيوطي: (كان نادرة عصره وأعجوبة دهره في الفضائل والمكارم، حدث وقعد للإملاء، وحضر الناس الكثير عنده، ولم يجتمع بحضرة أحد من العلماء والشعراء الأكابر ما اجتمع بحضرته، وشهرته قد تغني عن الأطناب بذكره) (43)

وقال الوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي في تاريخه: (إن أسنة الأقلام وعذبات الأسنة تكل دون أيسر أوصاف الصاحب وأدنى فضائله) (44)

وقال ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان: (إسماعيل بن عباد بن عباس الصاحب أبو القاسم الطالقاني المشهور بالفضائل والمكارم والآداب. وكان صدوقا) (45)

وقال الرافعي: (هو أشهر من أن يحتاج إلى وصفه جاها ورتبة وفضلا ودراية، وكتبه ورسائله ومناظراته دالة على قدره .... وكان يناظر ويدرِّس ويصنِّف ويُملي الحديث) (46)

وقال محمد بن سعد المافروخي: (كان والله الفاضل المميز، والكامل المبرَّز، ثالث الثلاثة الذين نافس عضد الدولة فيهم أخاه مؤيد الدولة، وحسده عليهم وهو أن العضد كان كثيراً ما يقول قولاً معناه: قد حُبيت بغايات الأماني وأوتيت أقاصي المباغي فلا أحسدُ ملكاً من الملوك على شيء غير أخي علي أبي القاسم، الثلاثة أبي القاسم إسماعيل بن عباد، وأبي القاسم فضل بن سهل، وأبي القاسم بن جعفر القاضي المعروف باليزدي، وكان كل واحد منهم في فنه نسيج وحده، وقريع زمانه، منيفاً على أهل صناعته وأقرانه....) (47)

وقال ابن الانباري: (كان غزير الفضل، متفنناً في العلوم، وصاحب بلاغة وفصاحة، سمح القريحة) (48)

وقال اليافعي: (كان نادرة الدهر وأعجوبة العصر في فضائله ومكارمه .... وأخبار الصاحب بن عباد كثيرة وفضائله بين أهل هذا الفن شهيرة فاقتصرت منها على هذه النبذة اليسيرة) (49)

وقال ابن العماد الحنبلي: (كان من رجال الدهر حزماً وعزماً وسؤدداً ونبلاً وسخاءً وحشمةً وإفضالاً وعدلاً) (50)

وقال القاضي نور الله التستري: (طبعه الوقاد يقتطف في رياض العلوم من أزهار الأصول والفروع، ولرأيه المصيب في تدبير الأمور قصب السبق على أمثاله وأقرانه، وله اليد البيضاء في نظم مصالح الجمهور بفكره الثاقب، لا جرم إن أعطيت بكف كفايته ضمانة الأمور العظام، وجعلت في قبضته أعنة الحل والعقد وأزمة البسط والقبض لمصالح العباد).(51)

وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: (متكلم شاعر نحوي وقد مدحه الرضي مكاتبة ثم رثاه) (52)

وقال ابن الجوزي: (كان يخالط العلماء والأدباء ويقول لهم: نحن بالنهار سلطان وبالليل إخوان) (53)

الصاحب وقد كان لتشجيعه العلماء على التأليف ونشر العلم أن ألف له العديد من الكتب أغنت المكتبة العربية منها:

1 - عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق

2 ــ نفي التشبيه لابن بابويه القمي

3 – تاريخ قم للحسن بن محمد القمي

4 – الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس الرازي اللغوي

5 – التهذيب للقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني

6 ــ الحجر لأبي جعفر أحمد بن أبي سليمان داود الصواف المالكي. (54)

الصاحبيات

روى الأميني عن ياقوت الحموي قوله: مدح الصاحب خمسمائة شاعر من أرباب الدواوين المشهورة. وقال ابن خلكان: (كتب عنه الكتاب وألفوا فيه)، ولا يكاد يخلو كتاب من كتب الأدب من ذكر أحواله، وقد أحصى الأميني من الشعراء الذين مدحوه من أرباب الدواوين (43) شاعراً وذكر أسماءهم مع مطالع قصائدهم فيه وهم:

1 - أبو القاسم الزعفراني عمر بن إبراهيم العراقي

2 - أبو القاسم عبد الصمد بن بابك

3 - أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف الوزير من آل بويه

4 - الوزير أبو العباس الضبي

5 - الكاتب أبو القاسم علي بن القاسم القاشاني

6 - أبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي العراقي

7 - القاضي أبو الحسن علي بن العزيز الجرجاني

8 - أبو الحسن علي بن أحمد الجوهري الجرجاني

9 - أبو الفياض سعد بن أحمد الطبري

10 - أبو هاشم محمد بن داود بن أحمد بن داود بن أبي تراب البطحائي المعروف بالعلوي الطبري

11 - أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي

12 - أبو سعد نصر بن يعقوب

13 - السيد أبو الحسين علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام صهر الصاحب

14 - أبو عبد الله الحسين بن أحمد الشهير بابن الحجاج البغدادي

15 - أبو الحسن علي بن هارون بن المنجم

16 - الشيخ أبو الحسن بن أبي الحسن صاحب البريد

17 - أبو الطيب الكاتب

18 - أبو محمد ابن المنجم

19 - أبو عيسى ابن المنجم

20 - أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن المعلى

21 - أبو العلاء الأسدي

22 - أبو الحسن الغويري

23 - أبو سعيد الرستمي محمد بن محمد بن الحسن الأصبهاني

24 - أبو محمد عبد الله بن أحمد الخازن الأصبهاني

25 - أبو الحسن علي بن محمد البديهي

26 - أبو إبراهيم إسمعيل بن أحمد الشاشي العامري

27 - أبو طاهر بن أبي الربيع عمرو بن ثابت

28 - أبو الفرج الحسين بن محمد بن هند

29 - العميري قاضي قزوين

30 - أبو الرجاء الأهوازي

31 - أبو منصور أحمد بن محمد اللجيمي الدينوري

32 - أبو النجم أحمد الدامغاني المعروف ب (شصت كله)

33 - الشريف الرضي

34 - القاضي أبو بكر عبد الله بن محمد بن جعفر الأسكي

35 - أبو القاسم غانم بن محمد بن أبي العلا الاصبهاني

36 - أبو بكر محمد بن أحمد اليوسفي الزوزني

37 - أبو بكر يوسف بن محمد بن أحمد الجلودي الرازي

38 - أبو طالب عبد السلام بن الحسين المأموني

39 - أبو منصور الجرجاني

40 - الأوسي

41 - إبراهيم بن عبد الرحمن المعري

42 - محمد بن يعقوب أحد أئمة النحو

43 - محمد بن علي بن عمر أحد أعيان الري

وأغلب هؤلاء الشعراء لم تقتصر مدائحهم على القصيدة الواحدة، بل لهم قصائد كثيرة في الصاحب (55)

مكتبته

جمع الصاحب خلال وزارته التي دامت لأكثر من ثماني عشرة سنة ما لم يجمعه غيره من الوزراء والملوك من الكتب، وقد احتوت مكتبته على نفائس الكتب فأصبحت مضرب المثل في تاريخ المكتبات يقول الذهبي: جمع الصاحب من الكتب ما يحتاج في نقلها إلى أربعمائة جمل (56)

ولما طلب منه صاحب خراسان أن يقدم عليه ليعهد بالوزارة إليه كان مما اعتذر به قوله: عندي من كتب العلم خاصة ما يحمل على أربعمائة بعير أو أكثر (57)

وروي عنه قوله: لقد اشتملت خزائني على مائتين وستة آلاف مجلد ما منها ما هو سميري غيره ولا راقني منها سواه. (58)

وقد نقلت هذه المكتبة إلى دار الكتب في الري فأصبحت تلك الدار من أعظم مكتبات العالم، وكانت عماد هذه الدار، وبقيت هذه المكتبة ترفد العلماء والأدباء حتى آلت إلى يد الجهل والعصبية والحقد الطائفي، عندما غزا محمود بن سبكتكين الري فقيل له: هذه كتب الروافض فأمر بإحراقها ! يقول  الحموي: (بيت الكتب الذي بالري دليل على ذلك بعد ما أحرقه السلطان محمود بن سبكتكين فإني طالعت هذا البيت فوجدت فهرست تلك الكتب عشر مجلدات، فإن السلطان محمود لما ورد إلى الري قيل له: إن هذه الكتب كتب الروافض وأهل البدع فاستخرج منها كل ما كان في علم الكلام وأمر بحرقه). وكان خازن تلك المكتبة ومتوليها: أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي المقري، وأبو محمد عبد الله الخازن بن الحسن الأصبهاني. (59)

عقبه ووفاته ورثاؤه

بعد حياة حافلة وصاخبة بالعلم والأدب، ومفعمة بالكرم والفضل والفضائل، أغمضت عينا الصاحب عن هذه الدنيا، ولم يترك من الأبناء سوى بنت تزوجها علي بن الحسين الحسني الرئيس بهمدان، وكان من أهل العلم والفضل والأدب، فكان الصاحب يفتخر بهذه الصلة ويباهي بها، ولما ولدت ابنة الصاحب من أبي الحسين ابنه عباداً ووصلت البشارة إلى الصاحب قال:

أحمـــــــدُ اللهَ لبشرٍ‌‏     جاءنا عند العشيِّ

إذ حباني اللهُ سبطاً     هوَ سبـــــطٌ للنبيِّ

مرحباً ثَمــت أهلاً     بغــــــلامٍ هاشميِّ (60)

وقال في ذلك قصيدة أولها:

الحمدُ للهِ حمداً دائماً أبدا     قد صارَ سبط رسولِ اللهِ لي ولدا (61)

وقد كان يوم وفاة الصاحب عظيماً حيث عطلت الأسواق في الري وشيِّع تشييعاً مهيباً وحمل إلى أصفهان ودفن فيها ولا يزال قبره إلى الآن يزار.

وقد رثاه كثير من الشعراء بمراثٍ غاية في التفجُّع، وقد ذكر هذه المراثي السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة ومن الشعراء الذين رثوه الشريف الرضي، وأبو القاسم ابن أبي العلاء الأصبهاني، وأبو سعيد الرستمي، وأبو العباس الضبي أحمد بن إبراهيم، وأبو الحسن علي بن الحسين الحسني، وأبو الحسن الهمذاني، وأبو منصور أحمد بن محمد اللجيمي، وأبو الفرج بن ميسرة، وأبو الفياض سعيد بن أحمد الطبري، وأبو القاسم غانم بن محمد بن أبي العلا الأصبهاني وغيرهم، وكان أبلغ هذه القصائد وأكثرها أثراً وتأثراً، قصيدة الشريف الرضي التي بلغت (113) بيتاً، وقد شرحها لجزالتها وقوتها وشاعريتها أبو الفتح عثمان بن جني فكان مما قاله الرضي:

أكذا المنونُ تقطرُ الأبــــــــــــطالا     أكذا الزمانُ يضعضعُ الأجبالا

أكذا تصابُ الأسْـــــــدُ وهي مدلّةٌ     تحـمي الشبــولَ وتمنعُ الأغيالا

أكذا تقامُ عـــــــن الفرائسِ بعد ما     ملأتْ هـماهـمُها الورى أوجالا

أكذا تحــــط الزاهراتُ عن العلى     من بعدِ مـا شــأتِ العيونُ منالا

أكذا تكبُّ الـــبزلُ وهي مصاعبٌ     تطوي البعيـــــدَ وتحملُ الأثقالا

أكذا تغاضُ الزاخراتُ وقد طغتْ     لُجَجا وأوردتِ الظمـــــاءُ زلالا

يا طــــالبَ المعروفِ حلّقَ نجمُه     حط الحمـولَ وعطلِ الاجــــمالا

وأقمْ علــــى يأسٍ فقد ذهبَ الذي     كان الأنــــــامُ على نداهُ عِــــيالا

من كان يقري الجهـلَ علماً ثاقباً     والنقــــصُ فضلاً والرجاءُ نوالا

ويجبِّنُ الشجعــــــــانَ دون لقائِه     يـومَ الوغى ويشجِّـــــــعُ السُؤآلا

خلّع الــــردى ذاكَ الرداءَ نفاسةً     عــــنا وقلّــــــــص ذلكَ السربالا (62)

شعره

قال السيد جواد شبر إن (له عشرة آلاف بيت في مدح آل رسول الله وقد نقش على خاتمه.

شفيع إسماعيل في الآخرة‏     محمد والعترة الطاهرة) (63)

ويقول السيد الأمين عن شعره: (الصاحب مجود في شعره كما هو بارع في نثره وقلما يكون الكاتب جيد الشعر ولكن الصاحب جمع بينهما) (64)

وللصاحب في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) سبع وعشرون قصيدة كل قصيدة أخلى منها حرفاً من الحروف وبقيت عليه قصيدة خالية من الواو فأكملها صهره وجعلها في مدحه، وقصيدته الخالية من حرف الألف تبلغ ستين بيتاً أولها:

قد ظل يجرح صدري     من ليس يعدوه فكري (65)

قال عنها السيد علي خان المدني السيد في (الدرجات الرفيعة): (فتعجب الناس منها، وتداولتها الرواة فسارت مسير الشمس في كل بلدة، وهبت هبوب الريح في البر والبحر، فاستمر الصاحب على تلك الطريقة، وعمل قصائد كل واحدة منها خالية من حرف واحد من حروف الهجاء وبقيت عليه واحدة تكون خالية من الواو فانبرى صهره أبو الحسين علي لعملها وقال قصيدة ليست فيها واو ومدح الصاحب بها وأولها:

برق ذكرت به الحبائب     لما بدى فالدمع ساكب (66)

شعره

شعر الصاحب فهو يفوح بشذى ذكر أهل البيت (ع) وقد أفصح فيه عن منبعه الولائي الخالص لهم وأشهر شعره القصيدة التي بدأ كل أبياتها بكلمة (قالت) وتبلغ (64) بيتاً وفيها يستعمل لغة الحوار عبر سؤال وجواب في بيان فضائل أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) يقول فيها:

قالت: فـمَن صاحبُ الدينِ الحنيفِ أجبْ؟     فـقلتُ: أحـــــــمدُ خيرُ السادةِ الرسلِ

قالت: فمَـن بــــــعدَه تصـــفي الولاءَ له؟     قلتُ: الوصـيَّ الذي أربى على زحلِ

قالت: فمَـن باتَ مــن فوقِ الفراشِ فدىً؟    فقلتُ: أثبتُ خــــــــــلقِ اللهِ في الوهلِ

قالتْ: فمَــــــــن ذا الـذي آخـاهُ عن مِقةٍ؟     فقلتُ: من حازَ ردَّ الشمسِ في الطّفلِ

قالتْ: فمَـــــــــن زُوِّجَ الزهـراء فاطمة؟      فقلتُ: أفضلُ مـن حـــــــــافٍ ومنتعلِ

قالتْ: فمَن والدُ السبطيـــــــــنِ إذ فرعا؟     فقلتُ: ســــــابقُ أهلِ السَّبـقِ في مهلِ

قالت: فمَن فـازَ في بدرٍ بمعـــــــــجزها؟     فقلت: أضـــــــربُ خلقِ اللهِ في القُللِ

قالت: فمَن أسـدُ الأحزابِ يـــــــــفرسُها؟     فقلتُ: قاتلُ عـمــرو الضيـــغمِ البطلِ

قالتْ: فيوم حنـيـنٍ مــــــــن فـــرا وبرا؟     فقلتُ: حاصدُ أهــلِ الشركِ في عجلِ

قالت فمَـــن ذا دُعيْ للطيـــــــــرِ يأكله؟     فقلت: أقـــــــــــربُ مرضيٍّ ومنتحلِ

قالت: فمَن تلّوه يوم الــــــــــكساءِ أجبْ؟     فقلتُ: أفضلُ مكســـــــــــــوٍ ومُشتمِلِ (67)

وتقترن هذه النبرة الخالصة بالروح الولائية النابضة بحب أهل البيت (ع) فتتوحّد عنده الذات مع الموضوع فيسترسل في نشر فضائل الإمام علي (ع):

قالت: فمَن سادَ في يومِ الــــــغـــــديرِ أبِـــنْ؟     فقلتُ: من كـــانَ للإسلامِ خيرَ ولي

قالتْ: ففي من أتى فــــــي هل أتى شـــرفٌ؟     فقلتُ: أبدلُ أهــــــــلِ الأرضِ للنفلِ

قالت: فمَـــــن راكــــــعٌ زكّى بخاتـــــــــمِهِ؟     فقلتُ: أطعنـــــــــهمْ مذ كانَ بالأسلِ

قالت: فمَن ذا قــــــسـيمُ النارِ يسهمـــــــــها؟     فقلتُ: مَن رأيــــــه أذكى من الشعلِ

قالتْ: فمَن باهـلَ الطهرُ النــــــــبيُّ بـــــــه؟     فقلت: تاليـــــــــــهِ في حلٍ ومرتحلِ

قالتْ: فمَن ذا غدا بابُ المديــــــــــــــنةِ قُلْ؟     فقلتُ: مَن ســــــــــألوهُ وهوَ لمْ يسلِ

قالت: فمَن قاتـلُ الأقوامِ إذ نـــــــــــــــكـثوا؟     فقلتُ: تفسيـــــــــرُه في وقعةِ الجملِ

قالت: فمَن حاربَ الأرجـــــــاسَ إذ قسطوا؟     فقلتُ صفينُ تُبـــــــدي صفحةَ العملِ

قالتْ: فمَن قارعَ الأنجـــــــــــاسَ إذ مَرقوا؟     فقلـــتُ معنــــاهُ يــومَ النهروانِ جلي

قالت: فمَن صاحبُ الحـوضِ الشريفِ غداً؟     فقلتُ: من بيتُه في أشــــــــرفِ الحُللِ

وتتكامل عنده المواقف وتتفاعل وتتلاحم مع نفسه ليختمها بهذه الأبيات:

قالتْ: فمَن ذا لــــواء الحمدِ يحمله     فقلتُ: من لم يكن في الـــروعِ بالوَجِلِ

قالتْ: أكلَّ الذي قد قـلتَ في رجلٍ     فقلتُ: كلُّ الذي قد قلــــــــتُ في رجلِ

قالتْ: فمَن هوَ هذا الفـردُ سِمه لنا     فقلتُ: ذاكَ أميــــــــــــرُ المؤمنينِ علي

ويحرص الصاحب ان لا تفوته فضيلة لأهل البيت وخاصة سيدهم أمير المؤمنين دون أن يكون له الشرف في نشرها لتصبح نشيده الذي يفخر به. يقول في هذا المعنى من قصيدة تبلغ (78) بيتاً:

بَلَغتْ نَفسي مُــــــــــــــناها     بِالمَـــــوالي آلِ طــه

بِرَسولِ اللَهِ مَــــــــن حــــا     زَ المَعالي وَحَــــواها

وَأَخيهِ خَــــــيرِ نَــــــــفـسٍ     شَـرَّفَ اللَهُ بــــــنــاها

وَبِبنتِ المُصطَــــــفى مَـن      أَشـبَهَت فَضـــلاً أَباها

وَبِحُبِّ الحَسَــــــنِ البــــــا     لِغِ في الـــــعليا مَداها

وَالحسينِ المُــرتَـضى يَـو     مَ المَساعــي إذ حَواها

لَيسَ فيهِم غَــــــــيرُ نَـجمٍ     قَد تَمـــــــــالى وَتَناهى

عَترَةٌ أَصـبَـــــــحَتِ الـدُنـ     ـيا جَــمــيعاً في ذُراها

لا تُغَـرُّوا حـينَ صــارَت     بِاِغتِــــــصابٍ لِـــعداها

أَيُّها الـحاسِـــــــــدُ تَعــساً     لَكَ إذ رمـــــتَ قـــلاها

هَـــــل سَناً مِثــل ســناها     هَل عُـــلاً مِثل عـــلاها

أَوَ لَـيستْ صَفـــــــوةَ اللَهِ      عَلى الخَلقِ اصـــطَـفاها

وَبَـراهــــــــا إذ بَـراهــــا     وَعَلى الـــــنَــجمِ ثَراها

شَـجراتُ العِلمِ طــوبــــى     لِلَّذي نـــــــــــالَ جناها

أَيُّـها الناصِـــبُ سَـــــمعاً      تَخذ القــــــــــوسَ فَتاها

استَمِع غُرَّ مــــــــــقــــالٍ     في قَريضـــي مُجتَلاها

مَن كَمَــــــــولايَ عَـــلِيٍّ     في الوَغى يَحمي لِظاها

مَن يصيدُ الــصَـيــدَ فيها      بِالظُبى حــــينَ انتَضاها

إنتَضـاها ثُــــمَّ أمــضــــا     ها عَلَيهِم فَارتَضـــــــاها

مَن لَهُ فـي كُـــــــــلِّ يَومٍ     وَقَفـــــــــاتٌ لا تُضاهى

كَم وَكَــم حَـــــربٍ عُـقامٍ     قَدَّ بِالصَــــــــــــمامِ فاها

يا عَـذولِيَّ عَــــــــــــــلَيهِ     رُمتُما مِنّي سَــــــــــفاها

أذكُـرا أَفــعــــــــالَ بَـدرٍ     لَســــــتُ أَبغي ما سِواها

أذكُـــروا غَـــزوَةَ أُحــــدٍ    إنَّهُ شَمــــــــــسُ ضحاها

إذكُـرا حَـــربَ حُنـــــينٍ     إنَّهُ بَـــــــــــــــدرُ دُجاها

إذكُروا الأَحـزابَ تُـــعلِم     إنَّهُ لَيــــــــــــــثُ شَراها

إذكُروا مُـهـجَةَ عَمــــروٍ     كَيفَ أَفنــــــــــاها تِجاها

إذكُرا أَمــــــــــــرَ بَــراةٍ     وَاصدِقــــــاني مَن تَلاها

إذكُرا مـن زُوِّجَ الـــزَهـ     ـراءَ كَيمـــــــــــا يَتَباهى

إذكُرا لـي بُكـــــرَةَ الطَيـ     ـرِ فَـــــــــقَد طارَ سناها

إذكرا لـي قُلَـــلَ الـــــعلـ     ـمِ وَمَــن حَـــــــلَّ ذَراها

كَم أمـورٍ ذَكَـــــــــــراها     وَأمورٍ نَـسِــــــــــيـــــاها

حالُهُ حــالَةُ هــــــــــارو     نَ لِمـــــوســى فَاِفهَمـاها

ذِكرُهُ فـــي كُتُـــــبِ اللَهِ       دَراهــــــــــــا مَن دَراها

أُمَّتا موسـى وَعــــيسـى      قَد بِلَتهُ فَــــــــــــــاسأَلاها

أَعلى حــــــــبٍّ عَلــــيٍّ     لامَني القَـــــــــومُ سَفاها؟

لَم يلـج آذانَــــهُم شــــعـ     ـريَ لا صُــــــــمَّ صَداها

أَهمــــلوا قُرباهُ جَـهـــلاً     وَتَخَطّــــــــــوا مقتَضاها

نَكَثـــــوهُ بَعدَ أَيـمــــــــا     نٍ أَغــــــاروا مِــن قُواها

لَعَنـــــــوهُ لَعَنــــــــــاتٍ     لَــــــــــزمَتهُــــــم بِعُراها

وَعَـشوا في يَـــــومِ خُمٍّ     لا جَـــــــــــــلا اللَهُ عَشاها

طـَلَبوا الدُنيا وَقَــــد أَعـ     ــــرَضَ عَنـــها وَجَفــــاها

وَهوَ لَـولا الديـــنُ لَم يَأ     سَــــــفْ عَلى مَن قَد نَفاها

وَاحتَمـى عَنهـــا وَلَو قَد     قامَ كَـــــــــــــلـبٌ فَادَّعاها

يا قَسيـــمَ النـــارِ وَالجَنَـ     ـةِ لا تَخشـــــــــى اشتِباها

رُدَّت الـشَـــمـــسُ عَلَيهِ     بَعدَما فاتَ سَنــــــــــــــاها

وَلَهُ كَـأسُ رَســـولِ اللهِ      مَـــــن شــــــــــــاءَ سَقاها

أَوَّلُ الـناسِ صَــــــــلاةً     جَعَلَ التَقوى حُــــــــــلاها

عَـرَفَ التَـــأويــــل لَمّا     أَن جَــــــــهلتُهم ما طَحاها

لـَيسَ يُحصـي مـأثراتٍ     قَد حَــــــــــماها وَاعتَماها

غَيرُ مَــن قَـد وَطَّأَ الأَر     ضَ وَمن أَحصى حَصاها

ناجزته عــصـبُ البَـغـ     ـــيِ بِأَنـــــــــــــواعِ بَلاها

قَتَلتهُ ثُمَّ لَـــم تَـــــــــــقـ     ــنَع بِما كـــــــــــانَ شَقاها

فَتَصَـــــــــــدَّت لِـــبَنيهِ     بِظُبـــــــــــــــــاها وَمُداها

أَردَتِ الأَكبَـــــرِ بِـالسَـ     ـمِّ وَما كـــــــــــــانَ كَفاها

وَاِنبَرَت تَبـغي حُــسَيناً     وَعَـــــــــــــــرَتهُ وَعَـراها

وَهيَ دنياً لَـيسَ تَصفو     لاِبنِ ديــــــــــنٍ مَشـرعاها

ناوَشَتـــــــهُ، عَـطَّشَتهُ     جُرأَةً في مُــــــــــــــــلتَقاها

مَنَعَتــهُ شــربَـةً وَالطـ     ـيرُ قَد أَروَت صَــــــــــداها

وَأَفـــاتَت نَــفسَــــهُ يا     لَيتَ روحـــــــــي قَـد فداها

بِنتُــــهُ تَـــــدعو أَباها     أُختُهُ تَبكـــــــــــــــي أَخاها

لَو رَأى أَحمَـدُ ما كــا     نَ دَهــــــــــاهُ وَدَهــــــــاها

وَرَأى زَينَـــبَ وَلـهى     وَرَأى شَمــــــــــــراً سَباها

لـشكا الحـالَ إِلـى اللَهِ      وَقَــــــد كــــــانَ شكــــــاها

وَإِلــى اللَهِ سَـيَــــــأتي     وَهوَ أَولى مــــــــن جَزاها

لَعَنَ اللَهُ ابــــنَ حَربٍ     لَعنَةً تَكـــــــــــــوي الجِباها

أَيُّها الشيـــــعَةُ لا أَعـ     ـــــــني بِقَولـــي مَن عَداها

كُنتُ فـــي حالِ شَكاةٍ     أَزعَــــــــــــجَتنــــي بِأَذاها

كَأسُ حمّـــاها سَقَتني     عن حُــــــــــــمَيّاهـا حُماها

فَتَشَفَّيــــــتُ بِهــذا الـ     ـمَدحِ في الــــــوَقتِ ابتَداها

فَـــــــــــوَحَقِّ اللَهِ إنَّ      اللهَ لَم يَثبــــــــــــــــت أَذاها

وَكَفى نَفـــــسِــيَ لَمّا     تَــــــــمَّ شعــري مـا عَراها

أَحمَـــــــدُ اللَهَ كَثيــراً     عَزَّ ذو العَــــــــــــرشِ إلها

ثُمَّ ســـــاداتي فَاِنَّ الـ     ـقَـــــولُ يُلقى فـــــي ذَراها

أَيُّها الكــــــوفِيُّ أَنشد     هذِهِ وَاحــــــــــــــلُل حِباها

وَاِبنُ عَبّــــــادٍ أَبوها     وَإلَيهِ مُـــــــــــــــــــــنتَماها

طلـبَ الـــــجَنَّةَ فيها     لَم يُـــــــــــــرِد مالاً وَجاها (68)

وقصائد الصاحب في هذا الباب ــ مدح أهل البيت (ع) ــ ذات نفس خالص وعقيدة ولائية، ومن شعره في رثاء الإمام الحسين (ع) قوله من قصيدته التي تبلغ (31) بيتا وقد فدمناها:

عينُ جودي على الشهيدِ القتيـلِ     واتركي الخدَّ كالمحلِ المحيلِ

كيفَ يشفي البكاءُ في قتلِ مولا     يَ إمـــامِ التنزيـــــلِ والتأويـلِ

ولو أنَّ البحارَ صارتْ دموعي     ما كفتني لمســـــــلمِ بن عقيـلِ

قاتلوا الله والنبــــــــــــيَّ ومولا     هم علياً إذ قاتلوا ابنَ الرسولِ

صُرِّعوا حوله كواكـــــبَ دجنٍ     قتلوا حوله ضـــــــراغمَ غيلِ

إخوةٌ كـــــلُّ واحدٍ منهـــــــمُ ليـ     ـثُ عرينٍ وحــدّ سيفٍ صقيلِ

أوسعوهم طعـناً وضرباً ونحراً     وانــتهابـــا يا ضـلّةً من سبيلِ

والحسينُ الممنـــوعُ شربةَ ماءٍ     بين حرِّ الظبــــــا وحـرِّ الغليلِ

مثكلٌ بابنهِ وقد ضـــــــمَّه وهـ     ـو غريقٌ من الدمــــاءِ الهمولِ

فجعوهُ من بعـــدهِ بـــرضيــــعٍ     هل سمعـــتــم بمرضـعٍ مقتولِ

ثمّ لم يشفِــــهم سـوى قتلِ نفسٍ     هــيَ نفسُ التكبيــــــرِ والتهليلِ

هيَ نفسُ الحسيـنِ نفسُ رسـولِ      اللهِ نفسُ الـوصيِّ نفـسُ البتولِ

وطأوا جسمَـــــــــه وقد قطعوه     ويلهـم من عقـــــابِ يومٍ وبيلِ

أخذوا رأسَــــــــــه وقد بضَّعوه     إن سـعيَ الكفــــارِ في تضليلِ

نصبُوه على القنــــــــــا فدمائي     لا دمـــــوعي تسيلُ كلَّ مسيلِ

يا لكــــــربٍ بـ (كربلاءَ) عظيمٍ     ولرزءٍ على النبــــــــــيِّ ثقيلِ

كما يعلن الصاحب بن عباد عقيدته الخالصة بالأئمة الاثني عشر (ع) بقوله:

بمحمـــــدٍ ووصيه وابنيهما     الطــــاهرين وسـيّـــــــد العبّادِ

ومحمدٍ وبجعــفرِ بن محمدٍ     وسميِّ مبعوثٍ بشاطي الوادي

وعلي الطوســـيِّ ثم محمدٍ     وعلي الـــــمسمـــومِ ثم الهادي

حسن واتبـــع بعده بإمـامة     للقـــائمِ المبــــــعوثِ بالمرصادِ (69)

فالصاحب يجد في ذكر أسمائهم ما تهفو إليه نفسه ويطمئن به قلبه:

بـمـحمد ووصيِّـــــه وابنيـــهما     وبـــعابدٍ وبباقرينِ وكاظمِ

ثم الرضا ومحمدٍ ثـــــــــمّ ابنه     والعسكريِّ المتَّقي والقائمِ

أرجو النجاةَ من المواقفِ كلها     حتى أصـيرَ إلى نعيمٍ دائمِ (70)

ولا يأل الصاحب جهداً في مدح أهل البيت (ع) ونشر فضائلهم وإدلاء الحجج في تفضيلهم على غيرهم وبيان معاجزهم والبراءة من أعدائهم قال من قصيدته التي تبلغ (11) بيتاً وقد قدمناها:

برئتُ من الأرجاسِ رهــــــط أميةٍ     لما صحّ عندي مــــــــن قبيـحِ غذائهِمْ

ولعْنتهمْ خيرَ الوصـــــيـيــنِ جهرةً     لكفرِهمُ المـــــــــعـــدودِ في شـرِّ دائهِمْ

وقتلهمُ الـــــســاداتِ مـن آلِ هاشمٍ     وسبــــــــــيهمُ عن جـــــــــرأةٍ لنسائهِمْ

وذبـــحهمُ خيرَ الرجـالِ أرومـــــةً     حسينَ العلى بالكربِ فـي (كربلائـ)ـهِمْ

وتشتيـتهمْ شمــــلَ النـبيِّ مـــــحمدٍ     لما ورثوا من بغضهمْ فـــــــــي فنائِهمْ

وما غضبتْ إلّا لأصنـــــامِها التي    أديلتْ وهـــــــــــمْ أنصــــارُها لشقائِهِمْ

أيا ربِّ جنِّبني المكارهَ وأعفِ عنْ     ذنوبـــــــــــي لمّا أخلـصته من ولائهِمْ

أيا ربِّ أعدائي كــــــثيرٌ فــــردّهمْ     بغيظـــــــــــهمُ لا يظـفروا بابتغـــائِهِمْ

أيا ربِّ مَن كـــــــــــانَ النبيُّ وآلهِ     وسائله لم يــــــــــــــخشَ من غلوائهِمْ

حسينٌ توسَّلْ لـي إلــــــى اللهِ إنني     بليتُ بــــــــــهم فادفعْ عظيــــمَ بلائِهِمْ

فكمْ قد دعـوني رافضـــــياً لحبِكِمْ     فلم يثنني عنــكـــــــــــمْ طويلَ عوائِهِمْ

وقال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) ورثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (33) بيتاً يبدأ كل بيت منها بآخر كلمة في البيت الذي قبله وقد قدمناها:

قَليبٌ حكى بَدراً وَكــــــــــــان قَليبُهُ     يَفورُ دِمــــــاءً وَالدِمــــاءُ صَبيبُ

صَبيبٌ تحدّى ذا الفخــــــــارِ بِخَيلِهِ     عَليٌّ وَأَنّى لِلوَصِـــــــــيِّ ضَريبُ

ضريبٌ يُدانيهِ اِذا حَــــــمَس الوَغى     وَسهمُ الرَدى أَنّى يشــاءُ يُصيــبُ

يُصيبُ مِنَ الأَبطالِ أَرواحَـــها الَّتي     تَردُّ ظُنونَ المَوتِ وَهــيَ تَخيــبُ

تَخيـــــــــــــــبُ فَلَمّا أَن تَنمَّرَ حَيدَرٌ     فَللحتفِ عودٌ في الرِجالِ صَـليـبُ

صَليــبٌ كَما أَودى بِعمروٍ وَمرحبٍ     وَذلِكَ نـــهجٌ في القـــراعِ رَحيـبُ

رَحيــــبٌ عَلى كفِّ الوَصِيِّ وَضَيِّقٌ     اِذا رامَـــهُ غَيرُ الوَصِــيِّ يَـخيبُ

يَخيبُ وَما عَضَّت عَلى نابِها الرَدى     وَأَمّا إِذا عَـــــضَّت فَــذاكَ نَخيبُ

نَخيب وَاِن عدّوهُ نخبةَ عَســــــــــكَرٍ      وَكلُّ أَبِيٍّ في القِـــــــــراعِ يغيبُ

يَغيبُ مناويهِ بغَربِ حُســــــــــــامِهِ     إِلى حَيثُ لا يَلقى الحَبيــبَ حَبيبُ

حَبيب إِلى قَلبي التَشيُّــــــــــــــعُ انَّهُ     لكُلِّ زَكِيِّ الوالِدَيــــــــــنِ نَصيبُ

نَصيبٌ تَهاداهُ المَــــــــــــلائكُ بَينَها     وَذو النَصبِ مَغلوبٌ هُناكَ حريبُ

حريبٌ سَليمٌ لِلجَحيــــــــــــــمِ مُـهَيَّأ     إِذا حــــــــــانَ يَومٌ لِلمعادِ عَصيب

عَصيب عَلى النصّابِ لكِنَّ غـصنَهُ     عَلى الشيعَةِ المُستَمــسِكين رَطيب

رَطيبٌ وَعودُ النَصبِ اذ ذاكَ يابِسٌ     فَللنارِ في تِلكَ الجُـــــــــسومِ لَهيب

لَهيبٌ بِقَلبي حينَ أَذكرُ (كَربــــــلا)     فَيهلكني بَعد النَحيـــــــــــبِ نَحيبُ

نَحيبٌ اِذا قيلَ الحسيــــــــــنُ وَقتلُهُ     يَزيدُ وَفي قَلبي الحَــــــزينِ وَجيبُ

وَحَبيبٌ أَراهُ واجِباً بَعد ســــــــــادَةٍ     تُغادَرُ صَـرعى وَالجَميـــعُ غَريبُ

غَريبٌ بِأَرض الطفِّ تُسـبى نِساؤُهُ     وَزينـبُ وَلهى وَالمَـــــــرادُ جَديبُ

جَديبٌ وَلكِنَّ الزَمانَ سَيَنقَـــــــضي     وَيَقبلُ نـصرُ اللَهِ وَهـــــــــوَ قَريبُ

قَريبٌ كَقُربى من عـــــــلـيٍّ ولايَةً     بِها كُلَّما خــــــــــفتِ الذنوبُ أُنيبُ

أُنيبُ وَمدحي فيهِ قَد طبَّـق الـوَرى     قَصــــــــــــــــــائِدَ عبّاديَّة سَتُريب

تُريبُ رجالَ الحشوِ لَمّا قَمــــــعتُها     كَـأَنّي عَلَيهِم أَيـــــــــن كُنتُ رَقيبُ

رَقيبٌ وَسَيفي وَاِنــتِقامي بِمقـــولي     رَقيبــــــــــــــانِ كلٌّ سامعٌ وَمُجيبُ

مُجيب فَيا كوفيُّ أنشِــــــــدْ مُجَوِّداً     مـشيـبٌ عــــــــراهُ لو يَدومُ مَشيب

وقال في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً من قصيدة تبلغ (64) بيتاً:

وولاءُ آلِ محمــــــــــدٍ قد خِيرَ لي     والعدلُ والتـوحيدُ قـد سعدا بي

من بعد ما اشتدّتْ مطــالبُ طالبٍ     بابُ الرشادِ إلى هدىً وصوابِ

عاودتُ عرصةَ أصــبهانَ وجهلُها     ثبتُ القــــواعدِ محكّمُ الأطنابِ

والجبرُ والتشبيهُ قــد جثــــــما بها     والديـــــنُ فيها مذهبُ النصّابِ

فكففتهمْ دهراً وقــد فقّـــــــــــهتهمْ     إلّا أراذلَ مــــــن ذوي الأذنابِ

ورويتُ من فضــلِ النبـــــيِّ وآلهِ     ما لا يبقّي شبـــــــــهةَ المرتابِ

وذكرتُ ما خــصَّ النبيُّ بفـــضلهِ     من مفخـــرِ الأعمالِ والأنسابِ

وذرِ الذي كــــــــانتْ تعرِّفُ داءَه     إنّ الشفـــاءَ له استماعُ خـطابي

يا آلَ احمدَ أنتمُ حـــــرزي الــذي     أمِنَتْ به نـــفسي مـن الأوصابِ

أُسعدتُ بالدنيـــــــــا وقد والــيتكمْ     وكذا يكونُ مع الســـــعودِ مآبي

أنتمْ سراجُ اللهِ في ظلمِ الـــــــدجى     وحســـامُـه في كلِّ يومِ ضرابِ

ونجومُه الزهرُ التي تهدي الـورى    ولـيوثــــــه إن غابَ ليثُ الغابِ

لا يُرتجى دينٌ خلا مــــــن حبّكمْ     هـل يُرتجــى مَـطُر بغيرِ سحابِ

أنتمْ يميـنُ الله فـي أمصــــــــــارِهِ     لو يعرفُ النصّـابُ رجعَ جوابِ

لمْ يعلمــوا أنَّ الهوى يهـوي بمن     تـركَ العقيدة ربَّةَ الأنســـــــــــابِ

لمْ يعلمــوا أنَّ الوصيَّ هوَ الـذي     غَلَبَ الخضارمَ كـــلَّ يـومِ غِلابِ

لمْ يعلمــوا أنَّ الوصيَّ هوَ الـذي     آخى النبــــــــــــيَّ أخوّةَ الأنجابِ

لمْ يعلمــوا أنَّ الوصيَّ هوَ الـذي     سبقَ الجميـــــــــــعَ بسنّةٍ وكـتابِ

لمْ يعلمــوا أنَّ الوصيَّ هوَ الـذي     لم يرضَ بالأصنـــــامِ والأنصابِ

لمْ يعلمــوا أنَّ الوصيَّ هوَ الـذي     آتى الزكاةَ وكــــانَ في المحرابِ

لمْ يعلمــوا أنَّ الوصيَّ هوَ الـذي     حَكمَ الغديــــرُ له على الأصحابِ

لمْ يعلمــوا أنَّ الوصيِّ هوَ الـذي     قد سامَ أهلَ الشـــركِ سومَ عذابِ

لمْ يعلمــوا أنَّ الوصيَّ هوَ الـذي     أزرى ببدرٍ كـــــــــــلَّ أصيدَ آبي

لمْ يعــلموا أنَّ الوصيَّ هوَ الـذي     تركَ الضلالَ معـــــــــلّلَ الأنياب

ما لــي أقصّ فضائلَ البحرِ الذي     علياهُ تسبقُ عدَّ كـــــــــلِّ حسابِ

لــكنّني متروِّحٌ بيسيــــــــــــرِ ما     أُبديهِ أرجـــــــــو أن يزيدَ ثوابي

وأريـــدُ إكمادَ النواصــــــبِ كلّما    سمعوا كلامي وهو صوتُ ربابِ

يحلـــو إذا الشيعيُّ ردَّدَ ذكــــــرَه     لكن على النصّــابِ مثلَ الصابِ

مـــدحٌ كأيامِ الشبــــــــابِ جعلتها     دأبي وهُنَّ عقــــــــــــائدُ الآدابِ

حُبِّي أميرَ المؤمنـــينَ ديــــــــانةً     ظهرتْ عليه سرائــــري وثيابي

أدّتْ إليهِ بصــــــــــــائرٌ أعملتها     أعمالَ مرضيِّ اليقيــــــنِ عقابي

لم يعبث التقليدُ بي ومــــــــحبّتي     لعمارةِ الأســـــــلافِ والأحسابِ

يا كفؤَ بنتِ محمدٍ لــــــــولاكَ ما     زُفّت إلـى بشرٍ مـــــدى الأحقابِ

يا أصلَ عترةِ أحمـــدٍ لــولاكَ لمْ     يكُ أحمدُ المبعـــــــوثُ ذا أعقابِ

وأفأتَ بالحسنينِ خيــــــــرَ ولادةٍ     قد ضمَّنتْ بحقائــــــــقِ الأنجابِ

كانَ النبيُّ مدينةُ العلمِ الــــــــــتي     حوتِ الكمالَ وكنتَ أفـضلَ بابِ

رُدّتْ عليكَ الشمسُ وهيَ فضيلةٌ     بَـــهَرت فلمْ تسترْ بـــــــلفِّ نقابِ

لمْ أحكِ إلّا ما روتــــه نواصــبٌ     عادتكَ وهي مبــــــاحةُ الأسلابِ

عوملتَ يــــا صنوَ النبيِّ وتلـــوهِ     بأوابدٍ جاءتْ بكلِّ عِــــــــــــجابِ

عُوهدتَ ثـــم نُكثتَ وانفردَ الألى     نكصوا بحربِـهمُ على الأعقــــابِ

حُوربـــــتَ ثم قُتلتَ ثم لُعنــت يا     بعداً لأجمعِهمْ وطــــــــــولَ تَبابِ

أيشكُّ في لعــــــني أميةُ إنّـــــــها     نُفرتْ على الإصرارِ والأضـبابِ

قد لقّبــــــوكَ أبا ترابٍ بعــــــدما     باعوا شريـــــــــعتَهم بكفِّ ترابِ

قتلوا الحسيــــــنَ فيا لعولي بعده     ولطولِ نوحي أو أصيـــرُ لما بي

وهمُ الألى منــــــعوه بلّة غُـــــلةٍ     والحتفُ يخطبُه معَ الخطّــــــــابِ

أودى به وبـــــأخـوةٍ غُرٍّ غــدتْ     أرواحُهم شَوراً بكــــــــــفِّ نهابِ

وسبوا بنـــــاتِ مـحمدٍ فكأنــــهمْ     طلبوا دخولَ الفتحِ والأحـــــــزابِ

رفقاً ففي يومِ الـقيامةِ عـــــنـــية     والنارُ باطشة بســــــــــوطِ عقابِ

ومحمدٌ ووصيُّـه وابــــنـــــاهُ قد     نهضوا بحكمِ القــــــــــاهرِ الغلّابِ

فهناكَ عضَّ الظـــالمونَ أكـفَّهمْ     والنارُ تلقاهمْ بغيرِ حجــــــــــــــابِ

ما كفَّ طبعي عن إطـــالةِ هذهِ     مَلَلٌ ولا عجزٌ عــــــــــن الإسهابِ

كلا ولا لقصورِ عـلياكمْ عن الـ     إكـــثارِ والتطويلِ والإطنــــــــــابِ

لكنْ خشيتُ على الــرواةِ سآمةً     فقصـدتُ ايجـــــــــازاً على إهذابِ

كم سامعٍ هذا ســليـــــــمُ عقيدةٍ     صــدقِ التشيُّعِ مـــــن ذوي الألبابِ

يدعو لقائِلها بـــأخلـــــــصَ نيّةٍ     متخشّعاً للواحـــــــــــــــــدِ الوهّابِ

ومناصبٍ فارتْ مراجلُ غيظهِ     حنــــــــــقاً علـيَّ ولا يطيـقُ معابي

ومــــــقابلٍ ليَ بالجميلِ تصنّعاً     وفؤادُه كــــــــــــــرهٌ على ظَبظابِ

إنّ ابنَ عــــــبّادٍ بآلِ محــــــمدٍ     يرجو بـــــــــرغمِ الناصبِ الكذّابِ

فإليكَ يا كـــــــوفيّ أنشِــدْ هذه      مـــــــــثلَ الشبابِ وجودَةِ الأحبابِ (71)

فالصاحب هائم في حب أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا ينفك يلهج باسمه يقول من قصيدة جمع الشارح منها (25) بيتاً:

وكمْ دعوةً للمصطفى فــيهِ حُققت     وآمالُ من عادى الوصيَّ خــــوائبُ

فمن رمــــــــــدٍ آذاهُ جــلّاهُ داعياً     لساعتِه والـريحُ في الحربِ عاصبُ

من سطوةِ للحــرِّ والـبـردِ رُفِّعتْ     بدعـــــــــــوتِهِ عنه وفيها عــــجائبُ

وفي أيِّ يومٍ لمْ يكنْ شـمسُ يومِهِ     إذا قــــيلَ هــذا يومَ تقضى المآربُ؟

أفي خطبةِ الزهراءِ لمَّا استخصَّه     كـــفاءً لـــــها والكلُّ من قبلُ طالبُ؟

أفي الطيرِ لمّا قـــد دعا فأجـــابه     وقد ردَّه عنـــــــــــــه غبيٌّ مواربُ؟

أفي رفـــعهِ يومَ التبـــاهلِ قدره؟     وذلكَ مجــــدٌ ما عـــــــلمتُ مواظبُ

أفي يومِ خمٍّ إذ أشـــــــادَ بذكرهِ؟     وقـــد سمعَ الإيصـــــاءَ جاءٍ وذاهبُ

أيعسوبُ دينِ اللهِ صنـــــــوُ نبيِّهِ     ومَـــــن حبُّه فــــرضٌ مِن اللهِ واجبُ

مكانــكَ من فوقِ الفراقـــدِ لائحٌ     ومــــجدُكَ من أعـلى السماكِ مُراقبُ

وسيفُكَ في جيدِ الأعــادي قلائدٌ     قــــلائدُ لم يعكفْ عــــــــــليهنَّ ثاقبُ (72)

ويقول من أخرى تبلغ (33) بيتاً:

يا عَلِيُّ الَّذي عَلا عَن مُــــــــحاذٍ     وَسَــــما عَن مُـقارنٍ وَمُوازي

أَنتَ رَبُّ الجهادِ وَالزُهــــدِ وَالعِلـ    ـمِ وَقُربىً فـي مَوضِعِ الأَحرازِ

صاحبِ الطَيرِ وَالكَساءِ أَبي السِـ     ـبطَينِ ليثِ الأَبطالِ يوم البِراز

مالِكِ الحَوضِ وَاللِواءِ لِـــواءِ الـ     ـحَمدِ حـــتفِ الرِقابِ وَالأَجوازِ

كَم فِقارٍ بِذي الفقــــــارِ تَــــعَمَّــد     تَ فَأَسلَمتَ أَهلَـــــــهُ لِلتَـعازي

أَنتَ أَعجَزتَ في غداة التَـــلاقي     كُلَّ خَصمٍ نِهايَةَ الاِعــــــــــجازِ

أَنتَ بادَرتَ يَومَ بَدرٍ وَبَـعضُ الـ     ـقَومِ لا يُخرَجون بِالمِهــــــــمازِ (73)

ولا ينتهي الحديث عن أمير المؤمنين فبه لذة لا يدركها إلا من رضع بلبن الولاء وسقي قلبه بماء العقيدة يقول من قصيدته التي تبلغ (50) بيتاً وقد قدمناها:

سَبَقَ الوَصِيُّ إِلى العُلى طُلّابَـــــها     حَتّى تَمَلَّكــــــــــها بِغَيرِ قرينِ

شَمسٌ وَلكِن لَيسَ يَغرُبُ قـــرصُها     وَضَيـــــــاغِم لَم تَستَتِر بِعَرينِ

جَذَبَ النَبِيُّ بِضَبعِه يَـــــــومَ الغَديـ     ـرِ وَوَكَّــــــدَ التَعريفَ بِالتَعيين

خَتَمَ الرِقابَ بِنَصبِــــــــــــهِ لِوِلايَةٍ     خَتم الرقاب خلاف خَتمِ الـطينِ

يَومٌ أَغرُّ أَضـــــــــــاءَ غُرَّةَ هاشِمٍ     يَـــــــــومٌ هِجانٌ ساءَ كلَّ هَجين

اذكر لَهُ بَدراً وَسَـــعي حســــــامِهِ     في هَجرِ روحٍ أَو وِصالِ مَنون

وَاِذكُر لَهُ أُحداً وَقَد أَرضى الرَدى     وَرضا الردى إسخاطُ كلِّ وَتينِ

ثُمَّ اذكُر الأَحزابَ وَاذكُر سَيـــــفَهُ     أَسَـدٌ يُلاقي الحَـــــــربَ بِالتَبنينِ

وَاذكُر يَهودَ بِخَيـــــــبَر اِذ شَـــلَّها     مِثــلَ العُقــــــاب يُشلُّ بِالشاهينِ

وَاِذكُر حُنَيناً حينَ أَصبَح عَضبُــهُ     يَـلقى المَنـاجِزَ عن هَوىً وَحنين

أَجرى دماء المُشرِكينَ فَلَو جرت     فـي مَوقِـــــفٍ لَرَأَيتَ أَلفَ معينِ

وَاذكُر مُؤاخــــــــــاةَ النَبِيِّ وَقَولِهِ     ما قالَ في مــوسى وَفي هارونِ

قَد سُدَّت الأَبــــــــــــوابُ إلّا بابَهُ     لَو كـــــانَ يُعرَفُ مَوضِع التَبيين

وَبَراءَةُ ارتَـــــجِعَت وَمُلِّكَ أَمرَها     يا رَبَّ شَــــــــــأنٍ ناسِخٍ لِشُؤونِ

وَبـ هَل أَتى وحيٌ بِمَفـخرِ ما أَتى     لِيُغَضَّ طَــرفُ الناصِبِ المَغبونِ

أَرُواةَ آثارِ الــــــنَبِيِّ مَـــــنِ الَّذي     يُدعى قَسيــــــــمَ النارِ يَومَ الدينِ

مَن بـــــابُهُ في العِــلمِ وَهوَ مَدينَةٌ     إيهٍ وَصـــــــاحِبُ سرِّهِ المَخزونِ

مَن زُوِّجَ الزَهـراءَ حينَ تَزاحَموا     فـــي خُطبَةٍ كَـشَفَت عن المَكنونِ

وقال فيه (عليه السلام) من أخرى تبلغ (33) بيتاً:

بابُ المَدينَة لا تَبـــــــغوا بِـــهِ بَدَلاً     لِتَدخُلوها وَخـــــلّوا جـانِبَ الــــــــتيهِ

كَفو البتــولِ وَلا كــفوٌ ســــواهُ لَها     وَالأَمر يَــــكشِفُهُ أَمــــرٌ يُـــــــــوازيهِ

يا يَومَ بَدرٍ تـــجـــشَّم ذكرَ مـــوقِفِهِ     فَاللَـــــوحُ يَحفَظُهُ وَالوَحيُ يُـــــــمليهِ

وَأَنتَ يا أُحدُ قُل ما في الوَرى أَحدٌ     يَطيقُ جحداً لما قد قُـــــــــــــــلتُهُ فيهِ

بَراءَةُ استــرسلي لِلقَولِ وَاِنـبَسطي     فَقَد لبسـتِ جمالاً مــــــــــــــــن تَوَلّيه

وَان رجـــعتُ إِلى يومِ الغَديرِ وَكم     من مَفخرٍ فيهِ أَحـــــــكيهِ وَأَرويــــــهِ

وَكانَ هارونَ موسى لــــــــو تَبَيَّنَهُ      مَن قد غَدا النَصب دون الرشدِ يَعميه

وَلو كتبتُ الَّذي حازَ الوَصِـــيُّ لما     كانَ البســـــــاطُ بِساطُ الأَرضِ يَكفيهِ (74)

وهذان البيتان يصدران من القلب ويدخلان في القلب:

أبا حسنٍ لوكــــــان حُبّك مدخلي‌‏     جهنمَ كان الفوزُ عندي جحيمُها

وكيفَ يخافُ النارَ مَن هوَ موقنٌ     بأنّكَ مــــــــــولاهُ وأنتَ قسيمُها (75)

وهذان أيضا:

لو فتشوا قـــلبي رأول وسطه     سطرانِ قد خُـــــطا بلا كاتبِ

العدلُ والـــــتوحيدُ في جانبٍ     وحـــبُّ أهلِ البيتِ في جانبِ (76)

وقلب الشاعر متعلق بحب أهل البيت (عليهم السلام) وهو يلهج بذكرهم أينما حل وارتحل، فيرسل سلاما إلى سلطان القلوب علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول من قصيدة تبلغ (17) بيتاً

أبلغْ سلامــــــي زاكـــياً     بطــوسَ مولاي الرضا

سبط النبيِّ المصطـــفى     وابنَ الوصيِّ المرتضى

مَن حازَ عزّا أقعــــــساً     وشــــــــادَ مجداً أبيضا

وقل له عـــن مـــخلصٍ     يرى الــــــولا مفترضا

في الصدرِ نـــفحُ حرقةٍ     تتركُ قلبـــــــي حرضا

من ناصبـــيــن غادروا     قلبَ المـــوالي ممرضا

صرحتُ عنهم مُعرِضا     ولم أكــــــــــن مُعرِّضا

نابذتـــهمْ ولم أبـــــــــل     إن قيـــــــلَ: قد ترفَّضا

يا حبَّـــــذا رفضي لمنْ     نابـــــــــــــذكمْ وأبغضا (77)

ويحن إلى زيارة سادته أئمة الهدى فينفس عن لوعته وحنينه فيقول في أرجوزته التي تبلغ (13) بيتاً وقد قدمناها:

يا زائراً قد قــــــــصدَ المـــشـــــاهدا     وقطعَ الجبـــــــــــــــالَ والفدافدا

فأبلغِ النـــــــبيَّ مــــــــــــــن سلامي     ما لا يبيـدُ مدّة الأيـــــــــــــــــــامِ

حتى إذا عدتَ لأرضِ الـــــــــــكوفةْ     البلدةُ الـطــــــــــــاهرةُ المعروفةْ

وصرتَ في الغــــريِّ في خيرِ وطنْ     سلّم على خيرِ الورى أبي الحسنْ

ثمَّةَ سِرْ نحوَ بـــــــــــقيعِ الغــــــرقدِ     مسلّمـاً عــــــــــــــــلى أبي محمدِ

وعُد إلى الـــــــــــــطـفِّ بـ(كربلاء)     أهـــــــــدِ ســلامي أحسنَ الإهداءِ

لخيرِ مـــن قد ضـــمَّه الصــــــــعيدُ     ذاكَ الحسيـــــــــــــنُ السيدُ الشهيدُ

واجـــنبْ إلى الصحراءِ بــــــــالبقيعِ     فثمَّ أرضُ الشـــــــــــــرفِ الرفيعِ

هـــناكَ زينُ العابديــــــــــنَ الأزهرِ     وباقرُ العـــــــــــــــــــلمِ وثمَّ جعفرِ

أبلغهمُ عني الســـــــــــــلامَ راهـــناً     قـــــد ملأ البـــــــــــــلادَ والمواطنا

واجنبْ إلى بغدادَ بـعـــــــد الـــعيسا     مُسلــــماً عــــــــــلى الزكيِّ موسى

واعجلْ إلى طوسَ على أهدى سكنْ     مُـــــــــــــــبلّغاً تحـــيتي أبا الحسنْ

وعُــــــــــدْ لبغدادَ بطيرٍ أســـــــــعدِ     ســـــلّمْ على كنزِ التــــــــقى محمدِ

وأرضُ ســـــامــراءَ أرضُ العسكرِ     سلّم عـــــــــلى عــــليِّ ابنِ المطهَّرِ

والحسنِ الــــــرضيِّ فـــــي أحواله     من منبعِ العــــــــــــــلومِ في أقوالِه

فإنهمْ دونَ الأنــــــــــــــــامِ مفزعي     ومَن إليهـــمْ كلُّ يـــــــــومٍ مرجعي

ويقول من قصيدة تبلغ (91) بيتاً

وأوصى إلى خيرِ الرجالِ ابنِ عمِّه     وإن ناصبَ الأعداءُ فيه فما هدوا

تـــــــجمَّعَ فيه ما تفرَّق في الورى     مِـــــن الخيرِ فاحصوهُ فإني أعدِّدُ (78)

.................................................................

1 ــ ديوان الصاحب بن عباد: تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين، ط1 مكتبة النهضة ــ بغداد 1384 هـ / 1965 م ط2 دار القلم بيروت 1394 هـ / 1974 م ص 181 ــ 182

2 ــ نفس المصدر ص 165 ــ 169

3 ــ نفس المصدر ص 120 ــ 128

4 ــ نفس المصدر ص 162 ــ 165

5 ــ نفس المصدر ص 135 ــ 139

6 ــ نفس المصدر ص 261 ــ 264

7 ــ نفس المصدر ص 78 ــ 88

8 ــ نفس المصدر ص 128 ــ 135

9 ــ نفس المصدر ص 205 ــ 207

10 ــ البداية والنهاية ج 11 ص 314 / شذرات الذهب ج 4 ص 113

11 ــ الأنساب ص 364 / معجم الأدباء ج 6 ص 168 / معجم البلدان ج 6 ص 8 / النجوم الزاهرة ج 4 ص 170

12 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 328

13 ــ بغية الوعاة ص 96

14 ــ الغدير ج 4 ص 42

15 ــ وفيات الأعيان ج 1 ص 206

16 ــ المنتظم ج 7 ص 180

17 ــ يتيمة الدهر ج ٣ ص ٢٢٦ ــ 227

18 ــ الوافي بالوفيات للصفدي ج 9 ص 78

19 ــ يتيمة الدهر ج 3 ص 230

20 ــ معجم الأدباء ج 6 ص 300

21 ــ وفيات الأعيان ج 1 ص 206 / سفينة البحار ج 2 ص 14

22 ــ يتيمة الدهر ج ٣ ص 227 ــ ٢٢٨

23 ــ الغدير ج 4 ص 48

24 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص ٣٥١ / مقدمة ديوان الصاحب بن عباد تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين ص 8 ــ 9

25 ــ الغدير ج 4 ص 43 ــ 44

26 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص ٣٥١

27 ــ الأنساب ص 364

28 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 352

29 ــ معجم البلدان ج 4 ص ٣٩٨

30 ــ الفن ومذاهبه في النثر العربي ص 215

31 ــ الغدير ج 4 ص 69

32 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص 351 ــ ٣٥٢

33 ــ نزهة الألباء في طبقات الأدباء لأبي البركات الأنباري ج 1 ص 240

34 ــ الغدير ج 4 ص 40 ــ 81

35 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 328 ــ 370

36 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 331

37 ــ يتيمة الدهر ج 3 ص 169 – 267

38 ــ يتيمة الدهر ج 3 ص 225

39 ــ عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٢

40 ــ الأنساب ص 364

41 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 330 عن تاريخ الوزراء للصابي

42 ــ تاريخ آداب اللغة العربية ــ باب الإنشاء والترسل

43 ــ بغية الوعاة ص 196

44 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 330

45 ــ لسان الميزان ج 1 ص 413

46 ــ نفس المصدر ص 416 عن التدوين في علماء قزوين للرافعي

47 ــ محاسن إصبهان ص 126 

48 ــ نزهة الألباء في طبقات الأدباء ص ٣٢٥

49 ــ مرآة الجنان 2 ص 441

50 ــ شذرات الذهب ج 3 ص 113

51 ــ مجالس المؤمنين ص 324

52 ــ معالم العلماء ص 148

53 ــ المنتظم 7 ص 172

54 ــ الغدير ج ٤ ص ٤٤ ــ 45

55 ــ نفس المصدر ص 49 ــ 55

56 ــ سير أعلام النبلاء ج 16 ص 511

57 ــ بغية الوعاة ص 197 / شذرات الذهب ج 3 ص 115

58 ــ معجم الأدباء ج 13 ص 97 / تاريخ ابن خلدون ج 4 ص 466 / عمدة الطالب ص 195

59 ــ الغدير ج ٤ ص ٤٧

60 ــ ديوان الصاحب بن عباد: تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين، ط1 مكتبة النهضة ــ بغداد 1384 هـ / 1965 م ط2 دار القلم بيروت 1394 هـ / 1974 م ص 304

61 ــ نفس المصدر ص 211

62 ــ ديوان الشريف الرضي، تحقيق الأستاذ أحمد عباس الأزهري / المطبعة الأدبية ــ بيروت 1307 هـ ص 670 ــ 676

63 ــ أدب الطف ج 2 ص 145 ــ 146

64 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 358

65 ــ ديوان الصاحب بن عباد ص 147 ــ 151

66 ــ الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ص ٤٨٣

67 ــ ديوان الصاحب بن عباد ص 38 ــ 47

68 ــ نفس المصدر ص 114 ــ 119

69 ــ نفس المصدر ص 204

70 ــ نفس المصدر ص 274

71 ــ نفس المصدر ص 100 ــ 106

72 ــ نفس المصدر ص 186 ــ 188

73 ــ نفس المصدر ص 73 ــ 77

74 ــ نفس المصدر ص 143 ــ 147

75 ــ نفس المصدر ص 275 / أعيان الشيعة ج 3 ص 358

76 ــ نفس المصدر ص 183

77 ــ نفس المصدر ص 159 ــ 160

78 ــ نفس المصدر ص 27 ــ 38

كما ترجم له وكتب عنه:

ابن طاووس / اليقين ص 457

الحر العاملي / أمل الآمل ج 2 ص 34 ــ 96

عباس القمي / الكنى والألقاب ج 2 ص 365

السيد حسن الصدر / تأسيس الشيعة لفنون الإسلام ص 159

ابن النديم / الفهرست ص 194

ابن الأثير / الكامل في التاريخ ج 8 ص 352 و 9 و 59

ابن فرحون / الديباج المذهب ص 36

ابن كثير / البداية والنهاية ج 11 ص 268

ابن العماد / شذرات الذهب ج 3 ص 113

ابن سنجر / تجارب السلف ص 243

النويري / نهاية الإرب في فنون الأدب ج 3 ص 108

عبد الرحيم العباسي / معاهد التنصيص شرح شواهد التلخيص ج 2 ص 162

القاضي التستري / مجالس المؤمنين ص 324

المازندراني / منتهي المقال في أحوال الرجال ص 56

المامقاني / تنقيح المقال ج 1 ص 135

عباس القمي / سفينة البحار ج 2 ص 13

الشهيد الثاني / شرح دراية الحديث ص 92

علي خان المدني / الدرجات الرفيعة ص ٤٨٢

الخونساري / روضات الجنات ج ٢ ص ١٩

محمد السماوي / الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 / 175

المافروخي الأصفهاني / محاسن إصبهان ص 126

القفطي / إنباه الرواة ج 1 ص 201

التوحيدي / الامتاع والمؤانسة ج 1 ص 53

ابن النديم / الفهرست ص 194

الذهبي / سير أعلام النبلاء ج 16 ص 511

ابن خلدون / العبر ج 2 ص 166

ابن تغري بردي / النجوم الزاهرة ج 4 ص 169

أبو طالب اللخمي المزيدي / الديوان المعمور في مدح الصاحب المذكور

محمد علي بن الشيخ أبي طالب الزاهدي الجيلاني ــ أخبار الصاحب بن عباد

السيد أبو القاسم أحمد بن محمد الحسني الحسيني الأصبهاني - رسالة الارشاد في أحوال الصاحب بن عباد

الشيخ محمد حسن آل ياسين ــ الصاحب بن عبّاد .. حياته و أدبه

الأستاذ خليل مردم بك ــ الصاحب بن عباد / وهو الجزء الرابع من سلسلة أئمة الأدب الأربعة

كامل عويضة ــ الصاحب بن عباد .. الوزير الأديب

المرفقات

: محمد طاهر الصفار