فوائد الدعاء للإمام صاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف

من أهم التكاليف الملقاة على عاتق المؤمنين المنتظرين في عصر الغيبة الكبرى هي المواظبة على الدعاء بالفرج والحفظ للإمام عجل الله فرجه الشريف، فأن فيه فوائد عظيمة وجليلة، وبركات كثيرة، ووردت نصوص عدة تتحدث حول أهم المكارم والفوائد التي يحصل عليها الفرد المنتظر عند الدعاء بالفرج للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف وأهم هذه الفوائد:

أ: الدعاء بالفرج فرج لكل المؤمنين                         

   ورد في جملة من النصوص أن من أهم فوائد الدعاء للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف بالفرج هو لان في فرجه يفرج الله تعالى عن المؤمنين جميعاً، فقد روي في التوقيع المروي في كمال الدين: (وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فان ذلك فرجكم) [1] أي أن الفرج للأمة جميعا يتحقق عند ظهور صاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف فينبغي الإكثار بالدعاء للإمام لأنه بالدعاء له يتحقق الفرج للجميع وتنعم الأمة بدولة العدل الإلهي.

ب: النجاة من الاختلاف والهلكة في عصر الغيبة

     إن المواظبة على الدعاء للإمام المهدي روحي فداه والاهتمام بهذا الجانب أمر مهم جداً في النجاة من الفتن والاختلافات في عصر الغيبة، فقد روي في بعض النصوص أن الأمة بعد الغيبة الكبرى ستختلف في شأن المهدي عجل الله فرجه الشريف ومن أهم الأمور التي تكون عاملاً مساعدا للنجاة من تلك الفتن هو الدعاء للإمام عجل الله فرجه الشريف والمواظبة على ذلك، وطلب العون من الله تعالى على عدم التراجع والخذلان وروي هذا المعنى في نصوص عدة منها: ما روي عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام: ( والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة لا من ثبته الله عز وجل بالقول بإمامته ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه )[2]، ومنها: ما روي عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عليه السلام: لاَ بُدَّ لِلْغُلاَمِ مِنْ غَيْبَةٍ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ يَخَافُ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إلى بَطْنِهِ وَ هُوَ اَلْمُنْتَظَرُ وَهُوَ اَلَّذِي يَشُكُّ اَلنَّاسُ فِي وِلاَدَتِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ حَمْلٌ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَاتَ أَبُوهُ وَ لَمْ يُخَلِّفْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وُلِدَ قَبْلَ مَوْتِ أبيهِ بِسَنَتَيْنِ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ وَمَا تَأْمُرُنِي لَوْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ اَلزَّمَانَ قَالَ اُدْعُ اَللَّهَ بِهَذَا اَلدُّعَاءِ اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْكَ اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَبِيَّكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَبِيَّكَ لَمْ أَعْرِفْهُ قَطُّ اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ اَلْهِلاَلِ سَمِعْتُ هَذَا اَلْحَدِيثَ مُنْذُ سِتٍّ وَ خَمْسِينَ سَنَةً )[3]، وكذلك روي عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، إذ قال :( دخلت على أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام، وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال عليه السلام لي مبتدئاً: يا أحمد بن إسحاق إنّ الله تبارك وتعالى لم يخلِ الأرض منذ خلق آدم عليه السلام ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله على خلقه به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض قال: فقلت له: يا بن رسول الله عليه السلام فمن الإمام والخليفة بعدك ؟، فنهض عليه السلام مسرعاً فدخل البيت ، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله عزّ وجلّ وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنَّه سميّ رسول الله وكنيّه الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الأمّة مثل الخضر، ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلا من ثبّته الله عزّ وجلّ على القول بإمامته ووفّقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه )[4] .

ج: التوفيق لنصرة صاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف

   ورد في بعض النصوص أن من أهم فوائد الدعاء للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف والمواظبة على ذلك في عصر الغيبة الكبرى قد يوفق الانسان لأن يكون من أنصاره إن كان من المخلصين له، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (من دعا إلى الله تعالى أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا فان مات قبله اخرجه الله تعالى من قبره واعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه الف سيئة وهو هذا الدعاء:( اللهم رب النور العظيم والكرسي الرفيع... الخ).

د: الدعاء للإمام المهدي احياء لأمرهم ويوجب غفران الذنوب وتبديل السيئات بالحسنات ويباهي الله به الملائكة ويكون خير الناس

    إن الدعاء للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هو أحد موارد الذكر، وقد ورد عن أهل البيت عليهم السلام الحث على ذكرهم فان ذكرهم من ذكر الله عز وجل ، روي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ( ما اجتمع قوم في مجلس لم يذكروا الله عز وجل ولم يذكرونا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة ثم قال أبو جعفر عليه السلام: وان ذكرنا من ذكر الله وذكر عدونا من ذكر الشيطان)[5]، وقد روي أن ذكر الله تعالى يوجب غفران الذنوب وتبديل السيئات إلى حسنات، فقد روي عن النبي J قال:( ما جلس قوم يذكرون الله عز وجل الا نادهم مناد من السماء: فقد بدلت سيئاتكم حسنات وغفرت لكم جميعا )[6] .

   وروي عن أبي عبدالله عليه السلام قال لداود بن سرحان : يا داود ابلغ موالي عني السلام واني أقول:( رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذاكر امرنا فان ثالثهما ملك يستغفر لهما ما اجتمع اثنان على ذكرنا الا باهى الله بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر فان في اجتماعكم ومذاكرتكم احياؤنا وخير الناس بعدنا من ذاكر امرنا ودعا إلى ذكرنا)[7]، ومن الواضح أن مواطن الذكر لأهل البيت ع كثيرة فمنها احياء امرهم بزيارتهم والمشاركة في مواسم العزاء ، والفرح ، وإقامة مجالس الذكر لهم، ومن هذه المواطن أيضاً المواظبة على الدعاء بتعجيل فرج قائمهم فان في كل ذلك اثار جليلة وعظيمة أهمها عدم انمحاء المشروع الإلهي من ذاكرة المسلمين وذلك لا يكون الا بعد احياء امر الأئمة عليهم السلام، والذي يمثله في واقعنا دولة صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف ففي احيائها احياء لدين الله ورسوله والأئمة عليهم السلام بل هو احياء لمشروع الله في الأرض منذ بداية الخلق إلى نهايته 

هـ: شمول الداعي لدعاء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم

   إن الدعاء للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هو أحد مواطن إعلان الولاء والنصرة له، والبراءة من أعدائه، وقد روي في الاحتجاج ان النبي J قد رفع يديه إلى السماء بعد أن ذكر الأئمة الطاهرين فقال: (اللهم وال من وآلي خلفائي وائمة امتي من بعدي، وعاد من عاداهم، وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم، ولا تخل الأرض من قائم منهم ظاهرا او خائفا مغمورا لئلا تبطل حجتك ودينك وبيناتك...) [8].

س: دعاء الإمام المعصوم لمن يدعو بالفرج للمهدي عجل الله فرجه الشريف

  إن الدعاء بالفرج للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هو إقرار بمقامه، وإمامته، وغيبته وجميع شؤونه وقد ورد في بعض النصوص دعاء مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام لمن يقر بكل ذلك من المنتظرين لظهور صاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف، فقد قال عليه السلام في دعائه في عرفة:( اللهم وصل على اوليائهم المعترفين بمقامهم، والمتبعين منهجهم المقتفيين آثارهم المتمسكين بولايتهم، المؤتمين بإمامتهم المسلّمين لأمرهم المجتهدين في طاعتهم المنتظرين ايامهم المادين اليهم أعينهم الصلوات المباركات الزاكيات الناميات الغاديات الرايحات وسلم عليهم إنك انت التواب الرحيم وخير الغافرين واجعلنا معهم في دار السلام برحمتك يا أرحم الراحمين )[9] .

فقد دعا الإمام السجاد عليه السلام للمنتظرين بالصلاة والسلام عليهم وباجتماع أمرهم على التقوى، وإصلاح شؤونهم وقبول توبتهم وسكناهم في دار السلام في جوار الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين.

ح: الحشر في زمرة الأئمة الطاهرين يوم القيامة

  إن الدعاء للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هو أحد مواطن النصرة باللسان، والقلب معاً، لان الدعاء هو إظهار ما في القلب من معتقدات على اللسان، فالدعاء يشتمل على النصرة القلبية واللسانية، وقد ورد أن الحسن بن علي عليه السلام أنه قال: (من احبنا بقلبه ونصرنا بيده ولسانه فهو معنا في الغرفة التي نحن فيها)[10]، وروي عن أبي عبدالله الحسين عليه السلام قال: (من أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه ويده فهو معنا في الرفيق الأعلى يوم القيامة ...)[11].

 

ط: تقوية وتأكيد جانب المعرفة بالإمام عجل الله فرجه الشريف

  إن من أهم فوائد الدعاء للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هو تقوية جانب المعرفة به، لأن الداعي لابد أن يكون على معرفة بشخص المدعو له وصفاته، وعلاماته لكونه المظهر التام لدين الله عز وجل، وبمعرفته تتم الهداية والنجاة وضمان عدم ميتة الجاهلية، وقد أكد أهل البيت عليهم السلام على جانب معرفته كما ورد في الدعاء الشريف: (اللهم عرفني حجتك فانك ان لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني)[12]، وهذا الضلال قد أشارت اليه الروايات الشريفة في كتب الفريقين بتعبير ( ميتة الجاهلية )، فقد روي عن رسول الله J أنه قال: ( من مات ولا يعرف امامه مات ميتة جاهلية)[13]، ومنها ما رواه احمد في مسنده عن رسول الله J قال: ( من مات بغير امام مات ميتة جاهلية )[14].

 

 

 

الهوامش:---------

[1] كمال الدين ج2 ص 483.

[2] بحار الانوار ج52 ص 23

[3] الكافي ج1 ص 342.

[4] كمال الدين وتمام النعمة ص 485.

[5] الكافي ج2 ص 496.

[6] عدة الداعي ص 291.

[7] امالي الطوسي 224.

[8] اثبات الهداة ج2 ص 79.

[9] الصحيفة السجادية ص 257.

[10] بحار الانوار ج27 ص 151.

[11] بحار الانوار ج3 ص 447.

[12] الكافي للكليني ج1 ص342.

[13] الكافي ج2 ص 19.

[14] مسند احمد ج6 ص 715. 

: الشيخ وسام البغدادي