(الاعجاب) ليس معياراً!

1-الاعجاب بمعنى الاستحسان ليس معياراً منطقياً معتمداً لذاته، فإذا كان اعجابا بالشكل والمظهر، فهو (انطباع بصريّ) قد يسيل له لعاب العيون، ويهيم به الذوق، لكنه استحسان سطحي، وغريزي، لا علاقة له بالمشاعر تماما كاستحسان أي لوحة أو منظر جميل. تصفّق له العيون استظرافا واستلطافا وانبهارا، وقد لايوافق استحسان العقل !

2- ولذلك لفت القرآن عنايتنا الى المضمون واللباب والجوهر ( ولأمةٌ مؤمنة خيرٌ من مشركة ولو أعجبتكم) (البقرة/221) ( ولعبدٌ مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) ( البقرة/221)، وفي التحذير من الانحداع بالشكل الظاهري للمنافق ( واذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) ( المنافقون/4)

3- هذا لايعني اسقاط الذوق والاستحسان من التداول فشعبيّة ( اللايكات) اليوم أكثر من شعبيّة أي زعيم ولو أعجبنا، بل هو تنبيه الى أن الاعجاب المجرد ليس كافيا للحكم على ( الجودة)!

4- نقل لي صديق هذه الطرفة الواقعية، قال: أتتني ابنة اختي وهي طفلة ، فأرتني لعبتين واحدة شكلها بائس والآخرى جميل، وسألتني: خالو: احزر أي اللعبتين أغلى؟ فأشرت على البائسة، فتعجّبت قائلة: وكيف عرفت، فقال لها : من كلمة ( احزر) يا خالو !!

5- العين ساعي بريد وليست كل رسائلها محقّة وعقليّة ومنطقيّة، هي توصل الرسالة الى ( العقل) البريد المركزي وهو الذي يصنّفها، فلا يكفي الاعجاب المظهري من غير التجاوب النفسي والانشداد الروحي والتلاقي العقليّ ، ولذك كان التحذير القرآني الآخر من كثرة الاعجاب والمعجبين ( قل لايستوي الخبيث والطيّب ولو أعجبك كثرة الخبيث) ( المائدة/100) فحصاد ( اللايكات) على منظر تافه لا يرفع من قيمته حتى ولو كسر الرقم القياسي وأشعل مواقع التواصل الاجتماعي.

6- من هنا فلا معنى أبدا لمسابقات ملكات الجمال، لأنها مسابقات ابتدعها هواة الالتذاذ بالتفرّج على الأجساد العارية وشبه العارية، فهي لا تقوم على التنافس على صناعة أو موهبة ذاتية ، هي تنافسات على مواهب خَلقيّة، والاعجاب هنا ينبغي أن يكون بالواهب لا بالموهوب الذي لا دخل له البتة في صناعة الهبة، وبالتالي فالمعيار التنافسي ساقط!

7- هل الحديث عن الاعجاب في الشكل والصورة فقط؟ لا أبدا، فما أكثر من يصوتون لمرشح لشكله، أو لذلاقة لسانه، او لأنه من العشيرة، أومن أبناء المذهب والمدينة، وقد لايكون الأفضل والأصلح، هو ( حكم الحاسّة) والاحتكام الى الغريزة، والانخداع بالكثرة، لا الارتكان الى حسابات العقل ومعايير المنطق.

: عادل القاضي