دَفْترُ الخُزامى

إلى زَيْنِ العِبادِ وهوَ يجمعُ ضعفَهُ قُوَّةً.. 

قديماً على غَيْمةٍ راحِلَةْ   تَنامُ اعْتِرافاتُنا الناحِلَةْ

وتَغْفو طويلاً لَعَلَّ الصباح   يَمُرُّ بجُدْرانِنا المائِلَةْ

ولكنْ نأى لبَلاطِ الأمير   يُزَوِّقُ آثامَهُ الفاشِلَةْ

فَجئتَ تُعيدُ الصباحَ العَنيد   إلى ذاتهِ فِكْرةً آيلَةْ

فَتيّاً مَتى شَحَّ ضَوْءُ اليَقين   تَقَلَّدَ مِشكاتَكَ الآمِلَةْ

ونوَّرَ ما مَسَّهُ المُعتَمون   فأحْسَنَ في هذهِ الشّاكِلَةْ

ليَكسو يبابَ الرمالِ الغبي   بشيءٍ مِنَ الحكمةِ السائِلَةْ

ويصفعَ عَصْرَ الهجوعِ الغَشوم   بصَحوٍ شَقيقِ الرؤى القائِلَةْ 

بأنَّ الحياةَ حَياةُ الوقوف   ثَباتاً على القيمةِ الفاضِلَةْ

وإنَّ المَماتَ مَماتُ القِيام   على ذلَّةِ الأمَّةِ الغافِلَةْ

تَجَلَّتْ مَزاياكَ للباحِثين   عَنِ المَجْدِ أنشودَةً كامِلَةْ

وموْسَقَ فَحْواكَ صُوْرُ السماء   فأحيا بِها سيرةً عادِلَةْ

مُناجاتُكَ السَيرُ نَحْوَ الكُشوف   التي تَرفَعُ الحُجُبَ الهائلَةْ

تُعيدُ اخْضِرارَ القُلوبِ العتيق   حقولاً مِنَ التُّربةِ الخاضِلَةْ

فيَمْتدُّ ظِلٌّ نَديُّ الغُصون   يُصلّيكَ في لَحْظَةٍ نافِلَةْ

خُزامى تَنُثُّ الرَّحيقَ العَلي   سَلاماً على النَزْعَةِ القاتِلةْ

شُحوبُكَ قَمْحٌ فَصيحُ النضوج   لجوعِ استعاراتِنا الآجِلَةْ

وحُزنُكَ طَعْمُ الفُراتِ البَخيل   على ثُلَّةِ الأنْجُمِ الباسِلَةْ

معَ الكَرْبِ تَطْوي بَلاءَ الطفوف   وتَكسرُ أصْفادَكَ الزائلَةْ

تَكَوْثَرتَ في السّبيِ حَتّى سَقَيْت   المَداركَ بالخُطَبِ الفاصِلَةْ

أتَدري بأنَّ الهَواءَ العَليل   تَنفَّسَ نفْحاتِكَ العاقِلَةْ؟ 

بِكفَّيكَ نَهْرُ الحَياةِ الأخير   يُفتِّشُ عَنْ أمَّةٍ قاحِلَةْ

لِيَمْنَحَها ما وراءَ النَجاة   مِنَ القَتْلِ بالشُّبهَةِ الباطِلَةْ

ويَنْفَكَّ عَمّا يُخيفُ الأريج   ويبْطِشُ في وَرْدَةٍ ذابِلَةْ

لأنّكَ أنتَ الدَليلُ العَظيم   على رِفْعَةِ الدَمْعَةِ الهامِلَةْ

سَماءً سَماءً تَجوبُ الوجود   ولكنْ وَحيداً بلا قافِلَةْ

وتمْسَحُ رأسَ النَخيلِ اليَتيم   لتَخْضَرَّ سَعْفاتُهُ الآفِلَةْ

بلَيلِكَ خُبْزُ الخَلاصِ الكَريم   سيَحْفَظُ سِرَّ القُرى السائِلَةْ

وعِنْدَ النَهارِ تُعيذُ النَهار   مِنَ الخَوْضِ في فِرْيَةٍ طائِلَةْ

مَحاريبُكَ البِيضُ بالياسَمين   مَتى ما تُصَلّي بها حافِلَةْ

هُناكَ المَدينةُ تَخشى الضجيج   وأنتَ لها الهَدْأَةُ الزاجِلَةْ

يُصَلّي عَلَيكَ حَمامُ البَقيع   ويَحْكيكَ باللغَةِ الهادِلَةْ

شاعر : حسن سامي