لم يفارق القلق والتوجس هارون العباسي بوجود الامام موسى بن جعفر الكاظم " عليه السلام "، حتى أمر بسجنه لإبعاده عن شيعته ومحبيه وعن مجريات الاحداث التي تمر بها الدولة العباسية ، فقضى الإمام الكاظم مدة طويلة من عمره الشريف وهو ينقل من سجن إلى سجن بأمر من الطاغية هارون العباسي بدءاً من سجن البصرة وحتى محطته الاخيرة في سجن السندي ببغداد ، وكان سلام الله عليه راضيا صابرا بما قدره الله تعالى له، شاكراُ له على ما استجاب من دعوته بأن تركه للعبادة متفرغا .
ولكن بالرغم من سجنه في قعر الطوامير المظلمة ، وكما اعتاد الرشيد كغيره من حكام بني العباس ومن سبقهم من الامويين حاول ان يقلل من شأن الامام " عليه السلام " ويحط من قدره الشريف ، لكنه على العكس كان الإمام يزداد رفعة وسموا ويزداد اتباعه تمسكا وقوة بمذهبهم وائمتهم " عليهم السلام "، حتى امر بدس السم في طعامه " عليه السلام " والتخلص من مخاوفه التي لطالما ارعبته وأقضت مضجعه وكل ظالم مستكبر ...
حتى حل يوم الخامس والعشرون من شهر رجب الاصب سنة 173 هـ فوافته المنية وفاضت روحه الطاهرة ليلتحق بالرفيق الاعلى وعمره الشريف خمس وخمسون سنة وكان مقامه منها مع أبيه عشرون سنة وبعد أبيه خمس وثلاثون سنة .
هكذا عميت قلوب الطامعين بالملك .. فتحجرت قلوبهم وتصلبت أحاسيسهم فجاروا وظلموا وبطشوا وضيعوا موازين الحق والعدل .. فقد ضاعوا في دنيا الجاه والسلطان وغرقوا في لجج الأنانية وحب التسلط وقد تحمل الإمام الكاظم عليه السلام كل هذا الجور والظلم وبقي صامداً أمام الظالمين لا يلين ولا يضعف أمام جورهم وظلمهم .
أعظم الله لنا ولكم الاجر باستشهاد امامنا الصابر الأمين موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) .. ونسألُ المولى القدير أنْ يجعلنا وإيّاكم من السائرين على نهجه القويم بالاستقامة واليقين والهداية والصبر .. وأن يرزقنا في الدنيا زيارتَه وفي الآخرة شفاعتَه بحق محمد واله الطيبين الطاهرين .
سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق