إشارات وتعاليم قرآنية (2): (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)

بسم الله الرحمن الرحیم

(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)

سورة المجادلة (2)

الإشارات:

‏1- تحدّثنا في تفسير الآية السابقة عن الظهار الذي كان طريقة من طرق الطلاق عند أهل الجاهليّة، وقد حرّم الله هذه الطريقة لقطع العلاقة الزوجيّة، ولكنّه رتّب عليها آثارها فتحرم الزوجة علی زوجها إلی أن يكفّر، وإلا فعليه أن يطلّق زوجته ولا يتركها كالمعلّقة كما سيأتي في آيةٍ لاحقةٍ.

‏2- (الزور) هو القول الباطل المخالف للحقّ.

3- من لطف الله سبحانه وتعالی علی العباد أنّ كثيراً من أحكامه لا ترجع إلی الوراء، ففي هذه الآية أعلن الله العفو عن الذين كانوا يظاهرون زوجاتهم قبل هذا التشريع الجديد: (إِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ).

 ‏التعاليم:

‏1- للأنبياء مهامُّ عدّة منها قطع دابر الخرافات والعادات والسنن الخاطئة التي تكون رائجةً في المجتمعات التي يبعث فيها الأنبياء (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ...)

‏2- كانت المرأة مظلومة في الجاهليّة، فأتي الإسلام لرفع هذا الظلم والحيف عنها، والظهار من الظلم الذي كان يمارس في حقّ النساء في الجاهليّة، فأتی الإسلام وجرّم الظهار وحرّمه وجعل الله على من يفعله عقوبةً دنيويةً ثقيلةً (يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم....يَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ)

3- مواجهة الباطل مطلوبة، ولكن لا بدّ أن تتمّ بطريقةٍ منطقيّةٍ وبمساندة الدليل والبرهان (مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ)

4- قد تكون صرخة ألمٍ بحقّ في بعض الأحيان منشأً لخير كثير يعمّ الأجيال اللاحقة (تَشْتَكِي إِلَی الله...إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ)

5- القول المنكر والباطل من السير الجاهليّة التي أتی الإسلام لمواجهتها (لَيَقُولُونَ مُنكَرًا...)

‏6- لكلّ مشكلةٍ في الإسلام حلّ شرعيّ وقانونيّ، فلم يترك الله أمر إنهاء العلاقة بين الزوجين للعادات والتقاليد الباطلة، بل شرّع قوانين تنظّم قطع العلاقة وتحفظ حقوق الطرفين، وحرّم الحصول علی نتيجة الطلاق بواسطة الظهار أو غيره من الطرق التي لم تقرّها الشريعة الإسلاميّة (لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا)

‏7- الله سبحانه يعفو ويستر (لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)

‏8- مهما كبُرت المعصية فإنّ رحمة الله ومغفرته تتّسع لها وتمحوها (لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا...لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)