652 ــ علي الجشي (1296 - 1376 هـ / 1878 - 1956 م)

علي الجشي (1296 - 1376 هـ / 1878 - 1956 م)

قال من قصيدة في مولد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في شعبان تبلغ (70) بيتاً:

يومٌ بهِ الأملاكُ قــد تــنـــزّلتْ      وللإلهِ جَــلَّ شــأنـــاً هَـــلَّــلـتْ

ونالتِ الــمــأمـــولَ إذ توسَّلتْ      وتابَ عن مــذنــبِــهــا الـجبارُ

ولــســتُ أدري أأهني يـثـربـا     أم (كربلا) بـنورِ ذاكَ المُجتبى

فـهـذهِ لـلـنـورِ أمـســتْ مغربا     وتــلــكَ أشــرقــتْ بها الأنـوارُ

فـهـنِّ يـثـربــاً و(كــربلا) معا     وخُصَّ (كربلا) ففيها استودعا

وفيهِ للمخوفِ أضحتْ مفزعا     ومـشـهـداً تـــقــصـــدُه الأبرارُ

مشهدُ فضلٍ لمْ يخبْ مَن أمَّلا     فـيـهِ الإلـــهَ جَــلَّ شـأناً وعــلا (1)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (48) بيتاً:

وقضى الحسينُ بـ (كربلا) في عصبةٍ     تـركـوا بـلا دفـنٍ ولا تـكفينِ

والــســمُّ زيــنُ الــعــابـــدينَ قضى بهِ      مِـن غلِّ مروانٍ برغمِ الدينِ

والــســمُّ بــاقــرُ عــلــمِ آلِ مــحـــمــدٍ      تركَ الشريعةَ في بكاً وحنينِ

وقال من أخرى في رثائه (عليه السلام) تبلغ (33) بيتاً:

فلمَّا بدتْ أعلامُ عـرصةِ (كربلا)      علتْ رنّةٌ مـنـهـا ودامَ زفـيـرُ

وطــفــنَ بــهـاتــيــكِ القبورِ برنَّةٍ      طوافَ حجيجٍ والقلوبُ تـفورُ

ولمْ تستطعْ تبدي السلامَ من البُكا      فــراحـتْ إلـيها بالسلامِ تشيرُ

ومن أخرى تبلغ (36) بيتاً:

إذ أدّرعَ الـصـبرَ في (كربلا)      وقـالَ لأمِّ الــخـطـوبِ اصـنـعي

فـضـاقَ الـزمـانُ بـمـا أجلبتْ      كما ضاقَ رحبُ الفضا الأوسـعِ

وكادتْ مِن الغيظِ تقضي وما      أبـاحـتْ حـمـى صـبـرِهِ الأمــنعِ

ومن أخرى تبلغ (128) بيتاً:

بالـبلا في (كربلا)      قد حجَّ في شهرٍ حرامْ

وبـتـاســوعــا إليهِ      موقفٌ بين الـــلـــئـــامْ

حاصروهُ وأرادوا      أن يــذيـــقـــوهُ الحمامْ

وأرادَ اللهُ أن يقــــ     ـضيَ نسكَ المشعريـنْ

ومنها:

كـلُّ نـسـكٍ فـي منى      أديـــنَـه في (كربلا)

نحرتْ هديَ التهاني      بعدَ ســاداتِ الــملا

ورمتْ بالـجـمرِ مِن      أنـفاسِها عشبُ الفلا

ولـقـد قـصــرنَ فـي      جزِّ شعورِ المفرقين

وقال من أخرى (57) بيتاً:

بأبي وبي أفدي الــمــضــيَّــعُ حقُّه      لـم يـرقـبوا فيه النبيَّ ولا الولا

فــاحــلَّ مِــن إحــرامِــهِ فــي مكّةٍ      خوفاً وصيَّرَ حجَّه في (كربلا)

يطوي المراحلَ طالباً وِردَ الردى      طلبَ الظماةِ الماءَ في قفرِ الفلا

ومنها:

وعنِ الـمقامِ ثلاثةً بمنى ثوى     عاري اللباسِ ثلاثةً في (كربلا)

بـأبـي وبي أفدي كريماً نافراً     فـوقَ الـرمـاحِ ولمْ يبارحه البلا

فإليكَ حجَّ القلبُ منّي مُحرِماً     عن كلِّ لـذاتــي فــلـنْ يــتـحـلّلا

ومن أخرى تبلغ (45) بيتاً:

وحطّ رحلَ السرى في (كربلا) وبنى      مضارباً أصبحتْ من دونِها رَصَدا

فـأقـبـلــتْ آلُ ســفـيـانٍ تــخـوِّفُــــــــه      ومـا سـمـعـنـا ضباعاً أرعبتْ أسَدا

فـكـرَّ فـي فـتـيـةٍ أنــسـى إبــاؤهــــــمُ      ذكـرَ الأبـاةِ وفــيـنا ذكـرُهــمْ خـلدا

الشاعر

الشيخ علي بن حسن بن محمد بن يوسف بن محمد بن علي بن ناصر آل الجشي، عالم كبير وقاضي شرعي وأديب وشاعر من أعلام القطيف، ولد فيها من أسرة علمية شيعية عرفت بـ (آل الجشي) يرجع نسبها إلى قبيلة عبد القيس من ربيعة وتقيم في القطيف والبحرين، وقد برز من هذه الأسرة كبار علماء وأدباء وشعراء القطيف وقد هاجر قسم منهم إلى العراق.

درس الجشي في بلاده عند الشيخ حسن علي البدر، والشيخ محمد علي النهاش، والسيد ماجد العوامي.

ثم هاجر إلى النجف الأشرف عام 1909 ودرس فيها عند أعلام الفقهاء منهم: آقا ضياء الدين العراقي، والشيخ محمد حسين النائيني، والسيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني، والسيد محسن الحكيم، والشيخ أبو الحسن الخنيزي، وعلي أبي عبد الكريم الخنيزي، والشيخ مرتضى الآشتياني، والسيد عبد الهادي الأصفهاني، السيد إسماعيل الصدر، والشيخ عبد الله المعتوق التاروتي، والشيخ مهدي المراياتي، والشيخ عبد الحسين البغدادي.

انتقل الجشي إلى كربلاء ودرس على يد أبي القاسم التبريزي، وعبد الهادي الأصفهاني، والسيد محمد كاظم الآخوند الخراساني

وبقي الجشي يتنقل بين بلاده ومدن العراق المقدسة النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء حتى استقر في القطيف عالماً وفقيهاً ومرجعاً وقاضياً شرعياً بالقطيف مجازاً من قبل كبار علماء النجف، وتصدر التدريس ومن أبرز تلامذته الشيخ عبد الحميد الخطي، والشيخ علي المرهون، ومنصور البيات، وفرج العمران، وطاهر بن حسن بن علي البدر، وحسين البريكي.

ترك الجشي من المؤلفات:

منظومة في أصول الفقه

منظومة في التوحيد

ديوان شعر يحتوي على ثمانية آلاف بيت

الأنوار في العقائد

منظومة كفاية الأصول

الشواهد المنبرية ــ المطبعة العلمية ــ النجف الأشرف ــ 1360 هـ تقديم الشيخ عبد الحميد الخطي. تعليق. الشيخ عبد الرسول الجشي.  (2)

الروضة العلية في رثاء النبي وآله عليهم السلام ــ شعر ــ 1380 هـ النجف / 1424 بيروت تقديم وتعليق محمد أحمد آل الشيخ محمد صالح

قال عنه السيد جواد شبر: (رجل الإيمان والعقيدة، عاش فترة من الزمن في النجف الأشرف دارساً ومدرّساً، وقد تولّى في القطيف منصب القضاء في ظروف صعبة ولكنه قابلها بإيمان راسخ فكان يطبّق الموازين الشرعية ويرعى لها قدسيتها بثبات وعزم غير هيّاب ولا وجل).

(3)

وقال عنه الشيخ فرج العمران القطيفي: (فلله درَّه من عالم مجاهد مثالي صابر محتسب راح وترك فراغاً لا يُسدّ). (4)

وقال عنه السيد محسن الحكيم (قدس سره) في إجازته له: (فإن جناب الشيخ الأعظم، العلم العلامة، والحبر الفهامة، قدوة الأفاضل العظام، وصفوة الأماثل الكرام، الزكي التقي الشيخ علي الجشي أيده الله تعالى قد قطع شوطا كبيرا من عمره الشريف في تحصيل العلوم الدينية، والمعارف الإسلامية، من صلاح وافر، وعفاف متكاثر، وقد حضر عليَّ برهة من الزمن، فعرفته حائزاً على ملكة الاجتهاد في الحكام الشرعية، قادراً على رد الفروع إلى أصولها واستنباطها من أدلتها التفصيلية، فيجب عليه العمل برأيه، كما أن له وظيفة الفتوى والحكم، والراد عليه في حكمه كالراد على الله تعالى، وقد أجزت من يروي عني كل ما تصح لي روايته عن مشايخي ــ قدس الله أسرارهم ــ وأوصيه ونفسي بمزيد الورع والتقوى، وبسلوك طريق الاحتياط فإنه سبيل النجاة، وأسأله سبحانه أن يؤيده بتسديداته، وأن ينفع المؤمنين بإفاداته وإرشاداته، كما أرجو منه أن لا أكون محروماً من دعواته، والله سبحانه وتعالى حسبنا ونعم الوكيل).(5)

وقال عنه الشيخ أغا بزرك الطهراني: (أصاب حظاً وافراً من العلم والأدب وأشير إليه في الفضل، وكان حسن الخُلق متواضعاً، مع ورع وتقوى معروفين وقد كان محبوباً بين أهل العم في النجف محترماً بين الأجلاء والمشاهير، كما كان له في بلاده وعند قومه مكانة سامية ومنزلة رفيعة). (6)

وقال عنه تلميذه الشيخ عبد الحميد الخطي: (ولعل أبرز ظاهرة في الأستاذ هو التقى والإباء فلا أظن أحداً يستطيع أن يمثل القارئ تقاه وإباءه مهما كان كاتباً مبدعاً، ومهما أوتي من المادة الأدبية والمقدرة الفائقة على البيان والتحليل أبلغ مما يمثله لسان شعره..) (7)

وقال عنه السيد محمد علي الحلو: (يعتبر الشيخ علي الجشي مشروعاً أدبياً ناهضاً بالواقع الأدبي الراكد الذي تميز به القرن الرابع عشر الهجري ... أنجبت جزيرة العرب القطيفية إبداعاً جديداً حتى بلغت أوج نهضتها بشاعرها الشيخ علي الجشي ... استفاد من تجواله بين الحواضر العلمية متنقلا ليأخذ من التجارب الأدبية ما يرفد مشروعه الفاطمي بالروعة والابداع، فحلوله في كربلاء وتنقله من النجف إلى الكاظمية، انتهاءً بسامراء، ثم يعود إلى النجف ليرجع إلى بلده القطيف ثم يعاود الهجرة النجفية ثانية كل ذلك دعّم حضوره الأدبي فضلا عن العلمي في منتديات الأدباء التجديديين ..) (8)

وقال عنه الشيخ علي المرهون: (كان تقيا ورعا، على جانب عظيم من الإباء، فغذى كبده بالتقى والصلاح، وأسس في نفسه أساس الشرف والفضيلة، وتدرج في أحضان الكمال والنبوغ، فأصبح بفطرته محبا للعلم والأدب، وأهله لذلك عقله الوافر وفكره الثاقب واستعداده الطبعي...) (9)

توفي الجشي في مستشفى الظهران ودفن في مقبرة الحباكة بالقطيف وأعقب ولداً هو الشاعر عبد الرسول الجشي، وقد رثاه كثير من الشعراء منهم: الشيخ فرج العمران، الملا علي ابن الملا محمد بن رمضان، عبد الكريم بن محمد بن عبد الله الطويل، حسن ابن الشيخ فرج العمران وغيرهم

شعره

قال عنه عبد العزيز البابطين في معجمه: (ما ورد من شعره يدور حول مديح الرسول وآل بيته الكرام، فشعره على هذا النحو يعد ملحمة مطولة في المديح، تم تقسيمها حسب تنوع قوافيها، وهو شاعر تقليدي، يقتفي أثر أسلافه من الشعراء في طريقة نظمه على مستوى اللغة والخيال والبناء).

قال من قصيدة في النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) تبلغ (15) بيتاً:

يـا عـلّـةَ الإيــــجــادِ يا     سرَّ الـمــهيمنِ يا محمدْ

لولاكَ ما عُـــرفَ الإلـ     ـهُ ولـمْ يــوحِّدُه مُــوحِّدْ

قـد فــقــتَ كلَّ الأنـبـيا     علماً وحـلـمــاً ثمَّ سُؤدَدْ

ولـكَ الأيــادي الـوافرا     تُ عليهمُ في كلِّ مشهدْ

يا مَن له الـخلقُ العظيـ     ـمُ وربُّـنا في الذكرِ أكّدْ

وقال في رثائه (صلى الله عليه وآله) من قصيدة تبلغ (40) بيتاً:

عرِّج على جدثِ الـمـختارِ في القدمِ     والمصطفى قبلَ خلقِ اللوحِ والقلمِ

واسقِ العراصَ مِن الأجفانِ مِن كبدٍ     تـحـوَّلتْ بالجـوى دمعـاً عقيبَ دمِ

وأرسلِ الزفـراتِ الـقـاتـلاتِ شـجىً     لـفـقــدِهِ ولـمَـا لاقـى مِـن الأمـــــمِ

كمْ عصبةٍ وهوَ نورٌ حاولتْ سـفـهـاً     إطفاءه وهـوَ بينَ الصُّـلبِ والرَّحمِ

أمَّـا قريشٌ وأحـزابُ الضلالِ عدتْ     لـقـتـلِـه غـضـبـاً مـنــها إلى صنـمِ

وقال من قصيدة فيه (صلى الله عليه وآله) أيضاً:

سبحانَ من أسرى بخيرِ خلقِهِ     لـيـلاً إلـى حيثُ الزمانُ انقطعا

وقـد طـوى سـاحـةَ كـلِّ عالَمٍ     طيّاً من الطرْفِ ارتداداً أسرعا

فـقـابَ قـوسـينِ وأدنى قد دنا     ممَّنْ عـلا مـن الـدنـوِّ مـوضـعا

فأينَ مِن طه ابن عمرانَ فذا     عن وطـئـه الـطـورَ بـنـعلٍ مُنِعَا

وخَـرَّ لـمَّــا أنْ بـدا لـه سـنـا     مِن نورِ مـجـدِ اللهِ لـمَّــا لــمــعـا

وأحـمـدٌ لـيـلـةَ إسراه إلى الـ     ـعرشِ الـعـظـيـمِ نعلَه قد وضعا

وقال فيه (صلى الله عليه وآله) أيضاً:

لم يُحِطْ عالَمُ العقول بمعنى     كنهَ طه فما تـرى الألـفـاظــــا

وتجلّى فـي كـل طورٍ كبدرٍ     تمَّ حـسـنـاً فـحـيَّــرَ الألــحاظا

مـا تـجـلَّى في رتـبةٍ قطُّ إلا     وغـدتْ أهـلُــهـا بــه أيـقـــاظا

وكفى سيمة الخضوعِ عليه     أن ينالوا به هــدىً واتِّـعـاظــا

عَــزَّ قَـدراً ومـا تَـنــزَّلَ إلا     داعــيــاً يــوقظ الورى إيـقاظا

وعـبـوديـةٌ تُــشــاهَـــدُ منه     حَـيَّــرتْ في اكتناهها الوُعَّاظا

رَقَّ خُلقاً وقد تـمـلَّــكَ فــيهِ     كلَّ شيءٍ حتى القلوبَ الغلاظا

وقال من قصيدة في مولده الشريف:

وهــنِّــئْــهـــمْ بمولدِ خيرِ هادٍ     وآخرِ مُرسَلٍ في الخلقِ بَعثا

له اللهُ اصطفى من قبلُ عِلْماً     وصــيَّــرَه لــهـم قطباً وغوثا

به افتتحَ الوجودَ وليسَ شيءٌ     ولمْ يخلق متى الباري وحيثا

به شفَعَ الـمـشـيـئـةَ ثــم عـنه     وعـنـهـا بُــثَّـتِ الأكــوانُ بَثَّا

ولم تكُ من حـقـيقةِ ذينِ لكنْ     كضوءِ الشمسِ عــنها الله بثّا

نَشَتْ منه الـمـكارمُ لم يَرِثْها     وكـانـتْ بـعـدَه لــلآلِ إرثــــا

وقال في رثائه (صلى الله عليه وآله) من قصيدة تبلغ (128) بيتاً:

مثل طه أينَ يـــوجــدْ     سِــرُّ ما في الكونِ موجدْ

ولــه أيــدٍ بـلا حـــــدٍ     في الورى جلّت عن العدْ

ولقد قاسى مــصـائبْ     هــوَّنــتْ كــلَّ الــنـوائبْ

وقضى والقلـبُ ذائبْ     من أذى شرِّ الـعـصـائبْ

آهِ مِن أهلِ الـــنــفـاقِ     أظـهـروا دعــوى الوفاقِ

كمْ غدا مـنـهمْ يـلاقي     مِن بــلاءٍ وشـــقــــــــاقِ

أســلــمــوهُ للأعادي     عــنـــدَ كـــرٍّ وطـــــــرادِ

مــنعوهُ من كــتــابِ     كــان يــهــدي لــلصوابِ

بــخـفاهُ في الخطابِ     فــي حــضورٍ لا غــيـابِ

خـالـفـوا بغياً كلامَه     تــركـوا جــيــشَ أســـامة

للهدى هـدّوا دعـامَه     لـيـس تُــبــنــى لـلـقـيـامة

وقال في مولد (صلى الله عليه وآله) من قصيدة تبلغ (42) بيتاً:

أحـمـدُ الـمصطفى مِن اللهِ قدماً     قـبـلَ خـلـقِ الآزالِ والآبــادِ

ملأ الكونَ وهوَ في حجبِ الغيـ     ـبِ سـنـاهُ بـنـورِهِ الـوقّــــادِ

قُم نهني مَن في الوجودِ جميعاً     بـسـنـا نـورِ لـيـلـةِ الـمـيـلادِ

يا لـهـا لـيـلـةٌ بـصـبـحِ هُــداها     قـد تـولّـتْ غـيـاهـبُ الإلحادِ

واهـتـدى كـلُّ مـهـتـدٍ بــهــداهُ     حيث لولاهُ لم يكن مِن هادي

أولُ المرسلينَ والـقـطبُ فيهمْ     وعـلـيـهِ يــدورُ هـديُ الـعبادِ

وقال في مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (16) بيتاً:

ألا قُـمْ نهني الدينَ في يــومِ مــولــدٍ     بهِ ولدَ الكـرَّارُ فـي نـصـرةِ الـرشدِ

فـتـىً كـانَ لـلـمـخـتـارِ أكــرمَ مُنجدٍ     وأوفـى الـورى يومَ الكريهةِ بالعهدِ

وقد باتَ يفدي المصطفى مؤثراً له     على نفسِهِ لم يخفِ غيرَ الذي يبدي

فأنزلَ فيهِ اللهُ فـي الــذكــرِ مـــدحَه     وبـاهـى بـه أمـــلاكَه بـصـفـا الـودِّ

ولم يرَ علّامُ الـغـيـوبِ لأحــمــــــدٍ     سواهُ أخاً برّاً يـضـاهـيـهِ في المجدِ

وقال في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (18) بيتاً:

قضى عليُّ المرتضى والهفا     والـهفا قضى عليُّ المرتضى

عـمَّـمَـه ابـنُ ملجمٍ مِن سيفِهِ     بضربةٍ هدَّتْ مِن الدينِ القوى

فخرَّ للأرضِ صريعاً فهوتْ     أعـمدةُ الدينِ الحنيفِ إذ هوى

شلّتْ يدُ ابنِ مـلـجـمٍ يـا لـيته     أخطى علياً ورمَى كلَّ الورى

أهلْ درى أصابَ إذ أصـابَه     محـمـداً والأنـبـيـا أمْ مـا درى

وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام):

مَن توالى بعليِّ المرتـضى     فولاهُ فـي غــدٍ كـهـفُ الــنـــجاة

فهوَ حصنُ اللهِ مَـن يـدخله     نـالَ أمـنـاً يـومَ حـشــرِ النسماتْ

وهـوَ بـابُ اللهِ مَـن لاذَ بـهِ     أدركَ الحسنى ونالَ الــدرجــاتْ

فليكنْ في حـبِّـهِ مُـسـتبشراً     لا يــخــافــنَّ عــظــيـمَ الـسيئاتْ

حبُّه الأكـسـيرُ لو ذرَّ على     كــلِّ نــبــتٍ لــحـلا كــلُّ نـــباتْ

أو تـوالـى مُخلصاً حيدرةً     ما حوى الإمكانُ مِن ماضٍ وآتْ

لنجا في الحبِّ إذ في حبِّه     يـغـفـرُ اللهُ الــذنــوبَ الـمـوبـقاتْ

قـد بـراهُ اللهُ لـطـفـاً وبـــهِ     سـيـئـاتُ الـخلقِ صارتْ حسناتْ

وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (15) بيتاً:

عــلــيٌّ فــأمَّـا الــولايـةُ والـ     ـعـلـومُ بـهـا اللهُ قــد فــضَّـلكْ

وأنتَ الأمينُ على السرِّ والـ     ـحـكـومــةُ فـي النشأتينِ فَـلكْ

فمِنْ عالمِ الذرِّ قبلَ الـوجـودِ     عنِ اللهِ بلّغتَ مـا حــمَّـــلـــكْ

وقـد كـنـتَ علّةَ خلقِ الورى     وضـلَّ الـسـبيلَ امرئٌ علّـلكْ

وإنّكَ مـفزعُ مَن في الوجودِ     مِن الجنِّ والإنسِ حتى المَلَكْ

وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام):

قيلَ امـتـدحْ لأمــيــرِ النحلِ قلتُ لهمْ     لا يَـعـرفُ الــكـنهَ مـنـه غـيـرُ مولاهُ

أوصــافُــه جازتِ الاحصا وواحدُها     مدحي ومدحُ الورى في بعضِ معناهُ

الناسُ قد عجزوا عن وصفِ حيدرةٍ     إذ بـايـنـوهُ عـلاً فــالـنــاسُ أشــبــــاهُ

قـدّســتُ ذاتــه أنّــى أن يُــحــاط بها     والــعـالـمـونَ بـمــعـنـى كـنـههِ تاهوا

ماذا أقولُ بمنْ حــطــتْ لــه قــــــدمٌ     يـومـاً بـه كـانَ بــالـمـخـتـارِ أســراهُ

فأصبحتْ دونها الأملاكُ إذ وضعتْ     فـي مـوضـعٍ وضــعَ الـرحـمنُ يمناهُ

إنْ قـلـتُ ذا بـشـرٌ فـالـعـقـلُ يمنعني     إذ لم أجـدْ أحـداً فــي الناسِ ضـاهــاهُ

فـلـم أزلْ حـائــراً إذ جــلَّ مرتــبــةً     وأخـتـشـي اللهَ مِــن قــولـــي هـو الله

وقال في مولد سيدة نساء العالمين (عليها السلام) من قصيدة تبلغ (23) بيتاً:

بمولدِ بـنتِ المصطفى لكمُ البشرى     فَذي نِعَمُ الباري عليكُم بها تَــتْـــرى

فَـحُـقَّ لـكــمْ أن تـعقدوا نـاديَ الَهنا     بـذِكـرِ أيـاديها وأوصـافِــها الــغَـــرّا

ولن يستطيع الخَلقُ إحصاءَ فضلِها     كما لم يُحيطوا بالذي قد حَوَت خُبْرا

وهـيهاتَ أن يُـحصُوا أيادي كريمةٍ     لِـخَلْقِ جـميعِ الـكائناتِ غَــدَت سِـرّا

فـما فـي نـســاءِ الـعـــالمينَ مُـماثِلٌ     إلـيها، ولا شِبْهٌ، ولا مــريــمُ العَذْرا

وهـل فـي نـساء الـعـالمينَ نظيرُها     فـمَن ذا تُـرى مِـنهُنّ إنسيّةٌ حَـــورا!

وقال من قصيدة في يوم الغدير تبلغ (46) بيتاً:

مالنا بعدَ جحدِ يومِ الــغــديرِ     واغتصابِ الوصي يومُ سرورِ

يا لــهــا فــتنةٌ تَفَرَّعَ مــنــها     كلُّ شــرٍّ عـلـى مـرورِ الدهورِ

فتنةٌ ضلَّ في ظلامِ دُجـــاها     جملةُ الخلقِ غيرُ نــزرٍ يَــسـيرِ

كفروا بالإلــهِ أم بَــعُدَ العهـ     ـدُ عـلـيـهـمْ أمْ جــاءَ غـيرُ نذيرِ

أوَهلْ جابرٌ لكسرِ الهدى أمْ     هلْ مغيثٌ له وهلْ مِن مُــجــيرِ

ومن قصيدة أخرى في نفس الغرض تبلغ (53) بيتاً قال:

أنــسـيـتـمْ نصبَ النبيُّ علياً     يومَ خمٍّ إذ قامَ وهوَ خــطـــيبُ

لمْ أضعتمْ وصيَّةَ اللهِ فـيـــنا     ونـكـثـتـمْ والعهدُ منكمْ قريــبُ

أكفرتــمْ بــاللهِ يـا قومُ أمْ ما     قاله المصطفى لكم مكــــذوبُ

فارعووا لا رُعيتم ودعونا     فَعنتٌ لـم يُــفـد بـهـا الـتـأنــيبُ

لا تـسـلني ما نال فاطمَ لمَّا     دخلوا الدارَ فالخطوبُ شعوبُ

وقال في يوم الغدير أيضا من قصيدة تبلغ (42) بيتاً:

نبذَ القومُ نصَّه والــوصــايــا     فيهم ضلّةً وراءَ الــظــهـورِ

وتـنـاسـوا وصــيّــةَ اللهِ فيهمْ     ووصـايـا طــه ويومَ الغديرِ

فارتقوا مُرتقاً عظيماً وهـمّوا     بهمومٍ مستورةٍ في الضميرِ

ولعمري ما أسلمَ القومُ رشداً     أو أجـابوا هدىً نداءَ البشيرِ

بـل لـغـايـاتِـهـا الـتـي أَمَّـلتها     فـسـعـتْ سعيها لتلكَ الأمورِ

وقال من قصيدة في رثاء سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) تبلغ (35) بيتاً:

لم أنـسَ لـمَّــا أوقـــدوا نـاراً على     بيتِ الهدى وضـرامُـهـا فـيـهِ اتّقدْ

هجموا وبالبابِ الـبتولُ قد اختفتْ     اذ لا قناعٌ فرضَّ بـالـبـابِ الـجسدْ

وغدتْ بطه تـستغيثُ ولمْ تُــغَــثْ     بسوى السياطِ ومَن لـها بعدَ العمدْ

عُصرتْ وأسقطتِ الجنينَ وأُلَّمتْ     بالسوطِ بلْ لُطمتْ على عينٍ وخدْ

واقـتـيـدَ مـقـتـادُ الأسودِ مُــلــبّــباً     إذ بـالـوصـيَّــة صـابـراً قد كَفَّ يَدْ

وفي رثائها (عليها السلام) أيضاً قال من قصيدة (46) بيتاً:

يومُ البتولة فـي الـوجــودِ مَهولُها     ومصيبةٌ أشجى الرشادَ حلـولُها

يـومٌ بــه ابـنـا الهدى قد أُيـتِـمـتْ     فـكـأنـمـا قـد مــاتَ فيه رَسـولُها

لـولا تــحـمُّــلـهـا الـمـشقّةَ والعنا     لرشادِها ضلَّ الــسـبـيـلَ نـبـيلُها

بـأبي وبي الصديقةُ الكبرى التي     بـركـاتُـهـا عـمَّــتْ ودامَ جـميلُها

لم تعدُ عن سنِّ الشبابِ ولمْ يَطُلْ     مِن جـورِهـمْ بـينَ الأنامِ حـلولُها

لمْ تشـرقِ الدنيا بنورِ جـبـيـنِـهــا     إلاَّ تــعــجّـــلَ بــالــحمامِ أُفـولُها

ما طـالَ في الـدنــيـا بـقـاها إنّما     الخيرُ الذي قد اعــقــبـته طويلُها

فـأئـمـةُ الإسلامِ والـحـجـجُ الأُلى     لهمُ ارتضى باري الأنامِ شبولُها

وله ايضاً في رثائها مخاطباً أميرَ المؤمنين (عليه السلام):

أمُـغسِّـلَ الــزهراءِ إنّـي لا أَرى     أولـى وأَرأفَ مـنـكَ بالزهراءِ

لـكـنّـمـا قـلــبـي لِـمَـا قــد نــابها     لمْ يُعطني صبراً عن الإيصاءِ

رفـقـاً بـهـا إن مــا تـشـا تـقليبَها     مــولاي لـلـتـغسيلِ عَـن إيـذاءِ

رفقاً بـهـا إنّـي عــلـيـهـا أَختشي     إيــذاءهــا حتى بــصـبِّ الماءِ

فـي الثدي بالمسمارِ جُرحٌ مؤلمٌ     وتورمٌّ بالــسوطِ في الأعضاءِ

وبضلعِها بالعصرِ كسرٌ مُبهضٌ     والجسمُ مــنــتحلٌ مِن الأرزاءِ

وله في رثائها (عليها السلام) من قصيدة:

يــحــقُ لأشــيـــاعِ الــبــتـــولةِ أنَّهمْ     يــقـيمونَ حزناً في عَزاها مدى العمرِ

يعزُّونَ فيها حـيـدراً حـيـثُ لـمْ يجدْ     سوى شامتٍ في موتِها مُشتفى الصدرِ

لـقـد جـبـروا كـسـراً عـراهُ بـفقدِها     فـهـمُّـوا بـنـبـشِ الطهرِ من باطنِ القبرِ

فما صنعوا أو حاولوا كانَ مَصدراً     لِمَا كابدتْ أبـنـاؤها مـــــن ذوي الغدرِ

فإنَّ ابتزازَ الأمرِ قد كانَ مَــصـدراً     لغصبِ يزيدٍ نـجـلِــهــا بــادِّعــا الأمرِ

وعن همِّهمْ بـالـنـبـشِ بـغـياً لقبرِها     تـفـرَّعَ نـبـشُ الــقـومِ قـبـرَ فـتى الطُهرِ

وقال فيها (صلوات الله عليها) من قصيدة تبلغ (54) بيتاً:

ولـقـد نــوَّهَ الــنــبـــيُّ بـــذكـرى     فـاطـمٍ وارتـضائها واجتَباهَا

فـتـولّــوا مـسـتـكـبـريــنَ كأنَّ لمْ     يسمعوا مَـدحَها وطيبَ ثَناها

صَغَّرتْ قدرَها وقد شاهدتْ مِن     جُمل الـفضلِ جُملةً لا تَناهى

ورأوا عــزةً لــهــا لــمْ تــنـــلها     ذاتُ عزٍّ في العالمينَ سِواها

وهيَ مــخــدومــةُ الـملائكِ كُلٌّ     فخرهُ أن ينالَ مـنـهـا رِضاها

كيفَ لا وهيَ بــنـــتُ خيرِ نَبيٍّ     سادَ مَن في سـمائِها وثَــراها

ضربَ الدهرُ ضــربـةً فإذا النا     رُ تَلظَّى ظلماً بــبــابِ فِــناها

لم يروا حَرقَهُ بِمَن فــيـــه أمراً     مُــنــكــــراً فعلهُ وعنه تَناهى

وعليها في بيتِها وهيَ حَـسْرى     هجموا أسـقطوا جنينَ حَشاها

يا بنفسي محرومةً من تـــراثٍ     مِن أبيها ونــحــلــة أعــطاها

وقال فيها (عليها السلام):

حبيبةُ الحبيبِ بنتُ المصطفى     كـفـؤ عــلــيٍّ وكــفــاهــا شـــرفا

وفـضـلُها كالشمسِ ما به خفا     حـتـى عـلـى الـرســلِ لها تفضيلُ

وربَّما يـكـبـرُ عـنـد مَن جهلْ     تفضيلها على الورى حتى الرسلْ

ألمْ تكنْ أهلُ الكـسـا همُ العللْ     وهـل يــسـاوي الـعـلّــةَ الـمـعلولُ

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (50) بيتاً:

عمركَ بعدَ الطفِّ فاصرفْ في العزا     وابـكِ الـحـسـينَ لا رجاءً للجزا

وابـأبــي فـــرداً خــلا مـــن نـــاصرٍ     جـيـشُ ضلالٍ نحوَه تــجــهّـــزا

ظــنــتْ أمـــيٌّ ســـفــهــاً بـــأنّـــــــه     يعطي يداً شهمٌ له الفخرُ اعتزى

ولــم يــبـارحْ مــرهــفـــاً كــــــأنّـــه     مِــن عــزمِـه قـد صاغَه وأبرزا

ما زالَ إلــفُ الــغــمـــدِ إلّا أنّــــــــه     يـعـتـاضُ بالنحورِ إن يوماً غزا

صــافــي الــحــديــدِ أطلسٌ ما استلّه     في الــحــربِ إلّا بــالدما تطرَّزا

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (33) بيتاً:

هلْ ابتسمتْ بعدَ الـطـفـوفِ ثغورُ     وهلْ بعدَ هتـكِ المُحصناتِ سرورُ

لقد هجمتْ أبـيـاتَـهـا الـقـومُ بـغتةً     فـكـادتْ من الـرعبِ القلوبُ تطيرُ

وراحـتْ بـأكـنافِ الطفوفِ كأنّها     حـمـامٌ أريــعـــتْ خـلـفـهنَّ صقورُ

تعجُّ بقتلى عفَّروا في الثرى وهلْ     يجيبُ ندا الـمُـسـتـصرخينَ عـفيرُ

ودارتْ بـقـتـلاهـا تريدُ وداعَــهـا     فراحتْ عـلـيـهـنَّ الـسـيـاطُ تــدورُ

ومهما ترمْ تقبيلَ ثـغـرٍ ومـنـحــرٍ     وضــمَّ عــفــيــرٍ صدَّهنَّ كــفــورُ

وقال من حسينية أخرى تبلغ (36) بيتاً:

فهبْ أنَّ ما نالَ منـكَ العدى     وإنْ عظمَ الخــطبُ لمْ تدفعِ

تـضـيـعُ تــراثَ بــني أحمدٍ     وعزمُكَ أمـضــى من اللمَّعِ

وتغضي فديتُكَ عـن عصبةٍ     أبـادتْ سـراتَـكَ في مصرعِ

وأنتَ تراها بمضِّ الطفوفِ     ضحايا على التربِ لم ترفعِ

وتتّخذِ النوحَ طولَ الـحـيـاةِ     عـلـى فتيةٍ في الثرى صرَّعِ

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) واستهاض الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) تبلغ (48) بيتاً:

أتغضُّ يا بنَ العسكريِّ على القذى     جـفـنـاً ومِـن عـلـياكَ جُذّ سنامُها

عـجـبـاً لـحـلمكَ كيفَ تبقي عصبةً     وتـرتـكـمُ تـطـأ الـثـرى أقــدامُها

حرصتْ على أن ليسَ تبقي واحداً     منكمْ وفي يـدكَ الأمــورُ زمامُها

أتـراكَ تـنـسـى يـومَ جَــذّتْ مـنـكمُ     في الطفِّ عرنينَ الفخار طغامُها

فاشحذْ شبا عضبٍ لـمـضِّ فــرندِهِ     جـزعـاً يـحـينُ مِن العداةِ حمامُها

وقال في رثاء الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (128) بيتاً:

أحرمَ الحجَّاجُ قــصــدَ الحجِّ للبيتِ الحرامْ

وأحـلَّ الـسـبــــطَ مِن إحرامِه خوفَ اللئامْ

فــعـلى كلِّ مــحـبٍّ بــعـدَه الـبـشــرُ حرامْ

أســـفـاً إذ قـطـعَ الـحـجَّ إمــامُ الـحـرمـيـنْ

بأبي الـقـاطـع خوفاً حــــجَّـه دونَ الـورى

وهوَ الحجَّةُ لـلـبـاري على مَــن قــد برى

ولقد قامَ خطيباً فـي الـورى مُـسـتـنـصـرا

إذ نوى الرحلةَ لكن ما رعوا حقَّ الحسينْ

وعليهِ فرضَ الجبَّارُ حـــجَّـــاً مــــا وقــعْ

قــبـلـه حــتــى مِــن الــرسلِ ولا بعدُ يقعْ

كلُّ خطبٍ كانَ في العالمِ لـلـحـشــرِ جمَعْ

وهوَ حجٌّ ما رأى أهلًاً له غيرَ الــحـسـينْ

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (53) بيتاً:

أترى للعلا أخاً كــحــســيـــنٍ     أمْ تــرى مـثــلَ طــفلِهِ مولودا

ذاكَ أرداهُ بــالــحــســامِ وهذا     سهمُه قد أصابَ منــه الوريدا

يومَ أبدى سلماً لحـربٍ وأبدى     لحسينٍ يومَ الــطفــوفِ حقودا

طمعتْ حربٌ أن يـبـايعَ خوفاً     من حدودِ الظبا حــسينُ يزيدا

أو هل يختشي لقاءَ المواضي     مَن بحجرِ الوغـى تربَّى وليدا

ولـو الـدهـرُ لابـنِ أحمدَ أبدى     في الوغى صفحةً لكانَ الفقيدا

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (58) بيتاً:

ما كانَ ذنبكَ يا سليلَ المصطفى     وخليفةَ الــجــبَّـارِ حتى تُقتلا

لـم تُــرعَ حــرمــةَ جدِّهِ فيهِ ولا     حرمٌ له الــجـبارُ صيَّرَ معقلا

الصَّيدُ فيهِ لا يــنــفّــرُ وابنُ مَن     شرعَ الــشـريعةَ قتله قد حُلّلا

اللهُ أكبرُ كـيـفَ أفضلُ مُــحــرِمٍ     للحجِّ من خوفِ الطغاةِ تحلّلا

وتحجُّ كلُّ الــنــاسِ بيتَ اللهِ في     أمـنٍ ويـخــرجُ خائفاً مُتوجِّلا

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (45) بيتاً:

قـومٌ هـمُ الـقومُ لنْ تنشقْ معاطسَهمْ     ريحُ الــمــذلّــةِ يومَ الروعِ خوفَ رَدا

ما رُوِّعتْ قـط هلْ يرتاعُ قلبُ فتىً     أقصى مناهُ حياضُ الموتِ إن يــــرِدا

لا يعرفونَ سوى الهيجا قد اتّخذتْ     منازلَ الحربِ داراً والــظــبــا عضدا

همُ الألى شرَّعوا شرعَ الإباءِ وهمْ     أربـابُ تــيـجـانِ مـــا بالسيفِ قد عقدا

طــعـامُـهـا مـن ثمارِ العزِّ يانعُ ما     تـجـني الذوابلُ أو ماضي الشبا حَصَدا

ومِن دماءِ الأعــادي نــقــعُ غلّتِها     مهما لظى الحربِ في يومِ الوغى اتّقدا

وقال من قصيدة في رثاء الإمام محمد الباقر (عليه السلام) تبلغ (35) بيتاً:

آلـتْ أمــيَّــةُ أن يــبيدَ عداوةً     آلَ الــنــبـــيِّ ســـمامُها وحسامُها

لم يبدِ بدرُ هــدىً لآلِ محمدٍ     إلّا وحـجَّــبــه هــنـاكَ غـــمــامُها

حتى إذا أنــوارُ باقرَ علمِهمْ     كستِ الوجودَ ضياً وزالَ ظلامُها

كادوهُ من حسدٍ لأطفا نورِهِ     وعــن الــمــدينةِ أزعجته سوامُها

اللهُ أكبرُ كمْ له مـــن حرمةٍ     في الشامِ قد هـتكَ الـغويُّ هشامُها

وقال من قصيدة في الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) تبلغ (35) بيتا

أيا بابَ الحوائجِ يا بنَ جعفرْ     ويا باباً إلى الخيراتِ مصدرْ

فـأمـرُ الـنـشأتينِ إلـيكَ يُنهى     وطـوعُ يمينِكَ الأقدارُ تصدرْ

فهبْ لي مـنـيةَ الـدارينِ منَّاً     فمنُّـكَ فـي الخلائقِ ليسَ يُنكرْ

وقال من قصيدة في الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)

قَصَدْتُكَ يا بابَ الرَّجا مَبْدَأَ الفَيْضِ     وَيـا مَلِكَ الدَّارَيْنِ في البَسْطِ وَالقَبْضِ

طَـوَيْـتُ بِـصِـدْقِ العَزْمِ كُلَّ مَفازَةٍ     مِنَ الأَرْضِ لا أَثْني العَزيمَةَ بِالنَّقْضِ

أَتَيْتُكَ شَوْقاً لا لِـشَـيْءٍ سِـوَى الوَلا    وَلَيْسَ غَــنــاءٌ عَـنْ عَــطـائِكَ فَلْتَقْضِ

أَتَيْتُكَ مِنْ بُعْدٍ وَطَرْفُ بَـصـيـرَتي     لَكُمْ ناظِـرٌ لا يُــسْـتَـمالُ إِلى الــغَـضِّ

أَتَـيْـتُـكَ مِـنْ بُـعْـدٍ لِأَشْـهَــدَ مَشْهَداً     بِهِ تَــهْــبِطُ الأَمْلاكُ بِالأَمْــرِ لِلأَرْضِ

وقال فيه (عليه السلام):

للرضا فـي الـعـلا مقامٌ عظيمُ     طائرُ الفكرِ حولـه لا يـحومُ

ورثَ الـمجدَ مِـن أبٍ بعدَ جـدٍّ     ونـمـاهُ بـعــدَ الكـريمِ كـريمُ

كـلُّ فـردٍ قـطــبٌ لـدارةِ مـجدٍ     قد تساوى حـديـثـها والـقديمُ

زيـنـةً فـي سما المعالي تجلّوا    مثلَ ما زانتِ السماءَ النجومُ

ليسَ يدري سـواهمُ كنهَ فضلٍ     ضمَّه بردُهم وعـزَّ الــعـليمُ

وقال في الإمام الرضا (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (43) بيتاً:

أينَ طوسِ مِن يثربٍ إذ تـرامتْ     بابنِ موسى النوى عن الأوطانِ

فـخـلـتْ بـعـده مـهـابــــطُ وحيٍ     عـامــراتٍ بـالـذكـرِ والــتــبـيانِ

فـكـأنـي بـهـا دوارسَ تـــنــعـى     خـيـرَ مَــن شــادَ للعلاءِ المباني

سيدي بالرضا تــرحَّــلـتَ عنها     لأمــورٍ تـــرومُـــــها وأمــانــي

لا أرى عن رضا تفارقُ مثوىً     جدِّكَ الـمـصــطـفى ولا إذعــانِ

بل على الكرهِ قد ترحَّلتَ حتّى     وضعتكَ النوى بــأقــصـى مكانِ

وقال من قصيدة في الإمام محمد الجواد (عليه السلام):

أنتَ الجوادُ وشـأنُـكَ الـمنُّ     وبفضلِ جودِكَ أزهرَ الكونُ

يا بنَ الـنـبـيِّ إليكَ مفزعُنا     فـامـنُـنْ فـمـنُّــكَ ما بهِ وهنُ

فبِكَ الـرجا لا بـالـذيــنَ إذا     نالوا حقيراً رغـبـةً ضــنُّـوا

والشحُّ خيمهمُ وإن سمحوا     أعـطـوا قـلـيـلاً بـعـدَه مـنّوا

يا بنَ النبيِّ عظمتَ منزلةً     مِن أن يـحـيـطَ بـكنهِها ذهنُ

ولـعـلَّ ذا جـهلٍ يظنُّ بأنْ     غلوتُ فيكَ وحـسـبُـه الـظـنُّ

وقال في مولد القائم (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (65) بيتاً:

بُــوركَ مــولــدٌ بــخـيـرِ ليلة     كـلـيـلةِ القدرِ بكلِّ خِــصــلـــة

أنْ أنزلَ الذكرَ بتلكَ الــلــيلة     فمَن هداهُ يــحــصــلُ الإرشادِ

فآنَ أنْ نعقدَ مـجــلــسَ الهنا     فــقــد أقـــرَّ اللهُ مِنّا الأعــيــنـا

بــســيــدٍ نلنا بيمنِه الــمـنـى     هذا هــوَ الــعــيــدُ فـما الأعيادُ

مولىً به قامَ الوجودُ وانتظمْ     وفيهِ أسديتْ على الورى النعمْ

حتى عــداهُ لم تعاجلْ بالنِّقمْ     وقــد طــغــوا وأيــنَ منهمْ عادُ

بــقـيـةُ اللهِ مِــن الأمــجـــادِ     ومَــن هــمُ الــعلّةُ في الايــجـادِ

جلّوا عن الأندادِ والأضـدادِ     فــمــا لــهــمْ ضدٌّ ولا أنــــــدادُ

وقال من قصيدة في السيدة زينب (عليها السلام):

أخـي مـا لـدهـري قـد أسـاءَ ومـالـيـا     فأضحتْ ربوعي من رجالي خواليا

أخي كنتَ لي في النائباتِ حمىً فمَن     يـكـونُ إذا مـا نـابَ خطبٌ حمىً لـيا

أخي سائقُ الأظـعـانِ عـجَّلَ بالسُّرى     ولم يشفِ بالـتـوديـعِ مـنـكَ فـؤاديـــا

أخي إن هـذا آخــرَ الـعـهــدِ بـالـلـقـا     ولستُ أرى بـعـد الــفــراقِ تــلاقــيا

وقد صرتُ في أمري بأعـظـمَ حيرةٍ     ومَن ذا ابتلى في الدهرِ مـثـلَ بلائيا

وقال فيها (عليها السلام) أيضاً:

نادتْ فقطّعتِ القلوبَ بـصـوتِها     حزناً لها وأذابتِ الـجـلـمـودا

ودعـتِ بـلـبٍّ طـائـرٍ مـذهــولةً     لكنّما انـتـظـمَ الـبـيـانُ فـريدا

إنسانُ عيني يا حـسـينَ أخيَّ يا     خلفَ الألى سلفوا أباً وجدودا

مالي دعوتُكَ لا تجيبُ ولم تكنْ     فـي الـنائباتِ إذا دُعيتَ بعيدا

لولا المنونُ لما تركتَ إجـابتي     حاشاكَ إنّـكَ ما برحتَ ودودا

وقال من قصيدة في ولدي مسلم بن عقيل (عليهم السلام) من قصيدة تبلغ (43) بيتاً:

قالا له ارحمنا لصـغرِ سنِّنَا     وقربِنا مِنَ النبيِّ الـمـجـتـبـــى

فقال لا أرى بـقـلـبي رحمةً     إلــيــكــمــا ولا لــطــهَ نــسـبا

قالا لـه يـا شيخ بعنـا فـأبـى     للهِ مِـــن دهـرٍ جـفـا أهـلَ الأبا

قـالا فــخُــذنـا لـعـبيدِ اللهِ ما     شـاءَ بِـنا يصنعُ والطاغي أبى

فلـم يجبهُما لشيءٍ بلْ طغى     وجدَّلَ الأكبرَ في ماضي الشبا

فـخرَّ للأرضِ صريعاً بأبي     يــخـورُ فــي دمــائِــهِ مُـــترَّبا

فصاحَ مِن شجوٍ أخوهُ نادباً     ومِن دما نحرِ أخيهِ اخــتـضـبا

كيما يراهُ اللهُ في المعادِ مِن     دمـا أخــيـهِ جـسـمُـــه مُخضَّبا

...........................................................

1 ــ قصائده عن: موقع بوابة الشعراء / ذكر بعضها في: أدب المحنة ص 392 ــ 419

 2 ــ الأزهار الأرجية للشيخ فرج العمران ج 6 ص 109 / موقع موسوعة عريق

3 ــ أدب الطّف جزء 10 ص 124

4 ــ الأزهار الأرجية ج 3 ص 27

5ــ نفس المصدر

6 ــ طبقات أعلام الشيعة ج ٤ ص ١٣٧٩

7 ــ مقدمة الشواهد المنبرية للجشي ــ المطبعة العلمية ــ النجف الأشرف ــ 1360 هـ تقديم الشيخ عبد الحميد الخطي. تعليق. الشيخ عبد الرسول الجشي ص 6

8 ــ أدب المحنة ص 392 ــ 408

9 ــ شعراء القطيف ج 1 ص 301

كما ترجم له: وكتب عنه:

رسول كاظم عبد السادة / موسوعة أدباء إعمار العتبات المقدسة ج 2 ص 314 – 319

سالم النويدري / أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين خلال 14 قرناً ص 519

محمد خيري رمضان / معجم المؤلفين المعاصرين ص 447

محمد أحمد آل الشيخ محمد صالح / مقدمة المجموعة الشعرية الكاملة للعلامة الجشي ص 7 ــ 24

سالم النويدري / أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين خلال 14 قرناً ص 519

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار