تعليل بناء الجدار من قبل العبد الصالح الخضر (عليه السلام)

سلسلة في التأملات القرآنية

تعليل بناء الجدار من قبل العبد الصالح الخضر (عليه السلام)

{وَأَمَّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَينِ يَتيمَينِ فِي المَدينَةِ وَكانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُما وَكانَ أَبوهُما صالِحًا فَأَرادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغا أَشُدَّهُما وَيَستَخرِجا كَنزَهُما رَحمَةً مِن رَبِّكَ وَما فَعَلتُهُ عَن أَمري ذلِكَ تَأويلُ ما لَم تَسطِع عَلَيهِ صَبرًا}[1]. 

القرآن الكريم هو الدستور الإلهي المنزل من قبل الله على خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله)، والمعد لتنظيم حياة المسلمين وعلاقتهم بخالقهم أو بني جنسهم، أو باقي المخلوقات؛ فهو مائدة السماء التي أعدّها الله لعباده ليتزودوا منها معرفة وعلماً وكمالاً وأخلاقاً؛ فيرتقوا روحياً وعلمياً، لقد أنزل الله كتابه الكريم وجعل فهمه وإدراك معانيه متفاوتاً لدى ذوي العقول من البشر؛ لعمق معانيه وتعدد بطونه؛ فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: (إنّ للقرآن ظهراً وبطناً، ولبطنه بطناً إلى سبعين بطناً)[2]، والسبعين تدل على الكثرة لأن كلام الله لا ينفد، وكلّ يأخذ منه بحسب استعداده لتلقي النداءات، والمعاني الإلهية التي لا تنفد، فقد قَالَ الإمامً الْحُسَيْنُ بْنَ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا): (كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: عَلَى الْعِبَارَةِ، وَالْإِشَارَةِ، واللطائف، وَالْحَقَائِقُ؛ فالعبارة لِلْعَوَامِّ، وَالْإِشَارَةِ للخواص، واللطائف لِلْأَوْلِيَاءِ، وَالْحَقَائِقُ لِلْأَنْبِيَاءِ)[3]، ونود هنا الإشارة لبعض الإشارات التي يمكن أن نستخلصها من كلام الله في بيان أحد أجوبة الخضر لنبي الله موسى (عليهما السلام) أثناء صحبته له، ومنه نستمد العون والتوفيق:  

الإشارة الأولى: غائية الأفعال: 

جاءت هذه الآية وما قبلها من آيات تعليلاً للأفعال الصادرة من العبد الصالح (عليه السلام) وجواباً عن المسائل الثلاث التي سأل الكليم موسى (عليه السلام) عن سبب حدوثها، فتعليل فعل الأحكام وبيان الغائية لكلّ حادثة، أو فعل هو بيان للمقاصد التي من أجلها قد شرع الحكم وممَّا ينبغي تعليمها لمن له طاقة وقدرة على تحمل الأسرار؛ فما من فعل أو حادث إلا وله غاية، وباعث؛ فالأفعال والتقديرات والتكاليف الإلهية ناتجة عن حكمة، وخالية عن كلّ عبث، وكذا يجب أن تكون أفعال العباد، فتدور أفعاله في فلك وأفق ومدار الحكمة، بل لا بُدَّ أن تكون غير عبثية؛ وهذا ما بيّنه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لبهلول عندما رآه يبكي فقد روي أنّه (رَآهُ وَهُوَ صَبِيُّ يَبْكِي وَالصِّبْيَانَ يَلْعَبُونَ، فَظَنَّ أَنَّهُ يَتَحَسَّرُ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ، فَقَالَ: أَشْتَرِيَ لَكَ مَا تَلْعَبُ بِهِ؟ فَقَالَ: يا قَلِيلُ الْعَقْلِ مَا لِلَّعْبِ خَلَقْنَا. فَقَالَ لَهُ: فلماذا خَلَقْنَا؟ قَالَ: لِلْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ. فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[4]، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يَعِظَهُ فوعظه بِأَبْيَاتِ ثُمَّ خَرَّ الْحَسَنِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ‏، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لَهُ: مَا نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ صَغِيرٍ لَا ذَنْبَ لَكَ؟ فَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا بُهْلُولُ، إِنِّي رَأَيْتُ وَالِدَتِي تُوقَدُ النَّارُ بِالْحَطَبِ الْكِبَارُ فَلَا تقد إِلَّا بِالصَّغَارِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُونَ مِنَ صِغَارِ حَطَبُ جَهَنَّمَ)[5].

الإشارة الثانية: مراقبة الأفعال والأقوال: 

وهي دعوة إلهية لكلّ عبد لمراقبة ما يصدر عنه من أفعال وأقوال وجعلها مطابقة للإرادة الإلهية، والتشريع الإلهي الذي شرعه الحق، والرضوخ للحق واتباعه حتى إن كان التشريع مخالفاً لهواي، والمصالح الشخصية، فيكون مطبقاً لما ورد عن الْإِمَام البَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (قُلِ الْحَقَّ وَلَوْ عَلَى نَفْسِكَ)[6]، وهذه المراقبة تستلزم من الأفراد الاطلاع التام على الشريعة، أو السؤال عن الشرع والاستمرار بالتعلم على الدوام؛ تطبيقاً لقول رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): (الْعِلْمُ خَزَائِنِ وَمِفْتَاحُهَا السُّؤَالِ، فَاسْأَلُوا يَرْحَمْكُمُ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُؤْجَرُ فِيهِ أَرْبَعَةُ: السَّائِلُ، وَالْمُعَلَّمِ، وَالْمُسْتَمِعِ وَالسَّامِعِ وَالْمُحِبُّ لَهُمْ)[7]. 

الإشارة الثالثة: مخالفة النفس والهوى: 

بما أنَّ العبد الصالح قد علّل بأنّ كلّ ما صدر عنه من أفعال جرت وفقاً للإرادة الإلهية، والشريعة السمحاء؛ فهي دعوة إلهية للمؤمنين بأن يخالفوا الأهواء النفسية، ويقدموا التشريع الإلهي ويتبعوه كما قال تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}[8]، وفي نفس الوقت هي دعوة بأن لا نجتهد في قبال تفسير وبيان النبي، أو الوصي المعصوم (عليه السلام) والمنصب من قبل الله. 

الإشارة الرابعة: أدبية الحوار مع الله: 

من المهم جداً أن يتمتع الفرد بأدب ولياقة الحوار مع المتكلم، أو من ينسب إليه فعلاً ما، فمعرفة المقامات ووضع الأمور في نصابها ومراعاة الأدب في محضر الحق، أو تنزيه الله عن كلّ ما يجب تنزيهه عنه لأمر مهم، ينعكس عن الركيزة الإيمانية، وينبع عن التربية العالية، والانتباه الدقيق للفرد عند تكلمه، أو نسبته لفعل الخير المحض لله، وعدم نسبة الفعل لنفسه، وهي نوع من نكران الأنا، فقال العبد الصالح {فَأَرادَ رَبُّكَ} فنسب الخير المحض بكونه إرادة الله، في حين لو لاحظنا الآيتين السابقتين لوجدنا نسبة الفعل لنفسه لو كان في ظاهره المفسدة كخرق السفينة {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}[9]، وكذا في قتل الغلام فقد برر وعلّل الفعل بتنزيه الله عمّا ظاهره مفسدة ومستنكر من قبل الآخرين (من قتل من لا ذنب له) بقوله: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا}[10]، في حين أنّ تقويم الجدار هو فعل خير محض ظاهراً وباطناً، ومن هنا نسبه لله، وهذا هو الفرق بين الخطاب والحوار الشيطاني والإيماني، فإبليس قال مخاطباً الله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[11]، فنسب الغواية لله تعالى، بينما خطاب نبي الله آدم وزوجته قالا: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[12].

الإشارة الخامسة: الطاعة والتسليم للمعصوم: 

أشارت الآية إلى أنّ ما يصدر من المعصوم (عليه السلام) هو مشيئة وإرادة إلهية كما بيّن تعالى في نفس الآية المبحوثة:{وَما فَعَلتُهُ عَن أَمري}؛ فيجب على الفرد الطاعة والتسليم للمعصوم حتى وإن خالفت الأحكام الصادرة عنه العقل؛ فقد قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): (إِنَّ دِينَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلٍ لَا يُصَابُ بِالْعُقُولِ النَّاقِصَةِ وَالْآرَاءِ الْبَاطِلَةِ والمقائيس الْفَاسِدَةِ، وَ لَا يُصَابُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ، فَمَنْ سَلَّمَ لَنَا سَلِمَ، وَمَنْ اقْتَدَى بِنَا هَدى، وَمَنْ كَانَ يَعْمَلُ بِالْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ هَلَكَ، وَمَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ شَيْئاً مِمَّا نَقُولُهُ أَوْ نَقْضِي بِهِ حَرَجاً كَفَرَ بِالَّذِي أَنْزَلَ السَّبْعَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ)[13]، وعدم المخالفة والإنكار وإن بدا كلام المعصوم خلاف ظاهر الشرع؛ لأنّ المعصوم أو الولي أعلم بالمصالح والمفاسد، وهو سيد العقلاء، وأعلم بالشريعة من حيث الخصوص والعموم، والاطلاق والتقييد، والمحكم والمتشابه، والمجمل والمبين، والكلّي والجزئي، والمصاديق المندرجة تحت المفهوم العام، بل هو أعلم بملاكات الأحكام التي تدور الأحكام عليها فتكون وفقها. ومن هنا كان اختلاف أصحاب الأئمة ومقاماتهم بحسب تسليمهم وطاعتهم، فقد روى أَبُو حَمْزَةَ مَعْقِلِ الْعِجْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: (قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَاللَّهِ لَوْ فَلَقْتَ رُمَّانَةٍ بِنِصْفَيْنِ، فَقُلْتُ هَذَا حَرَامُ وَهَذَا حَلَالُ، لشهدت أَنَّ الَّذِي قُلْتَ حَلَالُ حَلَالُ، وَانَّ الَّذِي قُلْتّ حَرَامُ حَرَامُ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ)[14]، فمدحه الإمام الصادق (عليه السلام)، وبين علو منزلته في الآخرة بعد موته فقد روى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعُبَيْدِيِّ، قَالَ: (كَتَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ حِينَ مَضَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ: يَا مُفَضَّلُ عَهِدْتُ إِلَيْكَ عَهْدِي كَانَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، فَمَضَى (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) مُوفِياً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلٍ وَلِرَسُولِهِ ولإمَامِهِ بِالْعَهْدِ الْمَعْهُودِ لِلَّهِ، وَقُبِضَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى رُوحِهِ) مَحْمُودِ الْأَثَرِ مَشْكُورِ السَّعْيِ مَغْفُوراً لَهُ مَرْحُوماً بِرِضا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وإمَامَهُ عَنْهُ، فولادتي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) مَا كَانَ فِي عصرنا أَحَدُ أَطْوَعُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ولإمَامِهِ مِنْهُ. فَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ بِرَحْمَتِهِ وَصَيِّرْهُ إِلَى جَنَّتِهِ، مساكنا فِيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْزَلَهُ اللَّهُ بَيْنَ المسكنين مُسَكِّنِ مُحَمَّدٍ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا) وَإِنْ كَانَتِ الْمَسَاكِنِ وَاحِدَةً فَزَادَهُ اللَّهِ رَضىً مِنْ عِنْدِهِ وَمَغْفِرَةُ مِنْ فَضْلَةِ بِرِضَايَ عَنْهُ)([15]).

الإشارة السادسة: انسياق العبد وفقاً للمشيئة الإلهية: 

قد يصل الفرد من ناحية الطاعة لله تعالى من أداء الواجبات، والالتزام بالمستحبات، وترك المحرمات، واجتناب المكروهات، نتيجة للمراقبة الدقيقة لما سيصدر عنه أن لا يتصرف ولا تصدر عنه الأفعال والأقوال إلا ضمن المشيئة والإرادة الإلهيتين، وهو نوع من التسديد والتأييد، أو قل الالهام الرباني؛ فتكون مشيئته وإرادته مندكة ومتحدة في المشيئة والإرادة الإلهية؛ فيكون مصداقاً لقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ۝ لِمَن شاءَ مِنكُم أَن يَستَقيمَ۝ وَما تَشاءونَ إِلّا أَن يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ العالَمينَ}[16]، ومثال ذلك أي انطباق فعل العبد وصيرورته ضمن مشيئة الله وما يريده، ويشير لذلك بوضوح ما روي عَنْ كَافُورِ الْخَادِمِ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): (اتْرُكِ لِي السَّطْلَ الْفُلَانِيَّ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لِأَتَطَهَّرَ مِنْهُ لِلصَّلَاةِ، وَأَنْفَذَنِي فِي حَاجَةٍ، وَقَالَ: إِذَا عُدْتَ فَافْعَلْ ذَلِكَ لِيَكُونَ مُعَدّاً إِذَا تَأَهَّبْتُ لِلصَّلَاةِ، وَاسْتَلْقَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِيَنَامَ، ونَسِيتُ مَا قَالَ لِي، وَكَانَتْ لَيْلَةً بَارِدَةً فأحسَسْتُ بِهِ وَقَدْ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَذَكَرْتُ أَنَّنِي لَمْ أَتْرُكِ السَّطْلَ. فَبَعُدْتُ عَنِ الْمَوْضِعِ خَوْفاً مِنْ لَوْمِهِ، وَتَأمَّلْتُ لَهُ حَيْثُ يَشْقَى بِطَلَبِ الْإِنَاءِ فَنَادَانِي نِدَاءَ مُغْضَبٍ، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ أَيْشٍ عُذْرِي أَنْ أَقُولَ نَسِيتُ مِثْلَ هَذَا، وَلَمْ أَجِدْ بُدّاً مِنْ أَجَابَتْهُ. فَجِئْتُ مَرْعُوباً، فَقَالَ لِي: يَا وَيْلَكَ أَمَّا عَرَفْتَ رَسْمِي أَنَّنِي لَا أَتَطَهَّرُ إِلَّا بِمَاءٍ بَارِدٍ، فَسَخَّنْتَ لِي مَاءً وَتَرَكْتَهُ فِي السَّطْلِ، قُلْتُ: وَاللَّهِ يَا سَيِّدِي مَا تَرَكْتُ السَّطْلَ وَلَا الْمَاءَ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهِ لَا تَرَكْنَا رُخْصَةً وَلَا رَدَدْنَا مِنْحَةً، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنَا مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ، وَوَفَّقَنَا لِلْعَوْنِ عَلَى عِبَادَتِهِ، إِنَّ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ عَلَى مَنْ لَا يَقْبَلُ رُخْصَةُ)[17].

الإشارة السابعة: اخلاص النية: 

إنّ اخلاص النية يوجب على كلِّ فرد أن يراقب قلبه وتصحيح ما يصدر عنه وجعله خالصاً لوجه الله تعالى؛ فتكون أفعاله وأقواله بداعي القربة لله لا المصالح الشخصية قال تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}[18] ؛ حتى يكون الحال متجذراً بصدور الأفعال والأقوال لله بنية خالصة على الدوام؛ فتكون ملكة باعثة لأن تكون سكناته وحركاته وأفعاله وأقواله لله لا لنفسه، بل يجب أن تكون تلك الحالة من الصفات الثابتة التي لا تتزلزل ولا تنسى من قبل العباد ولا يغفلوا عنها طرفة عين.

 ويجدر الإشارة بأنَّ نبي الله موسى (عليه السلام) قد مرَّ بما هو قريب وشبيه لهذا الحال سابقاً، وأحسن لبنات النبي شعيب (عليه السلام) وكان عمله خالصاً لوجه الله؛ فكافئه الله بالمكث عند النبي شعيب (عليه السلام) والزواج من ابنته، وما فعل العبد الصالح الذي متعه الله بالعلم اللدني الذي يفوق العلم الكسبي إلا عن إخلاص، إذ لم يمنع عدم تقديم الطعام من قبل أهل القرية عن تقديم المعروف إليهم؛ فهو لا يرجو منهم أجراً على المعروف الذي قام به. 

الإشارة الثامنة: التماس الأعذار للمؤمنين: 

إنَّ التربية الأخلاقية العالية توجب على الشخص حمل فعل المؤمنين على الصحة، والتبرير لهم، وايجاد والتماس العذر لما يصدر عنهم سيراً على قول أمير المؤمنين (عليه السلام): (اطْلُبْ لِأَخِيكَ عُذْراً فَإِنْ لَمْ تَجِدْ لَهُ عُذْراً فَالْتَمِسْ لَهُ عُذْراً)[19]، وترك سياسة التكفير لكلّ ما لا يتناسب مع فكري ومرتكزاتي، وما تعودت عليه، وعدم حملهم على السوء لغياب الحقائق؛ فقد يكون هنالك مدركاً شرعياً لأفعالهم إلا أنّه قد غاب عني، أو قد يكون مبلغي من العلم أقل من مبلغه؛ ففوق كلّ ذي علم عليم، وقد تختلف الرؤى لدى الأنبياء (عليهم السلام)؛ فلكلّ قد جعل الله شرعة ومنهاجاً، ومسائل الاختلاف بين علماء مدرسة أهل البيت في المناهج والسلوك والأحكام قد وردت كثيراً إلا أنّهم مرتبطون بآل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)؛ فيجب احترام العلماء، وينبغي عدم الاعتراض عليهم من قبل عامة الناس؛ كما يجب الاحترام والتسليم للمعصومين والأولياء والعلماء الربانيين من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)؛ لأنَّ الحقيقة عندهم، وما عند الغير وهم وسراب. 

الإشارة التاسعة: آثار العمل: 

إنَّ لكلّ عمل يعمله الفرد آثاراً شرعية وتكوينية؛ قد تعود بالنفع على الفرد نفسه، أو غيره من الأفراد، وتختلف باختلاف صلاح الفرد وقربه من الله، فقوله تعالى: {وَكانَ أَبوهُما صالِحًا} فيه إشارة بأنَّ حفظ الكنز كان جزاء الصلاح الذي تمتع به أبيهما، وهو نوع من التحفيز الإلهي للمؤمنين بأنَّ الجزاء على الإيمان ساري المفعول على الأبناء ما داموا على نهج الآباء، وكذا الأمر فيما لو صلح الأبناء؛ فيرحم الآباء بفعل الأبناء، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): (مَرَّ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِقَبْرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبِهِ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ يُعَذَّبُ فَقَالَ: يَا رَبِّ، مَرَرْتُ بِهَذَا الْقَبْرِ عَامَ أَوَّلَ، فَكَانَ صَاحِبِهِ يُعَذِّبُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِهِ الْعَامَ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ يُعَذَّبُ! فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلٍ إِلَيْهِ: يَا رُوحَ اللَّهُ، إِنَّهُ أَدْرَكَ لَهُ وَلَدُ صَالِحُ، فَأَصْلَحَ طَرِيقاً، وَآوَى يَتِيماً، فَغَفَرْتُ لَهُ بِمَا عَمِلَ ابْنُهُ)[20]، بل قد يسير الله الرحمة فيرحم القرية بشيخ وقور، أو عالم رباني، وقد يرحم الأمة بنبيها، وقد تكون تلك الرحمة النبوية واسعة وشاملة لجميع العالمين وهو ممّا اختص به النبي محمد (صلى الله عليه وآله) فقد قال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[21]. 

الإشارة العاشرة: استغلال نقاط القوة: 

الإنسان مخلوق الله الذي خلقه بأحسن تقويم وكرمه وفضّله على مخلوقاته فقال عز وجل: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[22]، وقال فيه: (عَبْدِي خَلَقْتُ الْأَشْيَاءِ لِأَجْلِكَ وَ خَلَقْتُكَ لِأَجْلِي)[23]، وهذا المخلوق مع ما له من استعدادات للكمال إلا أنّ ذلك الكمال يتم وفقاً للأسباب والقوانين التي أعدها الله وأودعها في هذا الكون، ففي الإنسان نقاط قوة إن كسبها واستغلها بطريقة حسنة كان في أحسن تقويم، وجعلته تلك القوة في أوج الكمال، كما أنّه لا يخلو من نقاط ضعف إن رضخ لها ستجعله في أسفل سافلين؛ وذلك إن لم يراعِ ما يطلب منه في الشرع المبين من واجبات أو اقتحم المحرمات، فالفرد محاط بنقاط قوة وضعف زمانية كانت أو مكانية يكون فيهما كماله إن استغل تلك النقاط بما يتناسب مع نقاط القوة الكامنة فيه، وانحطاطه وانحطاط عمله إن سار بالنهج الخاطئ وما نهي عنه؛ ومثال ذلك قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}[24]، فالمال والأبناء نقاط قوة في حياة الفرد من كونهما مصدر قوة له، وكون الأولاد امتداداً له، وكون الصدقات من المال ذخيرةً في آخرته، وعمل الأبناء الصالح يعود بالنفع على الآباء فيكون نقطة قوة للأب، فقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: عِلْمُ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ صَدَقَةُ تَجْرِي لَهُ، أَوْ وَلَدُ صَالِحُ يَدْعُو لَهُ)[25]، وقد يكون الولد أو المال نقطة ضعف في حياة الفرد؛ فيضل الفرد بسببه وقد حذرنا الله من ذلك فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[26]، وهذا ما حدث للزبير بن العوام حيث قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (مَا زَالَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ حَتَّى نَشَأَ ابْنُهُ الْمَشْئُومُ عَبْدُ اللَّهِ)[27]، وكذا العمر فهو من الفترة الزمنية التي فيها قوة وضعف تطرد على الشخص وتؤثر عليه؛ فقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): (يَا أَبَا ذَرٍّ، اغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابِكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتِكَ قَبْلَ سُقْمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ)[28]، فقد أشار النبي لنقاط القوة في الإنسان والتي تطرد من حيث الزمان أو المكان مع الفرد، ومن الممكن أن تكون نقاط القوة من الزمان بحيث يُحثُّ الفرد على التواجد والقيام بتكاليف في زمان معين، فقد رُوِيَ‌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ المذحجي قَالَ : قَالَ لِي أَبُوكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ الصَّادِقُ (عليهما‌ السَّلَامُ): (إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةُ فَاغْدُ فِيهَا، فَإِنْ الارزاق تُقَسَّمُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَارَكَ لِهَذِهِ الُامَّةِ فِي بُكُورِهَا، وَتَصَدَّقَ بشيء عِنْدَ الْبُكُورِ، فَإِنَّ الْبَلَاءَ لَا يَتَخَطَّى الصَّدَقَةَ)[29]، أو ينهى عن القيام ببعض الأعمال في زمان معين كالنهي عن النوم بين الطلوعين فقد روي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: (سَأَلْتُهُ عَنِ النَّوْمِ بَعْدَ الْغَدَاةِ فَقَالَ: إِنَّ الرِّزْقَ يُبْسَطُ تِلْكَ السَّاعَةَ فَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ تِلْكَ السَّاعَةَ)[30]، وقد يُحثُّ على التواجد في أماكن تكون نقاط القوة فيها كبيرة، ولها تأثير على الفرد، كالتواجد عند العلماء، فعَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (جُلُوسُ سَاعَةٍ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادَةِ أَلْفِ سَنَةٍ، وَالنَّظَرُ إِلَى الْعَالِمِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنِ اعْتِكَافِ سَنَةٍ فِي الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَزِيَارَةِ الْعُلَمَاءِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ سَبْعِينَ طَوَافاً حَوْلَ الْبَيْتِ، وَأَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةً وَعُمْرَةً مَبْرُورَةً مَقْبُولَةٍ، وَرَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ سَبْعِينَ دَرَجَةً، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الرَّحْمَةَ، وَشَهِدَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَجَبَتْ لَهُ)[31]، أو التواجد في المساجد عموماً فقد رُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: (يَا فَضْلُ لَا يَأْتِي الْمَسْجِدَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ إِلَّا وَافِدُهَا، وَمِنْ كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ إِلَّا نَجِيبُهَا، يَا فَضْلُ لَا يَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَسْجِدِ بِأَقَلَّ مِنْ إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: إِمَّا دُعَاءٍ يَدْعُو بِهِ يُدْخِلُهُ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَإِمَّا دُعَاءٍ يَدْعُو فَيَصْرِفُ اللَّهُ عَنْهُ بِهِ بَلَاءِ الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَخٍ يَسْتَفِيدُهُ فِي اللَّهِ)[32]، أو ما بينه الشرع في أفضلية بعض المساجد على غيرها فعَنِ الإمام الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: (مَكَّةُ حَرَمُ اللَّهِ وَحَرَمُ رَسُولِهِ وَحَرَمُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَالصَّلَاةُ فِيهَا بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ، وَالدِّرْهَمُ فِيهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمَدِينَةُ حَرَمُ اللَّهِ وَحَرَمُ رَسُولِهِ وَحَرَمُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) الصَّلَاةُ فِيهَا بِعَشَرَةِ آلَافِ صَلَاةٍ، وَالدِّرْهَمُ فِيهَا بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَالْكُوفَةُ حَرَمُ اللَّهِ وَحَرَمُ رَسُولِهِ وَحَرَمُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَالصَّلَاةُ فِيهَا بِأَلْفِ صَلَاةٍ، وَسَكَتَ عَنِ الدِّرْهَمِ)[33]؛ فهذه الأماكن تكسبه القوة، بينما ينهى عن التواجد في أماكن لما فيها من تأثير سلبي، وتعتبر نقاط اضعاف له، كالنهي عن التواجد في بيوت الغناء كما جاء في الرواية، فعن زيد الشحام قال: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (بَيْتُ الْغِنَاءِ لَا تُؤْمَنُ فِيهِ الْفَجِيعَةُ وَلَا تُجَابُ فِيهِ الدَّعْوَةُ وَلَا يَدْخُلُهُ الْمَلَكُ)[34]، وبناء على هذا، ووفقاً للحكمة الإلهية؛ فإنّ كلّ فعل يأمر به الشرع في وقت ومكان مخصص ومحدد ستنتج عنه الثمار المرجوة، ومن رحمة الله أن جعل كلّ شخص في الزمان والمكان المناسب؛ ليستفيد من الزمان والمكان في رقيه وكماله.

الإشارة الحادية عشر: لكلّ شيء وقته وآوانه:

لا تحاول أن تسأل عن الحكمة من وراء كلّ شيء، أو العلّة من وراء كلّ حكم وأنت غير مؤهل روحياً وعلمياً وعقلياً لتقبل الحقائق؛ فربما هنالك أشياء لا يتحمل الفرد الحكمة التي جعلت من أجلها، أو لا يمكنه استيعابها فلا ترجى له الفائدة فالإنسان لا يمكنه أن يتعدى سعة فهمه، أو يصعب عليه تحملها؛ لأنها تفوق عقله فيكون مصيره الجنون، أو قد يصير إلى الجحود والإنكار لعدم تعقله الحكمة والعلة التي من أجلها قد شرع الحكم نستجير بالله، ومن هنا قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}[35]؛ فكن مرابطاً لأهل العلم، ومصغياً جيداً يفتح الله لك سبل الحق، وهذا لا يتنافى مع السؤال عن أحكام الدين؛ فعلل الأحكام شيء والأحكام شيء آخر.

الإشارة الثانية عشر: ترك التأويل أمام المعصوم:

تشير الآية وتحث على ترك التأويل والتفلسف أمام النبي، أو الإمام المعصوم (عليهم السلام)؛ فالحقيقة حاضرة عندهم بتمامها؛ لأنَّ علمهم حضوري لدني إلهامي، كما أجاب الإمام عندما سئل عن مصدر علمه، فعَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: (قُلْتُ تُسْئَلُونَ عَنْ الشَيء فَلَا يَكُونُ عِنْدَكُمْ عِلْمِهِ قَالَ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ قُلْتُ كَيْفَ تَصْنَعُونَ قَالَ تلقانا بِهِ رُوحُ الْقُدْسِ)[36].

الإشارة الثالثة عشر: مراعاة الحدود الشرعية والأدبية مع المعصوم:

إنَّ الرحمة الإلهية التي يتمتع بها النبي أو الوصي يجب أن تراعى معها الحدود، ولا تستغل بشكل سلبي فيتجاوز الشخص الأدب أمام النبي أو الوصي (عليه السلام)، أو يهتك المقام الذي جعله الله لأنبيائه وأولياءه فيشمل المنتهك للعن فقد روي في مقطع من زيارة عاشوراء (وَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً دفعتكم عَنْ مَقَامِكُمْ، وأزالتكم عَنْ مَرَاتِبِكُمْ الَّتِي رتبكم اللَّهِ فِيهَا)[37]، ولا يكن غليظ الطبع كمن سحب النبي من رداءه؛ فأثر في رقبته فقد رُوِيَ عَنْ انَسٍ بْنِ مَالِكِ انْهَ قَالَ: (كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَعَلَيْهِ بُرْدُ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فجبذه أَعْرَابِيُّ بِرِدَائِهِ جبذة شَدِيدَةُ حَتَّى أَثَرَةً حَاشِيَةِ الْبَرْدَ فِي صَفْحَةَ عَاتِقِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ احْمِلْ لِي عَلَى بَعِيرِي هَذَيْنِ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدِكَ، فَإِنَّكَ لا تَحَمَّلْ لِي مِنْ مَالِكَ وَلَا مَالُ أَبِيكِ، فَسَكَتَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، ثُمَّ قَالَ الْمَالُ مَالُ اللَّهِ‏، وَأَنَّا عَبْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَيُقَادُ مِنْكَ يَا أَعْرَابِيُّ مَا فَعَلْتَ بِي؟ قَالَ: لَا. قَالَ: وَلَمْ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ لَا تُكَافِئْ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةِ. فَضَحِكَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُحْمَلَ لَهُ عَلَى بَعِيرٍ شَعِيرٍ، وَعَلَى الْآخَرِ تَمْرٍ)[38].

الإشارة الرابعة عشر: حقيقة الكنز:

الكنز قد يكون مادياً من الذهب، وقد يكون معنوياً، وكنز الغلامين لم يكن سكةً ماديةً من الفضة والذهب؛ ليتعارض مع آية تحريم الكنز للذهب والفضة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}([39])، بل كان علماً ووصايا، فعن عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجِلَ: {وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزُ لَهُما} قَالَ: كَانَ ذَلِكَ الْكَنْزُ لَوْحاً مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ مَكْتُوبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنُ الرَّحِيمِ، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدُ رَسُولُ اللَّهِ، عَجِبْتُ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ حَقُّ كَيْفَ يَفْرَحُ؟! عَجِبْتُ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَحزَنَ؟! عَجِبْتُ لِمَنْ يُذَكِّرُ النَّارَ كَيْفَ يَضْحَكُ؟! عَجِبْتُ لِمَنْ يَرَى الدُّنْيَا وَتَصْرِفَ أَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ كَيْفَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا؟!)[40].

بقي كلام في حرمة كنز الذهب والفضة نقول: بما أنّه لوح من ذهب وليس سكة نقدية؛ فلا يحرم كنزه، إذ يختلف الذهب غير المسكوك عن المسكوك في الأحكام من خمسه وزكاته وكنزه، كما أنَّ السكة إن كنزت يمكن أن تذهب القيمة الحالية لتلك العملة، أو ينقص المال المتداول في زمانه مع احتياج الناس إليه، أو يحرم الكنز لعدم الاستفادة من السكة فيما خصصت له من فائدة في وقتها، وقد يكون القول بجواز الكنز آنذاك لتغير بعض الأحكام من زمان إلى زمان ما دامت ليست من الأصول الثابتة في الشرائع.

الإشارة الخامسة عشر: مدارة اليتيم والإحسان إليه:

تعتبر مسألة الكفالة الاجتماعية من الأولويات التي دعت وحثّت إليها الشريعة الإسلامية لا سيما مسألة كفالة الأيتام، وهو ابراز للصفة الإنسانية، ورعاية لشريحة مهمة من المجتمع عن الانحراف، والوقوع في المتاهات؛ نتيجة للحرمان والعوز، خصوصاً لمن كان أبواه من أصحاب الفضيلة في الدين.

 لقد حثّت الآيات والروايات على مراعاة الأيتام ومداراتهم والاحسان إليهم وجعلت الإحسان إليهم من علامات الإيمان والتقوى، قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[41]، كما حثّ الكتاب على حفظ أموالهم إن كانوا من ذوي المال فقال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}[42]، كما دعى إلى إكرامه فقال تعالى معيباً على من لا يكرم اليتيم: {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}[43]، ونهى الله عن قهره، فقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}[44].

أمّا الروايات فقد أكّدت على ذلك ووضعت الثواب الكبير والجزيل لذلك الفعل الإنساني الدال على التراحم، ووضعت الثواب الكبير والجزيل لذلك الفعل الإنساني، فعن الْإِمَام عَلَيّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): (مَا مِنْ عَبْدٍ يَمْسَحُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ تَرَحُّماً لَهُ إِلاَّ أَعْطَاهُ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكُلِّ شَعْرَةٍ نُوراً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ)[45]، وشدّدت على تفقدهم وعدم ضياعهم من قبل المجتمع، فعن الْإِمَام عَلَيّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي وَصِيَّتِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ: (اللَّهَ اللَّهَ فِي الْأَيْتَامِ، فَلَا تُغِبُّوا أَفْوَاهِهِمْ، وَلَا يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ)[46]، وجعلت الثواب العظيم لكافل اليتيم في الآخرة، فقد روي عن رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ إِذَا اتَّقَى اللَّهَ عَزَّ وَجِلَ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَ الْوُسْطَى)[47]، بل رتبت الشريعة آثاراً كبيرة وعظيمة في الحياة الدنيا لكافل اليتيم، فعَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) لِرَجُلٍ يَشْكُو قَسْوَةَ قَلْبُهُ: (أَ تُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبِكَ، وَتُدْرِكَ حَاجَتَكَ؟: ارْحَمِ الْيَتِيمِ وَامْسَحْ رَأْسِهِ، وَأَطْعَمَهُ مِنْ طَعَامَكَ، يُلِنْ قَلْبُكَ وَتُدْرِكَ حَاجَتَكَ)[48].

ومن أفضل مصاديق كفالة الأيتام هو تعليم العلماء من أتباع أهل البيت (عليهم السلام) للشيعة، وقد وردت فيه ذلك وعظم ثوابهم روايات منها:

ما روي عَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ): (سَمِعْتُ أَبِي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَقُولُ: إِنَّ عُلَمَاءَ شِيعَتِنَا يُحْشَرُونَ فَيُخْلَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ خِلَعِ الْكَرَامَاتِ عَلَى قَدْرِ كَثْرَةِ عُلُومِهِمْ وَجَدَهُمْ فِي إِرْشَادِ عِبَادِ اللَّهِ حَتَّى يُخْلَعُ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْهُمْ أَلْفُ أَلْفِ خِلْعَةً مِنْ نُورٍ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادِي رَبِّنَا عَزَّ وَجِلَ: أَيُّهَا الْكَافِلُونَ لِأَيْتَامِ آلِ مُحَمَّدٍ وَالنَّاعِشُونَ لَهُمْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِمْ عَنْ آبَائِهِمُ الَّذِينَ هُمْ أَئِمَّتُهُمْ هَؤُلَاءِ تَلَامِذَتُكُمْ وَالْأَيْتَامُ الَّذِينَ تكفلتموهم وَنَعَشْتُمُوهُمْ فَاخْلَعُوا عَلَيْهِمْ كَمَا خلعتموهم خِلَعَ الْعُلُومِ فِي الدُّنْيَا)[49]، وَعَنِ الْإِمَامِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (فَضْلُ كَافِلِ يَتِيمِ آلِ مُحَمَّدِ الْمُنْقَطِعِ عَنْ مَوَالِيهِ النَّاشِبِ فِي رُتْبَةِ الْجَهْلِ يُخْرِجُهُ مِنْ جَهْلُهُ، وَيُوضِحُ لَهُ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ عَلَى فَضْلِ كَافِلِ يَتِيمٍ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ، كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَى السهى)[50]، وقَالَ الإمامُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): (مَنْ كَفَلَ لَنَا يَتِيماً قَطَعَتْهُ عَنَّا مَحَبَّتِنَا بِاسْتِتَارِنَا، فَوَاسَاهُ مِنْ عُلُومِنَا الَّتِي سَقَطَتْ إِلَيْهِ حَتَّى أَرْشَدَهُ وَهَدَاهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجِلَ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الْكَرِيمُ الْمُوَاسِي أَنَا أَوْلَى بِالْكَرَمِ مِنْكَ، اجْعَلُوا لَهُ يَا مَلَائِكَتِي فِي الْجِنَانِ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ عِلْمِهِ أَلْفِ أَلْفِ قَصر)[51].

الإشارة السادسة عشر: عدم حمل الآخرين بذنوب غيرهم:

إنَّ عدم مجازاة الأيتام بما فعل أهل القرية من منع فيه إشارة إلى تأدية المعروف للغير وعدم العمل بالمجازات وهو امتثالاً لقول الإمام الصادق (عليه السلام): (يَا ابْنَ جُنْدَبٍ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَأَحْسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ، وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ سَبَّكَ، وَأَنْصِفْ مَنْ خَاصَمَكَ)[52]، إذ قد تترتب فائدة عظمى على الوصل، أو من باب دفع السيئة بالحسنة كما قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[53]، أو من باب عدم مجازاة الآخرين بفعل الغير فالأطفال لا ذنب لهم بما فعل أهل القرية من منع الطعام عن نبي الله موسى والعبد الصالح، فقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[54]. 

الهوامش:------

([1])سورة الكهف, آية: ٨٢.

([2])للسيد حيدر الآملي, جامع الأسرار، ومنبع الأنوار ص530 , 610.

([3])لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام), موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) ص ٦٦٢.

([4])سورة المؤمنون, آية: 115.

([5])المولى حيدر الشيرواني, مناقب أهل البيت (عليهم السلام) ص٢٩٣.

([6])الشيخ محمد الريشهري, ميزان الحكمة ج ١ ص ٦٥٦.

([7])الشيخ محمد الريشهري, ميزان الحكمة ج ٢ ص ١٢١٦.

([8])سورة آل عمران, آية: 79.

([9])سورة الكهف, آية: 79.

([10])سورة الكهف, آية: 81.

([11])سورة الحجر, آية: 39.

([12])سورة الأعراف, آية: 23.

([13])الشيخ الصدوق, كمال الدين وتمام النعمة ج ١ ص ٣٥٢.

([14])الشيخ عباس القمي, الكنى والألقاب ج ١ ص ٢٠٦.

([15])الشيخ الطوسي, اختيار معرفة الرجال ج ٢ ص ٥١٨.

([16])سورة التكوير, آية: ٢٧-٢٩.

([17])الشيخ عباس القمي, الأنوار البهية ج 1 ص 275.

([18])سورة الإنسان, آية: 9.

([19])الشيخ هادي النجفي, موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ج ٧ ص ١٢٨.

([20])الشيخ الصدوق, الأمالي ج 1 ص 603.

([21])سورة الأنبياء, آية: 107.

([22])سورة الإسراء, آية: 70.

([23])الشيخ الحر العاملي, الجواهر السنية ص٣٦١.

([24])سورة الكهف, آية: 46.

([25])العلامة المجلسي, بحار الأنوار ج ٢ ص٢٣.

([26])سورة المنافقون:, آية 9.

([27])ابن أبي الحديد, شرح نهج البلاغة ج ٢٠ ص ١٠٢.

([28])الشيخ الحر العاملي, وسائل الشيعة ج ١ ص ١١٤.

([29])الشيخ المفيد, الأمالي ص54.

([30])الشيخ الحر العاملي, وسائل الشيعة ج ٦ ص ٤٩٦.

([31])السيد البروجردي, جامع أحاديث الشيعة ج ١٦ ص ٢٣٦.

([32])الشيخ الحر العاملي, وسائل الشيعة ج ٥ ص١٩٤.

([33])الشيخ الصدوق, من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٢٢٨.

([34])الشيخ الكليني, الكافي ج ٦ ص ٤٣٣.

([35])سورة المائدة, آية: 101.

([36])محمد بن الحسن الصفار, بصائر الدرجات ص ٤٧١.

([37])العلامة المجلسي, بحار الأنوار ج ٩٨ ص ٢٩٤.

([38])الشيخ عباس القمي, منازل الآخرة والمطالب الفاخرة ص ٢٠٦.

([39])سورة التوبة, آية: 34.

([40])الشيخ الصدوق, معاني الأخبار ص ٢٠٠.

([41])سورة البقرة, آية: 177.

([42])سورة الأنعام, آية: 152.

([43])سورة الفجر, آية: 17.

([44])سورة الضحى, آية: 9.

([45])الشيخ الصدوق, من لا يحضره الفقيه ج۱ ص۱۸۸.

([46])الشيخ محمد الريشهري, ميزان الحكمة ج ٤ ص ٣٧٠٨.

([47])المصدر نفسه.

([48])المصدر نفسه, ص ٣٧٠9.

([49])العلامة المجلسي, بحار الأنوار ج ٧ ص ٢٢٥.

([50])الميرزا النوري, مستدرك الوسائل ج ١٧ ص ٣١٨.

([51])منسوب الى الإمام العسكري, تفسير الإمام العسكري ج 1 ص 341.

([52])ابن شعبة الحراني, تحف العقول ج 1 ص 305.

([53])سورة فصلت, آية: 34.

([54])سورة الأنعام, آية: 164.

: الشيخ أمجد سعيد اللامي