هناك فكرة يشترك بها (الغلاة) وبعض (أدعياء العرفان) نشأت عندهم بسبب الجهل بمعاني الروايات الشريفة التي تذكر أن الأسماء الحسنى هم أهل البيت (عليهم السلام) فظنوا أنها نفسها: (الله الأحد الفرد الصمد المتكبر...) تنطبق عليهم ومن هنا كان بعض أدعياء العرفان يصف أمير المؤمنين (عليه السلام) بـ(الصمد) بسبب هذه الشبهة.
وسبب هذا التخبط في فهم الروايات أن هؤلاء يفسرون الأحاديث وفق عقلياتهم القاصرة وأغلبهم ليس له أي تحصيل علمي حوزوي وإنما يتكلم من تلقاء نفسه وهو يظن أن الهذيان أو الثرثرة التي تصدر منه نظريات علمية وكلام رصين!
ولكن الأمر ليس كذلك ففي مبحث الأسماء الحسنى من علم الكلام قسموا الاسم إلى قسمين:
القسم الأول: الأسماء التكوينية والتي يندرج فيها خلق الله وعجائبه وكذلك أفضل مخلوقاته وهم آل محمد (صلوات الله عليهم)، وفي ذلك روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (ما من حرفٍ إلا وهو اسمٌ من أسماء الله عزّ وجلّ) [بحار الأنوار ج ٢ ص ٣٢٠].
وسبب إضافة (الحسنى) إلى أسماء أهل البيت (عليهم السلام) مع أن كل الخلق من أسمائه والعلائم الدالة عليه ما ذكره المازندراني بقوله: (وإنما وصفهم بالحسنى مع أن غيرهم من الموجودات أيضًا علامات وبينات؛ لما وجد فيهم من الفضل والكمال...) [شرح أصول الكافي ج ٤ ص ٢٢١].
القسم الثاني: الأسماء اللفظية المشيرة إلى الذات المقدسة وهو الله تعالى أو فعله مثل: (الخالق الرازق المتكبر...) وغيرها من الأسماء المختصة بالله تعالى، ومن الجهل بمكان أن يُخلط بين الأسماء التكوينية واللفظية ومن ثم وصف أهل البيت (عليهم السلام) بأسماء الله تعالى المختصة به سبحانه.
ونذكر هنا اسم (المتكبر) الذي هو من الأسماء المختصة بالله تعالى وقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: (الكبر رداء الله والمتكبر ينازع الله رداءه) [الكافي ج ٢ ص ٣٠٩].
وليست كل صفة أو اسم حسن لله تعالى يوصف به الإنسان، فصفة (التواضع) من الصفات الحسنة في الإنسان ولكنها ليست من صفات الله تعالى ولا أسمائه، وكذلك صفة (المتكبر) فهي من أسماء الله الحسنى وتأتي بمعنى العظمة ولكنها إن اقترنت بالمخلوق كانت صفة ذم.
ومن مخاطر هذا التفسير للأسماء الحسنى حدوث حركات منحرفة في الوسط الشيعي كالذي يرى أن الأئمة (عليهم السلام) هم الخالقون والرازقون اعتمادًا على توصيفهم بصفات الله تعالى الأمر الذي لا يجعل صفة من صفات الله تعالى المختصة به سبحانه إلا ويطبقها عليهم!
اترك تعليق