إلـى شـهـداء مـقـبـرة الـمـخـيـم الـحـسـيـنـي الـجـمـاعـيـة – كـربـلاء 1991 *
أثـقـلـوا عـمـرهـم بـالأمـانـي
ونـامـوا عـلـى أمـلٍ :
ــ أن يـجـيء الـمـعـزُّون ــ
عـلّ قـطـرةَ دمـعٍ .. تـؤذّنُ فـيـهـم
وتـنـفـخُ بـوقَ قِـيـامَـهْ
عـلَّ قـطـرةَ دمـعٍ .. تـكـونُ مـسـيـحـاً
سـتـكـشـفُ عـن كـلّ قـبـرٍ ظـلامَـهْ
عـلَّ قـطـرةَ دمـعٍ سـتـنـهـلُّ مـن عـيـن أمٍ
وأخـتٍ
وطـفـلٍ صـغـيـر
سـتـكـشـفُ ذاكَ الـمـصـيـر
ولـكـنَّ دربَ الـمُـعَـزّيـنَ ضـلَّ هـداه
وظـلـتْ عـيـونٌ مـعـلـقـةٌ فـوق دربِ الـنـجـاة
وكـادتْ تـجـفُّ عـلـى أمـلٍ
(( لـيـت فـيـهـا حـيـاة ))
أثـقـلـوا قـبـرَهـم بـالأمـانـي ..
أثـقـلـوا قـبـرَهـم بـالـ..
أثـقـلـوا قـبـرَهـم ..
أثـقـلـوا ...
كـان جـزءٌ مـن الـقـبـرِ .. وسـطَ الـرصـيـف
وجـزءٌ يُـغـطـيـه إسـفـلـتُ سـاحـة
وجـزءٌ بـه الـبـاب ...
أركـانُـه مُـسـتـبـاحـه
لـيـتَ لـلـسـائـريـن عـيـونـاً تـرى
لـيـتَـهـم يـشـعـرونَ بـتـنـهـيـدةٍ .. آهـةٍ ..
بـارتـطـامِ الـعـظـام
وكـانـتْ نُـحـاسـيـة الـلـون ـ
لـيـتـهـم يـسـمـعـونَ ردودَ الـسـلام
لـيـتَـهـم يُـبـصـرون :
((جـمـاجـمٌ مـعـصـوبـةٌ)) .. ولـكـلٍ وشـاح
أثـقـلـتْ نـومَـهـم هـمـهـمـاتُ الـصـبـاح
لـمـاذا يـنـامـون فـي ظـلـمـةٍ ..
ويُـغـطّـون أعـيـنَـهـم بـالـعـصـائـب
أخـوفـاً مـن الـظـلـمـة ــ الـقـبـر
أم هُـزُواً بـالـمـصـائـب
* * * *
ذاتَ صـبـحٍ
كـربـلاء ..
ومـا كـانَ عـنـدَ الـمـخـيَّـمِ .. مـن ذكـريـات
سـوى رفـسـاتِ الـرضـيـع ...
وهـو يَـعـبُّ مـن الـسـهـمِ .. حـدَّ ارتـوائـه
والـنـسـاءُ
يُـولـولـنَ فـي حـضـرةِ الـشـهـداء
والـسـمـاءُ
ركـامٌ مـن الـحـزنِ والـخـوف
والأرضُ
جـرحٌ يـنـزُّ الـجـثـث
فـجـأة ..
حـطَّ قـبـالـة ذاكَ الـمُـخـيَّـمِ .. قـبـرْ
تَـحَـشـرَجَ صـوتُ الـنـسـاء
تـحـشـرَجَ صـوتُ الـسـمـاء
وصـوتُ الـمُـخـيَّـمِ يـعـلـو
لـيـتَ لـلأرضِ أوراقُ تـيـن
تُـغـطـي بـهـا سـوءةَ الـعـصـر
لـيـتَ لـلـعـصـرِ أوراقُ تـيـن
يُـغـطّـي بـهـا جـسـدَ الـنـائـمـيـن -
هـكـذا كـانَ فـي ذاتِ صُـبـحٍ
تـوحّـد فـيـه الـمـخـيَّـمُ بـالـقـبـرِ
والـصـوتُ يـعـلـو
ويـعـلـو
ويـعـلـو حـدودَ الـسـمـاء
* * * *
أثـقـلـوا عـمـرَنـا بـالأمـانـي
أثـقـلـوا عـمـرَنـا
كـان لـلـخـوفِ فـي دارِنـا مُـتّـكـأ
كـانَ لـلـحـزنِ مـلءَ الـمـدى ...ألـفَ بـاب
عـافـنـا قـمـرٌ
واسـتـتـبَّ بـكـلِّ الـسـمـاواتِ شـكـلُ الـخـراب
كـلُّ خـطـواتـنـا راقـبـتْـهـا الـعـيـون ..
حـتـى تـلـفـتـنـا ..
والـعـصـافـيـرُ الـتـي تـلـتـقـيـنـا ...
وحـتـى الـسـحـاب
إن غـفـتْ مُـقـلـةٌ
فـالـكـوابـيـسُ مِـلءَ الـمـنام
مـا حـرام
حـيـنَ يُـغـتـالُ فـيـكَ الأمـان
ويـزرعُ فـي جـانـبـيـكَ الـقـلـقْ
حـيـن تـغـفـو ومـا مـنْ فـلـقْ
حـيـن لا غـد تـعـلـمـه بـانـتـظـارِك غـيـرزنـزانـة
حـيـن يـضـطـرُ جُـرحُـك دونَ الـتـئـامٍ يُـهـادِن
حـيـنَ يـثـمـرُ طـولُ الـتـرقُّـبِ جـرحـاً أخـيـر
ويـسـوءُ الـخـتـام
وتـلـقـى الـذي كـنـتَ تـرجـوه بـضـعَ عـظـام ..
مـا حـرام
( خـفـفِ الـوطءَ .. مـا أظـنُّ الأديـم )
عـلـى هـذهِ الأرضِ .....إلّا ألـوفَ الـمـقـابـر
نـوفـل الـحـمـدانـي
...............................
*- بعد انتفاضة شعبان عام (1991) ضد نظام البعث المجرم قام البعثيون بارتكاب أفضع المجازر بحق سكان مناطق الوسط والجنوب وقاموا بدفن الشهداء في قبور جماعية تُحفر بواسطة الجرافات ويُدفن الموتى سوية ومن هذه المقابر مقبرة أكتشفت بعد سقوط الدكتاتورية عام (2003) وكانت تحت مرآب لوقوف السيارات قبالة المخيم الحسيني في كربلاء.
والمخيم الحسيني:- هو من المزارات الدينية في كربلاء وهو مكان تخييم الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) في معركة الطف عام (61 هـ) وكان فيه النساء والأطفال وإليه يحمل الشهداء في المعركة.
اترك تعليق