قصر بني مقاتل
قال السكوني هو قرب القطقطابة وسلام ثم القريات وهو منسوب الى مقاتل بن حسان بن ثعلبة التميمي، خربهُ عيسى بن علي بن عبد الله ( العباسي) ثم جدد عمارته فهو له.
قبل الحديث على هذا المنزل لا بد من الاشارة الى أن الحسين عليه السلام قد مرَّ بأكثر من منزل حتى وصل الى قصر بني مقاتل، حيث ليس من المعقول أن يكون سير قافلة الامام لاكثر من (100) كم في الصحراء دون توقف أو مبيت، أو أرواء، أو غير ذلك، فنجد بعض المصادر ذكرت أنه مرّ على الرهيمة.
وعندما نزل الحسين عليه السلام قصر بني مقاتل شاهد فسطاط مضروب فسأل عنه فقال عليه السلام: ( لمن هذه الفسطاط ؟) فقيل لعبيد الله بن الحر الجعفي، فقال: (أدعوه لي!)، وبعث اليه، فلما اتاه الرسول وقال: (هذا الحسين بن علي يدعوك!)، فقال عبيد الله بن الحر: (أنا لله وانا اليه راجعون، والله ما خرجت من الكوفة الا كراهة أن يدخلها الحسين. والله ما اريد أن اراه ولا يراني)، فأتاه الرسول فأخبره، فقام الحسين عليه السلام، وجاء لابن الجعفي، ودعاه للخروج معه، فأعاد ابن الحر مقالته لرسوله، فقال له الحسين عليه السلام: (فإلا تنصرنا فأتق الله أن تكون ممن يقاتلنا، فو الله لا يسمع واعيتنا احد ثم لا ينصرنا ألا هلك)، فقال ابن الجعفي: (أما هذا فلا يكون أبدا إن شاء الله!)، ثم قام الحسين عليه السلام من عنده حتى دخل رحله. ويذكر الدينوري ان الجعفي أعطى الحسين عليه السلام فرسه لكن الحسين عليه السلام رفض ذلك، وقال له: ( أذا ما رغبت بنفسك عنا فلا حاجة لنا الى فَرَسكَ).
ولما كان آخر الليل أمر الحسين عليه السلام بالاستسقاء من الماء ثم الرحيل، وبعد مسير ساعة من قصر بني مقاتل خفق الحسين خفقه ثم انتبه وهو يقول: (أنا لله وانا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين)، قال: ففعل ذلك مرتين أو ثلاث فأقبل ابنه علي بن الحسين عليه السلام على فرس له فقال: (يا أبتِ! جعلت فداك مم حمدت واسترجعت؟)، فقال عليه السلام: (يا بني أني خفقت برأسي خفقة، فعن لي فارس على فرس فقال: ((القوم يسيرون والمنايا تسري)) فعلمت أنها أنفسنا نعيت الينا). فقال علي لأبيه عليه السلام: ( يا أبت لا أراك الله سوءاً، السنا على الحق؟) فقال عليه السلام: (بلى! والذي بيده مرجع العباد)، قال علي أبنه عليه السلام: ( يا ابتي أذا لا نبالي، نموت محقين)، فقال له عليه السلام: (جزاك الله من ولد خير ماجزى ولدا عن والده).
فلما اصبح نزل فصلى الغداة ( الفجر) ثم عجل الركوب، فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرقهم، فيأتيه الحر فيردهم، فيرده، فجعل اذا ردهم الى الكوفة ردا شديدا أمتنعوا عليه، فأرتفعوا، فلم يزالوا يتسايرون حتى أنتهوا الى نينوي المكان الذي نزل به الحسين عليه السلام.
نينوى
في هذا المنزل وإذا براكب على نجيب له وعليه السلاح، متنكب قوساً مقبل من الكوفة، فوقفوا جميعاً ينتظرونه، فلما أنتهى سلم على الحر بن يزيد وأصحابه ولم يسلم على الحسين عليه السلام واصحابه، فدفع الى الحر كتابا من عبيد الله بن زياد فاذا فيه (أما بعد، فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي، فلا تنزله الا بالعراء! في غير حصن، وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك، ولا يفارقك، حتى يأتيني بأنفاذك أمري، والسلام).
وكان رسول ابن زياد للحر التميمي هو مالك بن النسير من بني بداء.
وطلب اصحاب الحسين عليهم السلام النزول في قرية نينوي، أو قرية الغاضرية، أو قرية شفية، فلم يوافق الحر التميمي، وقد طلب زهير بن القين من الحسين عليه السلام السير الى قرية حصينة، وهي على شاطئ الفرات (فأن منعونا قاتلناهم فقتاللهم أهون علينا من قتال من يجرء من بعدهم) فقال الحسين عليه السلام :( وأي قرية هي؟!)، فقالوا له: ( العقر)، فقال الحسين عليه السلام ( أني اعوذ بالله من العقر).
وكان نزول الحسين عليه السلام في نينوى هو يوم الخميس وهو يوم 2 محرم سنة 61هـ.
اترك تعليق