التشيعُ شأنه شأن العديد من المواضيع الأخرى، هناك تشيّع صحيح، وشيعة حقيقيون، ويقابلهما تشيّع غير صحيح، وشيعة غير حقيقيين أيضاً، بمعنى أدق إن من يحدد هذه الصفة ليست مجرد تسمية ( شيعة - شيعي) فحسب.. بل إن هناك ضوابط وأسسا هي المسؤولة عن التحديد، وهناك أيضاً صفات وأخلاقيات وسلوكيات هي من تفرز الشيعي الأصيل عن غيره.
لا شك إن مجرد ادعاء الفرد.. بالانتماء الى مذهب التشيع.. هو سهل يسير، ولكن حقيقة البرهنة على صدق مثل هذا الادعاء عملياً، وعكس حقيقته في الواقع، أكيد هو صعب عسير، نعم، دائما القول باللسان مباح للجميع، لكن اقتران القول بالأفعال هو البعيد وربما المستعصي، لأن هذا الاقتران والتطابق له التزاماته وأسسه، ولعل أولها هو صدق الانتماء - قلباً وقالباً- الى مذهب أئمة أهل البيت عليهم السلام.
خطر
بعض الأحيان يطلق الناس حكماً سيئاً على منطقة معينة أو مدينة كاملة.. بناءً على سوء تصرف أو تعامل أو سلوك أحد الأشخاص من سكنتها، كذلك التشيع، فإن هناك خطراً يكمن في بعض الأحيان حينما لا يحسب سوء التصرف أو القول أو الخلق على الشخص صاحب مثل هذا التصرف أو القول أو الخلق السيئ وحده.. بل يعمم سلوكه كصفة عامة على مذهب التشيع أو على جميع معتنقي المذهب؛ أي يحسب تصرفه على الشيعة في عمومهم، وربما يطال رموزهم ومقدساتهم، لذلك على الشيعي الحقيقي أن يحاول المحافظة على جوهر التشيع من خلال المحافظة على أركانه وهي العقيدة الصحيحة والعبادة المشروعة والشعائر المأثورة والعمل الصالح والاخلاق الفاضلة، فالشيعي الحقيقي تأخذه الغيرة على مذهبه في قوله وفعله وخلقه وتعامله مع الآخرين، ولا ينسى أو يتناسى بأي مكان ومناسبة يتواجد فيها شيعة، لأنه بالنتيجة يعكس صورة المذهب بقوله وفعله وأخلاقه، وصورة أي مذهب يعكس؟ إنه مذهب اهل البيت عليهم السلام.
رموز
مثلما نحب أن لا يسيئ أحد لنا أو لرموزنا ومقدساتنا، هناك أيضا رموز ومقدسات عند الآخرين، وطبعاً ايّ منا لا يسمح ولا يقبل لأحد أن يمس رموزه ومقدساته، كما الآخرين لا يسمحون ولا يقبلون منا هذا ايضاً، لذلك فإن احترامنا للآخرين وعدم تجاوزنا على رموزهم ومقدساتهم .. هو بوجه من الوجوه احترام لرموزنا ومقدساتنا.
ولأننا إذا تجاوزنا على رموزهم سيتجاوزون على رموزنا، وبالتالي سيشيع جو
من الحقد والبغضاء والضغينة في القلوب، وهذا شيء غير مرغوب فيه أبداً، وعكس دعوة ومنهج أئمتنا المعصومين عليهم السلام .. حيث إنهم انما يدعون دائما وأبداً الى المحبة والتعاون والتآزر مع الآخرين، ومحاولة إشاعة جو من الألفة والسلام بين الناس، وهو بالتالي سيكون سبباً من أسباب النفور من رموزنا ومقدساتنا، فنكون شيناً عليهم.. لا زيناً لهم.
تكافل اجتماعي
يتكفل بأحد معانيه أن يتعهد أو يلتزم بشيء، ولكن ما أريده هنا، وأحاول الوصول اليه هو معنى التكافل الاجتماعي بين الناس، وأقصد تحديداً هو التكافل بين الأغنياء والفقراء في المجتمع؛ أي إن لو كل شخص غني تكفل شخصا فقيرا؛ هل يبقى فقير في المجتمع؟ وإذا لم يبق فقير بين الناس، أكيد ستعم السعادة على الجميع، وسيعيش المجتمع بسلام.. وسيعكس تكافلنا الاجتماعي حسن انتمائنا لمذهب اهل البيت عليهم السلام.
هناك أكيد فوارق في مستوى المعيشة بين الناس في أي مجتمع من المجتمعات.. بما فضّل الله تعالى بعضهم على بعض.. بعضهم موسر الحال ولديه أموال كثيرة، وآخر معدم لا يملك قوت يومه، ولكن عدم تكافل بعضهم الأغنياء بعض الآخر من الفقراء أكيد سيخلق نوعاً من الفوارق الطبقية، وهذه الفوارق إذا ازدادت اتساعاً؛ ستوجد حالة من حالات العداوة والبغضاء والشعور بالظلم عند الفقراء تجاه الأغنياء، وهذا ما لا يجب أن يكون في مجتمع يدعي بأنه شيعي، لأن الإمام امير المؤمنين عليه السلام يقول: (فمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ).
طالب عباس الظاهر
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق