321 ــ عثمان المولوي (1271 ــ 1341 هـ / 1854 ــ 1923 م)

عثمان المولوي (1271 ــ 1341 هـ / 1854 ــ 1923 م)

قال من قصيدة تبلغ (21) بيتاً قرظ بها ديوان عبد الباقي العمري (الترياق الفاروقي):

ورثاءٌ يُجري الـعـيونَ عيوناً      ولــوَ أنَّــهـا لـصـخـرةٍ صـمَّـاءِ

فلوَ أنَّ الـخـنـسـاءَ حالَ بُكاها      سـمــعتْ منه بعضَ هذا البكاءِ

نسِيتْ صخرَها وشقّتْ جيوباً      لمصابِ الحسينِ في (كربلاء) (1)

الشاعر

الشيخ عثمان بن عبد الله بن فتحي بن عليوي آل الطحان الموصلي المعروف بـ (الحافظ عثمان الموصلي المولوي)، عالم وشاعر ولد في الموصل، وقبل أن يبلغ من العمر سبع سنين توفي أبوه وبقي يتيماً، وكف بصره وهو صغير فرآه محمود أفندي الفاروقي فأخذه إلى بيته وتعهد بتربيته وتعليمه وتحفيظه القرآن الكريم والأحاديث والسيرة النبوية (2)

وبعد وفاة الفاروقي هاجر المولوي إلى بغداد واشتهر فيها بحسن قراءة المولد النبوي الشريف، درس على يد داود أفندي وبهاء الحق أفندي الهندي. وذهب إلى الحج ثم عاد إلى الموصل عام 1886، وتتبع الدرس فيها على يد الشيخ محمد بن جرجيس الموصلي الشهير بالنوري، وأخذ عنه الطريقة القادرية، وهي إحدى الطرق الصوفية الشهيرة في الموصل، وقرأ القراءات السبع على الطريقة الشاطبية على المقرئ الشيخ محمد بن حسن أجازه بها، وسافر إلى إسطنبول حيث تلقاه أحمد عزة باشا العمري، وعّرفه على مشاهير الناس وعلمائهم وأخذ عن الشيخ مخفي أفندي القراءات العشر والتكبيرات وأجازه فيها، ثم سافر إلى مصر وأخذ عن الشيخ يوسف عجور إمام الشافعية القراءات العشر للقرآن والتهليل والتحميد وأجازه بها. وأصدر وهو في مصر مجلة سماها: المعارف عام 1897 ولكن لم تطل حياتها ثم رجع إلى بغداد فتوفي فيها. (3)

قال عنه البيطار الدمشقي: (ولما سافرت إلى الآستانة العلية، في أوائل ذي القعدة الحرام سنة ألف وثلاثمائة وست هجرية، اجتمعت بهذا المترجم ذي الشمائل البهية، فرأيته شاعر الزمان، وناثر الأوان، يصبو القلب إليه ويحن، وينثني له غصن البراعة ويرجحن، ففي أوصافه للروح عبق، ومن ألطافه يروق كأس المصطبح والمغتبق، وله أخلاق أقطعها الروض أنفاسه، وشيم يتنافس بها المتنافسون لطافة ونفاسة....) (4)

وقال عنه الشيخ أسامة الأزهرى: (شيخ قراء العراق، وشيخ مادحي الجناب النبوي، وأحد مؤرخي الأزهر) (5)

وللمولوي مواقف وطنية محمودة في الثورة العراقية ضد الاستعمار الانكليزي شعراً وخطابة، وقد عُرف بمدائحه النبوية وكان يجيد القراءات العشر (6)

وله مؤلفات ودواوين منها:

الأبكار الحسان في مدح سيد الأكوان ــ 1895

الهدية الشامية على القصيدة اللامية في مدح خير البرية (لامية البوصيري) ــ 1895

منظومة بديع النظام على سجع الحمام في مدح خير الأنام (7)

منظومة سعادة الدارين في مدح سيد الكونين ــ 1898

المراثي الموصلية ي العلماء المصرية ــ 1897

الأجوبة العراقية لأبي الثناء الالوسي ــ 1890

شعره

قال الأبيات التي قدمناها تقريظا على ديوان عبد الباقي العمري (الترياق الفاروقي)

هـوَ سـفرٌ حوى فرائدَ فضلٍ     جمعتْ نعتَ سيَّدَ الأنبياءِ

وجلتْ سرَّ شمسٍ آيةِ قلُ لا      فـانـعشنا حبَّاً بأهلِ العباءِ

وللمولوي تخميس وتقريظ على قصيدة الشاعر عبد الباقي العمري البائية في أهل البيت عليهم السلام)، قال البيطار: (وقد أسمعني من نثره خطبته التي ابتدأ بها تخميسه لقصيدة المرحوم عبد الباقي أفندي العمري المسماة بالباقيات الصالحات وهي:

أحمدُ مَن أسبغَ علينا من سوابغِ المانحاتِ نشبا، وبلغنا بالباقيات الصالحات أربا، ونظمنا في سلك مدائح أهل العبا، وأصلي وأسلم على حبيبه المجتبى، وآله الذين تمدهت بهداهم فدافد وربا، وصحبه الذين بمجاراتهم جواد الضلال كبا، وبعد فيقول العبد العاجز الفقير، ذو الباع القصير، المتوسل لعلاه بحب آل علي، عثمان بن الحاج عبد الله الرفاعي الموصلي: لما كانت مدائح آل المصطفى هي من أعظم الوسائل، للنجاة يوم العرض والمسائل، وكان ممن أحرز قصب السبق في هذا المضمار، الجدير بأنواع الفضائل والفخار، فاروقي الأرومة والنجار الذي اشتهر بالآفاق، وفاق أدباء عصره على الإطلاق، المرحوم عبد الباقي أفندي الموصلي وذلك في قصيدته البائية الموسومة بالباقيات الصالحات التي تنشر لديها برود القصائد، وتنثر عندها أفئدة الفرائد، وكانت كالعروس العذراء، ما اقتضها شاعر، ولا اقتحمها ناثر، لما تحصنت به من حسن السبك والإنشاء، خصوصاً فيما أثارته من مؤثرات الرثاء، والمعفر بغباره وجه الغبراء، قدمت على تخميسها مقراً بعدم استطاعتي، وقلة بضاعتي، وذلك لكوني محب بيتهم، ومقتبساً من نور زيتهم، فهذا شمرت ساعد الجد لتسميطها طلباً للثواب، ومحبة لآل النبي الأواب، وأسأل المولى جل وعلا، أن يتقبل منا قولاً وعملاً، ويجعلنا مظهر قوله تعالى: والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً، ثم قال التخميس العبهري على بائية العمري، وهو:

مُذ شبَّ زندُ الفكــــــرِ بعد أن خــــبا     قــــــمـتُ لمدحِ آلِ طه مُعربا

مسمِّطاً أوصـــــــافَهم فيمــــا احتبى     هذا الـكتابُ المنتقى والمجتبى

في نعتِ آلِ البيـتِ أصــــحابِ العبا

تجلببَ لـــــــلكــونــــين أوفى غيرةٍ     بشــــرحِ رزءٍ نالَ خيرَ عترةٍ

مِن قبــلِ أن تحــــويهِ أغـــلى فكرةٍ     بالقلـــــــمِ الأعلى بيمنى قدرةٍ

فـــــــــــي لــــوحِ عزةٍّ بنـــورٍ كُتبا

روضٌ معانــــيهِ غداً مـــــــؤرِّجــاً     مُذ جدولتْ أسـطرُه نهرَ الحجا

جبينُه بالــــحسنِ قــــــــــــد تبلَّــجا     لاحَ به فـــــــــرقُ العلا مُتوَّجا

مـــــــــــــــــــرصَّعاً مكلَّلاً مُذهَّــبا

وقد غدا حـــــــــاجبُها مزجَّـــــــجا     وطرفُها أمســــى كحيلاً أدعجا

وثغرُها أضـحى بـــسيما أفـــــــلجا     وكمُّهاً مطرَّزاً مــــــــــــــدبَّجا

وعقدُها منقَّحـاً مـــــــــــــــــــــهذّبا

عذبٌ على التـالي يـــــسوغُ حفظُه     يلتذّ مهما جالَ فيهِ لـــــــــحظُه

صفا وطابَ واســــــــــتلانَ غلظُه     فــــــــــــرقَّ معناهُ وراقَ لفظُه

يحكي صفا الـــــودقِ إذا ما انسكبا

حورٌ معانيهِ الــــــــــحسانُ لم تزلْ     تــلبسُ من مدائحي أبهى الحللْ

إذ صغتُ مِن تفصيلِ هاتيكَ الجُملْ     ثــــــــــنا إذا أنشدته له ثنى الـ

ـوجودُ عطفاً وتــــــــــهادى طربا

غــــصن مديحي ماسَ في رطيبِه     كـــــــــأنما نشرُ الكبا يسري به

مُذ فــــــاحَ نفحُ الطيبِ مِن ترتيبِهِ     ريحُ الــــــصَّبا تضمَّختْ بطيبِهِ

بطيبِه تــــــــضمَّختْ ريحُ الصَّبا) (8)

..............................................................

1 ــ مقدمة الترياق الفاروقي، أو ديوان عبد الباقي العمري مطبعة النعمان ــ النجف الأشرف ط2 ــ 1384 هـ / 1964 تقديم: الشيخ عبد الهادي الفضلي ــ ح ــ

2 ــ حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر / عبد الرزاق بن حسن بن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي ج 1 ص 1053 عن العقود الجوهرية في مدائح الحضرة الرفاعية لأحمد عزت باشا العمري الموصلي / دائرة المعارف الحسينية ديوان القرن الثاني عشر ج 1 ص 65

3 ــ نفس المصدر 1053 ــ 1054

4 ــ نفس المصدر ص 1055

5 ــ جريدة اليوم السابع بتاريخ 31 / 3 / 2023

6 ــ الأعلام للزركلي ج 4 ص 209

7 ــ إيضاح المكنون لإسماعيل باشا البغدادي ج ١ ص ١٧٢

8 ــ حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر ج 1 ص 1059

كما ترجم له وكتب عنه:

الدكتور محمد أحمد درنيقة / معجم أعلام شعراء المدح النبوي ص 251

رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 6 ص 260

عادل البكري ــ عثمان الموصلي قصة حياته وعبقريته

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار