دروس من الادب في محضر علماء مدرسة اهل البيت (عليهم السلام)

الشيخ المفيد و شيخ الطائفة الطوسي (ره)  انموذجا

من المهم جدا ان يعرف المؤمن عموما، وطلبة العلم خصوصا كيفية التعامل مع العلماء والفقهاء والفضلاء، والاساتذة ونواب الامام في عصر الغيبة الكبرى بدءاً من السؤال او الاستفسار او الاشكال او الجلوس في محضرهم .

فان سيرة العلماء الاعلام والحوزة العلمية منذ تأسيسها قائمة على الاحترام المتبادل فيما بينهم . 

وهي سمة بارزة في مذهب اهل البيت عليهم السلام ، وعلماء هذه المدرسة الحقة وبشكل منقطع النظير ، ويختلف تماما عن بقية الاديان، والمذاهب، وهذا ما نلمسه من خلال سيرة الاعلام فيما بينهم، وهذا في الحقيقة من الادب الذي يعد درسا للمنتظرين من المؤمنين وطلبة العلم من شيعة اهل البيت عليهم السلام . 

ولابد ان يؤخذ ذلك في نظر الاعتبار فقد راينا البعض ممن يرتدي الزي الحوزوي ومحسوب على طلبة العلم سيء الخلق مع استاذه او مع العلماء والفضلاء ، وقد ظهر ذلك في مواطن عدة، وخصوصا في وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك من يتجاوز على العلماء، والاساتذة في كلماته، او عند نقاشه لبعض المطالب حتى راح بعضهم، واصفا شيخ الطائفة الطوسي باوصاف لايمكن كتابتها لسوء الادب الذي تحمله تلك الالفاظ . 

وذهب اخرون الى استخدام اسلوب التهكم والسخرية والادعاءات الكاذبة بحق بعض اساتذة الحوزة العلمية ممن تربينا على ايديهم لسنين طوال . 

وهذا في الحقيقة ليس من أدب اهل البيت عليهم السلام وليس من اخلاق شيعة جعفر الصادق (عليه السلام) ، وليس من سيرة العلماء الاعلام ، فقد كان كبار العلماء واساطينهم يحترمون بعضهم البعض بطريقة مميزة وعظيمة ومنقطة النظير. 

واليك جزء يسير من سير علمائنا الاعلام في هذا المجال رحم الله الماضين وحفظ الاحياء منهم ... 

فقد ورد في (كتاب المسائل الطوسية للشيخ المفيد رحمه الله ص4 )وهو كتاب يتضمن بعض المسائل التي سالها شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي رحمه الله للشيخ المفيد بخطه الشريف وعاد الجواب من المفيد رحمه الله . 

ففي هذا الكتاب ورد في كلام الشيخ الطوسي قدس بحق المفيد عند سؤاله ما يدل على عظمة الشيخ المفيد ، والخلق الرفيق والعالي لشيخ الطائفة الطوسي (ره) . 

حيث ورد ان الشيخ الطوسي كان يبدأ اسئلته للمفيد بما نصه : ( ما يقول سيدنا الشيخ الجليل المفيد اطال الله بقاءه وكبت اعدائه وادام نعمائه)... وجاء في اخر كل سؤال مانصه :( افتنا ان شاء الله ) او (افتنا متطولا ان شاء الله) او (افتنا موفقا للصواب ان شاء الله). هكذا كان الشيخ الطوسي يتعامل مع المفيد عند سؤاله . 

وهذه هي الاخلاق العالية التي يحملها اعلام هذه الطائفة الحقة والمباركة وهذا هو منهج اهل البيت عليهم السلام ومن يشذ عن ذلك فليس منهم بشيء. 

روي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كان علي ( عليه السلام ) يقول : إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال ولا تأخذ بثوبه ، وإذا دخلت عليه وعنده قوم فسلم عليهم جميعا وخصه بالتحية ، واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه ، ولا تغمز بعينيك ولا تشر بيديك ، ولا تكثر من القول ، قال فلان وقال فلان خلافا لقوله ، ولا تضجر بطول صحبته… .) . 

: الشيخ وسام البغدادي