تعلو القبة الذهبية للامام الحسين واخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام رايتان حمراوتان ترفرفان طيلة السنة عدا شهري المحرم الحرام و صفر الخير فانهما يعرفان بالرايتان السوداويتا اللون ، و يبقى السؤال هنا لماذا هذا التنوع في اللون و الوقت ؟ و الجواب هو:
اولا: للالوان استخدامات كثيرة و اغلبها استخدمت لمتعة الناظرين من خلال استخدامها في الثياب و الادوات و ما شابه ذلك، وهناك استخدام آخر للالوان حيث استخدمت لتدل على مفاهيم اتفق عليها عرفيا من خلال العادات و التقاليد القديمة للانسان و التي تواترت عليها البشرية لما لها من قابلية على التاثير في نفوس الاشخاص ، ولكل لون قدرة تأثيرية على النفس نابعة من الطول الموجي الذي يحمله فيزيائيا ، فاللون الاخضر مثلا يعطي للنفس طمأنينة وارتياح حين النظر اليه كونه يحمل طولا موجيا متوسطا و لذا يستخدم كرمز للسلام فضلا عن استخدامه في المشاهد المقدسة وهكذا.
اما فيما يخص اللونين الاسود و الاحمر فان لهما الميزة الاكثر تاثيرا في النفس حيث ان اللون الاحمريكون مميزا عن باقي اقرانه من الالوان فهو جاذب للنظر ويخلق توتراً عصبيا حين التركيزعليه و يعطيها نوع من التنبيه و عدم الاستقرار و ذلك كونه يحمل اطول تردد ( طول موجي ) مما يكسبه حدة تفوق باقي الالوان ، ولذا استخدم هذا اللون للتنبيه على شيء مميز .
اما اللون الاسود فان له تاثير عميق في النفس من حيث كونه لون يظفي الكآبة و الحزن وعدم الارتياح حين النظر اليه حيث استخدم هذا اللون في الحروب القديمة و المغزى منه ايصال رسالة للخصم تنص بما معناه : ( باننا سنحزن اهاليكم و ذويكم بكم حيث انا سنرديكم قتلى) كون هذا اللون له شهرة في اعلان الحزن عند الناس،و تواترت هذه الافعال عند المجتمعات الى يومنا هذا.
ثانيا: في التاريخ احداث تخلد و لا تنسى سواء كانت احداث حزن و مصائب او افراح وانتصارات، ولهذه الاحداث تاثير في قلوب الناس او من يهمه هذا الحدث، فيخلد بطرق اعتادها اصحاب المعني بهذا الحدث فهناك طرق عديدة كالاحتفالات و العروض التقليدية التي تتمثل في الايحاء او التصريح للاشارة على القضية المعنية و كلها تصب في احياء هذه المناسبة المطلوبة.
و هنا ياتي السؤال لماذا هذه الرايتان تعلوان قبة الامامين الحسين واخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام ؟
و الجواب هو: إن مرقد الامام الحسين عليه السلام اجتمعت فيه اربع امور و هي الزمان و المكان و الراية و اللون.
اما الزمان فهو العاشر من شهر المحرم الحرام الذي استشهد فيه ظلما و سبيت نسائه على يد الطغاة من بني امية و وصل ظلمهم الى قتل طفله عبد الله الرضيع وما هو ابشع من هكذا ظلم ، وشهر صفر الخير الذي تم اعادة الرؤوس الشريفة الى اجسام اهل البيت و اصحابهم صلوات الله عليهم ، بعدما جالوا بهم اروقة الكوفة و الشام وكان يوم عودة الرؤوس هو العشرين من شهر صفر الخير حيث مر عليهم اربعين يوما و اصبحت تسمية هذا اليوم باربعينة الامام الحسين عليه السلام و الذي يزحف فيه المسلمون الموالون للامام الحسين عليه السلام مشيا على الاقدام لزيارته في هذا اليوم المقدس .
و اما المكان فهو ارض كرب و بلاء "كربلاء" ارض الشهادة و الاباء الارض التي تجسدت بها كلمة هيهات منا الذلة .
و لذا رفعت في هذا المكان رايتان الاولى ذات لون احمر والاخرى تحمل اللون الاسود حيث ان اللون الاسود يعلن الحزن على الامام الحسين عليه السلام لما له من تاثير كما سبق، وترفع هذه الراية في شهر المحرم الحرام و صفر الخير لتوافق مناسبة شهادة ابا الاحرار الامام الحسين عليه السلام و عودة رؤوس الشهداء و دفنها مع الاجسام في العشرين من شهر صفر الخير.
اما باقي اشهر السنة فانها تتميز برفع راية الثأر الحمراء كونها تلفت النظر و توتر الاعصاب كما تقدم وهذه الراية كانت توضع في قديم الازمان على كشاخص قبر من مات مقتولاً لاعلام الناس انه قتل ولم يؤخذ بثأره ولذا نرى الراية الحمراء ترفرف لاعلان ان الامام الحسين الشهيد عليه السلام لم يؤخذ بثاره الى الان و ان ثاره يتحقق عند ظهور الامام المهدي المنتظر محمد بن الحسن عليهما السلام.
الكاتب / قيس العامري
تدقيق / سامر قحطان
اترك تعليق