نجد أن بعض الدعاوى المنحرفة غالبًا ما تصور نفسها على أنها من دعاة (الحب والسلام) وفي المقابل أن من يجابه دعاويهم الباطلة فهو (حاقد وصاحب خطاب كراهية) وهذه من الأساليب الشيطانية التي ينبغي للمؤمن الفطن أن لا تنطلي عليه؛ لأنها يصدق عليها قول الشاعر:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منــك كما يروغ الثعــلبُ
وقد ذكرىالحق تعالى في التحذير من كلام المنافقين: {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (المنافقون: ٤)، أي: أن كلامهم قد يكون جميلاً قد تسمعه وتصدق به، ولكنهم في الحقيقة هم العدو المستغرق لهذه الصفة.
ومن أمثلة هؤلاء المبطلون (إليف شافاق) التي كانت تكتب في روايتها الصوفية: (إن ديننا هو دين العشق، وجميع البشر مرتبطون بسلسلة من القلوب) [قواعد العشق الأربعون ص ٤٩٢]، وتصور أنّ الدين هو الحب فقط من دون أن يكون فيه جانب الإنكار والبغض لأعمال أهل المنكر.
ومن هنا كانت تقول أيضًا: (عندما يدخل عاشق حقيقي لله إلى حانة، فإنها تصبح غرفة صلاته، لكن عندما يدخل شارب الخمر إلى الغرفة نفسها فإنها تصبح خمارته) [قواعد العشق الأربعون ص ٢٠٩]، فلا تحاسب أهل العشق وإن كانوا من رواد حانات الخمور.
وموقف أهل البيت (عليهم السلام) هو الموازنة بين البغض والحب ولكل مفهوم أو شخص ما يستحقه منهما فبعض الأشخاص والمواقف ليس لهما إلا البغض وبعض آخر ليس لهما إلا الحب، وعندما سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الحب والبغض، أمن الإيمان هو؟ قال: (وهل الإيمان إلا الحب والبغض؟!) [الكافي ج ٢ ص ١٢٥].
والحب بهذا المعنى كان معاوية يعلم المغفلين من شيعته عليه كما روي كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) : (إن بني أمية أطلقوا للناس تعليم الإيمان ولم يطلقوا تعليم الشرك؛ لكي إذا حملوهم عليه لم يعرفوه) [الكافي ج ٢ ص ٤٥١].
وجاء في التاريخ: (أن معاوية قال للإمام الحسين (عليه السلام) أن يزيد خير للأمة منك! فقال له الحسين (عليه السلام): يزيد شارب الخمر ومشتري اللهو خير منّي؟! فقال معاوية: مهلاً عن شتم ابن عمك! فإنك لو ذُكرت عنده بسوء لم يشتمك!) [موسوعة التاريخ الإسلامي ج ٦ ص ٢٧].
فانظر إلى نفاقه ودعاوى المثالية في أن الإمام الحسين (عليه السلام) حين وضع الأمور في نصابها كيف اعتبر معاوية أن ذلك من الغيبة المحرمة وأن يزيد من التقى والورع بمكان لا يغتاب من اغتابه ولا يشتم من شتمه!
ثم ما قيمة حب الإنسان لأمير المؤمنين (عليه السلام) وهو منحرف عن الطريق، ومن هنا جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) في كلامه لجابر: (يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول: أحب عليًا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا؟! فلو قال: إني أحب رسول الله فرسول الله (صلى الله عليه وآله) خير من علي (عليه السلام) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئًا) [الكافي ج ٢ ص ٧٤].
فجعل حب أمير المؤمنين (عليه السلام) كشماعة لقبول المنحرفين والمكذبين على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) لا ينفع شيئًا ما دام هذا المدعي للمحبة يعمل بسيرة معاوية ويزيد وليس بسيرة أمير المؤمنين (عليه السلام).
اترك تعليق