الاِمام السابع : موسى الكاظم - عليه السّلام (128 ـ 183 هـ ) مختصر من سيرته موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين، سابع أئمة أهل البيت الطاهر - عليهم السّلام- ، أبو الحسن، أمة حميدة البربرية . يعرف بألقاب متعددة منها : الكاظم ـ وهو أشهرها ـ والصابر والعبد الصالح. ولد بالأبواء موضع بين مكة والمدينة يوم الثلاثاء، وفى رواية اخرى يوم الاحد لسبع ليال خلون من صفر سنة (128) ثماني وعشرين ومائة من الهجرة [1] . وكان - عليه السّلام- أعبد أهل زمانه وأزهدهم وأفقههم، وكان يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، وقد أخذ عنه العلماء فأكثروا، ورووا عنه في فنون العلم ما ملاَ بطون الدفاتر، وألّفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة، المروية عنهم بالأسانيد المتصلة، وكان يعرف بين الرواة بالعالم. وكان - عليه السّلام- انموذج عصره، وفريد دهره، جليل القدر، عظيم المنزلة، مهيب الطلعة، كثير التعبّد، عظيم الحلم، شديد التجاوز حتى لقّب بالكاظم، وقد لاقى من المحن ما تنهدّ لهولها الجبال، فلم تحرك منه طرفاً، بل كان صابراً محتسباً كحال آبائه وأجداده الذين إليهم ينتسب العظماء، وعنهم يأخذ العلماء، ومنهم يتعلّم الكرماء. فهم الهداة إلى اللّه، والاَدلاّء عليه، وهم الأمناء على أسرار الغيب، والمطهرون من الرجس والعيب. وهم الذين أوضحوا شعار الاِسلام، وعرّفوا الحلال والحرام. وكان أحمد بن حنبل إذا روى عنه قال: حدثني موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب، قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم- ، ثم قال أحمد: وهذا إسناد لو قرىَ على المجنون لأفاق. وقد روي عن أبي حنيفة أنّه حجّ في أيّام أبي عبد اللّه الصادق - عليه السّلام- ، فلمّا أتى المدينة دخل داره وجلس ينتظر فخرج صبي، فسأله أبو حنيفة عن مسألة، فأحسن الجواب، قال أبو حنيفة: فأعجبني ما سمعت من الصبي، فقلت له ما اسمك؟ فقال له: «أنا موسى بن جعفر ...» فقلت له: ياغلام ممّن المعصية؟ فقال: «إنّ السيئات لا تخلو من إحدى ثلاث، إمّا أن تكون من اللّه وليست منه، فلا ينبغي للرب أن يعذب العبد على ما لا يرتكب، وأمّا أن تكون منه ومن العبد وليست كذلك، فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف، وأمّا أن تكون من العبد وهي منه، فإن عفا فبكرمه وجوده، وإن عاقب فبذنب العبد وجريرته».[2] احتجاجه روي أن الرشيد قال لموسى بن جعفر - عليهما السّلام - : كيف قلتم إنّا ذرية النبي والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم- لم يعقب، وإنّما العقب للذكر لا للأنثى؟ فطلب إعفاءه من الجواب، فأبى الرشيد، وطالبه بحجة من كتاب اللّه تعالى، فقال - عليه السّلام- : «قال تعالى: { وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} [الأنعام/84-85] من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟» فقال: ليس لعيسى أب. فقال - عليه السّلام- : «إنّما ألحقناه بذراري الاَنبياء» - عليهم السّلام- من طريق مريم (عليها السلام) ، وكذلك ألحقنا بذراري النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- من قبل أُمّنا فاطمة (عليها السلام)». «قال: أزيدك يا أمير الموَمنين؟» قال: هات. قال - عليه السّلام- :«قول اللّه عزّ وجلّ: { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران/61] ولم يدّع أحد أنّه أدخله النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلاّ علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين - عليهم السّلام- فكان تأويل قوله عز وجل أبناءنا الحسن والحسين ونساءنا فاطمة وأنفسنا علي بن أبي طالب - عليهم السّلام- ».[3] واستشهد الإمام ببغداد يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنه 183 ثلث وثمانين ومائة مسموما ومظلوما على الصحيح من الاخبار في حبس السندي بن شاهك سقاه السم السندي بامر الرشيد ودفن عليه السلام في الجانب الغربي في المقبرة المعروفة بمقابر قريش [4] . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1]- تاج المواليد – للشيخ الطبرسي / ص 23 . [2]- موسوعة أصحاب الفقهاء / ج2 / ص14 . [2]- موسوعة أصحاب الفقهاء / ج2 / ص 15 [4]- تاج المواليد - الشيخ الطبرسي / ص 23 .
اترك تعليق