تعشَّقْ محمدا

في ذكرى مولد سيد الخلق محمد (صلى الله عليه وآله)

تعشِّقْ فما للقلبِ غيرُ التعشُّقِ     إذا شاءَ يغدو مثلَ زهرٍ مفتَّقِ

وقلْ يا رسولَ الله والحبُّ كلُّهُ     فؤادي الذي يهواكَ ليسَ بمغلقِ

بمولدِكمْ أسلو العقائدَ كلَّها     أطيعُ فؤادي في الهوى والتعلَّقِ

أنغِّمُ صوتي حين أمدحكم ولا     أراهُ سوى لحنِ الحياةِ المموسقِ

فقد أقبرَ القومُ القساةُ حياتَنا     أبوا باسمِ أهلِ الحبِّ آلاءَ مُنفقِ

وما عرفوا والناسُ عفو سجية     وأهل انبساطٍ غير طبعِ التخندُقِ

ألم يُشرَحْ الصدرُ الكبيرُ لأحمدٍ     لما صدرُنا المظلمُّ إطباقُ مطبقِ

محمَّدُ يا الله من نطقِ اسمه     كأنكَ قبلَ الاسمِ لمْ تتنطَّقِ

كأنَّكَ بعدَ الاسمِ خلق حروفه     وذا الاسم حصراً عالمٌ للتخلُّقِ

رويتُ بهذا الاسمِ كوثرَ سقيِهِ     وكلّ مشاعٍ يجهلُ الاسمَ قد سقي

وشقَّ على الاسمِ الجداولَ إنّها     ربيبة طه في أصولِ التدفُّقِ

وعلّم بالأسماءِ من آلِ بيته     أصولَ امتشاقِ النخلِ سرَّ التعملقِ

كمنتصبٍ في الطولِ رغمَ انسرابِه     كمنسربٍ للنهرِ دونَ التشقُّقِ

كمانحِ هذا الكون سرِّ بقائه     بأحمد محفوظ وباللطفِ قد بقي

برغمِ حروبِ القومِ رغمَ شتاتِهم     به الكونُ مجموعٌ عظيمُ التحقُّقِ

فقل يا رسولَ اللهِ يا صيغة الندى     معَ الطينِ مشمولاً على عطرِ زنبقِ

تنشَّقتُ في الميلادِ أعرافَ طيبكمْ     وهل أنتَ إلّا في هواءِ التنشُّقِ

لنعرفَ أسرارَ الحضورِ بعالمٍ     إنْ ارتدَّ للأعناقِ بالموتِ يخنقِ

ونعرفَ إشراقَ الشموسِ بأنّها     تمامكَ وجهاً دون وجهةِ مشرقِ

وأنَّك ربُّ الطيفِ أي ربّ جمعه     مِنَ البُقعِ الشتى بدونِ التفرُّقِ

كمثلِ شعاعِ الشمسِ لامسَ ضوؤه     لشُرْفاتنا كُثرٍ بوقتٍ مدقَّقِ

فلامسَ منها الخدَّ والكفَّ فاتحاً     لعينيْ صباحٍ مُزهرِ الوقتِ مُورقِ

ونادى صباحَ الناسِ أحمد إنه     أغاريدُ أطيارٍ بعفوِ التشوُّقِ

وتسبيحُهم للهِ عن ذكرِ غيرِهِ     فبعضُ تسابيحِ الورى مِن تملُّقِ

وإني لمن أهوى بفاتورةِ الهوى     بلا كلفٍ أبقى شديدَ التعلُّقِ

بميلادِ طه كنتُ أرَّختُ مولدي     ووثَّقتُ إيماني بعهدٍ موثَّقِ

بأن الذي لم يحيي مولد أحمد     عتلٌّ زنيم مِن دعاةِ التزندقِ

ومن وراثي كره الطليقِ الذي بدا     طليقاً ومن حقدٍ فليسَ بمُعتَقِ

فيا طلقاءٍ والقيودُ تغلُّهم     ويا جاهليات الكيانِ المُمزّقِ

كفانا شتاتا واسمُ أحمدَ بيننا     كفانا حضوراً من غيابٍ معتَّقِ

كفانا نزكِّينا بدونِ زكاتِه     وأحمدُ يحيي من عطاءِ التصدُّقِ

ولكننا نرضى بنهبِ تراثِه     لإيمانِنا لا تقبلُ الفضلَ واسرقِ

وإيمانُنا غابَ الأصيلُ انتماؤه     لنحيا بديلاً بالوجودِ الملفَّقِ

سلمان عبد الحسين

الشاعر : سلمان عبدالحسين