الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 30/ربيع الآخر/1441هـ الموافق 27 /12 /2019م :

اخوتي اخواتي..

اودّ ان اكون بخدمتكم في الأمر التالي :

الامور الحياتية قطعاً تتشعب سهولة وصعوبة، وينبغي علينا في جميع مناحي الحياة أن نركن الى أهل العقل وأهل الحكمة وان لا نتجاوز المشورة لأنها تُفضي الى الندامة.

قد أتصور انني قد احطت بكل شيء فابدأ اتصرف وفق هذا المنظور قد غروراً بنفسي واتكالا ً على عقلي المجرّد مع انهُ يوجد من هو أفضل مني ومن هو أعقل منّي ومن هو اكثر حكمة والأمر يعنيني وانا لابد ان انجح في هذه مسيرة حياتي عامة اقتصادياً اجتماعياً سياسياً اُسرياً..، انا اُريد ان انجح اذا كنت فعلا ً اُريد ان انجح لابد ان ارتب حياتي بطريقة اضمن لها سلامة القرار وسلامة القرار تحتاج الى رويّة..، ميزة أهل العقل والحكمة ان لا يعطي رأياً جُزافاً وان لا يتعامل مع انفعالات قد لا تحلّ الإشكال وانما ميزة أهل العقل والحكمة ان يدرسوا الأمر من جميع اطرافه فإذا قرروا قرروا بمقدار يضمن لنا سلامة هذا القرار.

وحقيقة اخواني الانسان في بعض الحالات يبحث عن ناصح يبحث عن معلّم يبحث عن مرشد يبحث عن حكيم يبحث عن عاقل.. ومقصودي العاقل ليس المقصود العقل في قبال الجنون، الناس كُلها بهذا المقدار عُقلاء إلا مَن جُنَّ  ولكن مقصودي أهل العقل هم هناك اُناس يمتازون بقدرتهم على تشخيص المشكلة وإيجاد الحلول الحقيقية لها.

وأهل العقل وأهل الروية وأهل الحكمة نوع من الرحمة في كل مجتمع على اختلاف المجتمعات، ان الانسان يلجأ لهؤلاء حتى يوجهوه بمقدار ما يجعل له حالة من الانقاذ في المشكلة التي هو فيها، واقرأوا التاريخ كثيراً والمجتمعات، المشكلة ليس في أهل الحكمة والعقل المشكلة في من لا يسمع أهل الحكمة والعقل، المشكلة ايضاً في من يدعي انهُ من أهل العقل والحكمة يدعي وهذا الإدعاء لا يجعلهُ من أهل العقل والحكمة بالعكس هذا الادعاء سيجعلهُ وجعل نفسه تغيب عنه الحقائق كثيراً لأنه صدّ نفسهُ عن الرؤية الحقيقية.

الانسان العاقل عندي مشكلة مرضية اعلم اني مريض وانا لستُ من اختصاص ان اعالج نفسي لابد ان اعرض نفسي وبعد ان اعرض نفسي ووجهني الطبيب ايضاً لابد بعد ذلك ان اسمع ما يقول الطبيب، اما اذا لم أسمع ولم أكترث سأبقى مريضاً وان كنتُ اظن عند نفسي انني شُفيت لأن العلاج لم أحصل على العلاج، انا اوهمتُ نفسي اني تعالجت لكن حقيقة انا لم اتعالج.

ولاحظوا اخواني حتى لا اُطيل كلٌ منّا يحتاج الى ان يشاور الآخرين، نعم، من يشاورهم لابد ان يكونوا أهل المشورة، وكلٌ يُحبّ ان يكبر والكُبر ليس في العمر وانما الكُبر بما عندي من معرفة او بما اُعرّف من أهل العقل والحكمة بالمعرفة حتى اكون كبيراً اما اذا لا عندي هذه المعرفة ولا اعتمد على اهل العقل سأبقى صغيراً ما حييت، وأهل العقل والحكمة ليس يأتون بقرار اخواني، الانسان يُميَّز من تجربة ويُميَّز ويُعرَف ان هذا من أهل العقل والحكمة فليس من إنصاف نفسي اني لا أسمع اهل العقل وأهل الحكمة، ليس من إنصاف نفسي لابد ان انصف نفسي كما اختار لجسمي الطعام الجيد لابد اختار لعقلي ونفسي الفكرة الجيدة، إن لم أستطع لابد ان اسعى لها فإذا توفّرت لابد ان اعمل بها.

الانسان عندما يرى نفسه في المرآة يراها على حجمها الحقيقي، المرآة تعكس حجمه الحقيقي اما بعض المرآة لا تعكس حجمه الحقيقي تكون هذه المرآة مزيفة، توجد بعض انواع المرآة تضخّم شكل الانسان وتعطيه شكلا ً آخر هذه المرآة تزيّف الحقائق، الحقائق كما هيَ ونِعمة ان الانسان عندهُ من أهل العقل وأهل الحكمة لكن هذه ستكون مدعاة الى ان يؤشّر عليهِ بالسلب اذا لم يستنير برأي اهل العقل واهل الحكمة، انا قلت المشكلة ليست هنا المشكلة فيمن لا يسمع او من يسمع ولا يطبّق.

كلٌ منّا يمر بحياتهِ على تفاوت موقع كل منّا في مشاكل يحتاج من يستشيرهُ ويحتاج من ينبههُ ويحتاج من يستشيره وينبهه على انهُ كيف المخلص من هذه المشكلة التي انا فيها..، والانسان يكون سعيداً اذا اعطوه الحل العاقل يكون سعيداً اذا حصّل على الحل ويكون موفقاً واسعداً اذا عمل بما قيلَ لهُ.

على كل حال هذا ما يسمح بهِ الوقت اخواني نسأل الله سبحانه وتعالى سلامة الابدان والارواح وان يحفظ بلادنا من كل سوء اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

حيدر عدنان

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات