النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم في الكتاب المقدس

إن الكتاب المقدس الذي بين أيدينا - كما قلنا - لا يعدو كونه أعمالا أديبة تسربت إليها بعض معالم الشرائع السماوية الصحيحة... ومن هذا الأشياء التي سلمت من التحريف (تقريبا) بعض النصوص التي بشرت بمجئ نبي الإسلام محمد (ص) وفيما يلي عدة من هذه النصوص:

أولا: جاء في إنجيل يوحنا 16: 5 - 15: " وأما الآن أنا ماض إلى الذي أرسلني وليس أحد منكم يسألني إلى أين تنطلق(1).

لكن لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن انطلق.

لأنه إن لم انطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أرسله إليكم.

ومتى جاء ذلك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة.

أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي.

وأما علي بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضا.

وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين.

إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن.

وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كان ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية.

هو يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم ".

والآن لنتفحص جمل هذه العبارات ونضع النقاط التالية:

1 - يقول علماء الإنجيل أن المقصود بالمعزي هنا هو روح القدس.

ولكن هل يصح هذا؟ طبعا لا، كيف وهم يقولون إن المسيح عليه السلام يقول:

" لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ".

والمعروف أن المسيح عليه السلام كان منذ ولادته مؤيدا بروح القدس ومصحوبا به. إذا ما معنى كون روح الحق لا يأتي إلا بعد ذهاب المسيح عليه السلام وهو معه منذ البداية؟

إن هذا يحتم كون المعزي غير روح القدس.

2 - ما معنى " إذا ذهبت أرسله - وفي بعض النسخ - أرسلته إليكم "؟

يبدو جليا أن معنى هذا الكلام هو أن ذهابي شرط لقدومه، وهذا يفهم من قرينة الكلام السابق، وهو من قبيل: غروب الشمس جلب إليكم الظلمة، إذ لا يفهم أحد أن غروب الشمس قد أحضر الظلمة بنفسه بما هو موجود خارجي، بل إن المعنى الظاهر من هذا الكلام هو أنه بما أن الشمس قد غربت كانت النتيجة الطبيعية لغروبها مجئ الظلمة.

وبعبارة أخرى: أن المسيح لا يرسل المعزي، بعنوان أن المسيح هو المرسل والمعزي رسول المسيح عليه السلام، بل المعنى هو أن ذهاب عيسى عليه السلام شرط لمجئ المعزي. وبذلك نستنتج أن المعزي مرسل في زمان لاحق للزمان الذي أرسل فيه عيسى عليه السلام، وأما من هو المرسل فهذا ما يجيبنا الإنجيل عليه حين يقول: " وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم " (يوحنا 14: 26).

فرئيس العالم إذا هو نفسه المعزي الذي بشر المسيح عليه السلام بمجيئه، وهو أعلى درجة من المسيح عليه السلام لأنه أولا وصفه برئيس العالم، هو رسول الله كما أثبتنا، فهو ليس بالله تعالى، وهو كما قلنا ليس: بروح القدس، ولا يمكن أن يكون روح القدس، لأن روح القدس ليس برئيس العالم.

ومن الملاحظ هنا أن المسيح عليه السلام قد صرح أنه عندما يجئ المعزي - رئيس العالم - فإنه لن يكون المسيح عليه السلام في هذا العالم شئ، أي بقية من رسالته الأصلية، أو أتباع حقيقيين، ولذلك يتبع كلامه هذا بإعلان أنه قد فعل ولا زال آنئذ يفعل ما أمره وأوصاه به الله تعالى، ولا يهمه إذا الناس لم يلتزموا بما أوصاهم به.

3 - وأما في قوله: " متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية ".

ففيه النقاط التالية:

ا - " يرشدكم إلى جميع الحق "، يدل على أن رسالة المعزي أكمل وأشمل الرسالات فلن تحتاج إلى رسالة تأتي بعدها لتكملها فما دام صاحبها يرشد إلى جميع الحق فلا داعي لتكملة الطريق، فصاحب هذه الدعوة هو خاتم المرسلين لا محالة لشمولية وكمال رسالته.

ب - و " هو لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به " وهذا يدل على أن المعزي يتلقى رسالته عن طريق السمع، والإيحاء المباشر، فهو لا يرى رسالته عن طريق المنام، كحال إبراهيم عليه السلام وهو لا ينطق عن هواه ورغبته أو رأيه الشخصي، بل ما يقوله هو عين ما يسمعه من ناقل رسالة الله تعالى إليه، وهذا المعنى تماما هو ما جاء في القرآن الكريم: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (سورة النجم الآية 4)

ج - إن المعزي مخلوق يسمع ويدرك وينقل، أي يتكلم بما يسمعه، ويخبر بأمور آتية، فهو بلا شك غير روح القدس، بل إن هذه الصفات إنما هي صفات البشر دون غيرهم.

د - وقد قام رسول الله ثلى الله عليه واله وسلم بتمجيد المسيح عليه السلام عندما نزهه وبرأ رسالته من أقاويل المشركين، ونسب الكاذبين إليه، وإلى أمه الطاهرة العذراء.

وأي تمجيد أعلى وأرقى من هذا؟

فالمعزي يأخذ مما للمسيح، ويتكلم عن المسيح، وما للمسيح هو ما جاء به حقا. وبعبارة أخرى فإن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عندما بين الإلتباسات والتشويهات التي حدثت وأحدثت حول رسالة المسيح عليه السلام وشخصه، كان بذلك قد مجده وأحيا ذكره الحق، كما يعتقده المسلمون في يومنا هذا، وإلى يوم يبعثون.

هذا على أن في البحث كلاما آخر، وهو الكلام حول لفظة " المعزي " فنقول: إعلم أولا أن " يوحنا " قد كتب إنجيله باليونانية (2) ومعنى كلمة " معزي " في اليونانية هو: ياراكلتيوس. وهذه الكلمة قريبة جدا من كلمة ياركلتيوس التي تعني أحمد أو حمود. وكان مسيحيو الجزيرة العربية يستعملون بدل كلمة " معزي " كلمة " فارقليط " اليونانية.

وعلى هذا فلابد أن المترجمين - ولسبب ما - غيروا هذه الكلمة إلى كلمة پاراكليتوس.

وفي هذا المضمار تقول دائرة المعارف الفرنسية الكبيرة في جزئها (23) ص 4174 عند شرحها لكلمة محمد صلى الله عليه واله وسلم:

" محمد (صلى الله عليه واله وسلم) هو مؤسس الدين الإسلامي ومبعوث الله وخاتم الأنبياء، وجاءت كلمة محمد من الحمد، واشتقاقها من حمد يحمد الذي هو معنى التمجيد والتجليل، ومن الصدق العجيبة أن هناك اسما آخر مشتقا من الحمد وهو مرادف للفظ " محمد " وهو كلمة " أحمد " التي يغلب على الظن أن المسحيين في الجزيرة العربية كانوا يستعملونها مكان " فارقليط ".

وأحمد معناه المحمود كثيرا والمحترم جدا وهو ترجمة لكلمة پريكلتيوس " التي أخطأوا فوضعوا مكانها كلمة " پاراكليتوس... " (3).

وبهذا عزيزي القارئ يتضح لك من دون أدنى شك أن المقصود من هذه العبارات الإنجيلية هو عين ما عناه القرآن الكريم حيث قال:

(وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التورية ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) (الصف: 6) إلا أن الأمر لا ينحصر في هذه النقاط فعند مراجعة النص مرة أخرى نفهم أن " المعزي " هذا ينقل ما يسمع شفهيا.

فهو أولا لا يأتيه الوحي بالشكل المكتوب وثانيا فهو يوصل رسالات الله إلى قومه عن طريق المشافهة. وهذا يدل بوضوح على أن المعزي هذا ليس من أهل القراءة مثل موسى عليه السلام الذي أعطي الألواح، ولم يكن من الذين يعطون الصحف فيقرأونها لقومهم كما في الحال في نبي الله إبراهيم عليه السلام فالمعزي إذا يمكن اعتباره أميا على هذا المستوى، أي على مستوى الكتابة والقراءة.

وبعبارة أخرى أن المعزي الذي سيرسله الله - وقد أرسله - بعد ارتفاع السيد المسيح عليه السلام هو أمي لا يقرأ ولا يكتب إنما ينطق بما يسمع من الوحي، وقد أخبرنا القرآن الكريم أن التوراة والإنجيل قد بشرا بنبي أمي سيأتي برسالة كاملة قال تعالى:

(الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر...)(الأعراف: 157).

ونختم الكلام حول عبارات الإنجيل هذه بإيراد ما كتبه فخر الإسلام صاحب " أنيس الأعلام " حيث قال:

" لقد وصلت إلى درجة الأسقفية، وكنت محبوبا جدا لدى أستاذي الأسقف الأعلى وفي أحد الأيام لم يذهب الأستاذ إلى الدرس بسبب المرض، وكلفني بالذهاب إلى المدرسة لأخبر الطلاب بمرضه. وبعد أن أديت وظيفتي رجعت إليه، فسألني عن البحث الذي كان يدور بين الطلاب فأخبرته بأنهم كانوا يتباحثون حول كلمة " فارقليط " وأنها تعني روح القدس. عندها قال لي الأستاذ:

أن معنى هذه الكلمة لا يفقهه إلا أساتذة المسيحية المحققين والمتبحرين، وهم يقولون إن معناها هو أحمد نبي المسلمين. ثم أمرني أن أحضر إنجيلا كان يحتفظ به في مكان خاص، وكان قد كتب قبل مجئ الإسلام، وفيه كانت كلمة أحمد موجودة بدل كلمة فارقليط " (4).

ثانيا لقد أوردنا - عزيزي القارئ في الفصل الأول ما قاله الله تعالى ذكره لموسى عليه السلام - حسب التوراة - في سفر التثنية، وناقشناه هناك نقاشا وافيا وللفائدة، وتسهيلا للأمر عليك نعيد ما قلناه باختصار فنقول:

جاء في سفر التثنية أنه سبحانه قال لموسى عليه السلام ما يلي:

" أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به أنا أطلبه ".

وكما أسلفنا فإن النصارى قد ادعوا كون هذا النبي عيسى عليه السلام لكن من غير الممكن أن يكون هذا النبي إلا محمد المصطفى صلى الله عليه واله وسلم.

وهذا الأمر يتضح بعد إتمام المقارنة التالية بين موسى، عيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وذلك أن النص يقول: مثلك (يا موسى) فنقول:

1 - كان موسى عليه السلام من ولد إسحاق عليه السلام ولو كان المقصود هو المسيح عليه السلام لكان أولى أن يقال: أقيم لهم نبيا من وسطهم ذلك لأن اليهود - حالهم حال موسى عليه السلام - المخاطبين بهذه الكلمات كانوا من أولاد إسحاق أيضا.

وعلى هذا الأساس فإن النبي هذا يجب أن يكون من ولد إسماعيل عليه السلام حتى يتحقق صدق كونه من وسط إخوة الإسحاقيين أي من الإسماعيليين.

2 - (أ) لقد أتى موسى عليه السلام برسالة شاملة، فرسالته عمت بني إسرائيل وأهل مصر، ولم يكن المهدوف الإسرائيليين فقط وكذلك الرسالة المحمدية التي كانت عامة وشاملة لكل البشر (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) (الأعراف 158) بخلاف رسالة السيد المسيح التي إنما أتت إلى بني إسرائيل دون غيرهم كما لا يخفى على أحد، ولا يخالفه فرد.

(ب) أن رسالة موسى عليه السلام أتت بكتاب جديد، ولم تكن مكملة لرسالات سابقة، والشريعة السابقة لم تقتبس من الكتب السماوية الأخرى، وكذلك الرسالة المحمدية التي أتت بالقرآن الكريم والشريعة الإسلامية السمحة التي لم تقم على شرائع سابقة. نعم قد تجد توافقا بين هذه الشرائع، ولكن هذا لا يعني كونها أخذ بعضها من بعض، بل يعني أن مصدرها واحد، وهو الله تعالى ذكره.

أما رسالة عيسى عليه السلام فقد أتت لتكمل رسالة موسى عليه السلام ولم تأت بتشريع جديد مطلقا، فقد مر عليك أن عيسى عليه السلام قد صرح بأنه لم يأت ليغير القانون بل ليطبقه وهو يعني بذلك قانون موسى عليه السلام.

3 - إن موسى عليه السلام قد ولد لأب وأم، وكذلك محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم بخلاف عيسى عليه السلام الذي خلقه الله تعالى من أم دون أب، مثله في ذلك مثل آدم عليه السلام الذي قال له تعالى كن فكان.

4 - هذه العبارات التوراتية تصرح بأن النبي الذي هو مثل موسى عليه السلام سيكمل تبليغ رسالته " فيكلمهم بكل ما أوصيه به ".

وهذا يطابق الرسالة المحمدية دون العيسوية فالكل متفق على أن عيسى عليه السلام سيعود ليكمل رسالته، إلا أن محمدا صلى الله عليه واله وسلم لم يقبضه الله العلي إليه إلا بعد أن نزل الوحي قائلا:

(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (المائدة: 3).

5 - بقي أن نشير إلى أن معنى قوله " فأجعل كلامي في فمه " هو ما ورد في القرآن الكريم حين قال عز من قائل:

(وما ينطق عن الهوى. أن هو إلا وحي يوحى) (النجم: 4).

وعند مقارنة هذا النص التوراتي بالنص الإنجيلي الذي سبق نجد كليهما يقولان:

" فهو يرشدكم إلى جميع الحق ".

وتقول التوراة:

" فيكلمهم بكل ما أوصيه به ".

فالنصان يدلان على أن المسل في كلا الحالتين صاحب رسالة عامة وشاملة والسبب في ذلك حسب النصين هو إما النص الأول فيقول: " لأنه لا يتكلم من نفسه بل ما يسمع يتكلم به ".

وإما حسب النص الثاني أي التوراتي: " واجعل كلامي في فمه ".

ففي كلا الحالتين يكون هذا المرسل موحى إليه وكل ما ينطق به فهو من عند الله تعالى فيظهر جليا أن المقصود من النبي والمعزي شخص واحد، وكما أثبتنا في كلا الحالتين هو النبي محمد بن عبد الله المصطفى (ص).

وقد أيد هذا المعنى (كون المعزي والنبي واحدا) النص الذي جاء في سفر أعمال الرسل حيث جاء:

" فتوبوا وارجعوا لتمحي خطاياكم حتى تأتي أوقات الراحة من قبل الرب ويرسل يسوع المسيح المبشر به من قبل.

الذي ينبغي أن تقبله السماء إلى الأزمنة التي يرد فيها كل ما تكلم الله عنه على أفواه أنبيائه القدسيين منذ الدهر.

فإن موسى قد قال سيقيم لكم الرب إلهكم نبيا من بين إخوتكم مثلي فله تسمعون في جميع ما يكلمكم به.

وكل من لا يسمع لذلك النبي تقطع تلك النفس من بين الشعب.

وجميع الأنبياء من صموئيل ومن بعده كل من تكلم منهم قد أنبأ بهذه الأيام.

فأنتم أبناء الأنبياء والعهد الذي عاهد أبناء الأنبياء والعهد الذي عاهد الله به أبناءنا قائلا لإبراهيم ويتبارك في نسلك جميع عشائر الأرض.

فإليكم أولا أرسل الله فتاه (أي عيسى عليه السلام) بعدما أقامه ليبارككم بأن يرد كل واحد منكم عن شرور " (أعمال الرسل 3: 19 - 26).

فالإنجيل يصرح بأن جميع الأنبياء بدءا بموسى ومرورا بصموئيل والأنبياء من بعده، وانتهاءا بعيسى عليه السلام قد بشروا بمجئ ذاك النبي، ويعلن أيضا أن المعزي الذي وعد المسيح بإرساله هو نفس النبي الذي بشر موسى عليه السلام بمجيئه.

وهذا هو واضح جدا ولا يحتاج إلى أي تفسير وتبيين.

وبهذا يظهر أيضا أن النبي الذي بشر به موسى عليه السلام ليس هو المسيح عليه السلام لأن المسيح قد بشر هو أيضا بمجئ ذاك النبي، كما هو واضح في هذا النص، والنصوص السابقة.

بل يظهر جليا أن من بشر به موسى عليه السلام هو نفس الذي بشر عيسى عليه السلام بمجيئه، وحينئذ يبطل أيضا قول القائلين بأن من بشر به عيسى هو روح القدس لأن النص الذي بين أيدينا جعله نفس الذي بشر به موسى، وبما أن موسى عليه السلام قد بشر بنبي من وسط أخوة اليهود فلا بد أن يكون الذي بشر به عيسى عليه السلام إنسانا رجالا إسماعيليا نبيا مرسلا.

وبعبارة أخرى، فإن النص الذي بين أيدينا يظهر ومن دون أي مجال للشك النقاط التالية:

1 - إن الذي بشر به عيسى عليه السلام هو نفس من أخبر موسى عليه السلام بمجيئه لذلك فهو غير عيسى عليه السلام.

2 - وبما أن موسى عليه السلام قد بشر بمجئ نبي مرسل إسماعيلي، فإن الذي بشر به عيسى عليه السلام - لأنه نفس ذلك النبي - لا يمكن أن يكون روح القدس.

3 - إن جميع الرسل، ومنهم موسى وعيسى ومن بينهما، قد بشروا بمجئ هذا النبي، كامل الرسالة، شامل الدعوة.

4 - وقوله: " فإليكم أو لا أرسل فتاه " يظهر أكثر أن الذي بشر به موسى عليه السلام هو شخص يأتي بعد المسيح عليه السلام وهو عينه ذلك النبي الذي بشر به موسى عليه السلام ومن ثم عيسى عليه السلام لقوله " فإليكم (أولا) أرسل... ".

5 - إن ما جاء حول أن جميع عشائر الأرض تتبارك بنسل إبراهيم، سنوضحه في نهاية الفصل إن شاء الله تعالى.

ثالثا: إن الإنجيل يصرح - بعد أن عرفنا أن المقصود من المعزي هو النبي الذي عناه موسى عليه السلام، بأن المعزي أي ذاك النبي خالد الرسالة دائم الدعوة إلى الأبد، فقد ورد في الإنجيل " يوحنا " ما يلي:

" وأنا أسأل الأب فيعطيكم معزيا آخر ليقيم معكم إلى الأبد "(يوحنا: 14 - 16).

وإلى هنا أكتفي عزيزي القارئ بهذه النصوص الواردة في الكتاب المقدس (العهدين القديم والجديد) والخص منها النقاط التالية:

1 - إن المعزي هو غير روح القدس.

2 - إن المعزي هو النبي الذي بشر بمجيئه موسى.

3 - إن المعزي الذي بشر به عيسى هو نفس النبي الذي بشر به موسى لذلك، فإن النبي الذي بشر به موسى ليس هو المسيح عليه السلام بل هو نبي يأتي من بعد عيسى عليه السلام كما ورد في " أعمال الرسل ".

4 - إن المعزي نبي مرسل إسماعيلي لأنه من وسط أخوة اليهود.

5 - أن المعزي أمي، وإن الايحاء إليه يكون عن طريق المشافهة

6 - إن المعزي صاحب رسالة خاتمة بشربها جميع الأنبياء.

7 - إن المعزي صاحب رسالة خالدة شاملة وكاملة وعامة.

8 - إن المعزي معصوم لأنه لا ينطق إلا بما يسمع من الله تعالى.

9 - إن المعزي قبل رحيله، سيكمل رسالته، ويتكلم بكل ما يوصيه الله به.

10 - إن المعزي سيحيي رسالات الأنبياء السابقين عليهم السلام وقد أثبتنا بما لا يقبل الشك أن الرسول محمدا صلى الله عليه واله وسلم هو الوحيد الذي يمكن أن تنطبق عليه هذه الشروط والأوصاف.

بقي الآن أن نشير إلى معنى قول الله تعالى لإبراهيم عليه السلام: " ويتبارك في نسلك جميع عشائر الأرض " (أعمال الرسل 3: 25) فنقول: إن المقصود من هذا الكلام الإنجيلي هو ما ورد في العهد القديم:

" وإبراهيم سيكون أمة كبيرة مقتدرة ويتبارك به جميع أمم الأرض.

وقد علمت أنه سيوصي بنية وأهله من بعده بأن يحفظوا طريق الرب ليعملوا بالبر والعدل حتى ينجز الرب لإبراهيم ما وعده " (تكوين 18: 18 - 19).

الهوامش:------

(1): وفي ترجمة أخرى تمضي.

(2) أصول العقائد ص 209 مجتبى موسوي لاري.

(3): عند مراجعتي لأحد الأناجيل الاسكندنافية المتداولة اليوم، والتي طبعت قبل حقبة من الزمن بالنرويجية، وجدت أن كلمة أحمد لا زالت موجودة بالشكل التالي " amat " وهذا الاسم لا زال يستعمل إلى يومنا هذا من قبل الأمريكيين نرويجيي الأصل، ويكتب بالشكل التالي: Amodt، وهذه الكلمة موجودة في نفس الإصحاح المذكور أعلاه بالنرويجية فراجع.

(4): راجع كتاب " أنيس الأعلام " لفخر الإسلام وبحثه لهذا الموضوع.

المرفقات

: البروفيسور المستتبصر عوده مهاوش الدعجه