إلى الإمام الحسين (عليه السلام)
مدينةُ مقتوليـــــــــــنَ طاحـوا ، فأعشبوا *** مبالغةً عن آخرِ المــــــــــــــــاءِ تُكتبُ
وسنُّوا على أسمـــــــــــائِهـم من سمائِهم *** شريعةَ أنَّ المــــــــــــوتَ لا بدَّ يُشطَـبُ
أداروا رحى الأرواحِ ، ليـستْ جسومُهمْ *** سِوى الريـــــــــحِ ، ذرّوها ولم يتهيـبوا
وخطوا على الأنهــــــــارِ سِفْرَ انتسابِها *** إليهمْ ، إذاما السيـــــــــف للسيف يُنـسَبُ
وقالوا : ومعنى كربـــــــــلاء ، سندَّعي *** بأنَّ جميـــــــــــــعَ الأرضِ منّا ستـعجبُ
وتشربُ من أحلامنا ما يُجيــــــــــــرُها *** من الليلِ لو أدماهُ ظُفْرٌ ومــــــــــــــخلبُ
وتصرخُ حتى يفتحَ الصمــــــــــتُ قلبَهُ *** ويصغي : هنا ينجو الوجـودُ المــــــعذَّبُ
هنا كربلا ، حزنُ الحسينِ وحُســــــــنُهُ *** ومأساتُهُ والذكريــــــــــــــــــاتُ وزيـنبُ
وقصتهُ الحمــــــــراءُ ، أحلى فصولـها *** هو الأحمرُ المزهُــــــــــوُّ أنْ هو يُسـكَبُ
يمرُّ السمائيُّونَ في خَلَجـــــــــــــــــــاتِهِ *** سلاماً عليـــــــهِ ، وهْوَ يـخطو ويخـطبُ
يَشِيدونَ أو يشْـــــــــــدونَ ، كلٌّ وذوقُهُ *** فليس بها الا كتـــــــــــــــــــــابٌ وكوكبُ
مديـــــــنتُهمْ ، لو جفَّتِ الأرضُ حولهمْ *** وخانَ بهم حتى الخليــــــــــــــلُ المجرَّبُ
فإنَّ لهم فـــــــــــــــــــي كربلاءَ منارةً *** صحــــــــــــــــــــائفُها لا تمَّحى أو تُكَذّبُ
نمتْ بينَ أشلاءِ الحسيــــــــــنِ وحدَّثتْ *** عن الموتِ يبلى إذ يـــــــــــــراهُ ويهربُ
وعاشتْ بأسرارِ الضـــريحِ ، وأنجـبتْ *** وكانَ لها طفـــــــــــــلٌ من الضـوءِ يلعبُ
يرى العالمُ الأعلـى مجــــــــرَّةَ كـربلا *** كأنْ هيَ لفظٌ والسمـــــــــــــــاواتُ تُعرِبُ
ترابُ الترابييـــــــــــــــنَ فيها ســرائرٌ *** من العطرِ ، يصحو في النفوسِ ويصحبُ
وأيَّةُ أرضٍ باغـتَ المـــــــــحوُ وجهها *** فنــــــــــامتْ ، وأمسى وهْو يدعو ويندبُ
ولم تتأثرْ ذرةٌ مـن شبـــــــــــــــــــابها *** بهِ ، فتـــــــــــــــــداعى وهـو أرذلُ أشيبُ
وراحَ الصبـــاحُ العذْبُ يحـسدُ سورَها *** وسورتَها ، والمجـــــــــــــدُ يُجـلى ويُجلبُ
هي الوطنُ المسفــوكُ ، في كــلِّ دولةٍ *** يمرُّ بها جيشُ المنايا ويــــــــــــــــــــذهبُ
يموتُ وتحيا ، لم تغبْ عن بقــــــــائها *** وإنْ بعضُ معناها شريـــــــــــــــدٌ مغرَّبُ
جرى ذكرُها في كلِّ ديـــــــنٍ ومذهبٍ *** ومثَّلها في الأرضِ قبـــــــــــــــــرٌ مذهَّبُ
مدينةُ مقتولينَ أخفتْ جراحَـــــــــــــها *** ومن دمِها قامَ الزمانُ المخضَّــــــــــــــبُ
مهدي النهيري
اترك تعليق