التوحد او الذاتوية حصر مفهومه العالم بيلور في 1911 وهو مشتق من اللفظ الاغريقي (للانا) اي النفس بمعنى ان الشخص منطوي على نفسه وفي عالمه الخاص.
وفي عام 1943 قام العالم كانر بوصف توحد الاطفال المبكر وربطه بالفصام وسماه( الوحدة المفرطة والرتابة).
وبعده في 1944 اطلق العالم اسبرغر على الاعراض الذاتوية بالتوحد.
واي يكن فكلاهما اشتركا في مفهوم التوحد وهو احدى الاعاقات الذهنية التي تصيب الاطفال قبل عامهم الثالث مسببة خللا في اكتساب المهارت الاجتماعية واللغوية . ويصيب جميع الاعراق والاجناس وهو في الذكور خمسة اضعاف الاناث. ويستمر المرض مدى الحياة ولا علاج تام له حتى الان.
ففي سنة 2008 انتشر طيف التوحد 1.68 لكل 1000 من الأطفال تحت عمر 15 سنة في الصين واستراليا.
وفي الدانمارك 4.5 حالة لكل 10,000 طفل.
وفي اليابان 161حالة لكل 10,000 طفل عام 1994.
وفي الولايات المتّحدة في عام 2005 تم تشخيص 110,529 حالة مرض توحد بين الأطفال من عمر 6 إلى 11 سنة. والارقام في تزايد في كل انحاء العالم.
لا يوجد تشخيص دقيق او اجماع علمي لسبب الاصابة بالتوحد الا ان الباحثين رجحوا ان تكون الاسباب التالية:
وراثية: وهو وجود عدة جينات (مورثات - Gens) يرجح ان لها دورا في التسبب بالتوحد . بعض هذه الجينات يجعل الطفل اكثر عرضة للاصابة بهذا الاضطراب، بينما يؤثر بعضها الاخر على نمو الدماغ وتطوره وعلى طريقة اتصال خلايا الدماغ فيما بينها.
بيئية: التلوث الكبير الذي تتعرض له الحامل في الجو او المنظفات قد يسبب تلفا في بعض خلايا دماغ الاجنة.
اللقاحات: (Vaccines) وبالاخص التطعيم (اللقاح) الثلاثي (MMR Triple vaccine -) الذي يعطى ضد النكاف (Mumps)، الحصبة (Rubeola / Measles) والحميراء (الحصبة الالمانية - Rubella / German Measles) ولقاحات اخرى تحتوي على الثيميروسال (Thimerosal)، وهو مادة حافظة تحتوي على كمية ضئيلة من الزئبق وهذه العلاجات تؤخذ بعد مراجعة الطبيب المختص.
جنس الطفل: الذكور اكثر اصابة بالتوحد من الاناث بنسبة 5 لـ 1.
التاريخ العائلي: كان يكون فردا من العائلة مصاب بالتوحد لا يبعد ان يصاب الاطفال اللاحقون بالمرض.
سن الوالد: يميل الباحثون الى الاعتقاد بان الابوة في سن متاخرة قد تزيد من احتمال الاصابة بالتوحد. فالاطفال الذين يكون اباءهم في الاربعين من العمر احتمال اصابتهم بالتوحد ستة اضعاف اصابة اطفال الاباء في العشرينات او الثلاثينات.
انواع اضطرابات التوحد:
التوحد الكلاسيكي (Autistic disorder ) وهو تاخر الطفل في كل المهارات عن اقرانه.
توحد اسبرغر( spereger syndrome) وهو وجود ذكاء جيد او عالي عند الاطفال المصابين به كما ان لغتهم جيدة الا انهم لا يعرفون استعمالها ويبدون ساذجين رغم تمتعهم بالذكاء.
اضطراب ريت (Rett’s disorder) وهو يصيب البنات فقط وهو نادر جدا والمصابات به يفتقدن مرور الوقت للقدرة الحركية.
اضطراب الطفولة التفككي(Childhood Disintegrative Disorders) وهو يتطور الطفل طبيعيا حتى العاشرة ثم يفقتد كل المهارات وهو نادرا جدا.
الاضطراب النمائي الشامل(Pervasive Developmental Disorder- Not Otherwise Specified)وهو اقل انواع التوحد ضررا ويكون المصابين به قادرين على التكيف اجتماعيا والدراسة بشكل جيد واداءهم يكون عاليا جدا.
وايا يكن نوع التوحد فله علامات محددة ان وجدت في الطفل اربع منها فاصابته بالتوحد كبيرة واهمها:
اولا : عدم التواصل البصري
هذا تلاحظه الام ففي وقت الارضاع لا ينظر في عينيها اطلاقا بخلاف الاطفال.
وان كلمته حتى لو كان كبيرا يهرب بعينيه عنك .
ثانيا: لا يتفاعل اجتماعيا
بمعنى انه اذا وجد اطفال يلعبون لا يشاركهم بل ينعزل لوحده في زاوية ويبدو انه غير مكترث حتى لوجودهم.
وحين تناديه امه او اباه لا يستجيب لهم لا بالمجيء ولا بالصوت كأن يقول نعم او ما شابه من طرق الاستجابة.
لا يبادل الاخرين الابتسامة ان ابتسموا له او داعبوه.
يرفض ان يحضنه احد ويقاوم من يرغمه على الاحتضان .
ثالثا: لا يفهم معنى الاشارة بمعنى انك لو اشرت مثلا لطائرة في الاعلى فهو لن ينظر ولن يفهم مرادك .
او اشرت لشيء وطلبت منه ان يجلبه يبقى يحوم دون ان يفهم ماذا تقصد .
رابعا : لا يجيد التقليد في سن عام : لن يحاول تقليدك ان قمت بالتلويح له باي باي مثلا او لفظ حروف او كلمات تعلمه اياها او يقلد حركاتك او افعالك ولا باي شكل.
خامسا: لا يمكنه فهم المشاعر
سادسا: سلوك نمطي متكرر.
كالرفرفة باليدين مرارا وتكرارا او النظر للسقف لساعات او الهزهزة دون وعي ولفترات طويلة او تكرار الكلمات مرارا وتكرارا لفترات طويلة ودون مناسبة.
سابعا: رص الالعاب واللعب بشكل خطا:
بمعنى انه يرص المكعبات او اي شيء بشكل منتظم دون ان يعرف طريقة اللعب بها اطلاقا او يقلب السيارات ويلعب فقط بتدوير العجلة فهم يميلون للاشياء التي تدور او الدوران حول النفس مرارا وتكرارا .
ثامنا: رفض التغيير:
بمعنى رفضه الدخول لمكان اخر او تغيير اماكن ملابسه او العابة او مكان نومه روتينهم ممل جدا بالنسبة لنا كاكلهم لاشياء محدده ووحدهم وفي مكان محدد ورفضهم كل تغيير في هذا الروتين المعتاد.
سابعا: تحسسهم المفرط:
قد يتحسس من الصوت او الضوء بشكل مفرط ويبدا بنوبة الصراخ والبكاء الطويل بسبب ذلك.
ثامنا: لا يطلب مساعدة حتى من امه.
بمعنى انه ان اراد شيئا في مكان مرتفع لا يطلب مساعدته او حمله لاخذه بل يبقى يصرخ او يقف صامتا ينظر اليه فقط .
تاسعا: لا يكترث للخطر.
بمعنى لو راى سيارة قامة باتجاهه لن يبتعد عنها او ان راى نارا لن يكثرت لمسها او الاقتراب منها حتى لو حذرته فهو يبدو غير مكترث للخطر.
عاشرا: لا ينطق باي كلمة في عمر سنة.
قد يتاخر الاطفال العاديين في اكتساب مهارات الكلام لكنهم ينطقون ببعض الكلمات في العام الاول مثل ماما وبابا دادا ...
التوحدي لا ينطق باي كلمة في الغالب حتى في عمر سنة ونصف واحيانا يقول بابا وماما لفظا لا مرادا اي انه لا يقصد بها امه واباه بل ترديد فقط .
احدى عشرة: يصاب بنوابات من الغضب والصراخ بدون سبب .
ثاني عشر: الحركة المفرطة او الكسل المفرط.
علاج التوحد:
لا يوجد حتى الان علاجيا شافيا للتوحد الا ان الحب والرعاية والاهتمام الكبير بهم يجعل اغلبهم يكون طفلا شبه طبيعيا ويمكنه الاندماج في المجتمع خاصة ان التوحديين يمتازون بالصدق والبراءة.
فعلى الاباء جميعا بذل مزيد من الاهتمام باطفالهم التوحديين وان تتم معاملتهم على انهم طبيعيين وهم كذالك. وفي نهاية المطاف سيتكلم اغلبهم ويكتسب المهارات اللازمة ان تمت العناية بهم في وقت مبكر.
التوحدي ليس مجنونا ولا متخلف عقليا بل هو فقط مختلف في طريقة حياته ونمطه وتعليمه لا اكثر.
الكاتبة: نور المياحي
اترك تعليق