819 ــ عبد الحميد السماوي (1315 ــ ١٣٨٤ هـ / 1897 ــ 1964 م)

عبد الحميد السماوي (1315 ــ ١٣٨٤ هـ / 1897 ــ 1964 م)

قال من قصيدة طرق السماء وهي في الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وتبلغ (91) بيتاً:

مَن بعدهمْ يغلي مراجلَ (كربلا)     في مــذوديهِ مفاخراً ومعالي

يحــــــتجُّ منصلتاً أمامَ جموعِهم     ويثورُ وهوَ موزَّعُ الأوصالِ

فتراهُ أمـــــثلَ حجَّةٍ فوق الثرى     مِـــــن كلِّ رائعةٍ مِن الأمثالِ (1)

الشاعر

الشيخ عبد الحميد بن أحمد بن محمد بن عبد الرسول بن سعد بن حمد بن زيرج العبسي السماوي الحكيمي آل عبد الرسول المعروف بـ (حميد السماوي) (2) عالم وأديب وشاعر ينتهي نسبه إلى قبيلة بني عبس التي تقطن وادي السماوة منذ أمد بعيد، ولد في السماوة في أسرة علمية ــ أدبية تدرج رجالاتها في ميادين العلم والأدب، فكان جده الشيخ عبد الرسول بن سعد عالماً دينياً مجتهداً ومرجعاً لمدينته، وقد ترجم له السيد محسن الأمين فقال:

(عالم فاضل صالح، كان هو والشيخ شريف محيي الدين من خواص الشيخ مهدي ملا كتاب وفي اليتيمة الصغرى زبدة العلماء الفحول الشيخ عبد الرسول فقيه فاضل مرجع مقلد أقام في النجف مدة ومذ جار عليه الدهر تغرب عنها والآن مسكنه السماوة، وهو جد آل عبد الرسول النجفيين وكان له ولد اسمه الشيخ محمد تأتي ترجمته في بابها وللشيخ محمد ابن اسمه الشيخ حسين وللشيخ حسين ابن اسمه الشيخ علي من أهل العلم والفضل توفي سنة ١٣١٥.) (3)

وقال الشيخ جعفر السبحاني عن الشيخ أحمد والد الشيخ عبد الحميد: (كان عالماً إمامياً، فقيهاً مجتهداً، عالي الهمّة، من كبار أسرة (آل عبد الرسول). ولد في النجف، ونشأ على أبيه الفقيه محمد (المتوفّى 1288 ه‍)، وجدّ في تحصيل العلم، وتخرّج على علماء وفقهاء عصره، ثم أجازه الفقيه حسين الخليلي بإجازة اجتهاد، كما أجازه أيضا الفقيه محمد حسين الكاظمي (المتوفّى 1308 ه‍)، وشرع في التدريس، فأخذ عنه: صادق بن باقر بن محمد حسن الجواهر، ومحمد بن حسين الخليلي.

وتوجّه إلى مدينة السّماوة بعد وفاة أخيه عبد الحسين (المعروف بعبود) سنة (1307 ه‍)، فأقام بها إماماً للجماعة ومرشداً ومبلغاً للأحكام، وذاع صيته بها.

وقد ألّف كتبا ورسائل، منها: كتاب في الصلاة، كشف الغوامض في شرح الفرائض من «شرائع الإسلام» للمحقق الحلّي، كتاب في الأصول اللفظية والعملية، رسالة في المنطق، كتاب في المعاني والبيان، ومنظومة في النحو توفّي في السّماوة سنة - إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف ــ وهو والد العالم الجليل والشاعر الكبير عبد الحميد (حميد) السماوي (المتوفّى 1384 ه‍) (4)

في هذه الأجواء العلمية ولد الشيخ عبد الحميد فنهج منهج سلفه في طريق العلم وحب الخير، هاجر إلى النجف الاشرف كعادة أسرته في طلب العلم وفيها أكمل مقدمات العلوم ثم حضر الدراسات العالية على يد أساتذة الحوزة العلمية أمثال: الميرزا حسن النائيني، والشيخ محمد حسين الاصفهاني، وميرزا فتاح الزنجاني صاحب الحاشية على المكاسب.

حتى ألح عليه أهل السماوة بالرجوع إلى بلده ومسقط رأسه فلم يجد بدا من الاستجابة بعد أن توفرت لديه المعلومات الكافية والإحاطة التامة بعلمي الفقه والأصول (5)

قال عنه السيد جواد شبر: (كان يعد من الطبقة العالية في الأوساط العلمية، وتوفرت له المعلومات الكافية والإحاطة التامة بعلمي الفقه والأصول فطلبه أهالي السماوة وألحوا عليه بالرجوع إلى بلده ومسقط رأسه فاستجاب لطلبهم بأمر من مراجع الطائفة وعاد إلى السماوة واعتزت به كاعتزاز العين بإنسانها

أما عن شاعريته فيقول شبر: والسماوي شاعر فحل بما أوتي من جزالة القول وقوة الذهنية والفكرة الوقادة وهو أحد أعلام الشعر في العالم العربي، وفي العراق لا يوازيه في شهرته وشاعريته غير أفراد عدد أصابع اليد، ولازال الأدباء يحفظون شعره ويتناشدونه... ومن أشهر شعره رباعياته التي رد بها على قصيدة (لست أدري) لإيليا أبو ماضي. (6)

ومن المؤسف حقا أن شعره الذي يعد من الطراز الممتاز قد ضاع فقد كان له ثلاثة دواوين الأول أخذه بعض معجبيه لنسخه فضاع والثاني سرق، أما ثالث فهو المطبوع في بيروت بعنوان ديوان السماوي وهو ديوان كبير. (7)

قال عنه سليمان بيضون: (يُعدّ الشيخ السماويّ شاعراً مُبرّزاً بما أُوتي من جزالة القول، وقوّة الذهن، واتّقاد الفكر، وهو أحد أعلام الشعر في العالم العربيّ، وفي العراق لا يوازيه في شهرته وشاعريّته غير أفرادٍ عددَ أصابع اليد. ولكنّ صفته العلميّة حجبت إلى حدّ ما صفته الأدبيّة). (8)

قال عنه السيد حسن الأمين: (كان ذا أثرٍ محمود في سيرته وتوجيهه، ومن هنا غلبت عليه الصفة الدينيّة وتوارت شاعريّته وراء مسلكه في التعامل مع الناس في شؤونهم اليوميّة ومشاكلهم الحياتيّة، فلم يشتهر شاعراً مع أنّه كان في الطليعة من شعراء العراق المبدعين في عصره). (9)

وقال الشيخ رضا الحاج أحمد إسماعيل المطوّف: (إنّ السماويّ... قد شغله تصدّيه للعلوم الروحانيّة والإفتاء، فقد كان عالماً فقيهاً، وشخصيّته مرموقة فذّة، وإليه يرجع الحلّ والعقد في الأحكام الشرعيّة في بلدة السماوة وتوابعها، ناهيك عن شرف العلم ومكانته في النفوس، وهو فوق مكانة الشعر عند الناس، لذلك ليس مستغرباً إذا وجدتَ السماويّ يحاول أن يُسدل الستار عن شاعريّته، وليس مستغرباً أن يفعل ذلك). (10)

وقال عنه الحاج حسين الشاكري: (كان مثالاً بارزاً للخصوبة الذهنية، كان محترماُ في قومه فيصلاُ في منازعاتهم العشائرية، شعره يمتاز بالرمزية التي لا تخفى على من عرف السماوي وأمنيته المفقودة في تقويم ما اعوج من محيطه ونصرة قادة الدين، وهو كاتب فاضل أديب جمع مكتبة حافلة..) (11)

وقال عنه عبد الزراق حرز الدين: (عالم جليل، وأديب فذ، وأحد أعلام الشعراء في العالم العربي، كان له ثلاثة دواوين، وقد ضاع الأول وسُرق الثاني، والأخير لم يزل محفوظا). (12)

توفي السماوي في بغداد ودفن بالنجف الأشرف (13)

شعره

قال من قصيدة في يوم الغدير بعنوان (عيد الغدير) وتبلغ (74) بيتاً:

ترامتْ وجنبُ الأفقِ ما انــفكَّ نــائيا     محاضـــيرُ تطـوي عالماً متراميا

بــعدتَ عن المرمى رويــدكَ فـــاتّئدْ     إلــــى أينَ تجـتاحَ الرُّبى والفيافيا

أثِرْ رهجَ الـــنادي إذا اكـــــتظّ جنبُه     وإن وجمَ الشـادي فكنْ أنتَ شاديا

فما هو إلّا أن يـــــــــــــــعجَّ مدائحاً     بذكرى (عـــــــليٍّ) أو يعجَّ مراثيا

فَكَمْ حَــمْحَمَتْ حَوْلَ الغَرِيِّ وَأَنْشَدَتْ     تَقَدَّسْتَ يا وادي ابْنِ عِمْرانَ وادِيا

تُرابُــكَ أَكْــــــــــــــــبادٌ تُدافُ وَإِنَّما     نَسيمُكَ أَرْواحٌ تَــــــــــهُبُّ عَوادِيا

فَهَــذا عَلِيٌّ فَوْقَ كُرْسِـــــــــيِّ مَجْدِهِ     يُرَتِّلُ صَـــــوْتَ الحَمْدِ سَبْعاً مَثانِيا

تَــغَشّاهُ مِنْ عَرْشِ المُهَيْمِنِ هَــــيْكَلٌ     أَعادَ لَنا السَّـــــــــبْعَ الطِّباقِ ثَمانِيا

ترفَّعــتَ فوقَ الفرقدينِ كــــــــــأنّما     بدا لكَ مِن آياتِه مـــــــــــــا بدا ليا

وَهَــذا عَلِيٌّ وَالأَهــــــــازيجُ بِاسْمِهِ     تَشُقُّ الفَضا النّائي فَهاتوا مُــــعاوِيا

أَعــيدوا ابْنَ هِنْدٍ إِنْ وَجَـــدْتُمْ رُفاتَهُ     رُفاتاً وَإِلّا فَانْــــــــــشُروها مَخازِيا

تـــــــخالُ جبينَ الأفقِ أسفعَ قاتــماً     وتـحسبُ وجهَ الأرضِ أجردَ عاريا

فهذي بــــــــــــواديهِ تضجُّ وهــذهِ     حـــــــــواضرُه بالظلمِ عادتْ بواديا

أبا حسنٍ إن ربَّعــــوا فيكَ دســتَهمْ     فـــيوشكُ أن يمسي كما شئتَ خاويا

وإن تغلُ بالشحنا عـــليكَ مــراجلٌ     فلســـــــــــتُ إذا وحّدتُ ذاتكَ غاليا

إذا الملأ الأعلى تحدَّرَ بـــــــــالثنا     عــــــــــــليكَ فما شـأني وشأنُ ثنائيا

وهل متناهي اللفظِ يرفــعه الــــثنا     ليحملَ معــــــــــــنى منكَ لا مُتناهيا

ولكنّها الألفاظُ مـــــــــهما تناسقتْ     إذا لم توفِّ المدحَ عــــــادتْ أهاجيا

لئن أوجزتْ فيكَ القوافي وأطنبتْ     فما أنتَ إلّا أنتَ كالشمــــسِ ضاحيا

فأنتَ حديثُ الدهرِ ما زلتَ طافحاً     على فمِهِ تـــــــروى وما زالَ راويا

وأنتَ حديثُ الدهرِ مهما تــناسلتْ     لياليهِ أيّاماً وآبـــــــــــــــــــــتْ لياليا

إذا ظلَّ عنكَ العقلُ لم يلقَ مـُرشداً     وإن تاهَ فيكَ الفـكرُ لم يلقَ هـــــــاديا

وما مدحتي توليكَ مجداً وإنّــــــما     أرد بإطـــــــــــرائي عليكَ الطواريا

أتجـــــــــتاحه الأعوامُ؟ كلّا وإنّها     لتزدادُ إشراقاً بـــــــــــــــــهِ وتساميا

ستبقى مــــــدى الأيّام لغزاً مؤبّداً     وإن حللت ألغازها والأحـــــــــــاجيا (14)

وقال من قصيدة في عيد الغدير أيضا بعنوان (جوهري الوجود) وتبلغ (44) بيتاً:

بُلْبُلُ الوَحْيِ في ضِـــــفافِ الغَديرِ     صـادِحٌ بِاسْمِ مَوْكِبِ التَّأْميرِ

يَتَحَدَّى الأَجْـــــــيالَ مَهْما تَرامَتْ     فـــــي مَجاهيلِ عالَمٍ مَسْتورِ

هيكلٌ مِن تعطّفٍ وحـــــــــــــنانٍ     مــائلٍ فوقَ هيكلٍ مِن شعورِ

جوهريُّ الـــــــــوجودِ لم تتفاعلْ     فيهِ شتّى عواملِ التغـــــــييرِ

يـــــــــقطعُ النصَّ في عليٍّ بنصٍّ     ويشدُّ الدستورَ بالــــــدستورِ

ما تلاشى صوتُ الحقيقةِ حتى ار     تعشَ الحقُّ في فـمِ الجمهورِ

حيث سادَ الصموتُ لـــــولا هناةٌ     طبَّلتْ للقفولِ قـــــبلَ المسيرِ

همساتٌ تذوبُ في همســـــــــاتٍ     وسطورٌ تنــحلُّ فوقَ سطورِ

رقّــــــــــمته يراعةُ الكونِ رمزاً     فوقَ أثبـاجِ بيتِها الــــمعمورِ

عبَّرتْ حيــــنَ عبَّرت عنه لو لمْ     يتسامى عـن حيِّــــزِ الـتعبيرِ

فسَّرته كما تـــــــــــــــشاءُ ولكن     تشكلُ الواضحـاتُ بالتـفسيرِ

هيمنتْ فوقَ مستوى الــحسِّ لمَّا     أن تخطّتْ عـــــوالمَ التـفكيرِ

فهيَ برهانُ سورةِ الفتـــحِ إن لمْ     تكُ عنــــــــوانُ آيةِ التطـهيرِ

فسماءُ الوجودِ تعزفُ فيــــــــها     نغماتِ التهليلِ والــــــــتكـبيرِ

ورياضُ الخـــــــــلودِ تعقدُ فيها     حفلاتِ الإكـــــــبارِ والتقديـرِ

وعلى منبرِ الجلالــــــــــةِ يملي     بلبلُ اـلـــــوحي لوحةَ التأميرِ

يا أخا المصطفى تعاليــتَ شـأناً     عــــن مـقامِ التمثيلِ والتنظيرِ

أنا لمْ أدرِ كيفَ أثني فحــــسبي     مِــن ثنائـي الشعورُ بالتقصيرِ

(أنتَ في منتهى الظهورِ خفيٌّ)     ولدى منتـهى الخفا في ظهورِ (15)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (53) بيتاً:

هذا أبيُّ الضيمِ أصحرَ مرقـــلاً     يطأ الــــطريقَ جنادلاً وجلامدا

جلّى فإمّا أن يعيشَ مُهيــــــمناً     فوقَ الحوادثِ أو يموتَ مُجاهدا

فاقتادهنَّ أعنَّةً وأســـــــــــــنةً     واجتازهـــــــــنَّ سباسباً وفدافدا

حتى تغشّته الصوارمُ فانحنتْ     تردي عليه بـــــوارقاً ورواعدا (16)

وقال من قصيدة (هنا علي) وتبلغ (17) بيتاً:

يا قبــــــــــــــــساُ يشعُّ للـ     ـماضي وللــمستقبلِ

وصــــــــــــــخرةً تربَّعتْ     عــلى ســـنامِ الأزلِ

وهيـــــــــــــــــكلاً بحمدِه     سبَّـــــــــحَ كلُّ هيكلِ

دوِّي بـــــــــــــفرقانِكِ في     قلبِ القضا وجلجلي

فيكِ ابنُ عمِّ المصطفى الـ     ـطهرِ وخــيرُ العملِ

أترعــــــــــــتُ في ولائه     يراعتي ومــــــقولي (17)

وفي أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً هذه القصيدة التي كتبت بالذهب على مدخل المرقد الشريف:

لِمَنِ الصُّروحُ بِمَجْـدِها تَزْدانُ     وَبِبابِ مَـــــــــــــنْ تَتَزاحَمُ التِّيجانُ

هَذي عُروشُ الفاتِـحينَ بِظِلِّها     تَجْثو وَهَذا المُلْكُ وَالـسُّـــــــــــلْطانُ

أقنومةُ العَقْلِ الّـــــتي بِجَلالِها     دَوّى الحَديثُ وَجَــــــــهْجَهَ الفُرْقانُ

إِنْ لَمْ يَقُمْ رِضْوانُ عِنْدَ فِنائها     فَلَقَدْ أَقــــــــــــــامَ العَفْوُ وَالرِّضْوانُ

نَهَدَتْ إِلى قَلْبِ الفَــــضا وَتَدا     فَعَتْ فيهِ كَما يَتَدافَعُ البُـــــــــــرْكانُ

وَتَرَنَّحَتْ بِوَلاءِ آلِ مُــــــحَمَّدٍ     طَرَباً كَما يَـــــــــــــــتَرَنَّحُ النَّشْـوانُ

فَتَّشْتُ أَسْفارَ الخُلودِ فَشَــــــعَّ     لــــــــــي مِنْها بِكُلِّ صَـحيفَةٍ عُنْوانُ

شَــمّاءُ لَمْ ترْفَعْ ذُرى كِيوانِها     إِلّا وَطَأْطَـأَ رَأْسَهُ كِـــــــــــــــــيوانُ

يا دُرَّةَ الــشَّرْقِ الّتي لِجَمالِها     سَجَدَ الخَيــــــــــــالُ وَسَبَّحَ الوِجْدانُ

كَمْ مِنْ جَلــــــيلٍ مِنْ صِفاتِكَ     أَحْجَمَتْ عَنْ حَمْلِهِ الأَلْفاظُ وَالأَوْزانُ

حَسْبي إِلى عَفْوِ الإِلَهِ ذَريعَةٌ     حَـــــــــــــرَمٌ يُؤَرَّخُ «بابُهُ الغُفْرانُ» (18)

وقال في تأريخ عمارة المرقد العلوي المطهر عام 1370 هـ من قصيدة تبلغ (15) بيتاً:

صــــــــرحُ عليٍّ وكفاهُ علا     يرتدُّ عنه العقلُ مدحورا

أسطورةُ المجدِ التي لم تزلْ     قائمةً تـــمحو الأساطيرا

موَّجتِ الــــــــعقلَ فأرختُها     تــــموَّجتْ جدرانُها نورا (19)

وقال من قصيدة (علليني بذكرهم) وهي في مولد الإمام الحسن (عليه السلام) تبلغ (62) بيتاً:

ليــــلةُ السبطِ واليراعةُ خطّتْ     لكِ أفقاً يـــــــــعجُّ بالنيِّراتِ

فاملأي من حقيبةِ النورِ عيني     واغدقي من رحيقِه جاماتي

وافعـــــــمي قلبَ فاطمٍ وعليٍّ     بحنـــــــانِ الآباءِ والأمّهاتِ (20)

وقال من قصيدة (دوِّي بمجد أبي الحسين) وهي في مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) وتبلغ (66) بيتاً:

دوِّي بمجدِ أبي الحسينِ ورتّلي     فالعقلُ يملي والمشاعرُ تشهدُ

والدهرُ مهما استرسلتْ أدوارُه     يفنى ومــجدُكَ لا يزالُ مخلّدُ

أأبـا الحسينِ ولستُ أوّلَ هاتفٍ     يغــــــليهِ تيَّارُ الشعورِ فيبردُ (21)

وقال من قصيدة في مولد النبي (صلى الله عليه وآله) وتبلغ (60) بيتاً:

لا غروَ إن ضلّتِ الأوهامُ واجمةً     والعقلُ مـــــــا بينَ إصدارٍ وإيرادِ

فـــــــــــــــإنَّ ليلةَ ميلادِ ابنِ آمنةٍ     تــــــــنشقّ عن ألفِ ميلادٍ وميلادِ

دوّى لها الملأ الأعلى فلا عجبٌ     إن هزّتِ الحفلَ أو دوّى لها النادي (22)

قال من قصيدة (بنو الصحراء) وهي في رثاء سيد الشهداء (عليه السلام) وتبلغ (29) بيتاً:

لا حُكْمَ إِلّا لِلْقَضـــــــــــــاءِ وَما الّذي     يَجْري بِـــــغَيْرِ إِشاءَةٍ وَقَضاءِ

يَهْفُو الزَّمــــــــانُ وَلا تَـزالُ صُروفُهُ     تَــــــــهْفُو بِـغابِرِهِ إِلى الهَيْجاءِ

وَيَـــــــــــــظَلُّ يَشْدو شَدْوَهُ فَتُرَتِّلُ الـ     أَشْهادُ ما اسْتَوْحـى أَبو الشُّهَداءِ

عُوجي أُمَيَّةُ في حَضيضِكِ وَاضْرِبي     صَفْحاً إِذا شِـــــئْتِ عَنِ العَلْياءِ

خَلِّي الطَّريقَ لِأَهْلِهِ وَتَرَسَّـــــــــــــلي     في كُلِّ مُظْلِمَةٍ مِـــــنَ الأَرْجاءِ

كَــــــــــبَّلْتِ أَيْدي المُخْلصينَ بِحادِثٍ     أَطْلَقْتِ فيهِ هَواجِسَ الـــشُّعَراءِ

ما اظْلَمَّ يَـــــــــــوْمُ الطَّفِّ إِلّا لِلأُوْلى     فيهِمْ أَضــــــاءَتْ لَيْلَةُ الإِسْراءِ

نجمتْ بعاهلِ هـــــــــاشمٍ وتمخّضتْ     أحلامُها عن خــــــــيرةِ الأبناءِ

أمناءُ وحي اللهِ في العــــــــــهدِ الذي     ختمَ القضاءَ على فـــــمِ الأمناءِ

صدروا وما انـفكّوا على وردِ الردى     متزاحمينَ تزاحمَ الأكـــــــــفاءِ

ضربوا لــــــــــــــهم طنباً بكلِّ تنوفةٍ     وبنوا لـــــــــهم فلكاً بكلِّ سماءِ

فتناثرتْ هاماتُهـم بمســــــــــــاقطِ الـ     أقدارِ لا بمســــــــــاقـطِ الأنواءِ

رقمتْ على لوحِ الـــوجودِ وخططتْ     بالنورِ صدرَ العـــــالـمِ الوضَّاءِ

جذبتهم الصحرا إلـــــــــى أحضانِها     علماً بأنَّهمُ بنو الصـــــــــــحراءِ

وتدافعتْ فيهم حداتهـمُ فمِــــــــــــــن     بيـــــــــــــداءِ شاسعةٍ إلـى بيداءِ

ما كانَ أســـــــــعدهم بـإدراكِ المنى     وأحقّهم بــــــــــالمدحِ والإطراءِ

أَبَقِيَّةَ الخُلَفاءِ مِنْ عَمْرو الــــــــــعُلَى     حَدَبَتْ عَلَـــــــيْكَ صَنايِعُ الخُلَفاءِ

ضاقَتْ رِحـــــابُ الأَرْضِ فيكَ وَإِنَّها     لَوْلا القَضاءُ فَـــــسيحَةُ الأَرْجاءِ

فَلَئِنْ سَمَوْتَ مُـــــــــصَفَّداً نَحْو العُلَى     فَلَقَدْ هَوَيْتَ مُوَزَّعَ الأَشْــــــــلاءِ

أَجْهَدْتَ نَفْسَك فـي شُـــــؤونٍ لَمْ يَزَلْ     فيها حُــــــــــسامُك أَبْلَغَ الخُطَباءِ

رِفْقاً بِهِمْ رِفْقاً فَلَـسْتَ بِمُــــــــــــسْمِعٍ     مَنْ في القُبــــورِ مَواعِظَ الأَحْياءِ

أَرْسَلْتَـــــــــها خُـطَباً تَرِنُّ وَما عَسى     تُجْدي بِجَنْـــبِ الـصَّخْرَةِ الصَّمّاءِ

ما كُنْتُ أَحْسَـــــــــــبُ وَالمُقَدَّرُ كائِنٌ     أَنَّ العُقولَ تُــــــــصابُ بِالإِغْماءِ

ســـــــــمعاً أبا الشهداءِ نجوى شاعرٍ     فــــــــــــيما تنوءُ به مِن الأرزاءِ

أنا لم أقمْ لــــــــــــــــــكمُ مقـامَ مؤبِّنٍ     فأطيلُ فـيـــــــــكم مدحتي وثنائي

لكن أقولُ وهل تراني واجــــــــــــماً     أمّا وجدتكَ مُصـــــــــــغياً لندائي

إنَّ الأنـــــــــــــــــــاشيدَ الـتي رتَّلتُها     قطعاً وأنتَ تجودُ بالحوبــــــــــاءِ

ورسمتها في صدرِ كـــــــلِّ صحيفةٍ     سطرين: صدر هدىً وصدر دماءِ

ذهبتْ ويؤسفني ادِّكـــــــــــاري أنها     ذهبتْ وراءَ ســـــــفاسفِ الأهواءِ (23)

وقال من قصيدة (ليث الحجاز) وتبلغ (19) بيتاً:

شأتْ آلُ حربٍ ما استطاعتْ فأوجستْ     بها عن مداجاةِ ابـــــنِ فاطمةٍ وهنا

وهـــشّتْ إلى الطعنِ الدراكَ فأحجمتْ     بها خسةُ الأحسابِ أن تدركَ الطعنا

تهمُّ بــــــــــــــــما لا تستطيع وقد أبى     لها الأبيضُ الــــبتارُ أن يألفَ الجفنا

وليث العفرنى لا يــــــــــــسالمُ مُذعناً     وواســـــــــطةُ الأحرارِ لا ينثني قنا (24)

وقال من قصيدة (ترتيلة الأجيال) وتبلغ (42) بيتاً:

سَلي كيف أودى فــــــــــي أميةَ بغيها     وكــــيف انطوى سلطانُها المتوغّلُ

وكـــــــــيف تلاشى رمزُها بعدما رنا     إلى مجدِها طرفٌ من الدهرِ أحولُ

هوى صرحُها الأعلى فأضحى بجنبِه     يرنُّ مـــــــــن العدلِ الإلهيِّ معولُ (25)

وقال من قصيدة (هيا معي) وتبلغ (12) بيتاً:

فـــهيا معي نستمطرُ العينَ ورقَها     على دارةٍ قفراءَ تستمطرُ الحزنا

ثوى أهلها في جانبِ الطفِّ بعدما     أقامـوا بمعوجِّ السيوفِ لها ركنا

فكم أقــعسٍ منهم إذا ما تراقصتْ     قدودُ الــــقنا العسَّالِ تلقاءه غنّى (26)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (50) بيتاً عنوانها (أسليلة الأحقاب):

سيري بمـــوكبِكِ المنضَّدِ سيري     فلقـد غلا بالنورِ أفقُ النورِ

سجدتْ لمطلعِكَ العوالمُ وانحنتْ     لجلالِ هيبتِكَ ابنةُ الديجورِ

سيري فما يــدريكَ ما يلدُ القضا     وتــجولُ فيه يراعةُ التقديرِ (27)

...............................................................................

1 ــ ديوان السماوي ــ جمعه وحققه وقدم له: ولده الشيخ أحمد آل عبد الرسول السماوي ــ دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع ــ بيروت 1391 هـ / 1971 م ص 266 ــ 276

2 ــ مشاهير المدفونين في الصحن العلوي الشريف ص 59 / موسوعة طبقات الفقهاء ج 14 القسم 1 ص 89 في ترجمة أبيه الشيخ أحمد آل عبد الرسول

3 ــ أعيان الشيعة ج 8 ص 10

4 ــ موسوعة طبقات الفقهاء ج 14 ص 89

5 ــ مقدمة الديوان ص 17

6 ــ أدب الطف ج 10 ص 177 ــ 178

7 ــ مجلة شعائر / السنة السادسة ــ العـدد الخامس والستون ــ العالم الجليل، والشاعر الكبير الشيخ عبد الحميد السَّمَاويّ لسليمان بيضون، بتاريخ 16 / 7 / 2015

8 ــ نفس المصدر

9 ــ نفس المصدر عن مستدركات أعيان الشيعة

10 ــ نفس المصدر

11 ــ علي في الكتاب والسنة والأدب ج ٥ ص ١٤٧

12 ــ تاريخ النجف الأشرف ج 1 ص 126

13 ــ مقدمة الديوان ص 23 ــ 24

14 ــ ديوان السماوي ص 277 ــ 284

15 ــ نفس المصدر ص 285 ــ 288

16 ــ نفس المصدر ص 362 ــ 368

17 ــ نفس المصدر ص 164 ــ 165

18 ــ نفس المصدر ص 166 ــ 167

19 ــ نفس المصدر ص 168 ــ 169

20 ــ نفس المصدر ص 253 ــ 259

21 ــ نفس المصدر ص 289 ــ 294

22 ــ نفس المصدر ص 295 ــ 303

23 ــ نفس المصدر ص 359 ــ 361

24 ــ نفس المصدر ص 369 ــ 372

25 ــ نفس المصدر ص 373 ــ 379

26 ــ نفس المصدر ص 380 ــ 381

27 ــ نفس المصدر ص 382 ــ 385

كما ترجم له وكتب عنه:

محمّد صادق محمّد الكرباسي / دائرة المعارف الحسينية ــ معجم خطباء المنبر الحسيني ج 2 ص 284

كامل سلمان جاسم الجبوري / معجم الأدباء ج 3 ص 348 ــ 349

كاظم عبود الفتلاوي / المنتخب من أعلام الفكر والأدب ص 220

جعفر محبوبة / ماضي النجف وحاضرها ج 3 ص 17

علي الخاقاني / شعراء الغري ج 3 ص 291 ــ 341

جعفر صادق حمودي / معجم الشعراء العراقيين ص 223

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 1 ص 60

الدكتور كمال عبد الرزاق العجيلي / البنى الأسلوبية (دراسة في الشعر العربي الحديث) ص 100

الشيخ حمود الساعدي / مجلة البيان ــ السنة الثانية العدد 31 ــ 32 ص 849

حمد عدل ناصر الغانمي ــ اساليب الطلب في ديوان الشيخ عبد الحميد السماوي: دراسة دلالية تداولية

عبد الجبار بجاي الزهوي ــ طلاسم إيليا أبو ماضي وملحمة العلامة عبد الحميد السماوي فوق أثباج الطبيعة

كاتب : محمد طاهر الصفار