اخوتي اخواتي..
استكمالاً لموضوع عاشوراء احب ان انوّه الى الامر التالي..
طبعاً سبق وتحدثنا عن ابنائنا الشباب وأهمية هذه الطاقات العقلية والنفسية والبدنية، أهميتها في كل بناء، والتعويل على الشباب أمرٌ في غاية الأهمية إذا لاحظنا ايضاً مجموعة من الامور ولعلّ من الامور المهمة للشباب هو ان الشاب خصوصاً بعد ان يدخل السن المقبولة من جهة شرعية قد يُكمل الخمسة عشر سنة والوضع العُرفي العام في بعض القوانين ان يتجاوز الثامنة عشر مثلا ً وعلى كل حال هذه الفترة فترة شباب وتمتد..
لعلّ من جملة الاشياء التي تجعل الشاب من العناصر الفاعلة حقيقة هو ان يتعلّم في هذا العمر عمر الشباب هناك طاقة عقلية كما توجد طاقة بدنية وهذه الطاقة العقلية لابد ان يربيها ولابد ان يحيطها بعناية خاصة حتى تستكمل هذه الامور بناء شخصيتهِ ولابد ان نعرف جميعاً ان الزمن اذا ذهب لا يعود، يعني لا توجد عندنا قدرة ان نستعيد الزمن، نعم الانسان ممكن ان يلتفت ويحاول ان يبذل جهداً مضاعفاً حتى يعوّض الأزمان الفائتة وقد لا يتوفق الظرف قد لا يُسعفهُ بذلك لكن لابد ان نؤسس هذه المبدأ وهو واضح اننا لسنا في حال نستطيع ان نُرجع الزمن يعني نُرجع ما فات فإذن لابد ان نُهيئ أنفسنا على ان لا نفرّط في الوقت..، يعني الانسان يكون دائماً في حالة من اليقظة ان لا يفرّط في الوقت فلابد ان يتعلّم ولابد ان يتأمّل ولابد ان يُحدد بعض ما يريد..
في بعض الحالات الانسان تكون عندهُ ضبابية حول تحديد هدفيته وهو في عمر قد لا يستطيع ان يحدد ما يضر وما ينفع ابتداءً..، يحتاج الى موجّه حتى يتعلم حتى يرشد وهذه الحالة للانصاف هي حالة صحيّة تماماً، يعني الشاب اذا كانت همتهُ ان يستفيد من الوقت ويتعلّم وتهيئ لهُ معلم وتهيئ مُرشد وتهيئ لهُ مخلِص تحقق الغرض، فهذا الشاب سيكون عمرهُ اكبر من سنه والانسان يكون كبيراً طبعاً يكون كبيراً في عقله، نعم العُمر الانسان يكبُر ويكون شيخاً ويكون لحيتهُ بيضاء هذا سن مهم ونحتاج ان نوقّر الكبراء ونحترم الكُبراء ولكن ليس المناط دائماً هو هذه الخصيصة، نعم العُمر مهم لكن الانسان قد تكون رجاحة عقلهِ اكبر من عمره وهذه رجاحة العقل ايضاً مطلوبة الشاب يستطيع ان ينمّي عقله ولا يستسلم لحالة من الركود وحالة من الكسل وحالة من الضجر وانما يستطيع ان يُنمّي عقله فإذا نما عقله حصل على حالة من وضوح الرؤية..
لاحظوا الآن في عاشوراء.. مسألة الاختبار ومسألة الفتنة ومسألة الاستهداف..، لا يمكن في زمان من الازمنة ان نخرج من عملية الاستهداف وعملية الخط الباطل لا يمكن، نعم يأخذ صور تارة يقوى ويشتد وتارة يفتر وحصة الشباب من الاستهداف كانت كبيرة على طول الازمنة لماذا؟؟! لأن الشاب لا زالت تجربتهُ يانعة وقليلة يُمكن ان يُصطاد ممن لا حريجة لهُ في الأمور فإذا كان الشاب محصناً وكان الشاب قوياً ستُسقط هذه الحالة من الوعي عندهُ ستُسقط جميع المحاولات..
لاحظوا الشباب في واقعة الطف، اقول الشباب يعني سيد الشهداء (عليه السلام) عمرهُ في الخمسين بحسب الاعمار (عليه السلام) ايضاً هو في سلك الشباب لكن اقصد الشباب الذين تكون اعمارهم اقل كالقاسم (عليه السلام) وعلي الاكبر (عليه السلام) والعباس (عليه السلام) ايضاً كان شاباً في الثلاثين من عمره الشريف.. لاحظوا هؤلاء الفتية وطبعاً المعركة طاحنة والمعركة ضروس و المعارك السابقة في السيوف الانسان يجرح ويتألم ويبقى الجرح معهُ ثم قد بعد ذلك يموت، قطعاً تحتاج قضية المعركة الى مَلَكات كثيرة..
في واقعة الطف كان هناك اختبار للشباب.. سيد الشهداء (عليه السلام) هو الرمزية الباقية، التاريخ كان بخيلا ً في ان ما هي علاقة الحسين (عليه السلام) مع القاسم (عليه السلام) وما هي علاقة الحسين مع ولده علي الاكبر وما هي علاقته مع العباس واخوة العباس؟؟
قطعاً التاريخ لم يحدثنا عن حياة كثيرة في هذا الجانب، يعني الامام ماذا صنع مع القاسم وكيف تعامل مع القاسم وانا اتحدث قبل المجيء الى كربلاء وكيف كان يدخل عليهِ وكيف كان يتكلم معهُ وما هي الاحاديث التي سمعها من الحسين (عليه السلام)؟
علي الاكبر كيف كان يتصرف مع الامام الحسين والامام الحسين كيف كان يتصرف مع علي الاكبر الذي هو يقول كان يُشبه رسول الله خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً..
قطعاً هذه الشباهة وعلي الاكبر (عليه السلام) وُلِدَ سنة ثلاثة وثلاثين للهجرة يعني عمره عمر الفتوة فقضى مع ابيه سيد الشهداء (عليه السلام) هذه الفترة ثمانية وعشرين سنة مثلا ً كيف كان يتعامل معهُ سيد الشهداء؟
العباس (عليه السلام) كيف كان يتعامل مع الحسين (عليه السلام)؟ اُخوة العباس العلاقة الخاصة وما هي المعلومات التي اكتسبها ابو الفضل (عليه السلام) من الحسين (عليه السلام) ؟
التاريخ ليس نجد فيه ثراء في هذا الجانب لكن قطعاً هناك عمل دؤوب وعلاقة خاصة من أين نعرف ذلك؟ نعرف ذلك من الحالة العفوية الايمانية التي صدرت من هؤلاء تجاه سيد الشهداء..
يعني في يوم عاشوراء كان هناك حرص سواء من الرواة او من الائمة ان يبينوا بعض الجزئيات.. لم نَظفر بجزئية تقول ان القاسم على عمرهِ الصغير خاف او ارتجف او ان علي الاكبر في الشباب كان يطمح بسنوات اُخر، او ان العباس (عليه السلام) مع ان العباس (عليه السلام) عُرِضت عليهِ قضية الأمان ما يُعرف بالأمان ولاحظوا أمام الجيش وكما قُلت العباس فُتوة في ريعان شبابهِ.. ان أينَ مثلا ً بنو خالنا او خالتنا؟ والعباس لم يُجِب الى ان الحسين (عليه السلام) أذن لهُ وقال لهُ اجبه..
لاحظوا الصور.. أنا اقول لابد ان نرجع بمخيلتنا الى الواقعة.. جيش عرمرم واعداده اكثر بكثير من اعداد جيش الامام الحسين (عليه السلام) والقضية قتل لا محالة، لم يُطمئِن الحسين (عليه السلام) احد من اصحابه على ان سننتصر عليهم اطلاقاً، بالعكس ان القضية استعدوا للموت والامام بيّن كل موقعه لزين العابدين (عليه السلام) وزينب عليها السلام وما هو التكليف المستقبلي، نحن علاقتنا معكم بالابدان صبيحة يوم عاشوراء.. عاشوراء عصراً نحن في حال غير هذا الحال، فلا يوجد طمأنينة للحسين (عليه السلام) على ان هناك نصر بمعنى ان نبقى بعد العاشر ومع ذلك هؤلاء انقادوا للامام الحسين (عليه السلام) وابلوا بلاءً حسناً، هؤلاء شباب.
الامام الحسين (عليه السلام) لاشك ولا ريب انهُ ربّاهم واعطاهم حالة من الادراك والوعي، الامام زين العابدين (عليه السلام) يقول او الامام الصادق (عليه السلام) عبر عنها (كان عمنا العباس ذا بصيرة نافذة) ليس شخصاً عادياً، حتى لو كان عشرات المعارك مثل واقعة الطف لا يهتز ابو الفضل (عليه السلام) اصلا ً لا هو ولا علي الاكبر ولا القاسم..
القاسم لم يبلغ الحلم عمره حوالي احدى عشر او اثنا عشر سنة لاحظوا هذه البصيرة التي جعلتهُ ينتصر لعمهِ (عليه السلام)، هذه المواقف علي الاكبر (عليه السلام) يقول : ألسنا على الحق؟ قال: بلى، قال: اذن لا يهم..، لاحظوا هذا التسليم والطمأنينة (ألسنا على الحق؟) لاحظوا هو ينتظر الجواب وهو يعلم لكن عندما يسمعها من الامام الحسين (عليه السلام) لها وقعٌ.. هو ممكن ان يكون للامام الحسين (عليه السلام) نحن على الحق يا أبتي لا يهم وقع الموت علينا او وقعنا على الموت، لكن عندما تصدر من الامام الحسين (عليه السلام) لها لذّة عند علي الاكبر (عليه السلام)..
أقول هؤلاء الشباب في الوقت الذي هم على بصيرة من امرهم التفتوا لم ينصروا الحسين (عليه السلام) فقط بل أصبح هؤلاء الشباب قدوة حتى للمسنين، الشاب يريد قدوة هو يريد قدوة وكان الحسين (عليه السلام) قدوة لهم وأنعم بهِ من قدوة، هُم بفدائهم للحسين (عليه السلام) اصبحوا قدوة ليس للشباب فقط وانما للمسنين واصبح هؤلاء الآن يُقرنون مع سيد الشهداء (عليه السلام)..
ماذا حدث؟!
صنعوا تأريخاً وهذا التاريخ الذي صنعوه تأريخ الجميع يفخر بهِ إلا من كان مريضاً ونحن نتكلم مع الأصحاء دائماً والمرضى ليس لنا علاقة بها واقصد المرضى في العقل، هؤلاء صنعوا تاريخاً شباب تربّوا عند سيد الشهداء وتعلموا منه ولم يخرجوا لوحدهم ويتصرفوا لوحدهم عاشوا في جو كان يسمعون من الحسين (عليه السلام) فربّاهم سيد الشهداء وعلمهم سيد الشهداء فأصبحوا قدوة للجميع مع ان الخيار كان خياراً شديداً جداً بين حياة الذل والعياذ بالله وبين سِلّة وجهاد وقتل ورفض للذلّة وبالنتيجة انتصروا..
الآن من مِنا لا يفخر بعلي الاكبر (عليه السلام) ومن مِنّا لا يفخر بأبي الفضل (عليه السلام) ومن مِنّا لا يفخر بالقاسم (عليه السلام)..
أقول الشباب يتربوا تربية جيدة وتصلح امورهم وينمون ويكبرون والعُمر عُمر التربية والعقل قد يكون اكثر عطاءً من الأعمار الزمنية الموجودة ..
واقعة الطف اخواني واقعاً واقعة جديرة بالتأمّل يعني في كل سنة نحن عندما نتأمل واقعة الطف كأننا نقرأها لأول مرّة نكتشف فيها اشياء عجيبة غريبة قُدرة على الواقع ان تكون مدرسة سيارة دائماً وابداً في كل مقطع من المقاطع..
ولعلّ الوقت ادركنا كان يمكن ان نتحدث ببعض ما لهُ شأن في ذلك لكن نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظ الجميع ويحفظ الشباب جميعاً ابنائنا وبناتنا وايضاً يحفظ المسنين والشيوخ وجميع الاعزّة وان يحفظ الجميع ان شاء الله تعالى وان يرزقنا واياكم دائماً الايمان والعمل الصالح.. وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
حيدر عدنان
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق