الاِمام الثامن : عليّ الرضا - عليه السلام

الاِمام الثامن : عليّ الرضا - عليه السلام - (148 ـ 203هـ) مختصر من سيرته علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الشهيد بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام، أبو الحسن الهاشمي، العلوي، المعروف بالرضا، الإمام الثامن من أئمّة أهل البيت الطاهر أئمّة الهدى وأوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله . وامه ام ولد يقال لها ام البنين، يقال خيزران المرسية، ولد بالمدينة في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائة على المشهور . ألقابه : الرضا، الصابر، والزكيّ، والرضيّ، والوفيّ، والوليّ، والفاضل، والصدّيق، والصادق. وأشهرها «الرضا»، لأنّه كان رضيَّ الله عزّوجلّ في سمائه، ورضيّ رسوله والأئمّة عليهم السّلام بعده في أرضه. وقيل : لأنّه رضيَ به المخالف والمؤالف. وكان ذا فضائل جمة، صرّح بها كل من تعرّض له : قال إبراهيم بن العباس الصُولي: ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا، وشهدت منه مالم أشاهد من أحد، وما رأيته جفا أحداً بكلام قطّ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما ردّ أحداً عن حاجة قدر عليها... وكان قليل النوم، كثير الصوم، لا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر، ويقول إنّ ذلك يعدل صيام الدهر، وكان كثير المعروف والصدقة في السرّ . وفي كتاب العهد الذي كتبه المأمون إنّه جعل الرضا - عليه السلام - ولي عهده: لما رأى من فضله البارع، وعلمه الناصع، وورعه الظاهر، وزهده الخالص، وتخلّيه عن الدنيا، ومسلمته من الناس . وقال الذهبي: كان علي الرضا كبير الشأن، أهلاً للخلافة. وقال: كان من العلم والدين والسوَدد بمكان .(1) وقال اليافعي: الاِمام الجليل المعظم سلالة السادة الاَكارم، أحد الاَئمة الاثني عشر أُولي المناقب الذي انتسب الاِمامية إليهم، وقصروا بناء مذهبهم عليهم (2). وكان الاِمام الرضا - عليه السلام - أعلم أهل زمانه، وقد التفّ حوله العلماء والفقهاءو المتكلّمون، وأخذوا عنه ورووا عنه، وصنفوا في ذلك العديد من الكتب. وكان - عليه السلام - يفتي في مسجد رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم وهو ابن نيف وعشرين سنة (3) وجاء في «تهذيب التهذيب» أنّه روى عنه: أبو عثمان المازني النحوي، وأيوب بن منصور النيسابوري، والمأمون العباسي، وأبو جعفر محمد بن محمد بن حبان التمار، وآدم بن أبي إياس، ونصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن رافع القشيري، وخالد بن أحمد الذهلي، وآخرون. وكان - عليه السلام - حين استدعاه المأمون إلى خراسان، لا ينزل بلداً إلاّ قصده الناس يستفتونه في معالم دينهم، فيجيبهم، ويحدثهم الكثير عن آبائه عن علي عن رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم. روي أنّه لما وافى نيسابور، وأراد أن يخرج منها إلى المأمون بمرو ازدحم عليه أصحاب الحديث، وطلبوا منه أن يملي عليهم حديثاً، فأملى عليهم ـ وهو في هودجه ـ الحديث الموسوم بحديث (سلسلة الذهب) الذي رواه عن أبيه عن آبائه عن علي عن رسول اللّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم عن جبرئيل عن اللّه سبحانه. والحديث هو: «كلمة لا إله إلاّ اللّه حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي» (4). و لما أقام الاِمام الرضا - عليه السلام - بمرو، قصده القريب والبعيد، وخاض شتى أنواع العلوم من الفلسفة، وعلم الكلام، والفقه والتفسير والطب، وغيرها. وعقد له المأمون العباسي مجالس المناظرات والاحتجاجات مع كبار الفلاسفة وأصحاب الاَديان والمقالات، وعلماء المذاهب الاِسلامية، فكان يناظرهم بالحجج البالغة، ويوضح لهم الحق، فيذعنوا لقوله، ويقرّوا له بالفضل. و مما أثر عن الاِمام الرضا - عليه السلام - : الرسالة الذهبية في الطب التي بعث بها إلى المأمون العباسي، ورسالة في جوامع الشريعة، أملاها - عليه السلام - على الفضل بن سهل بطلب منه، وقد جمعت غرر الاَحكام الشرعية وأُمهات المسائل الفقهية، وصحيفة الرضا - عليه السلام - ، ويعبّر عنها بمسند الرضا. كما روي عنه - عليه السلام - في مجال التشريع والحديث شيء كثير، وقد تكفلت كتب الفقه الشيعي والحديث بنقل ذلك، وقلّما يوجد باب من أبواب الفقه أو فصل من فصوله، إلاّ وللاِمام الرضا حديث فيه، وقد ترد في بعض الاَبواب الفقهية عشرات الاَحاديث عنه - عليه السلام - . روى الموَرخون أنّه في سنة (201هـ) جعل المأمون العباسي عليَّ بن موسى الرضا - عليه السلام - وليّ عهد المسلمين والخليفة بعده، وكتب بذلك إلى الآفاق، وضرب اسمه على الدينار والدرهم. و ذهب أكثر من كَتبَ عن بيعة المأمون للرضا - عليه السلام - بولاية العهد إلى أنّ ذلك كان منه لمآرب سياسية منها التغلب على المشاكل التي كان يواجهها، والاستفادة منها في تقوية دعائم خلافته بشكل خاص، وخلافة العباسيين بشكل عام، إلى غير ذلك ممّا تعرّض إليه الباحثون (5) و تعرّضوا أيضاً إلى مبررات قبول الاِمام - عليه السلام - لولاية العهد، فلتراجع في مظانها. وكان وفاة الرضا عليه السلام يوم الاثنين لثلث ليال بقين من صفر سنه 203 ثلث ومأتين من الهجرة، ويقال: توفى في شهر رمضان، والاول هو الاصح، ومضى عليه السلام مسموما مظلوما من قبل المأمون .. بعد أن انتشر صيت الاِمام - عليه السلام - بعد توليته العهد، وعظمت مكانته عند المسلمين، مما أثار مخاوف المأمون وتوجّسه من أن ينفلت زمام الاَمر من يديه على عكس ما كان يتمناه، فقرّر أن يريح نفسه من هذا الخطر فدسّ إليه السمّ (6) المصدر : ينظر : موسوعة أصحاب الفقهاء / ج 3 / ص 6 - 10 ____________ (1) سير اعلام النبلاء/ ج 9/ص 387 برقم 125 (2)مرآة الجنان / ج2 / ص11. (3) المنتظم /ج 10/ ص119 برقم 1114. (4) عيون أخبار الرضا: 1|143، الباب 37. (5) أُنظر : سيرة الاَئمة الاثني عشر للحسني. (6) ينظر : تاج المواليد – للطبرسي .

المرفقات