روي عن الإمام الهادي عليه السلام أنه قال: (تقول عند رأس الحسين عليه السلام السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا حجة الله في أرضه وشاهده على خلقه، السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يابن علي المرتضى، السلام عليك يابن فاطمة الزهراء، أشهد أنك أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وجاهدت في سبيل الله حتى أتاك اليقين فصلى الله عليك حياً وميتاً)[1].
ثم تضع خدك الأيمن على القبر وقل: (أشهد أنك على بينة من ربك جئت مقراً بالذنوب لتشفع لي عند ربك يا بن رسول الله)، ثم اذكر الأئمة بأسمائهم واحداً واحداً وقل أشهد أنكم حجة الله ثم قل (اكتب لي عندك ميثاقاً وعهداً أني أجدد الميثاق فاشهد لي عند ربك أنك أنت الشاهد)[2].
يبدو أن كتابة هذه الزيارة من قبل الإمام الهادي عليه السلام جاءت رداً سياسياً وفكرياً تجاه سياسة المتوكل العباسي الذي هدم قبر سيد الشهداء عليه السلام ليؤكد لشيعته وأتباعه عظمة ومكانة الإمام الحسين عليه السلام فأكد فيها على العديد من مقامات الإمام الحسين عليه السلام أولها كونه حجة الله في أرضه، وثانيها الشهادة على الخلق يوم القيامة وهذه تمثل بعداً عقائدياً، أما الأبعاد الأخرى كإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيله تعالى تمثل فروع دين الله، ولعل الإمام الهادي عليه السلام أراد أن يقول أن الحسين عليه السلام قد أقام أصول الدين وفروعه.
وروي عن الإمام علي الهادي عليه السلام أنه قال: (من خرج من بيته يريد زيارة الحسين عليه السلام فصار إلى الفرات فاغتسل منه كتب من المفلحين: فإذا سلم على أبي عبد الله كتب من الفائزين: فإذا فرغ من صلاته أتاه ملك فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرؤك السلام ويقول لك: أما ذنوبك فقد غفرت لك، استأنف العمل)[3].
ويوضح الحديث مدى أهمية فضل الزيارة وثوابها عند الله تعالى، والتي تحاكي شيعة الإمام الهادي عليه السلام للحيلولة دون التقاعس عن زيارته مهما كانت الأخطار لما يمثل الحسين عليه السلام من منارة للمستضعفين في الأرض وثورة ضد الظلم والطغيان.
وروي عن الإمام الهادي عليه السلام أنه (سُئِلَ عن زيارة قبر أبي عبد الله وعن زيارة قبر أبي الحسن وأبي جعفر (عليهم السلام) فكتب عليه السلام: (أبو عبد الله عليه السلام المقدم وهذا أجمع وأعظم أجراً)[4].
ويؤكد الإمام الهادي عليه السلام على أن زيارة الإمام الحسين عليه السلام لو دار الأمر بينه وبين زيارة الإمام أبي الحسن موسى الكاظم وأبي جعفر محمد الجواد (عليهما السلام) فتقدم زيارة الإمام الحسين عليه السلام، معللاً أنّ زيارته تكون أعظم أجراً من زيارة الإمامين الكاظم والجواد "عليهما السلام".
وروي عن أبي هاشم الجعفري قال: (بعث إلي أبو الحسن عليه السلام في مرضه وإلى محمد بن حمزة[5]، فسبقني إليه محمد بن حمزة، فأخبرني أنه يقول: ابعثوا إلى الحائر فقلت لمحمد ألا قلت أنا أذهب إلى الحائر ثم دخلت عليه فقلت أنا أذهب إلى الحائر فقال: انظروا في ذلك. ثم قال: إن محمداً ليس له سر من زيد بن علي وأنا أكره أن يسمع ذلك قال، فذكرت ذلك لعلي بن بلال فقال: ما كان يصنع بالحائر وهو الحائر، فقدمت العسكر فدخلت عليه فقال لي: اجلس حين أردت القيام فلما رأيته أنس بي ذكرت قول علي بن بلال، فقال لي: ألا قلت له أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يطوف بالبيت ويقبل الحجر وحرمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمن أعظم من حرمة البيت وأمره الله أن يقف بعرفة إنما هي مواطن يحب أن يذكر فيها، فأنا أحب أن يدعى لي حيث يحب الله أن يدعى فيها والحائر من تلك المواضع)[6].
وعند الوقوف على هذا النص نلاحظ عدة نقاط منها:
أن النص المروي لم يذكر اسم الإمام الحسين عليه السلام أو كنيته أو أحد ألقابه، وإنما عبر عن ذلك بالحائر في إشارة إليه ولعل ذلك يرجع إلى التقية في تلك الفترة، وفي النص قرينة على ذلك حيث أشار الإمام عليه السلام عندما أرسل محمد بن حمزة إلى الحائر قال له (انظروا في ذلك)، وهي عبارة توحي الدقة في الخروج وعدم إشاعة الخبر ولاسيما أيضاً كره الإمام عليه السلام من وصول الخبر إلى زيد بن علي.
أن علي بن بلال غير متيقن بمكانة سيد الشهداء، فعندما وصل الخبر للإمام عليه السلام ساق أدلة على إثبات ذلك له.
تعكس الزيارة إلى الحائر عظمة الإمام الحسين عليه السلام وأن أرضه من الأراضي التي يحب الله أن يدعى فيها.
وجود الأعداد الزائرة للحسين عليه السلام في تلك الفترة بتشجيع من الأئمة والإيحاء بالذهاب إلى الحائر، عنوان تشجيع من الإمام عليه السلام للتأكيد على قضية ومظلومية الحسين عليه السلام لما ترمز من ملحمة من ملاحم الوقوف بوجه الفساد والانحراف في تاريخ الأمة في قرنها الأول، والملاحظ أن الإمام عليه السلام قد أكد على زيارة الحسين عليه السلام أكثر من سائر الزيارات الأخرى.
الهوامش:------------------------------------------------------------
([1]) الكليني، فروع الكافي، 586/ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج4، 1079/ العطاردي، مسند الإمام الهادي، 261
([2]) الكليني، فروع الكافي، 586/ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج4، 1079/ العطاردي، مسند الإمام الهادي، 261
([3]) القمي، كامل الزيارات، 344/ العطاردي، مسند الإمام الهادي، 261ـ262
([4]) القمي، كامل الزيارات، 500ـ 501/ الشعيري، جامع الأخبار، 33/ العطاردي، مسند الإمام الهادي، 262
([5]) وهو محمد بن حمزه القمي، كان احد أصحاب الإمام الهادي عليه السلام، أنظر:الطوسي، رجال الطوسي، 392
([6]) القمي، كامل الزيارات، 458/ العطاردي، مسند الإمام الهادي، 262
اترك تعليق