بعد ان أتمَّ رسول الله صلى الله عليه واله مناسك الحج وانصرف راجعاً ومن معه إلى المدينة المنورة، وصل إلى غدير خمّ من الجحفة الّتي تتشعّب فيها طرق المدنيّين والمصريّين والعراقيين، وذلك صبيحة اليوم الثّامن عشر من ذي الحجّة حيث نزل إليه الأمين جبرئيل مبلغا اياه بقول الحق جل وعلا : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾، وأمره أن يقيم علي بن ابي طالب عليه السلام علماً للنّاس ويبلّغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطّاعة على كلّ أحدٍ، وكان أوائل القوم قريباً من الجحفة، فأمر رسول الله أن يردّ مَن تقدّم منهم ويحبس مَن تأخّر عنهم في ذلك المكان، حتّى نودي بصّلاة الظهر فصلّى رسول الله بالنّاس وكان يوماً هاجراً يضع الرّجل بعض ردائه على رأسه، وبعضه تحت قدميه من شدّة الرّمضاء، فلمّا انصرف صلّى الله عليه وآله من صلاته قام خطيباً وسط القوم على أقتاب الإبل وأسمع الجميع امر الله بأن يخلفوه صلوات الله عليه بالثقلين كتاب الله وعترته الطاهرة فهما لا يفترقان حتى يردا عليه الحوض يوم الورود ..
يقع غدير خم بين مكة والمدينة، وهو إلى مكة أقرب حيث يقع اليوم على بُعد حوالي ( 164 ) كيلومتراً من مكة شمالاً، ونحو ( 450 ) كيلومتراً من المدينة المنوّرة جنوباً، ولا يبعد غدير خمّ عن الجُحفة سوى ثماني كيلومترات تقريباً شرقاً.
والجُحفة قرية كبيرة كانت تقع على طريق مكة - المدينة، في الشمال الغربي من مكة وكان اسمها ( مَهْيعَة ) وسمّيت الجُحفة، لأنَّ السيل اجتحفها في سالف الأعوام وهي الآن خراب .
والغدير هو المنخفض الطبيعي من الأرض يجتمع فيه ماء المطر أو السيل، ولا يبقى إلى القيظ (المسيل الذي ينزل منه الماء، ونبات هذه المنطقة لا يعدو بعض شجيرات من (المَرْخ) و(الأراك) و(العُشَر) ونبتة (الثُمَام) وبعض الاشواك الصحراوية .
غدير خم هو أرض سهلة منبسطة .. وعلى احد اطرافه من الشمال الغربي عين نضّاحة يجري ماؤها مع سفوح السلسلة الجبلية الجنوبية التي تحده في مسيل غير طويل فينتهي إلى غدير حوله غيضة فيها اغصان متشابكة من شجر الطَّلْح، ويُشاهَد هنا وهناك أشجار السَّمُر المتناثرة في ذلك الموضع تبعاً لمسير ماء العين وفي كل أبعاد الوادي الفسيح تقريباً.
يحيط بالغدير أراضٍ واسعة رملية ناعمة، قد تغوص أرجل السائر فيها إلى ركبتيه في بعض مواضعه، وعلى مسافة غير بعيدة من تلك الغيضة خمس دوحات قديمات متقاربات قد هرمن، فما عُدن يلقين بظلالهن على الأرض من الفيء ما يستر عن الشمس وحرارتها شيئاً، لتناثر أغصانهن وقلة ما بتلك الأغصان من ورق، ومن حول تلك الدوحات أرض منبسطة مترامية ليس فيها ما يُستظل به من الشمس .
أما اليوم فيُشاهد هناك ثلاثة أكوام من النخيل بين كل كومة واُخرى نحو ( 20 ) عشرين متراً، وكل كومة لا تتجاوز بعض النخيل، واغلب الظن أنَّ النخيل قد نبت في عهود تالية مما يرميه المارة بالوادي من عَجُم التمر.
وقد تُشاهد في أرض الغدير المنبسطة تلالاً صغيرة ومنخفضات هنا وهناك، والوادي الفسيح الكثير الوخامة تحدّه سلسلة جبال من جنوبه وشماله كما تُشاهَد هناك أكمة قرب الغدير.
رزقنا الله واياكم حج بيته الحرام وزيارة نبيه الكريم والثبات على ولاية أمير المؤمنين بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين .
اعداد: سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق